أبي يسعد الآخرين

أبي يسعد الآخرين

جودي‭ ‬الصغيرة‭ ‬خلاف‭ ‬كل‭ ‬الأطفال‭, ‬لا‭ ‬تفرح‭ ‬بقدوم‭ ‬العيد‭; ‬ليس‭ ‬لأنها‭ ‬لا‭ ‬تحب‭ ‬قدومه‭, ‬بل‭ ‬لأن‭ ‬هناك‭ ‬شيئًا‭ ‬واحدًا‭ ‬ينقصها‭, ‬لا‭ ‬تكتمل‭ ‬فرحة‭ ‬العيد‭ ‬إلا‭ ‬به‭.. ‬ترى‭ ‬ما‭ ‬هو‭? ‬الإجابة‭ ‬بكل‭ ‬بساطة‭ ‬تتلخص‭ ‬في‭ ‬سؤال‭ ‬واحد‭ ‬توجهه‭ ‬جودي‭ ‬إلى‭ ‬أبيها‭ ‬عشية‭ ‬ليلة‭ ‬كل‭ ‬عيد‭ ‬وهو‭: ‬هل‭ ‬ستكون‭ ‬معنا‭ ‬غدًا‭ ‬يا‭ ‬أبي‭؟

والدها‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يجيبها‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭; ‬لأنها‭ ‬قد‭ ‬عرفت‭ ‬إجابته‭ ‬بالفعل‭, ‬عندما‭ ‬أخرج‭ ‬العيدية‭ ‬وأعطاها‭ ‬إياها‭, ‬كعادته‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬لها‭: ‬آسف‭ ‬يا‭ ‬صغيرتي‭ ‬الجميلة‭, ‬فغدًا‭ ‬لديَّ‭ ‬عمل‭. ‬

ودون‭ ‬أن‭ ‬ينتظر‭ ‬الصباح‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬باقي‭ ‬الآباء‭ ‬مع‭ ‬أبنائهم‭ ‬أول‭ ‬أيام‭ ‬العيد‭, ‬لم‭ ‬تهتم‭ ‬جودي‭ ‬كثيرًا‭ ‬بالعيدية‭, ‬وهي‭ ‬تقول‭ ‬لأبيها‭ ‬بحزن‭: ‬جميع‭ ‬الآباء‭ ‬لا‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬يا‭ ‬أبي‭. ‬

الأب‭ ‬سائلًا‭: ‬من‭ ‬قال‭ ‬لك‭ ‬هذا‭؟

جودي‭ ‬مجيبة‭: ‬والد‭ ‬صديقتي‭ ‬ياسمينة‭ ‬مهندس‭, ‬سيأخذها‭ ‬غدًا‭ ‬وأختها‭ ‬الصغيرة‭ ‬جنى‭ ‬لزيارة‭ ‬حديقة‭ ‬الحيوانات‭, ‬ووالد‭ ‬صديقتي‭ ‬رودي‭ ‬معلم‭, ‬وستزور‭ ‬معه‭ ‬المتحف‭, ‬ووالد‭ ‬صديقتي‭ ‬سوزي‭ ‬محامٍ‭ ‬وستذهب‭ ‬معه‭ ‬إلى‭ ‬ساحل‭ ‬البحر‭. ‬

الأب‭: ‬نسيتِ‭ ‬والد‭ ‬صديقتك‭ ‬سلمى‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭; ‬لأنه‭ ‬طبيب‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬المدينة‭, ‬وكذلك‭ ‬والد‭ ‬صديقتك‭ ‬يسر‭; ‬لأنه‭ ‬ضابط‭, ‬وأيضًا‭ ‬والد‭ ‬صديقتك‭ ‬خديجة‭; ‬لأنه‭ ‬إطفائي‭. ‬جميعهم‭ ‬أنقلهم‭ ‬إلى‭ ‬أعمالهم‭ ‬صباح‭ ‬كل‭ ‬عيد‭ ‬بالحافلة‭ ‬التي‭ ‬أعمل‭ ‬عليها‭ ‬سائقًا‭. ‬

جودي‭: ‬لن‭ ‬يحدث‭ ‬شيء‭ ‬يا‭ ‬أبي‭ ‬إذا‭ ‬أخذت‭ ‬وجميع‭ ‬الآباء‭ ‬إجازة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭;‬‭ ‬لتسعدوا‭ ‬بالعيد‭ ‬وتسعدوا‭ ‬أولادكم‭. ‬

