الجدُّ صانع الدّمى المميّزة

سنذهب اليوم - يا أصدقائي - في رحلة إلى البرازيل، نتعرّف فيها على الجدّ (جواو ستانغانيلي جونيور) والدُّمى المميّزة التي يصنعها، فهل أنتم مستعدّون يا أصدقائي؟ إذًا هيّا بِنا.
أُصيب السيّد جواو، وهو في عمر الثامنة والثلاثين عامًا، بِمرض جلديّ يُسمّى (البهاق)، وهذا المرض يُصيب الإنسان عندما تتوقّف الخلايا التي تفرز صبغة الميلانين عن العمل، والميلانين هي المادّة المسؤولة عن إعطاء جلدنا لونه المميّز، وعندما يُصاب الشخص بِهذا المرض يُصبح لونه مختلفًا، فتظهر على وجهه ويدَيه وجسمه بعض البقع البيضاء، حتى يصبح لِجلده لونان مختلفان في الوقت نفسه.
يبلغ السيّد جواو اليوم أربعًا وستّين عامًا، ومايزال يعاني من مرض (البهاق). لم يكن مرض السيّد جواو مُؤلِمًا، ولكنّ كلمات ونظرات بعض الناس، غير اللطيفة، هي التي كانت تشعره بِالحزن والألم. وذات يوم قرّر السيّد جواو أن يهدي حفيدته الصغيرة »إيزابيلا« هديّة فريدة تذكّرها به، وتظلّ معها إلى الأبد، فراح يفكّر ويفكّر، فخطر بِباله أن يهديها دمية تشبهها، ولكنه لم يكن يعرف كيف سيصنع هذه الدُّمية، فتحدّث مع زوجته وأخبرها بالأمر، فاقترحت عليه فكرة رائعة وعجيبة. فماذا كانت فكرتها يا ترى؟
اقترحت زوجته عليه أن يتعلّم فنّ الحياكة لِيحيك لِحفيدته دمية جميلة ومميّزة تشبهه وتشبهها في الوقت نفسه. أعجبت الفكرة السيّد جواو جدًا، وقرّر أن يلتحق بِدورة تدريبية لِمدّة خمسة أيّام يتعلّم فيها فنّ حياكة الدُّمى، وبعد إتمام السيّد جواو لِدورته التدريبية بدأ في حياكة دمية مميّزة، شعرها أسود مثل إيزابيلّا الصغيرة، وعلى جلدها بقع بهاق مثله تمامًا.
فرحت إيزابيلّا الصغيرة بِدميتها الجديدة والمميّزة، وفرح جدّها لِفرحها، وبعد أن شاهد الناس الدُّمية التي حاكها جواو لِحفيدته الصغيرة، أعجبتهم جدًا، وطلبوا منه أن يصنع لهم دمًى تشبه أطفالهم المميّزين أيضًا. تحمّس السيّد جواو لِلفكرة، وقرّر أن يبدأ بِحياكة المزيد والمزيد من الدُّمى، فصنع دمية على كرسيّ متحرّك، ودمية تضع سمّاعة على أذنها، ودمية كفيفة، والكثير الكثير من الدُّمى الجميلة والفريدة التي أسعدت الأطفال، وأسعدت والدِيهم جدًا، فما أجمل من أن نجد دمًى تشبهنا! إنّه لشيء رائع! أليس كذلك يا أحبّائي؟
وإلى هنا تنتهي رحلتنا مع السيّد جواو الذي تعلّمنا من قصّته كيف نحبّ أشكالنا الجميلة وإن كانت مختلفة عن الآخرين، فنحن لم نُولد متشابهين أبدًا، فأنا لا أشبهك وأنت لا تشبهني، بل لِكلّ منّا شكل فريد ومميّز.
مهلاً مهلاً يا أصدقائي، اِنتظروا قليلاً، سأخبركم بِسرّ صغير عن السيّد جواو، لقد كان السيّد جواو طبّاخًا ماهرًا يصنع الكثير من الأطعمة الل،ذيذة ولكنه أُصيب بِمرض مفاجئ جعله يترك عمله الذي يحبّه كثيرًا، لأنّه لم يعد قادرًا على العمل لِساعات طويلة داخل المطعم. ولكنّه لم يستسلم، بل راح يبحث عن مهنة أخرى إلى أن قرّر أخيرًا أن يعمل في حياكة الدُّمى اللطيفة. كثير منّا يا أحبّائي يعرف أصدقاء وأقرباء أُصيبوا بِمرض جعلهم غير قادرين على القيام بالأشياء التي يحبّونها، وهذا الأمر يُشعرهم بالحزن والألم، لذا علينا أن نساعدهم في البحث عن أشياء جديدة يتعلّمونها ويحبّونها، ومَن يدري؟ فقد يصبح أصدقاؤكم وأقرباؤكم مشهورين يومًا ما، ونكتب عنهم هنا في مجلّتنا الحبيبة، مجلّة العربي الصغير.
إلى اللقاء.