أعظم عُلَماء الكيمياء

أعظم عُلَماء الكيمياء

تأسّس‭ ‬تاريخُ‭ ‬عِلْم‭ ‬الكيمياء‭ ‬الحديثة‭ ‬على‭ ‬جهود‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬أعظم‭ ‬الكيميائيّين،‭ ‬تيسّر‭ ‬لِكلٍّ‭ ‬منهم‭ ‬أن‭ ‬يستفيد‭ ‬من‭ ‬إنجازات‭ ‬مَن‭ ‬سبقوه،‭ ‬ويطوّرها،‭ ‬ويضيف‭ ‬إليها‭. ‬دعونا‭ ‬نتعرَّفُ‭ ‬على‭ ‬بعضهم‭.‬

نتوقّف‭ ‬أوّلًا‭ ‬عند‭ ‬الكيميائي‭ ‬الأيرلندي‭ ‬‮«‬روبرت‭ ‬بويل‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬عاش‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬السابع‭ ‬عشر‭ (‬1627-1691م‭)‬،‭ ‬وقد‭ ‬اكتشفَ‭ ‬أنّ‭ ‬حجم‭ ‬الغاز‭ ‬يشغل‭ ‬حيّزًا‭ ‬أقلّ‭ ‬عند‭ ‬تثبيت‭ ‬درجة‭ ‬حرارته‭ ‬وتعريضه‭ ‬للضغط،‭ ‬فَإِن‭ ‬قلَّ‭ ‬الضغطُ،‭ ‬عاد‭ ‬لِيشغل‭ ‬فراغًا‭ ‬أكبر‭. ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬ذلك‭ ‬معروفًا‭ ‬قبله،‭ ‬وقد‭ ‬صاغ‭ ‬هذا‭ ‬الاكتشاف‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬معروف‭ ‬بِاسم‭ ‬القانون‭ ‬الأوّل‭ ‬لِبويل‭. ‬وكان‭ ‬لِاكتشافه‭ ‬تطبيقات‭ ‬عملية‭ ‬وتكنولوجية‭ ‬عديدة،‭ ‬كما‭ ‬أنّه‭ ‬نبَّه‭ ‬الغواصين‭ ‬إلى‭ ‬توخّي‭ ‬الحذر‭ ‬عند‭ ‬عودتهم‭ ‬إلى‭ ‬سطح‭ ‬الماء،‭ ‬إذ‭ ‬يكون‭ ‬الضغط‭ ‬الواقع‭ ‬على‭ ‬أجسامهم‭ ‬في‭ ‬الأعماق‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬عند‭ ‬السطح،‭ ‬فإن‭ ‬لم‭ ‬يتمهّلوا‭ ‬في‭ ‬الصعود‭ ‬إلى‭ ‬السطح،‭ ‬فإنّ‭ ‬حجم‭ ‬الغازات‭ ‬الذائبة‭ ‬في‭ ‬دمائهم‭ ‬يتمدّد،‭ ‬فيمرضون‭.‬

أمّا‭ ‬العالِم‭ ‬الكيميائي‭ ‬الفرنسي‭ ‬‮«‬أنطوان‭ ‬لافوازييه‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬عاش‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الثامن‭ ‬عشر‭ (‬1743-1794م‭)‬،‭ ‬ويُشارُ‭ ‬إليه‭ ‬على‭ ‬أنّه‭ ‬أحد‭ ‬آباء‭ ‬الكيمياء‭ ‬الحديثة‭. ‬ومِن‭ ‬أهمّ‭ ‬إنجازاته‭ ‬قانون‭ ‬معروف‭ ‬بِاسم‭ ‬قانون‭ ‬بقاء‭ ‬الكتلة،‭ ‬إذ‭ ‬وجد‭ ‬أنّ‭ ‬كتلة‭ ‬المواد‭ ‬الداخلة‭ ‬في‭ ‬التفاعلات‭ ‬الكيميائية‭ ‬تبقى‭ ‬دون‭ ‬تغيير‭ ‬عند‭ ‬نهاية‭ ‬هذه‭ ‬التفاعلات،‭ ‬بالرغم‭ ‬ممّا‭ ‬يطرأ‭ ‬على‭ ‬هيئتها‭ ‬من‭ ‬تغيّرات،‭ ‬وشرح‭ ‬ذلك‭ ‬بِبساطة‭ ‬بِمثال‭ ‬احتراق‭ ‬شمعة،‭ ‬وفيه‭ ‬يتفاعل‭ ‬الأكسجين‭ ‬مع‭ ‬مادّة‭ ‬الشمع،‭ ‬فينتج‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬وبخار‭ ‬الماء،‭ ‬وفيهما‭ ‬نفس‭ ‬عدد‭ ‬ذرّات‭ ‬الأكسجين‭ ‬والشمع‭. ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬لافوازييه‭ ‬أوّل‭ ‬مَن‭ ‬وضع‭ ‬صيغة‭ ‬تركيب‭ ‬كلٍّ‭ ‬من‭ ‬حامضَي‭ ‬النيتريك‭ ‬والكبريتيك‭. ‬وله‭ ‬إنجازات‭ ‬أخرى‭ ‬كثيرة‭.‬

