عن العربي
اتصل بنا
قصص على الهواء
معامل صناعة الشغف بالعلوم
لصناعة الشغف بالعلوم والمعارف – وهي إحدى ثمرات برامج وأشكال نشاط التوعية العلمية Science Outreach – أدوات كثيرة تنتشر في شتى أنحاء العالم، منها: الأدب، كأدب الخيال العلمي Science Fiction أو أدب الإثارة العلمية Science thriller، والفنون كالأفلام والمسرحيات وغيرها، والألعاب، سواء أكانت في الساحات المفتوحة أو على الأجهزة الرقمية، ومنها المسابقات التي تستهدف النشء أو البرامج التعليمية خارج قاعات التدريس، التي تحبّبهم وتبسط لهم علماً أو معرفة معينة، ومنها الفيديوهات، سواء تلك التي تتضمن شرحاً مبسطاً للعلوم، عبر محاضرات بسيطة في لغتها ومحتواها (وهو أسهل تلك الأنواع من حيث صناعته)، أو التي تستخدم الرسوم البيانية infographics أو فنون التحريك animations. وهذا المقال سيقدم نماذج لبعض تلك الأدوات المطروحة باللغة الإنجليزية، أو المبادرات العربية التي تحقق ما يمكن تسميته بـ «تعميم العلوم popularization of science».
تبدأ صناعة الشغف بالعلوم مع الطفل في سن صغيرة، وذلك من خلال استخدام اللعب والألعاب، سواء في طرق ومناهج التعليم أو خلال تبسيط العلوم والمعارف في شكل ألعاب تعليمية، ومن ثم تقوم المؤسسات والهيئات المختلفة المعنية بإنتاج المحتوى الرقمي بتقديم العلوم والمعارف المرتبطة بالمناهج الدراسية للأطفال من خلال ألعاب متاحة بشكل مجاني على الإنترنت،
من أمثلة تلك المواقع القائمة على جهد فردي موقع مستر نوسباوم http://mrnussbaum.com وهو مدرس أمريكي شاب عمل في بعض المدارس العامة لفترة، ثم قرر أن يؤسس الموقع ليقدم المواد التعليمية للتلاميذ من مرحلة الروضة إلى الصف السادس في شكل ألعاب جذابة. وتضم المواد التي يتم تقديمها عبر الموقع الرياضيات والعلوم والجغرافيا، كما يقدم الموقع دليلاً إرشادياً للآباء والمعلمين حول استخدام ألعاب الموقع في قاعات التدريس والبيوت، والغريب أنه يقدم تلك الألعاب ليس فقط باللغة الإنجليزية، ولكن بالإسبانية والعربية.
ومن أمثلة المواقع المتميزة مشروع «بناة المهارة الأكاديميون» http://www.arcademics.com وهو مشروع أنشأه د.جيري تشافن Jerry Chaffin في قسم البحوث بكلية التعليم في جامعة كانساس الأمريكية، لتطوير تعليم الرياضيات، ثم استقل وأصبح مشروعاً تموله المؤسسة الوطنية الأمريكية للعلوم. ينتج المشروع ألعاباً تعليمية مجانية متعددة اللاعبين لتعليم الرياضيات الأساسية وفنون اللغة والمفردات ومهارات التفكير، وقد انتشرت الألعاب بين الملايين من المعلمين والطلاب في جميع أنحاء العالم. وينتج المشروع إضافة إلى نسخة الإنترنت من الألعاب، نسخاً للاستخدام على أجهزة الهواتف المحمولة، إضافة إلى ذلك أدوات لقياس أداء الطلاب. والمواقع التي تقدم ألعاباً تعليمية ليست قاصرة بلا شك على هذين النموذجين، إذ يكفيك البحث باسم: Educational games على أي من محركات البحث، حتى تحصل على روابط لعشرات من تلك المواقع الخاصة بمؤسسات غير هادفة للربح أو شركات ربحية متخصصة في هذا النوع من الوسائل التعليمية.
دمج العلوم والفنون
وإضافة إلى تبسيط المناهج وتحبيبها إلى الأطفال، يمكن صناعة الشغف عبر تصميم برامج لوجوه نشاط خارج قاعات التدريس يساهم في تغذية هذا الشغف، والنماذج على هذا النشاط والبرامج لا حـــــصر لها، لكننا نلــــــتقط نـموذجاً من تلــــــك البرامج، وهو برنامج المعماري الصغير Architect Junior
http://www.architectjunior.com وهو برنامج تعليمي للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و9 أعوام يستهدف تنمية الإبداع الفكري للأطفال من خلال التعليم المعماري المبكر. ويركز البرنامج على تغذية الطفل بمعلومات عن البيئة والعمارة مع تغذية الحسّ الجمالي من خلال استكشاف الألوان والملمس والتكوينات المتزنة، وأيضاً نمذجة المشروعات باستخدام مواد بسيطة بحيث تكون ناجحة عمليا.
هذه التجربة تدمج بين العلوم والفنون والحياة العملية، وهي قادرة على تنشئة جيل من المعماريين أو المبرمجين أو رواد فضاء يتمتعون بقدرات متميزة.
وفي هذا الاتجاه غير المرتبط بقاعات التدريس والخاص بالنشاط والبرامج، تأتي مسابقة الروبوت First Lego League (FLL) http://www.firstlegoleague.org/وهي مسابقة دولية مخصصة للأطفال من سن 9 إلى 16 سنة، تأسست عام 1998 بالتعاون بين شركتي فيرست وليجو . وتستهدف دمج الأطفال في برنامج للتعلم قائم على اللعب وذي معنى من خلال مساعدتهم على الشعور بالمتعة في العلوم والتكنولوجيا.
