الأشكالُ اللُّغَوية للرسائلِ الإلكترونية

إذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الإعجاز‭ ‬الإيجاز،‭ ‬حيث‭ ‬تؤدي‭ ‬مفردات‭ ‬أقل‭ ‬المعنى‭ ‬المقصود‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬أشمل‭ ‬وأكمل،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬الرسائل‭ ‬الإلكترونية‭ ‬تنحاز‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الإيجاز،‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬مُلغزًا‭ ‬حينًا،‭ ‬أو‭ ‬معجزًا‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬آخر،‭ ‬لكنه‭ ‬في‭ ‬الأحيان‭ ‬كلها‭ ‬منجز‭ ‬وموجز‭.‬

وقد‭ ‬أفردنا‭ ‬في‭ ‬حديثنا‭ ‬الشهري،‭ ‬بالعدد‭ ‬السابق،‭ ‬لتناول‭ ‬موضوعات‭ ‬الرسائل‭ ‬الإلكتــرونـية‭ ‬المــــتــداولـــة‭ ‬عـــبر‭ ‬وســــائط‭ ‬التخاطب‭ ‬العصرية،‭ ‬المستقاة‭ ‬جذورها‭ ‬من‭ ‬فن‭ ‬الرسائل‭ ‬العربي‭ ‬القديم،‭ ‬لتأتي‭ ‬صورتها‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الحديث‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬الرسائل‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬اجتماعية‭ ‬أو‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬كاريكاتيرية‭ ‬أو‭ ‬رسائل‭ ‬الطرائف‭ ‬والنوادر‭.‬

وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬الشكل‭ ‬المؤسس‭ ‬لهذه‭ ‬الرسائل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬الأشكال‭ ‬الموجزة‭ ‬لفنون‭ ‬النثر‭ ‬والشعر،‭ ‬ومنها‭ ‬الحكمة،‭ ‬والمثل،‭ ‬بل‭ ‬وقصيدة‭ ‬البيت‭ ‬الواحد،‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬الرباعية‭.‬

فقد‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الرسائل‭ ‬قديمًا‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يظل‭ ‬شاهدًا‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬القدرة‭ ‬الفائقة‭ ‬في‭ ‬الإيجاز،‭ ‬كما‭ ‬اعتاد‭ ‬مرسلو‭ ‬البرقيات‭ ‬العادية‭ ‬والمشفرة‭ ‬أن‭ ‬يلخصوا‭ ‬لكي‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬الإسهاب‭ ‬مضيعة‭ ‬للوقت،‭ ‬أو‭ ‬النقد‭. ‬

ففي‭ ‬رسالة‭ ‬تحذير‭ ‬أرسلها‭ ‬من‭ ‬مكة‭ ‬المكرمة‭ ‬العباس‭ ‬بن‭ ‬عبدالمطلب‭ ‬إلى‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم،‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬المنورة،‭ ‬وكانت‭ ‬قريش‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬زحفها‭ ‬لقتاله‭ ‬في‭ ‬أُحد‭: ‬‮«‬اصنع‭ ‬ما‭ ‬كنت‭ ‬صانعا‭ ‬إذا‭ ‬وردوا‭ ‬عليك،‭ ‬وتقدم‭ ‬في‭ ‬استعداد‭ ‬التأهب‮»‬‭. ‬وكأنه‭ ‬يورد‭ ‬خطة‭ ‬المعركة،‭ ‬بكامل‭ ‬استراتيجيتها،‭ ‬في‭ ‬سطر‭ ‬وحيد‭.‬

‭ ‬ومثلما‭ ‬جمعت‭ ‬القصائد‭ ‬قديما‭ ‬فنون‭ ‬الموسيقى‭ ‬وقيم‭ ‬التشكيل‭ ‬وآثار‭ ‬البلاغة،‭ ‬نكاد‭ ‬نقول‭ ‬إنها‭ ‬ورَّثْت‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬إلى‭ ‬الرسائل‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الحديثة،‭ ‬حتى‭ ‬يمكن،‭ ‬بيسير‭ ‬من‭ ‬القول‭ ‬والإحالة،‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬رسائل‭ ‬الوسائط‭ ‬المتعددة‭.‬

