مضار خلع الأسنان المبكر عند الأطفال

من‭ ‬الملاحظ‭ ‬أن‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالأسنان‭ ‬اللبنية‭ ‬لايزال‭ ‬ينقصه‭ ‬الوعي‭ ‬الكافي‭ ‬حتى‭ ‬اليوم،‭ ‬فغالبية‭ ‬الآباء‭ ‬والأمهات‭ ‬يظنون‭ ‬أن‭ ‬اقتلاع‭ ‬الأسنان‭ ‬اللبنية‭ ‬المصابة‭ ‬هو‭ ‬الحل،‭ ‬لكونها‭ ‬أسناناً‭ ‬مؤقتة‭ ‬ستعوض‭ ‬بأخرى‭ ‬مستديمة،‭ ‬وهو‭ ‬ظن‭ ‬خاطئ،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الأسنان‭ ‬اللبنية‭ ‬العشرين‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬قصوى‭ ‬للطفل‭ ‬في‭ ‬خلال‭ ‬الاثنتي‭ ‬عشرة‭ ‬سنة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬حياته،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬لها‭ ‬علاقة‭ ‬وثيقة‭ ‬باستقامة‭ ‬وظهور‭ ‬الأسنان‭ ‬الدائمة‭ ‬بصورة‭ ‬صحيحة‭.‬

مما‭ ‬يجب‭ ‬أخذه‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار،‭ ‬أن‭ ‬خلع‭ ‬الأسنان‭ ‬اللبنية‭ ‬للطفل‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬عمره،‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬مقارباً‭ ‬لموعد‭ ‬ظهور‭ ‬الأسنان‭ ‬الدائمة،‭ ‬فلا‭ ‬ضرر‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬النقيض،‭ ‬فإن‭ ‬نتائج‭ ‬سيئة‭ ‬متوقعة‭ ‬الحدوث‭ ‬سوف‭ ‬ترافق‭ ‬الطفل‭ ‬طوال‭ ‬حياته‭.‬

ومن‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬السن‭ ‬التي‭ ‬يعانيها‭ ‬الطفل‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ضرساً‭ ‬دائما،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الضرس‭ ‬السفلي‭ ‬الأول‭ ‬يبزغ‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬السادسة‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬دون‭ ‬انتباه‭ ‬الوالدين،‭ ‬فيصاب‭ ‬بالتسوس‭ ‬مبكراً،‭ ‬ويتغاضى‭ ‬الوالدان‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬ظناً‭ ‬أنه‭ ‬سن‭ ‬لبنية،‭ ‬وقد‭ ‬يؤدي‭ ‬التأخر‭ ‬في‭ ‬علاجه‭ ‬إلى‭ ‬فقدانه‭ ‬نهائياً،‭ ‬فيخسر‭ ‬الطفل‭ ‬ضرساً‭ ‬دائماً‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬المبكرة‭ ‬من‭ ‬عمره‭.‬

 

