فريق إطفاء الغابة
على غير العادة, يخترق هدوء الغابة في فترة الظهيرة عواء الذئاب المتواصل الذي لا يصدر بهذا الشكل إلا عند وقوع كارثة. أسرعت جميع حيوانات الغابة لتعرف ما الخبر؟لقد شبّ حريق على مشارف الغابة, وفي الحال يقرّر الأسد أن تهاجر الحيوانات إلى غابة أخرى حتى لا يقضي عليها الحريق.
تهيّأت جميع الحيوانات للرحيل امتثالاً للأمر, إلا السلحفاء التي اقتربت من الأسد قائلة له: يجب يا سيادة الملك أن نواجه الخطر ولا نهرب منه.
لم يُعِرها الأسد في بادئ الأمر اهتمامًا لانشغاله بترتيبات الرحيل, لكنه بدأ ينتبه إلى السلحفاء عندما بدأت عرض حلّها للتغلّب على الحريق, حيث قاطعها الأسد قائلاً: كيف ستحضر الحيوانات الماء؟وكيف ستحمله؟
قالت السلحفاء: الإجابة عند قطيع الفِيَلة , فهي التي تستطيع حمل الماء من النهر بِخراطيمها, وعلى الفور كلّف الأسد قطيع الفِيَلة بتنفيذ ما قالته السلحفاء, وبالفعل تمكّنت الفِيَلة من إخماد الحريق الذي لو ترك لدمّر الغابة.
ومكافأة للسلحفاء جعلها الأسد مستشارة له, يستشيرها فيما يطرأ على الغابة من مشاكل أو أخطار.
وقد عاشت الغابة في أمان من الحرائق بِفضل حكمة السلحفاء وفريق الإطفائيين من الفيلة, إلى ان جاء الهدهد في وقت متأخر من الليل إلى الأسد, وقد ظهر على وجهه الانزعاج, ليخبره بمجيء كلاب وقطط غريبة عن الغابة, آتية من القرية المجاورة, فارةً بأنفسها من حريق هائل شبّ في أحد بيوت القرية المصنوعة جدرانها وسقوفها من الأخشاب.
زمجر الأسد وزأر بِغضب في وجه الهدهد قائلاً له: ويحك, أتأتي إليَّ في هذا الوقت المتأخّر من الليل وتوقظني لأنّ حريقًا شبّ في القرية؟! مالنا وما لهذا الحريق؟
تغيّر وجه الهدهد من الخوف, وهو يردّ على الأسد: عفوًا سيدي, لقد أردت إخبارك بأنّني طرتُ إلى القرية لاستطلاع أمر الحريق, فوجدتُ ألسنة النار تنتقل من بيت إلى آخر وكأنّها في سباق, ولِإخماد الحريق اتّصل أهالي القرية بإطفائِيّي المدينة الذين لم يستطيعوا المجيء لِصعوبة السير على الطريق الفرعي الذي يصل القرية بالمدينة, عندها فكّر أهالي القرية في إحضار ماء من بحيرة الغابة, لكنهم تراجعوا عن هذه الفكرة خشية الحيوانات المفترسة, وحاولوا السيطرة على الحريق بِما لديهم من ماء لكنهم فشلوا, وعندما رأوا ألسنة النار تتصاعد مُلتهِمة كلّ ما يعترضها; تركوا بيوتهم, فارّين وأولادهم بحياتهم.
واستطرد الهدهد: الكارثة يا سيدي, أن الحريق سيحلّ على غابتنا إن لم تتمّ السيطرة عليه, لأن مساره يتجه نحو الغابة, والأسوأ من ذلك أنّ هذا المسار يتّفق ومسار الهواء في الاتّجاه نفسه.
ذهب الغضب عن الأسد بعد إدراكه حجم الخطورة, فأمر الهدهد بالتوجّه إلى قطيع الذئاب لِيبلغه بإطلاق عوائه الشبيه بصفّارة الإنذار في جميع أنحاء الغابة حتى تسمعه الحيوانات فتعلم أن هناك اجتماعًا طارئًا لها عند عرين ملك الغابة.
بعد سماع الحيوانات عواء الذئاب, توجّهت بِسرعة إلى عرين الأسد الذي أخبرها بِخطورة حريق القرية على الغابة; ولِهذا أمرها بِضرورة الاستعداد, خاصّة فريق الفِيَلة, لِمواجهة هذا الحريق إذا ما بدأ بالوصول إلى الغابة.
وافقت جميع الحيوانات على ما أمرها به الأسد إلا السلحفاء الحكيمة التي كانت ترى ألا ننتظر قدوم أية أخطار أو مشاكل إلينا, ثم بعد ذلك نبدأ بمواجهتها, ومن الأفضل أن نواجهها وهي في بدايتها حتى لا تزداد وتتضخّم لِدرجة يصعب معها مواجهتها.
لكن الأسد طلب من السلحفاء أن توضح ما تعنيه.
فأوضحت السلحفاء قائلة للأسد: أعني, ياسيدي, أن نذهب إلى الحريق في القرية ونطفئه, وبذلك نهاجمه قبل أن يهاجمنا.
اقتنعت جميع الحيوانات بما قالته السلحفاء, وعلى الفور أمر زعيم الفِيَلة قطيعه من الإطفائيين بتقسيم أنفسهم إلى مجموعات تباشر عملية إطفاء الحريق بالتناوب حتى لا تعطيه فرصة للانتشار والتوغّل.
وبالفعل توجّهت الفِيَلة نحو القرية في مجموعات بخراطيمها المملوءة ماءً من البحيرة, وقضت الليل كلّه تكافح الحريق حتى استطاعت الانتصار عليه وإخماده وسط فرح أهل القرية وتهليلهم.
رسوم: أسماء عناية