وقــد‭ ‬تــنــــــوعــــت‭ ‬أشكـــــــال‭ ‬الـــــرسـائل‭ ‬الإلكترونية‭ ‬لغويا،‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬فصيحة‭ ‬وعامية‭ ‬فكان‭ ‬منها‭: ‬

أ‭- ‬رسائل‭ ‬عربية‭ ‬فصيحة

وما‭ ‬يميز‭ ‬هذه‭ ‬الرسائل‭ ‬أنها‭ ‬مرسلة‭ ‬من‭ ‬مثقفين،‭ ‬أو‭ ‬تعرضت‭ ‬للتنقيح‭ ‬والتصحيح‭ ‬لكونها‭ ‬توزع‭ ‬على‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المتلقين،‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬ذلك،‭ ‬ومن‭ ‬أمثلة‭ ‬هذه‭ ‬الرسائل‭: ‬

‮«‬عيد‭ ‬سعيد‭.... ‬صحة‭ ‬حديد‭.... ‬عمر‭ ‬مديد‭.... ‬فلوس‭ ‬تبديد‭..... ‬قسط‭ ‬تسديد‭... ‬يهود‭ ‬تشريد‭.. ‬مراتب‭ ‬تنجيد‭.. ‬زوجات‭ ‬تجديد‮»‬‭.‬

ويظهر‭ ‬في‭ ‬الرسالة‭ ‬من‭ ‬السجع‭ ‬والجناس‭ ‬الواضح‭ ‬والجمل‭ ‬القصيرة‭ ‬المكونة‭ ‬من‭ ‬كلمتين،‭ ‬وكل‭ ‬جملة‭ ‬في‭ ‬سطر‭ ‬لكي‭ ‬يتضح‭ ‬السجع،‭ ‬وتشمل‭ ‬نواحي‭ ‬الحياة‭ ‬وهي‭ ‬تهنئة‭ ‬بالعيد‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬روح‭ ‬فكاهية‭ ‬لكونها‭ ‬تهنئة‭ ‬بالعيد،‭ ‬فتدخل‭ ‬السرور،‭ ‬ودعوات‭ ‬بها‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الجدية‭ ‬ونوع‭ ‬من‭ ‬الهزل،‭ ‬شيء‭ ‬مصيري‭ ‬وشيء‭ ‬كمالي‭.‬

ب‭ - ‬رسائل‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬كلمات‭ ‬عربية‭ ‬بسيطة

فيستخدم‭ ‬المرسل‭ ‬إمكانات‭ ‬الجهاز‭ ‬ومتابعة‭ ‬الأسطر‭ ‬والشكل‭ ‬في‭ ‬المعاني‭ ‬والألفاظ،‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬به‭ ‬ألغاز‭ : ‬مثل‭:‬

‮«‬أنا‭.... ‬حياتي‭.... ‬بدونك‭... ‬كلها‭... ‬ملل‭.... ‬وحشه‭... ‬تعب‭... ‬أكتب‭ ‬الحرف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬كلمه؟‭ ‬فيخرج‭ ‬لنا‭ (‬أحبك‭ ‬موت‭)‬‮»‬‭.‬

ج‭ - ‬رسائل‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬والعامية

وهي‭ ‬كثيرة‭ ‬جدا،‭ ‬فلغة‭ ‬الرسائل‭ ‬لغة‭ ‬العامة‭ ‬وليست‭ ‬لغة‭ ‬الأدباء‭ ‬أو‭ ‬الصفوة‭ ‬أو‭ ‬المثقفين،‭ ‬ولذا‭ ‬لا‭ ‬نجد‭ ‬ندرة‭ ‬في‭ ‬الأخطاء‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬رسائل‭ ‬المثقفين‭ ‬أو‭ ‬الرسائل‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬للتمحيص‭ ‬والتدقيق‭ ‬لكونها‭ ‬سترسل‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬القراء،‭ ‬وبعض‭ ‬الرسائل‭ ‬قد‭ ‬تبدأ‭ ‬بسؤال‭ ‬وكأنها‭ ‬لغز،‭ ‬وتنتهي‭ ‬بالإجابة‭ ‬مثل‭: ‬

