الذهبُ
الحُلِيّ والمجوهرات المصنوعة من الذهب، من أدوات الزينة المحبّبة لدى الفتيات والنساء في كلّ مكان، وهنّ يحرصن على التزيّن بها بالأعياد والمناسبات الاجتماعية وفي كلّ الأوقات، فلْنتعرف أكثر على هذا المعدن الثمين.
فِلِزّ ثمين أصفر اللون لامع، تتعدّد صفاتُه التي أعطته قيمته وجاذبيّته على مرِّ التاريخ، سواء كوسيلة تجارية، أو كمجوهرات للزينة، ومن أبرز صفاته المتانة. وهو عنصر نادر نسبياً، ويوجد في الطبيعة بحالة كبيرة من النقاء. ويتميّز بأنه أكثر الفلزّات لدُونة وقابلية للطّرْقِ، إذ يمكن طرقُه إلى سُمكٍ يساوي أربعة أجزاء من مليون جزء من البوصة، كما أنّ قطعة منه وزنها 30 جراماً يمكن تحويلها بالطّرْق إلى رقاقة تصل مساحتها إلى 187 قدماً مربّعة، ويمكن أن تُسحب لتصبح سلكاً يزيد طوله عن 40 ميلاً. وهو موصل جيد للكهرباء، وإن لم يكن بجودة الفضة والنحاس. والرمز الكيميائي للذهب هو (Au)، ورقمه الذري 79، ووزنه الذري 196,967، ونقطة الانصهار 1063 درجة مئوية، ودرجة الغليان 2966 درجة مئوية.
ويتصدّر الذهب قائمة الفلزّات المسمّاة بالنبيلة، وتضمُّ معه: البلاتين، والبالاديوم، والروديوم؛ وقد أخذت هذه التسمية بسبب خمولها، أو عدم ميلها للتفاعل كيميائياً؛ فالذهب مثلاً لا يتفاعل مع الأكسجين ولا مع الأحماض المعتادة، ولكنه يستسلم أمام خليط من حمضَي الهيدروليك والنيتريك، بنسبة 3:1، وهو ما يُعرَفُ بين الكيميائيين بالماء الملكي، وهي تسمية سببها قدرة هذا الخليط على التفاعل مع (الفلزّ الملكي)، أو الذهب. ويشارك الذهبُ فلزّاتٍ أخرى في سبائك معروفة، بنِسَبٍ توفّرُ المطلوب من اللون ودرجة الصلابة. والذهب الأخضر هو سبيكة مكوّنة من الذهب والفضّة والنحاس، مع غلبة نسبة الفضة؛ فإن كانت نسبة النحاس هي الأعلى، سمّيت بالذهب الأحمر، أما إن دخل الذهب مع النيكل في سبيكة فإنها تسمّى بالذهب الأبيض.
وتُقدَّرُ درجةُ نقاء الذهب بوحدة اسمها (القيراط)، ودرجة نقاء الذهب الخالص 24 قيراطاً، فإن دخل في سبيكة بنسبة 75%، كانت درجة نقائه 18 قيراطاً.
وكان الذهبُ، بمظهره السارّ، وإمكانية تشكيله، وعدم قابليته للتشويه أو التآكل، أوّل فلزّ يجتذب انتباه واهتمام الإنسان على امتداد التاريخ. وثمّة كنوز من المشغولات الذهبية خلَّفتها لنا الحضارات القديمة. وكان للبحث عن الذهب زخمُه التاريخي، حيث نشبت من أجله صراعات وحروب، فكان هو سبب رئيسي في فتوحات الإسكندر الأكبر وحملات يوليوس قيصر العسكرية، كما كان الذهب من المستهدفات الأساسية لرحلات كثير من المستكشفين، مثل كريستوفر كولمبس وفاسكو دي جاما وماجلان.
وقد حاول كيميائيون في العصور الوسطى إنتاج ذهب من الرصاص والنحاس، لكن محاولاتهم باءت بالفشل. وكان الذهب على الدوام مقبولاً في عمليات تداول السلع التجارية.
وفي الخدمات المصرفية، أصبح للعملات الورقية، منذ القرن التاسع عشر، رصيد مقابل لها من الذهب. ولا يزال الذهب مقبولاً كوسيلة للتعاملات التجارية بين الدول.
ويبلغ وزنُ ما تمّ استخلاصه من الذهب في الخمسمائة سنة الماضية 80 ألف طن، بينما لا يزيد وزن الاحتياطي العالمي القابل للاستخلاص بالطرق المتوفرة حالياً عن قرابة 32 ألف طن. والجدير بالذكر أن ما تمّ استخلاصه من الأرض من الذهب لا يزال موجوداً حتى الآن، فهو بطبعه صلبٌ وراسخ، كما أنه يحظى برعاية دائمة.
بالرغم من انتشار الذهب في الصخور والتربة بجميع أنحاء العالم، إلا أن نسبة توفّره فيها، بصفة عامة، لا تزيد عن 0,005 جزء من الذهب في كل مليون جزء من القشرة الأرضية، وهي نسبة لا تصلح للاستغلال الاقتصادي، إذ تتجاوز تكلفةُ استخلاصه قيمتَه. إلا أن ثمّة مواقع بالعالَم يتوفّر فيها الذهب بِنسَب عالية، وقد تمتّعت أربعٌ من دول العالم، هي جنوب أفريقيا وروسيا والولايات المتّحدة الأمريكية وأستراليا، بأعلى إنتاجية من الذهب في القرن العشرين، حيث كانت تنتج مجتمعةً ثُلثَي ذهب العالَم، مع العلم بأنّ جنوب أفريقيا وحدها كانت تنتج الثلث.