شَجَرةُ اللّبان العُماني... إِرثٌ إِيكُولُوجِي دَاخلَ الخَليجِ العَربِيّ

شَجَرةُ اللّبان العُماني...   إِرثٌ إِيكُولُوجِي دَاخلَ الخَليجِ العَربِيّ

أَحِبَّائِي‭ ‬الصِّغَار‭, ‬لَيسَ‭ ‬هُناكَ‭ ‬زَائرٌ‭ ‬يَزورُ‭ ‬سَلطَنَةَ‭ ‬عُمان‭ (‬دَولَةٌ‭ ‬عَربِيَّة‭ ‬غَربَ‭ ‬آسْيَا‭) ‬بِالخَليجِ‭ ‬العَربِي‭, ‬إلاَّ‭ ‬واشْتَمَّ‭ ‬الرَائِحَة‭ ‬الزَّكِيةَ‭ ‬لِحُصَيَّاتِ‭ ‬اللّبانِ‭ ‬العَربِيِّ‭ ‬الحُرِّ‭ ‬فِي‭ ‬سُوقِ‭ ‬الحَافة‭ ‬بِصَلاَلَة‭ (‬سُوقٌ‭ ‬شَهِيرٌ‭ ‬لِبَيعِ‭ ‬أنْواع‭ ‬البُخُورِ‭ ‬بِسلْطَنَةِ‭ ‬عُمان‭), ‬فَمنْ‭ ‬أينَ‭ ‬يَتمُّ‭ ‬اسْتخرَاجُ‭ ‬هَذهِ‭ ‬الحُصَيَّاتِ‭ ‬العَجِيبَةِ‭? ‬الجَوابُ‭ ‬نَجدُهُ‭ ‬فِي‭ ‬رِحْلتِنَا‭ ‬إلَى‭ ‬هَذهِ‭ ‬الدَّولةِ‭ ‬الجَمِيلَةِ‭.‬

هَذهِ‭ ‬الحُصَيَّات‭ ‬يَتِمُّ‭ ‬نَزعُهَا‭ ‬مِن‭ ‬جِذعِ‭ ‬شَجرَةٍ‭ ‬نَادرَةٍ‭,  ‬تَعيشُ‭ ‬مُنذُ‭ ‬آلاَفِ‭ ‬السِّنينِ‭ ‬فِي‭ ‬الصَّحراءِ‭ ‬الجَنُوبِيَةِ‭ ‬العُمانِيةِ‭, ‬وبِالضَّبْط‭ ‬بِمِنْطَقَة‭ ‬الظّفَار‭ ‬بِالرُّبعِ‭ ‬الخَالِي‭, ‬وَهِيَ‭ ‬شَجرةٌ‭ ‬بَرِّيَةٌ‭ ‬لاَ‭ ‬تَحتاجُ‭ ‬لزَرعٍ‭ ‬أَوْ‭ ‬سَقْيٍ‭, ‬وَهِيَ‭ ‬تُعتَبرُ‭ ‬فِي‭ ‬نَظَرِ‭ ‬العُمانِيينَ‭, ‬كَنْزًا‭ ‬ثَقَافِيًا‭ ‬وإيكُولُوجِيًّا‭ ‬لاَ‭ ‬يُمكِنُ‭ ‬الاِسْتِغنَاءُ‭ ‬عَنهُ‭, ‬وَالحُصَيَّات‭ ‬عِبَارَة‭ ‬عَنْ‭ ‬مَادَةٍ‭ ‬صِمْغِيَّةٍ‭ (‬مَادَّةٌ‭ ‬لَزجَةٌ‭ ‬تَتَصَلَّبُ‭ ‬بِفعْلِ‭ ‬الجَفافِ‭ ‬وَسريعَةُ‭ ‬الذَّوَبَانِ‭ ‬فِي‭ ‬المَاءِ‭) ‬مُتَعَدِّدَةُ‭ ‬الأَلْوَانِ‭.‬

وَالمَادَّةُ‭ ‬الصّمْغِيَة‭ ‬لَيْسَت‭ ‬حَديثَةَ‭ ‬التَّدَاوُلِ‭, ‬فَقَبلَ‭ ‬المِيلاَد‭ ‬عَرفَت‭ ‬هَذهِ‭ ‬المادة‭ ‬الطَّبِيعِيَة‭ ‬تَسويقًا‭ ‬فِي‭ ‬أنْحَاءِ‭ ‬المَشرِقِ‭ ‬العَربِي‭, ‬حَيثُ‭ ‬كَانَت‭ ‬تُحْمَلُ‭ ‬ثِمارُ‭ ‬شَجرةِ‭ ‬اللّبَانِ‭ ‬مِن‭ ‬سَاحلِ‭ ‬غَزَّةَ‭ ‬الفِلْسطِينِيَة‭ ‬بِاتّجَاهِ‭ ‬رُومَا‭ ‬القَديمَة‭, ‬حَتَّى‭ ‬وَصَلَ‭ ‬صَيتُهَا‭ ‬لِلهِندِ‭ ‬وَالصّينِ‭ ‬فِي‭ ‬القَارَّةِ‭ ‬الآسْيَوِيَةِ‭, ‬وَهيَ‭ ‬تُسْتَعملُ‭ ‬فِي‭ ‬التَّطْبِيبِ‭, ‬وَكبُخُورٍ‭ ‬فِي‭ ‬الشَّعائِرِ‭ ‬الدِّينِيَةِ‭.‬