‮«‬كم‭ ‬قمر‭ ‬في‭ ‬الكون؟‭ ‬اثنين‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬السماء‭ ‬وواحد‭ ‬قاعد‭ ‬يقرأ‭ ‬الرسالة‮»‬‭.‬

وهي‭ ‬نادرة‭ ‬ورسالة‭ ‬تقرأ‭ ‬بالعامية‭ ‬وبالفصحى‭ ‬وهذا‭ ‬نوع‭ ‬نادر‭ ‬من‭ ‬الرسائل‭.‬

وقد‭ ‬حرفت‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬مدن‭ ‬وقرى‭ ‬الأحساء‭ ‬بالسعودية،‭ ‬فإنهم‭ ‬يبدلون‭ ‬الكاف‭ ‬جيماً‭ ‬مخففة‭ ‬ثلاثية‭ ‬النقط‭ (‬چ‭) ‬كقول‭: ‬

‮«‬أخوچ،‭ ‬أبوچ‮»‬،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬أخوكِ،‭ ‬أبوك،‭ ‬وهي‭ ‬اللهجة‭ ‬السائدة‭ ‬بالكويت‭.‬

ج‭ - ‬رسائل‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬المكتوبة‭ ‬بحروف‭ ‬إنجليزية‭ ‬وأرقام‭ ‬مكان‭ ‬الحروف‭ ‬العربية‭ ‬غير‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬الإنجليزية

المزج‭ ‬بين‭ ‬الفصيح‭ ‬والعامي‭ ‬والمزج‭ ‬بين‭ ‬العربية‭ ‬والإنجليزية،‭ ‬من‭ ‬خصائص‭ ‬الرسائل‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬نص‭ ‬رسالة‭ ‬واحدة‭ ‬فتتحول‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ ‬كتابة‭ ‬بالحروف‭ ‬الإنجليزية‭ ‬وتوجد‭ ‬حروف‭ ‬بالعربية‭ ‬تعجز‭ ‬الأبجدية‭ ‬الإنجليزية‭ ‬عن‭ ‬التعبير‭ ‬عنها،‭ ‬استخدام‭ ‬الأرقام‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬الرسائل‭ ‬الرقمية‭ ‬ومن‭ ‬أمثلة‭ ‬ذلك‭: ‬
‭(‬Ana‭ ‬Baroo7‭ ‬Ma3‭ ‬9a7bety‭ ‬Mam‭)‬

فهذه‭ ‬رسالة‭ ‬من‭ ‬ابنة‭ ‬لوالدتها‭ ‬تخبرها‭ ‬بأنها‭ ‬ستذهب‭ ‬مع‭ ‬صاحبتها،‭ ‬فاستخدمت‭ ‬الحروف‭ ‬الإنجليزية‭ ‬ربما‭ ‬لأن‭ ‬بعض‭ ‬الموبايلات‭ ‬وبعض‭ ‬البرامج‭ ‬لا‭ ‬تدعم‭ ‬العربية،‭ ‬أو‭ ‬لأنها‭ ‬موضة‭ ‬العصر‭ ‬الكتابة‭ ‬بالحروف‭ ‬الإنجليزية،‭ ‬فكتبت‭ ‬كلمة‭ ‬بأروح‭ ‬Baroo7‭ ‬وكلمة‭: ‬مع‭ ‬كتبت‭: ‬Ma3‭ ‬وكلمة‭ ‬صاحبتي‭ ‬كتبت‭: ‬9a7bety،‭ ‬ولما‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬الأبجدية‭ ‬الإنجليزية‭ ‬التعبير‭ ‬عما‭ ‬يريد‭ ‬مرسل‭ ‬الرسالة،‭ ‬استخدم‭ ‬الأرقام‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬الأصوات‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬الأبجدية‭ ‬الإنجليزية‭ ‬الوفاء‭ ‬بها‭ ‬أو‭ ‬التعبير‭ ‬عنها،‭ ‬فاستخدمت‭ ‬الأرقام‭ ‬للتعبير‭ ‬عنها،‭ ‬وهذا‭ ‬جدول‭ ‬يبين‭ ‬الأرقام‭ ‬التي‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬الأصوات‭ ‬العربية‭:‬

