ودعة وإخوتها السبعة

ودعة وإخوتها السبعة

يُحكى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬قديم‭ ‬الزمان‭ ‬كان‭ ‬لامرأة‭ ‬سبعة‭ ‬أولاد‭, ‬ولما‭ ‬حملت‭ ‬للمرة‭ ‬الثامنة‭ ‬وأرادت‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬حملها‭, ‬تمنّى‭ ‬الأولاد‭ ‬السبعة‭ ‬أن‭ ‬تنجب‭ ‬أمهم‭ ‬بنتًا‭, ‬فقالوا‭ ‬لها‭:‬

اسمعي‭ ‬يا‭ ‬أمي‭, ‬إذا‭ ‬أنجبت‭ ‬بنتًا‭ ‬فاحملي‭ ‬إلينا‭ ‬إشارة‭ ‬حمراء‭ ‬فنرجع‭ ‬إليك‭, ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬أنجبت‭ ‬ولدًا‭ ‬فاحملي‭ ‬إلينا‭ ‬منجلاً‭ ‬كإشارة‭, ‬فنرحل‭ ‬إلى‭ ‬غير‭ ‬رجعة‭.‬

ذهب‭ ‬الإخوة‭ ‬السبعة‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭, ‬فولدت‭ ‬أمهم‭ ‬بنتًا‭ ‬وسمّتها‭ ‬ودعة‭, ‬وأمرت‭ ‬الخادمة‭ ‬أن‭ ‬تحمل‭ ‬إلى‭ ‬أبنائها‭ ‬إشارة‭ ‬حمراء‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الخادمة‭ ‬كانت‭ ‬ماكرة‭, ‬فذهبت‭ ‬إلى‭ ‬الإخوة‭ ‬السبعة‭, ‬وأشارت‭ ‬إليهم‭ ‬بالمنجل‭ ‬بدل‭ ‬الإشارة‭ ‬الحمراء‭.‬

رحل‭ ‬الإخوة‭ ‬السبعة‭ ‬عن‭ ‬أمهم‭ ‬وكبرت‭ ‬ودعة‭, ‬فكانت‭ ‬كلما‭ ‬تلعب‭ ‬مع‭ ‬الأطفال‭ ‬يعايرونها‭ ‬بقولهم‭: ‬ودعة‭ ‬مفرقة‭ ‬سبعة‭!‬

فتحزن‭ ‬لذلك‭ ‬حزنًا‭ ‬شديدًا‭ ‬وتبكي‭ ‬بكاءً‭ ‬حارًّا‭, ‬وكانت‭ ‬تلحّ‭ ‬دومًا‭ ‬على‭ ‬أمها‭, ‬لتخبرها‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬هذه‭ ‬التسمية‭, ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬رقَّ‭ ‬قلب‭ ‬والدتها‭ ‬فأخبرتها‭ ‬بالحقيقة‭, ‬عندئذ‭ ‬قررت‭ ‬ودعة‭ ‬أن‭ ‬تذهب‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬إخوتها‭ ‬السبعة‭, ‬فأرسلت‭ ‬معها‭ ‬أمّها‭ ‬خادمًا‭ ‬وخادمة‭.‬

أخذت‭ ‬ودعة‭ ‬تجوب‭ ‬الأقطار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬فيه‭ ‬عينان‭ ‬تجريان‭, ‬ماء‭ ‬إحداهما‭ ‬أسود‭ ‬والأخرى‭ ‬أبيض‭. ‬أرسلت‭ ‬ودعة‭ ‬الخادم‭ ‬يسأل‭ ‬أهل‭ ‬القرية‭ ‬المجاورة‭ ‬عن‭ ‬سر‭ ‬ذلك‭, ‬خوفًا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تغسل‭ ‬بالماء‭ ‬فيمسّها‭ ‬سوء‭. ‬لكن‭ ‬الخادم‭ ‬الماكر‭ ‬أخفى‭ ‬الحقيقة‭ ‬عن‭ ‬ودعة‭, ‬وأوهمها‭ ‬بأن‭ ‬الماء‭ ‬الأسود‭ ‬هو‭ ‬النقي‭ ‬فاغتسلت‭ ‬منه‭, ‬وفجأة‭ ‬صارت‭ ‬سوداء‭ ‬البشرة‭. ‬عندئذ‭ ‬أمر‭ ‬الخادم‭ ‬الخادمة‭ ‬بأن‭ ‬تغسل‭ ‬من‭ ‬الماء‭ ‬الآخر‭ ‬فأصبحت‭ ‬بيضاء‭ ‬البشرة‭, ‬وطلب‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬تأخذ‭ ‬مكان‭ ‬ودعة‭.‬