مضار‭ ‬الخلع‭ ‬المبكر‭ ‬للأسنان

لنفرض‭ ‬أن‭ ‬طفلاً‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬عمره‭ ‬الرابعة‭ ‬أو‭ ‬الخامسة‭ ‬اقتلع‭ ‬ضرسه‭ ‬اللبني‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬الفك‭ ‬السفلي‭... ‬فماذا‭ ‬يحدث؟‭ ‬إن‭ ‬مكانه‭ ‬يظل‭ ‬شاغراً‭ ‬حتى‭ ‬سن‭ ‬الحادية‭ ‬عشرة‭ ‬تقريباً،‭ ‬وليس‭ ‬هذا‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الأمر،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الفك‭ ‬سوف‭ ‬يصيبه‭ ‬بعض‭ ‬الانكماش،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الضرس‭ ‬الدائم‭ ‬ذ‭ ‬وهو‭ ‬الطاحن‭ ‬السفلي‭ ‬الأول‭ ‬ذ‭ ‬الذي‭ ‬سيبزغ‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬السادسة‭ ‬خلف‭ ‬الضرس‭ ‬اللبني‭ ‬المخلوع،‭ ‬سوف‭ ‬يجد‭ ‬فراغاً‭ ‬أمامه،‭ ‬وبذلك‭ ‬فإنه‭ ‬سوف‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬الفم‭ ‬مائلاً‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬معتدياً‭ ‬على‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬الضرس‭ ‬المخلوع،‭ ‬وتكون‭ ‬النتيجة‭ ‬أن‭ ‬يضيق‭ ‬ذلك‭ ‬الفراغ‭ ‬تدريجياً،‭ ‬وعندما‭ ‬يحين‭ ‬موعد‭ ‬ظهور‭ ‬السن‭ ‬الدائمة‭ ‬ذ‭ ‬وهي‭ ‬الضاحك‭ ‬السفلي‭ ‬الثاني‭ ‬ذ‭ ‬في‭ ‬موعدها،‭ ‬فسوف‭ ‬تجد‭ ‬مكاناً‭ ‬يعيق‭ ‬ظهورها،‭ ‬ولا‭ ‬تجد‭ ‬هذه‭ ‬السن‭ ‬الدائمة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تظل‭ ‬مدفونة‭ ‬في‭ ‬الفك،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تبرز‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬آخر‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬مكانها‭ ‬الأصلي‭ ‬الضيق،‭ ‬كأن‭ ‬تظهر‭ ‬ناحية‭ ‬اللسان‭ ‬أو‭ ‬الخد‭. ‬

ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬تختل‭ ‬دعائم‭ ‬الإطباق‭ ‬المركزية‭ ‬مؤدية‭ ‬إلى‭ ‬سوء‭ ‬إطباق‭ ‬الأسنان،‭ ‬أي‭ ‬إن‭ ‬الضرس‭ ‬الأول‭ ‬السفلي‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬غير‭ ‬طبيعية‭ ‬مع‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬الأسنان‭ ‬المجاورة،‭ ‬ومع‭ ‬الضرس‭ ‬الأول‭ ‬العلوي‭ ‬الذي‭ ‬يناظره‭ ‬في‭ ‬الفك‭ ‬الآخر‭.‬

وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فهناك‭ ‬أضرار‭ ‬عدة‭ ‬للخلع‭ ‬المبكر‭ ‬يترتب‭ ‬عنها‭: ‬

‭- ‬تغير‭ ‬الشكل‭ ‬العام‭ ‬للوجه،‭ ‬وبخاصة‭ ‬عند‭ ‬خلع‭ ‬الأسنان‭ ‬الأمامية،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬وجود‭ ‬الأسنان‭ ‬يعمل‭ ‬كدعامة‭ ‬لعضلات‭ ‬الشفتين‭ ‬والخدين،‭ ‬كما‭ ‬تحتفظ‭ ‬بوضعها‭ ‬الطبيعي،‭ ‬وخلع‭ ‬الأسنان‭ ‬يسبب‭ ‬انكماش‭ ‬الشفتين‭ ‬والخدين‭ ‬إلى‭ ‬الداخل،‭ ‬ويجعل‭ ‬الطفل‭ ‬يبدو‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬سنه‭ ‬الحقيقية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬نفسية‭ ‬تبعده‭ ‬عن‭ ‬مخالطة‭ ‬الآخرين‭. ‬

كما‭ ‬أن‭ ‬نطق‭ ‬الكلام‭ ‬وكيفيه‭ ‬تلفظه‭ ‬يتأثران‭ ‬أيضاً،‭ ‬لأن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الحروف‭ ‬تُنطق‭ ‬سليمة‭ ‬عندما‭ ‬يلامس‭ ‬طرف‭ ‬اللسان‭ ‬السطوح‭ ‬الداخلية‭ ‬للأسنان‭ ‬الأمامية‭.‬