‭ ‬د‭- ‬رسائل‭ ‬مكتوبة‭ ‬باللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬

وحروفها‭ ‬عربية

مثل‭ ‬كتابة‭ ‬بعض‭ ‬الكلمات‭ ‬باللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬ولكن‭ ‬بحروف‭ ‬عربية‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬مِرْسي‮»‬‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬شكراً‮»‬‭ ‬بالفرنسية،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬ثانكس‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬ثانكيووو‮»‬‭ ‬كلمة‭ ‬شكراً‭ ‬بالإنجليزية،‭ ‬فنجد‭ ‬استخدام‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬في‭ ‬الرسائل‭ ‬الإلكترونية‭.‬

هـ‭ - ‬وجود‭ ‬الاختصارات‭ ‬أو‭ ‬الإيجاز‭ ‬بالأرقام‭ ‬وغيرها‭ ‬في‭ ‬لغة‭ ‬الرسائل‭ ‬

قد‭ ‬توجد‭ ‬اختصارات‭ ‬وإيجاز‭ ‬وتنتشر‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬المحادثات‭ ‬المباشرة،‭ ‬ورسائل‭ ‬الجوال‭ ‬والرسائل‭ ‬الأخرى،‭ ‬كاستخدام‭ ‬تعبيرات‭ ‬أو‭ ‬حروف‭ ‬أو‭ ‬أرقام‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬كلمات،‭ ‬مثلا‭ ‬في‭ ‬الإنجليزية‭ ‬تحل‭ ‬في‭ ‬الرسائل‭ ‬‮«‬4u‮»‬‭ ‬عن‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬أجلك،‭ ‬لأنه‭ ‬ينطق‭ ‬فور‭ ‬يو‭ ‬فالرقم‭ ‬4‭ ‬يتطابق‭ ‬مع‭ ‬نطق‭ ‬لفظة‭ ‬for‭ ‬والرقم‭ ‬2‭ ‬ينطق‭ ‬you‭ ‬فيغني‭ ‬عن‭ ‬الجملة‭ ‬‮«‬for‭ ‬you‮»‬‭.‬

ومنها‭ ‬بعض‭ ‬الإشارات‭ ‬التي‭ ‬حدث‭ ‬اتفاق‭ ‬حولها‭ ‬مثل‭: ‬v‭ ‬علامة‭ ‬للوجه‭ ‬المبتسم،‭ ‬وقد‭ ‬يعبر‭ ‬هذا‭ ‬الرمز‭ ‬عن‭ ‬جملة‭ ‬أنا‭ ‬سعيد‭ ‬جدا،‭ ‬أو‭ ‬استخدام‭ ‬صورة‭ ‬القلب‭ ‬أو‭ ‬رسمه‭ ‬رمزا‭ ‬للحب،‭ ‬واسم‭ ‬العلم‭ ‬‮«‬كويت‮»‬‭ ‬يرمز‭ ‬له‭ ‬‮«‬q8‮»‬‭ ‬وهكذا‭ ‬اشتقت‭ ‬لنفسها‭ ‬لغة‭ ‬الرسائل‭ ‬لغة‭ ‬أخرى‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬حروف‭ ‬وأرقام‭ ‬متعارف‭ ‬عليها‭ ‬بين‭ ‬مستخدميها‭.‬

تقنية‭ ‬الرسائل‭ ‬القصيرة

يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نعدّ‭ ‬تقنية‭ ‬‮«‬الرسائل‭ ‬القصيرة‮»‬‭ ‬للهاتف‭ ‬المحمول‭ ‬فناً‭ ‬وجنساً‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يكتسب‭ ‬شرعيته‭ ‬في‭ ‬الحقل‭ ‬الفني‭ ‬والتقسيم‭ ‬النوعي،‭ ‬نظراً‭ ‬للخصائص‭ ‬الفنية‭ ‬التي‭ ‬اصطبغ‭ ‬بها،‭ ‬وأصبحت‭ ‬جزءاً‭ ‬مهماً‭ ‬من‭ ‬بنيته‭ ‬القولية،‭ ‬ومن‭ ‬أهم‭ ‬هذه‭ ‬الخصائص‭ ‬ما‭ ‬يأتي‭:‬