سار‭ ‬الثلاثة‭ ‬في‭ ‬طريقهم‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وصلوا‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬الإخوة‭ ‬السبعة‭, ‬فأوهمهم‭ ‬الخادم‭ ‬بأن‭ ‬الخادمة‭ ‬هي‭ ‬ودعة‭ ‬أختهم‭, ‬وحكى‭ ‬لهم‭ ‬القصة‭, ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬الخادمة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬خدعتهم‭, ‬فقرروا‭ ‬معاقبتها‭, ‬فأصبحت‭ ‬خادمة‭ ‬حقيرة‭ ‬ترعى‭ ‬الأغنام‭ ‬وكانت‭ ‬تقضي‭ ‬النهار‭ ‬كله‭ ‬باكية‭ ‬تتذكر‭ ‬إخوتها‭ ‬فتنصت‭ ‬الأغنام‭ ‬إليها‭ ‬وتبكي‭ ‬معها‭.‬

ومرت‭ ‬الأيام‭ ‬ولاحظ‭ ‬الإخوة‭ ‬هزال‭ ‬الأغنام‭, ‬فقرر‭ ‬الأخ‭ ‬الأكبر‭ ‬أن‭ ‬يتبع‭ ‬ودعة‭ ‬ويراقبها‭. ‬وبينما‭ ‬هو‭ ‬كذلك‭ ‬سمعها‭ ‬تبكي‭ ‬متذكّرة‭ ‬إخوتها‭ ‬والأغنام‭ ‬محيطة‭ ‬بها‭, ‬فذهب‭ ‬مسرعًا‭ ‬وأخبر‭ ‬إخوته‭, ‬فذهبوا‭ ‬عند‭ ‬رجل‭ ‬حكيم‭ ‬ليسألوه‭ ‬عن‭ ‬سر‭ ‬هذه‭ ‬البنت‭, ‬فأمرهم‭ ‬أن‭ ‬يطلبوا‭ ‬من‭ ‬البنتين‭ ‬أن‭ ‬تحلبا‭ ‬البقرة‭, ‬ثم‭ ‬يقوم‭ ‬أحدهم‭ ‬بنزع‭ ‬ما‭ ‬يغطي‭ ‬شعريهما‭ ‬فصاحبة‭ ‬الشعر‭ ‬الأملس‭ ‬هي‭ ‬ودعة‭, ‬أما‭ ‬صاحبة‭ ‬الشعر‭ ‬المجعد‭ ‬فهي‭ ‬الخادمة‭.‬

نفّذ‭ ‬الإخوة‭ ‬ما‭ ‬طلب‭ ‬الحكيم‭ ‬منهم‭ ‬فعله‭, ‬وكم‭ ‬كانت‭ ‬دهشتهم‭ ‬كبيرة‭ ‬لما‭ ‬اكتشفوا‭ ‬الحقيقة‭, ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬أختهم‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬ترعى‭ ‬الأغنام‭, ‬أما‭ ‬التي‭ ‬كانوا‭ ‬يعتقدون‭ ‬أنها‭ ‬أختهم‭ ‬فهي‭ ‬مجرد‭ ‬خادمة‭.‬

فرح‭ ‬الإخوة‭ ‬السبعة‭ ‬بعودة‭ ‬أختهم‭, ‬وأقاموا‭ ‬لها‭ ‬حفلاً‭ ‬كبيرًا‭ ‬ثم‭ ‬رجعوا‭ ‬كلهم‭ ‬إلى‭ ‬أمهم‭ ‬التي‭ ‬فرحت‭ ‬كثيرًا‭ ‬بعودتهم‭.‬

 

رسوم‭: ‬نهى‭ ‬الدخان