‭- ‬عدم‭ ‬التعود‭ ‬على‭ ‬عادات‭ ‬المضغ‭ ‬الصحيحة،‭ ‬وعدم‭ ‬تحرك‭ ‬الفك‭ ‬بطريقة‭ ‬سليمة،‭ ‬لأن‭ ‬حركة‭ ‬الفك‭ ‬السفلي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أسنان‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬حركته‭ ‬عند‭ ‬وجودها،‭ ‬زد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الخلع‭ ‬يحمل‭ ‬الأسنان‭ ‬المتبقية‭ ‬عبئاً‭ ‬إضافياً،‭ ‬فيُضعف‭ ‬من‭ ‬مقدرتها‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بوظيفة‭ ‬المضغ،‭ ‬مما‭ ‬يسبب‭ ‬للطفل‭ ‬عُسراً‭ ‬في‭ ‬الهضم‭ ‬وسوءاً‭ ‬في‭ ‬صحته‭ ‬العامة‭.‬

‭- ‬حدوث‭ ‬آلام‭ ‬في‭ ‬مفصل‭ ‬الفك‭ ‬السفلي،‭ ‬لاسيما‭ ‬بعد‭ ‬خلع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الضروس،‭ ‬وهذه‭ ‬الآلام‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬الأذنين‭ ‬وتتسبب‭ ‬في‭ ‬حدوث‭ ‬صداع‭ ‬مستمر‭.‬

‭- ‬تعرض‭ ‬اللثة‭ ‬لضغط‭ ‬الطعام‭ ‬تعرضاً‭ ‬مباشرا،ً‭ ‬مما‭ ‬يسبب‭ ‬التهابها‭.‬

العلاج‭ ‬والوقاية‭ ‬

إذا‭ ‬تعذر‭ ‬علاج‭ ‬إحدى‭ ‬الأسنان‭ ‬اللبنية،‭ ‬ودعت‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬اقتلاعها‭ ‬مبكراً،‭ ‬فهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الطفل‭ ‬صار‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬تعويض‭ ‬صناعي‭ ‬كبديل‭ ‬عن‭ ‬السن‭ ‬المخلوعة،‭ ‬ويتم‭ ‬لهذا‭ ‬الغرض‭ ‬تركيب‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بـ‭ ‬احافظة‭ ‬مسافةب،‭ ‬بهدف‭ ‬ملء‭ ‬الفراغ‭ ‬في‭ ‬الفك،‭ ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬استخدام‭ ‬طاقم‭ ‬جزئي‭ ‬صغير‭ ‬يستخدمه‭ ‬الطفل‭ ‬مكان‭ ‬السن‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬اقتلاعها،‭ ‬ثم‭ ‬يُزال‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬قرب‭ ‬بزوغ‭ ‬السن‭ ‬الدائمة‭.‬

وللوقاية،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تساعدنا‭ ‬النصائح‭ ‬التالية‭ ‬في‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬الأسنان‭ ‬اللبنية‭ ‬للطفل‭:‬

‭- ‬قبل‭ ‬سن‭ ‬الثالثة‭: ‬تنظيف‭ ‬فم‭ ‬الطفل‭ ‬بقطعة‭ ‬من‭ ‬القطن‭ ‬أو‭ ‬القماش‭ ‬مبللة‭ ‬في‭ ‬حامض‭ ‬البوريك‭ ‬المخفف‭.‬

‭- ‬بعد‭ ‬سن‭ ‬الثالثة‭: ‬تعليم‭ ‬الطفل‭ ‬كيفية‭ ‬استعمال‭ ‬فرشاة‭ ‬الأسنان‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قد‭ ‬اكتمل‭ ‬ظهور‭ ‬أسنانه‭ ‬اللبنية‭ ‬العشرين،‭ ‬وترشيد‭ ‬استهلاك‭ ‬السكاكر‭ ‬والحلويات،‭ ‬مع‭ ‬وجوب‭ ‬الأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬زيارة‭ ‬طبيب‭ ‬الأسنان‭ ‬مرة‭ ‬كل‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬لعمل‭ ‬فحوصات‭ ‬منتظمة‭ .