الأب‭: ‬هناك‭ ‬مهن‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الاستغناء‭ ‬عن‭ ‬أصحابها‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الأعياد‭; ‬لأنهم‭ ‬يمنحون‭ ‬فيه‭ ‬السعادة‭ ‬للآخرين‭; ‬بما‭ ‬يقدمونه‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬خدمات‭ ‬أمنية‭ ‬وصحية‭ ‬وترفيهية‭..‬‭ ‬ومهنة‭ ‬أبيك‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬هذه‭ ‬المهن‭. ‬

جودي‭: ‬وأنت‭ ‬يا‭ ‬أبي‭ ‬ألا‭ ‬يحق‭ ‬لك‭ ‬أن‭ ‬تسعد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭.‬‭ ‬

الأب‭ ‬وهو‭ ‬يربت‭ ‬على‭ ‬كتف‭ ‬جودي‭: ‬سعادتي‭ ‬الحقيقية‭ ‬أراها‭ ‬في‭ ‬عيون‭ ‬الآخرين‭ ‬خصوصًا‭ ‬الأطفال‭ ‬وهم‭ ‬سعداء‭ ‬بالعيد‭, ‬أثناء‭ ‬نقلي‭ ‬إياهم‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬أماكن‭ ‬ترفيههم‭. ‬

جودي‭: ‬ونحن‭ ‬يا‭ ‬أبي‭ ‬ألا‭ ‬يحق‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نسعد‭ ‬بك‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭؟

الأب‭ ‬وهو‭ ‬يرفع‭ ‬جودي‭ ‬ويجلسها‭ ‬على‭ ‬حجره‭: ‬لم‭ ‬أعهدك‭ ‬أنانية‭ ‬يا‭ ‬جودي‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬سائق‭ ‬لديه‭ ‬بنت‭ ‬جميلة‭ ‬مثلك‭ ‬تخلف‭ ‬عن‭ ‬عمله‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬ليسعدها‭, ‬فمن‭ ‬الذي‭ ‬سيقل‭ ‬الناس‭ ‬وأطفالهم‭ ‬إلى‭ ‬أماكن‭ ‬تنزههم‭ ‬ليستمتعوا‭ ‬بالعيد‭ ‬ويسعدوا‭?‬

جودي‭ ‬في‭ ‬ابتسامة‭ ‬صافية‭, ‬وهي‭ ‬تعانق‭ ‬أباها‭:‬

‭- ‬أنا‭ ‬فخورة‭ ‬بك‭ ‬يا‭ ‬أبي‭ ‬لأنك‭ ‬تسعد‭ ‬بعملك‭ ‬الآخرين‭, ‬وسأقول‭ ‬لصديقاتي‭ ‬سلمى‭ ‬ويسر‭ ‬وخديجة‭ ‬أن‭ ‬يفخرن‭ ‬بآبائهن‭ ‬كذلك‭; ‬لأنهم‭ ‬مثلك‭ ‬يا‭ ‬أبي‭ ‬يُسعدون‭ ‬بأعمالهم‭ ‬الآخرين‭. ‬

الأب‭ ‬مبادلًا‭ ‬ابنته‭ ‬الابتسامة‭ ‬نفسها‭:‬

‭-  ‬وأنا‭ ‬فخور‭ ‬بك‭ ‬يا‭ ‬ابنتي‭ ‬لأنك‭ ‬تضحين‭ ‬بسعادتك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إسعاد‭ ‬الآخرين‭; ‬ولذلك‭ ‬سأسعدك‭ ‬أيضًا‭ ‬ولن‭ ‬أحرمك‭ ‬مني‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬أيام‭ ‬العيد‭. ‬

جودي‭ ‬بدهشة‭: ‬كيف‭ ‬يا‭ ‬أبي‭؟

الأب‭: ‬في‭ ‬صباح‭ ‬الغد‭ ‬ما‭ ‬عليك‭ ‬أنت‭ ‬وأمك‭ ‬إلا‭ ‬انتظار‭ ‬حافلتي‭ ‬في‭ ‬المحطة‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬البيت‭ ‬والصعود‭ ‬إليها‭.. ‬فستقضيان‭ ‬فيها‭ ‬بعض‭ ‬الوقت‭ ‬معي‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬بكما‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تشاءان‭ ‬من‭ ‬الأماكن‭ ‬الترفيهة‭ ‬الموجودة‭ ‬ضمن‭ ‬خط‭ ‬سيرها‭ ‬المعتاد‭. ‬

  ‬رحبّت‭ ‬جودي‭ ‬بما‭ ‬قاله‭ ‬لها‭ ‬أبوها‭ ‬وباتت‭ ‬ليلتها‭ ‬وهي‭ ‬تمني‭ ‬نفسها‭ ‬بقضاء‭ ‬يوم‭ ‬عيد‭ ‬سعيد‭.‬

 

رسوم‭: ‬أنوار‭ ‬الحطاب