أمّا‭ ‬العالِم‭ ‬الإنجليزي‭ ‬‮«‬جون‭ ‬دالتون‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬عاش‭ ‬في‭ ‬القرنَين‭ ‬الثامن‭ ‬عشر‭ ‬والتاسع‭ ‬عشر‭ (‬1766-1844م‭)‬،‭ ‬فله‭ ‬فضل‭ ‬اكتشاف‭ ‬أنّ‭ ‬أصغر‭ ‬وحدة‭ ‬بنائية‭ ‬لِلمادّة‭ ‬هي‭ ‬الذرَّة،‭ ‬فهو‭ ‬صاحب‭ ‬النظرية‭ ‬الذرّية،‭ ‬التي‭ ‬تشتمل‭ ‬على‭ ‬أربع‭ ‬أفكار‭ ‬رئيسية‭: ‬تتكوّن‭ ‬العناصر‭ ‬من‭ ‬ذرّات‭ - ‬ذرّات‭ ‬العنصر‭ ‬الواحد‭ ‬لها‭ ‬نفس‭ ‬الوزن‭ - ‬ذرّات‭ ‬العناصر‭ ‬المختلفة‭ ‬لها‭ ‬أوزان‭ ‬مختلفة‭ - ‬تنتج‭ ‬المركّبات‭ ‬من‭ ‬اتّحاد‭ ‬الذرّات‭.‬

وقد‭ ‬استحوذت‭ ‬الغازات‭ ‬على‭ ‬اهتمام‭ ‬العالِم‭ ‬الكيميائي‭ ‬الإيطالي‭ ‬‮«‬أميديو‭ ‬أفوجادرو‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬معاصِرًا‭ ‬لِدالتون‭ (‬1776-1856م‭)‬،‭ ‬واكتشف‭ ‬أنّه‭ ‬عند‭ ‬ثبات‭ ‬درجة‭ ‬الحرارة‭ ‬والضغط‭ ‬تحتوي‭ ‬الأحجام‭ ‬المتساوية‭ ‬مِن‭ ‬أيّ‭ ‬غاز‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬العدد‭ ‬من‭ ‬الجزيئات‭. ‬فإن‭ ‬أنت‭ ‬ملأت‭ ‬كرة‭ ‬شاطئية،‭ ‬مثلًا،‭ ‬بِغاز‭ ‬النيتروجين،‭ ‬وكرةً‭ ‬أخرى‭ ‬شبيهة‭ ‬بِغاز‭ ‬الأكسجين،‭ ‬فإنّ‭ ‬عدد‭ ‬الجزيئات‭ ‬في‭ ‬الحالتين‭ ‬ثابت‭.‬

ومن‭ ‬كيميائيِّي‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر،‭ ‬الألماني‭ ‬‮«‬روبرت‭ ‬بنزِن‮»‬‭ (‬1811-1899‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يكاد‭ ‬يخلو‭ ‬مختبَرٌ‭ ‬كيميائي‭ ‬من‭ ‬الموقد‭ ‬الغازيّ‭ ‬الذي‭ ‬اخترعه،‭ ‬ويحمل‭ ‬اسمه‭ (‬موقد‭ ‬بانزن‭)‬،‭ ‬ويُستخدَم‭ ‬لِتسخين‭ ‬العناصر‭ ‬في‭ ‬التجارب‭ ‬الكيميائية،‭ ‬ويسهّل‭ ‬ضبط‭ ‬شدّة‭ ‬لهبه‭ ‬بالتحكّم‭ ‬في‭ ‬كمّيَتَي‭ ‬الغاز‭ ‬والأكسجين‭ ‬المارّين‭ ‬فيه‭. ‬ومن‭ ‬أهمّ‭ ‬إنجازات‭ ‬بانزن‭ ‬جهاز‭ (‬المطياف‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬يتعرّف‭ ‬على‭ ‬الموادّ‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬ألوان‭ ‬الضوء‭ ‬المنبعث‭ ‬منها‭ ‬عند‭ ‬تسخينها‭ ‬لِدرجة‭ ‬التوهّج‭.‬

ويحمل‭ ‬الجدول‭ ‬الدوري‭ ‬لِلعناصر‭ ‬اسم‭ ‬العالِم‭ ‬الكيميائي‭ ‬الروسي‭ ‬‮«‬ديمتري‭ ‬مندليف‮»‬‭(‬1834-1907‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬استفاد‭ ‬من‭ ‬أبحاث‭ ‬ودراسات‭ ‬سابقِيه‭ ‬ومعاصرِيه‭ ‬من‭ ‬الكيميائيّين،‭ ‬فتعرَّف‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬أوجه‭ ‬تشابه‭ ‬وتباين‭ ‬بين‭ ‬العناصر‭ ‬الكيميائية،‭ ‬فصمّم‭ ‬لوحًا‭ ‬فيه‭ ‬أعمدة‭ ‬يضمّ‭ ‬كلّ‭ ‬منها‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬المتشابهة‭. ‬وقد‭ ‬أُدخلت‭ ‬تعديلات‭ ‬كثيرة‭ ‬على‭ ‬لوح‭ ‬أو‭ ‬جدول‭ ‬مندليف،‭ ‬بعد‭ ‬اكتشاف‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬الكيميائية،‭ ‬وتمّ‭ ‬تعديل‭ ‬تسمية‭ ‬جدول‭ ‬مندليف‭ ‬إلى‭ (‬الجدول‭ ‬الدوري‭ ‬الحديث‭ ‬لِلعناصر‭)‬،‭ ‬ولا‭ ‬يقلّل‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬وقيمة‭ ‬ما‭ ‬أنجزه‭ ‬ديمتري‭ ‬مندليف‭.