‭ ‬1-‭ ‬الانطلاق‭ ‬من‭ ‬قاعدة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬اللغوي،‭ ‬واستخدام‭ ‬لغة‭ ‬موجزة‭ ‬جداً‭.‬

‭ ‬2-‭ ‬القدرة‭ ‬الفنية‭ ‬على‭ ‬توصيل‭ ‬المعنى‭.‬

‭ ‬3-‭ ‬سلامة‭ ‬اللغة‭ ‬من‭ ‬التقعر‭ ‬والجمود‭ ‬والغرابة‭ ‬والغموض‭.‬

‭ ‬4-‭ ‬استخدام‭ ‬الكلمات‭ ‬ذات‭ ‬الوقع‭ ‬السهل‭ ‬المنساب‭ ‬لدى‭ ‬المتلقي‭.‬

‭ ‬5-‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬الخيال‭ ‬والتحليل‭ ‬والتعليل‭ ‬والتفسير‭.‬

‭ ‬6-‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬الأسلوب‭ ‬الحواري‭ ‬ببعديه‭: ‬‮«‬الداخلي‭ ‬مع‭ ‬الذات،‭ ‬والخارجي‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‮»‬‭.‬

‭ ‬7-‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬الأسلوب‭ ‬التقريري‭ ‬والسردي‭.‬

‭ ‬8-‭ ‬استخدام‭ ‬الوصف‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬مع‭ ‬غياب‭ ‬واضح‭ ‬لعنصري‭ ‬الزمان‭ ‬والمكان‭.‬

‭ ‬9-‭ ‬تمزج‭ ‬في‭ ‬مفرداتها‭ ‬بين‭ ‬الإمتاع‭ ‬والإقناع‭.‬

‭ ‬10-‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬العنونة‭ (‬العناوين‭ ‬الطويلة‭).‬

‭ ‬11-‭ ‬استخدام‭ ‬فنون‭ ‬التناسب‭ ‬بين‭ ‬المفردات،‭ ‬والتوازي‭ ‬بين‭ ‬الجمل‭ ‬القصيرة‭.‬

‭ ‬12-‭ ‬استخدام‭ ‬فن‭ ‬التناغم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬انتهاء‭ ‬الجمل‭ ‬القصيرة‭ ‬عادة‭ ‬بحرف‭ ‬واحد‭. ‬

‭ ‬13-‭ ‬استخدام‭ ‬فنون‭ ‬البلاغة‭ ‬العربية‭ ‬الجميلة‭ ‬والأنيقة‭ ‬في‭ ‬التشبيه‭ ‬والاستعارة‭ ‬والكناية‭ ‬والمجاز‭ ‬المرسل‭ ‬والفصل‭ ‬والوصل‭ ‬والتقديم‭ ‬والتأخير‭ ‬والجناس‭ ‬
و‭... ‬إلخ‭ ‬‭(‬1‭).‬

 

الوسائط‭ ‬السمعية‭ ‬البصرية‭ ‬في‭ ‬الرسائل‭ ‬الإلكترونية

ومن‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬نضمن‭ ‬‮«‬أشكال‭ ‬الرسائل‭ ‬الإلكترونية‮»‬‭ ‬العصرية‭ ‬تلك‭ ‬الصور‭ ‬المُستحدثة‭ ‬لإدراج‭ ‬وإدماج‭ ‬الوسائط‭ ‬السمعية‭ ‬والبصرية‭ ‬فيها‭. ‬فلم‭ ‬تعد‭ ‬الرسائل‭ ‬مقروءة‭ ‬الحرف،‭ ‬وحسب،‭ ‬وإنما‭ ‬أصبحت‭ ‬مسموعة‭ ‬ومرئية‭ ‬ومتفاعلة‭ ‬بالمثل‭.‬