وتشجع المسابقة الأطفال على البحث والبناء والتجريب من أجل بناء الأفكار وحل المشكلات وتخطي العقبات، ومن خلال ذلك يكتسبون الثقة في أنفسهم وفي قدراتهم على الاستخدام الإيجابي للتكنولوجيا. والمبهج أن هذه المسابقة تنظَّم في عدد من الدول العربية: مصر والأردن ولبنان وفلسطين واليمن والسعودية والبحرين والكويت وقطر. وفي مصر مثلاً تنظَّم هذه المسابقة منذ أكثر من عشر سنوات من قبل الفروع الطلابية للجمعية الدولية لمهندسي الكهرباء والإلكترونيات IEEE، وهم من طلائع الحراك العربي الساعي إلى إثارة الشغف وتنمية روح الابتكار والريادة لدى الأجيال القادمة.
محاضرات رقمية عامة
إن تقديم العلوم والمعارف بصورة حرة عبر وسائل الإعلام والاتصال الرقمي بشكل مبسط وجذاب صار شائعاً، ومن أمثلة ذلك موقع «تيد إد» https://ed.ted.com TED Ed: وهو فرع من مؤسسة TED غير الهادفة للربح، التي تأسست عام 1984، وتُعنى بإقامة مواسم لتقديم محاضرات عامة ذات مدد قصيرة يقدم فيها أصحابها أفكاراً وتجارب يرونها جديرة بالانتشار، والتي نشأ في جميع أنحاء العالم على غرارها، وعلى المبادئ والأهداف نفسها مواسم TEDx. أما تيد إد التي ترفع شعار «دروس تستحق المشاركة»، فهي تستهدف تقديم العلوم والمعارف بشكل مبسط وجذاب باستخدام فنون التحريك في الأغلب، وتضم مكتبتها آلاف الفيديوهات التعليمية (أكثر من 101 ألف درس) في مجالات الفنون، والاقتصاد، والتصميم والهندسة والتكنولوجيا والصحة والأدب واللغة والرياضيات والفلسفة والدين وعلم النفس والعلوم والدراسات الاجتماعية والتدريس والتعليم والتفكير والتعلم.
وإضافة إلى الفيديوهات ترعى «تيد إد» وتشجع قيام أندية «تيد إد» في المدارس، حيث يلتقي الطلاب من سن 8 إلى 18 عاماً في لقاءات دورية تضم 50 طالباً وطالبة بحد أقصى في المدارس لمناقشة وعرض أفكارهم الإبداعية الكبرى على شكل محاضرات أو عروض قصيرة تشبه تلك الخاصة بـ«تيد إد»، ثم يتم انتقاء أهم وأفضل تلك العروض لتقديمها في ملتقى سنوي لشــباب تيد TED Youth or TEDxYouth. أما مجتمع «تيد إد» فيستطيع من خلاله متابعو الموقع أن يقدموا ويناقشوا أفكارهم سواء حول ما تطرحه «تيد إد» أو حول التعليم بشكل عام، وإضافة إلى ذلك يقوم الموقع بالإجابة عن تساؤلات الزوار في الموضوعات التي تثيرها الدروس، وحتى كتابة هذه السطور أجاب الموقع عن ما يزيد على 3 ملايين و700 ألف سؤال. ويمكنك من الموقع مطالعة مختارات محرري الموقع لأهم ما قدَّمه الموقع من فيديوهات تعليمية خلال عام 2014.
قناة العلوم المبسَّطة
قناة فيريتيزيوم Veritasium (قناة العلوم المبسَّطة على اليوتيوب https://www.youtube.com/user/1veritasium هي نموذج آخر لمصادر وأدوات إثارة الشغف العام بالعلوم، حيث تقدم عروضا فيديوية علمية مبسطة كل أسبوع، تطرح من خلالها عدداً من التجارب العلمية، ولقاءات مع العلماء والخبراء، وعروضاً علمية باهرة ولقاءات للنقاش مع الجمهور العام حول موضوعات وقضايا علمية مثل الضوء وطاقة الشمس والأشجار والحث الكهرومغناطيسي والمايكروويف والطاقة الحركية وبناء الأهرام والزواحف السامة والجاذبية والحاسوب الكمي، وغير ذلك مما يحتويه نحو 90 عرضاً فيديوياً حظيت بما يزيد على مليون و700 ألف مشاهدة خلال عام واحد هو تاريخ القناة على اليوتيوب. وبالطبع ليست هذه هي القناة الوحيدة على اليوتيوب التي تقدم فيديوهات تثير الشغف بالعلوم، فالموقع يحتوي على العشرات من هذه القنوات.
لا شك في أن هناك حراكاً شبابياً علمياً عربياً في هذا الاتجاه: اتجاه إثارة الشغف بالعلوم وإكساب الطلاب الشعور بالمتعة في تعلم العلوم، وهو اتجاه يشهد ازدياداً مبشراً بالانتشار والتوسع، لاسيما مع انتشار وسائل عدة تسهم في تعزيز الانتشار، ومن ذلك وسائل التواصل الاجتماعي. ويمكن بهذا الصدد الإشارة إلى مهرجان ينظمه موقع علمي شبابي هو «ساينس شوب» أنشأه طالب في كلية طب الأسنان بجامعة طنطا المصرية مع بعض أصدقائه اسمه «حبة علم... مهرجان العلوم الأول لمحافظات الدلتا»، يستهدف تعزيز الوعي الشبابي بالعلم والشغف بالابتكار والإبداع والعطاء العلمي ■