أمَّا‭ ‬طَريقَةُ‭ ‬اسْتِخراجِ‭ ‬هَذهِ‭ ‬المَادَّةِ‭ ‬الصّمغِيَةِ‭ ‬مِنَ‭ ‬الشَّجَرةِ‭, ‬فَهِيَ‭ ‬غَريبَةٌ‭ ‬وَمُدهِشَةٌ‭, ‬حَيثُ‭ ‬يَتِمُّ‭ ‬نَزعُ‭ ‬قِشْرَةِ‭ (‬لحَاء‭) ‬جِذعِ‭ ‬الشَّجَرةِ‭ ‬بِآلةٍ‭ ‬حَادَّةٍ‭, ‬فيَسِيلُ‭ ‬منها‭ ‬مَاءٌ‭ ‬عَلىَ‭ ‬مُستَوَى‭ ‬الجُزْءِ‭ ‬العَارِي‭, ‬وَبعدَ‭ ‬مُرُورِ‭ ‬أسْبُوعَيْنِ‭ ‬يُصْبِحُ‭ ‬السَّائلُ‭ ‬صَلْبًا‭, ‬عِبَارَة‭ ‬عَنْ‭ ‬حُصَيَّاتٍ‭ ‬يَتِمُّ‭ ‬نَزعُهَا‭ ‬بِسُهولَةٍ‭ ‬بِواسِطَةِ‭ ‬آلَةٍ‭ ‬حَادَّةٍ‭.‬

وَتَختَلفُ‭ ‬أَلوانُ‭ ‬الحُصَيَّاتِ‭ ‬مِن‭ ‬شَجرةٍ‭ ‬لأُخرَى‭, ‬فَهناكَ‭ ‬البَيضَاءُ‭ ‬وَالحَمراءُ‭ ‬والسَّوْدَاء‭, ‬أَمَّا‭ ‬الصَّفراءُ‭ ‬فَتُعَدُّ‭ ‬الأَكْثَر‭ ‬نَقَاءً‭ ‬وَالأَكْثَر‭ ‬غَلاَءً‭, ‬وَتُنْتِجُ‭ ‬الشَّجرةُ‭ ‬الوَاحدَةُ‭ ‬حَوالَي‭ ‬عَشرَةَ‭ ‬كِيلُوغْرامَاتٍ‭ ‬مِنَ‭ ‬اللّبَانِ‭, ‬وَيُعتَبرُ‭ ‬شَهرُ‭ ‬أَبْرِيل‭, ‬شَهرُ‭ ‬جَنْيِ‭ ‬الَمَنْتُوج‭, ‬أمَّا‭ ‬مُحَافَظةُ‭ ‬ظفَار‭ ‬العُمانِيةِ‭ ‬فَلِوحْدِهَا‭ ‬تُنْتجُ‭ ‬حوالَي‭ ‬سَبعَةَ‭ ‬أطْنَانٍ‭ ‬سَنَوِيًّا‭, ‬مِمَّا‭ ‬جَعلَ‭ ‬سَلْطَنَةَ‭ ‬عُمَّان‭ ‬أوَّلَ‭ ‬دَولَةٍ‭ ‬فِي‭ ‬العَالَمِ‭ ‬فِي‭ ‬إنْتَاجِ‭ ‬اللُّبَانِ‭ ‬الطَّبِيعِي‭ ‬الحُرِّ‭.‬

حَالِيًّا‭ ‬أصْبَحَ‭ ‬اللّبَانُ‭ ‬العُمانِي‭, ‬تُسْتَخرجُ‭ ‬مِنهُ‭ ‬أجْودُ‭ ‬العُطورِ‭, ‬وَيُصَدَّرُ‭ ‬إلَى‭ ‬جَمِيعِ‭ ‬أَنحَاءِ‭ ‬العَالَمِ‭, ‬كَمَا‭ ‬أصْبَحَت‭ ‬المُخْتَبراتُ‭ ‬الطِّبِّيَةُ‭ ‬تَطلُبُهُ‭, ‬لِقُدْرتِهِ‭ ‬الفَائقَة‭ ‬عَلىَ‭ ‬عِلاجِ‭ ‬العَديدِ‭ ‬مِنَ‭ ‬الأمْرَاضِ‭, ‬منها‭ ‬تَطْهِير‭ ‬الأَمعاءِ‭, ‬وَالتَّقْلِيلُ‭ ‬مِنَ‭ ‬الإِصَابَةِ‭ ‬بِالعَجزِ‭ ‬الكلَوِيّ‭. ‬أمَّا‭ ‬فِي‭ ‬المَغربِ‭, ‬فَيُعْتبرُ‭ ‬اللُّبَانُ‭ ‬العَربِيُّ‭ ‬خُصوصًا‭ ‬العُمانِي‭ (‬يُسَمَّى‭ ‬اللّبَان‭ ‬العَرَبِي‭ ‬فِي‭ ‬المَغْرِبِ‭ ‬بِالمسْكَةِ‭ ‬الحُرَّةِ‭) ‬ضَرُورِيًّا‭ ‬فِي‭ ‬تَحضيرِ‭ ‬الشَّاي‭ ‬المَغْرِبِي‭ ‬اللَّذِيذِ‭, ‬وَعُنصُرًا‭ ‬أَسَاسِيًّا‭ ‬فِي‭ ‬تَحضِيرِ‭ ‬الحَلوِيَاتِ‭. 

‭-  ‬تحتفل‭ ‬سلطنة‭ ‬عمان‭ ‬في‭ ‬18‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬نوفمبر‭ ‬باليوم‭ ‬الوطني‭, ‬نتمنّى‭ ‬لها‭ ‬دوام‭ ‬التقدم‭ ‬والازدهار‭. ‬