ومن‭ ‬أساليب‭ ‬ذلك‭ ‬نسخ‭ ‬صور‭ ‬منشورة،‭ ‬وإدراجها،‭ ‬بتعليق‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬دونه‭. ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الصور‭ ‬للشخص‭ ‬نفسه،‭ ‬أو‭ ‬لأعلام‭ ‬مشهورين،‭ ‬أو‭ ‬لمكان‭ ‬ما،‭ ‬وتكون‭ ‬الرسالة‭ ‬الضمنية‭ ‬هي‭ ‬مشاركة‭ ‬المتلقي‭ ‬للصورة‭ ‬المرسلة،‭ ‬بما‭ ‬تحدثه‭ ‬من‭ ‬أثر‭ ‬يتوقعه‭ ‬المرسل‭. ‬فالعبارات‭ ‬التي‭ ‬يدونها‭ ‬الكاتب‭ ‬المصري‭ ‬الساخر‭ ‬أحمد‭ ‬رجب،‭ ‬في‭ ‬زاويته‭ ‬بجريدة‭ ‬الأخبار‭ (‬1/2‭ ‬كلمة‭) ‬لا‭ ‬تنقل‭ ‬عبر‭ ‬الرسائل‭ ‬الإلكترونية‭ ‬كعبارات‭ ‬مصفوفة،‭ ‬وإنما‭ ‬تنقل‭ ‬بصورتها‭ ‬المنشورة،‭ ‬لكي‭ ‬تنقل‭ ‬التأثير‭ ‬الذي‭ ‬يرتبط‭ ‬بالمادة‭ ‬المنشورة‭ ‬ورقيا‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الرسائل‭ ‬الإلكترونية‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬دعوة‭ ‬للمشاهدة‭ ‬أو‭ ‬الاستماع،‭ ‬ويتم‭ ‬ذلك‭ ‬بوضع‭ ‬رابط‭ ‬إلكتروني،‭ ‬يقود‭ ‬المتلقي،‭ ‬عند‭ ‬فتحه،‭ ‬إلى‭ ‬نافذة‭ ‬جديدة‭ ‬يستمع‭ ‬من‭ ‬خلالها،‭ ‬أو‭ ‬يشاهد،‭ ‬مادة‭ ‬مسجلة،‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أغنية،‭ ‬أو‭ ‬برنامجا،‭ ‬أو‭ ‬مشاهد‭ ‬حية‭ ‬لأحداث‭ ‬مهمة‭.‬

ويمكن‭ ‬أن‭ ‬نضيف‭ ‬نوعًا‭ ‬جديدًا‭ ‬لتلك‭ ‬الوسائط‭ ‬السمعية‭ ‬والبصرية‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬الخرائط‭ ‬والأشكال‭ ‬الجرافيكية‭ ‬والشرائح‭ ‬المسلسلة،‭ ‬والتي‭ ‬تعمل‭ ‬بشكل‭ ‬تلقائي‭ ‬أو‭ ‬تفاعلي،‭ ‬حين‭ ‬يتم‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬شاشة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭ ‬بالضغط‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬أو‭ ‬مفتاح‭ ‬الإدخال‭.‬

وما‭ ‬من‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬أنواع‭ ‬هذه‭ ‬الوسائط‭ ‬السمعية‭ ‬والبصرية‭ ‬كافة‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬الرسائل‭ ‬الإلكترونية‭ ‬تأثيرًا،‭ ‬وتجعل‭ ‬من‭ ‬فضائها‭ ‬ثريا،‭ ‬وتنقل‭ ‬النص‭ ‬إلى‭ ‬أبعاد‭ ‬وآفاق‭ ‬جديدة‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬التطور‭ ‬التقني،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬يُسر‭ ‬تداول‭ ‬هذه‭ ‬الرسائل‭ ‬التفاعلية‭ (‬الوسائط‭ ‬السمعية‭ ‬والبصرية‭) ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬جعلها‭ ‬مادة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬البرامج‭ ‬الحوارية،‭ ‬ينقل‭ ‬عنها،‭ ‬ويصور‭ ‬منها‭. ‬

والخاتمة‭ ‬أن‭ ‬رسائل‭ ‬الجوال‭ ‬لها‭ ‬مظهر‭ ‬سلوكي‭ ‬لغوي،‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعترف‭ ‬بوجودها‭ ‬وأن‭ ‬لها‭ ‬تدخلاً‭ ‬في‭ ‬وعي‭ ‬الجمهور‭ ‬ناشئة‭ ‬وآباء‭ ‬ومربين‭ ‬وأساتذة‭ ‬ولغويين،‭ ‬لأنها‭ ‬باتت‭ ‬تدخل‭ ‬حيز‭ ‬الممارسة‭ ‬الفعلية‭ ‬لدى‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬من‭ ‬ناشئتنا،‭ ‬وإن‭ ‬رأينا‭ ‬ناشئتنا‭ ‬ينزعون‭ ‬بشكل‭ ‬مطرد‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يشاكلوا‭ ‬الغرب‭ ‬بثقافته‭ ‬ويتشبهوا‭ ‬بأبنائه‭ ‬أفرادا‭ ‬وجماعات‭ ‬في‭ ‬السلوك‭ ‬والمظاهر‭ ‬والممارسات،‭ ‬لذا‭ ‬نراهم‭ ‬يعبرون‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم‭ ‬ويكتبون‭ ‬بالإنجليزية‭.. ‬ولا‭ ‬يكتبون‭ ‬العربية‭ ‬إلا‭ ‬نادرا‭ ‬وبأخطاء‭ ‬في‭ ‬لغتهم‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الملاحظات‭ ‬على‭ ‬لغة‭ ‬الرسائل‭ ‬أننا‭ ‬وجدنا‭ ‬شيوع‭ ‬الإنجليزية‭ ‬كلغة‭ ‬وتحبيذ‭ ‬العامية‭ ‬كلهجة،‭ ‬لكتابة‭ ‬الرسائل‭ ‬لقلة‭ ‬الثقافة‭ ‬العربية‭ ‬عند‭ ‬الناشئة‭.‬

إن‭ ‬ظاهرة‭ ‬المختصرات‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬مفضلة‭ ‬عند‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬مستخدمي‭ ‬الرسائل‭ ‬باتت‭ ‬تهدد‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬باختصارات‭ ‬ربما‭ ‬تضر‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬تنفع،‭ ‬صحيح‭ ‬أنها‭ ‬تختصر‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬الاتصال‭ ‬لكن‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭ ‬لها‭ ‬خطرها‭ ‬الكبير‭ ‬على‭ ‬اللغة‭ ‬وشخصية‭ ‬الإنسان‭.‬

وبقدر‭ ‬ما‭ ‬تمثل‭ ‬الرسائل‭ ‬مجالا‭ ‬رحبا،‭ ‬لما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬عمق‭ ‬إبداعي‭ ‬يستحق‭ ‬العناية‭ ‬والدراسة،‭ ‬فهي‭ ‬مادة‭ ‬جادة‭ ‬وجديدة‭ ‬وأرض‭ ‬خصبة‭ ‬للإبداع،‭ ‬وإظهار‭ ‬ما‭ ‬تُكنّه‭ ‬النفوس‭ ‬من‭ ‬مشاعر‭ ‬متنوعة‭. ‬فما‭ ‬تضمره‭ ‬القلوب‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الرسائل،‭ ‬لأنها‭ ‬تكتب‭ ‬بدافع‭ ‬داخلي،‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬مؤثر،‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬تدخل‭ ‬خارجي،‭ ‬فمتى‭ ‬جاشت‭ ‬الخواطر‭ ‬دفعت‭ ‬الجوارح‭ ‬للكتابة،‭ ‬فهي‭ ‬وسيلة‭ ‬جديدة‭ ‬لنقل‭ ‬الإبداع‭ ‬الأدبي،‭ ‬أو‭ ‬لإظهار‭ ‬المشاعر‭ ‬والأحاسيس‭ ‬تجاه‭ ‬الآخرين،‭ ‬وهذه‭ ‬الوسيلة‭ ‬تمتاز‭ ‬بالعفوية‭ ‬فلا‭ ‬يحتاج‭ ‬الكاتب‭ ‬إلى‭ ‬تدقيق‭ ‬كبير،‭ ‬ومراجعات‭ ‬مستمرة،‭ ‬فهي‭ ‬وليدة‭ ‬اللحظة،‭ ‬وهذا‭ ‬سر‭ ‬الإبداع‭ ‬فيها‭ ‬‭.