حَانَ الوَقْت لإِنْقَاذِ كَوْكَبِ الأَرْضِ

حَانَ الوَقْت  لإِنْقَاذِ كَوْكَبِ الأَرْضِ

فَاطِمَة‭ ‬سَيِّدةٌ‭ ‬مَغْرِبِيَّة‭, ‬وبَيْنَمَا‭ ‬كَانَت‭ ‬تَكْنُسُ‭ ‬البَيْتَ‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭, ‬سَمِعَت‭ ‬ابْنَتَهَا‭ ‬صَفَاء‭ ‬تُرَدِّدُ‭ ‬بِصَوْتٍ‭ ‬مُرْتَفِعٍ‭ ‬قَصِيدَةً‭ ‬شِعْرِيَةً‭ ‬تَقُولُ‭:‬

أَيَّتُهَــــــــــــــــــا‭ ‬الأَرْضُ

اسْمَعِي‭ ‬وَتَأَمَّلِي‭ ‬هَذِهِ‭ ‬الكَلِـــمَات

الَّتِي‭ ‬أَعْطَيتُ‭ ‬لِلرِّيحِ‭ ‬كَي‭ ‬تَطِـــير‭ ‬إنَّهَا‭ ‬سَتَقعُ‭ ‬فِي‭ ‬أَحْشَائِكِ‭ ‬وَتُفَرِّخ‭ ‬كَفَى،‭ ‬كَفَانَا‭ ‬عِرَاكاً‭ ‬لاَ‭ ‬نَوَدُّ‭ ‬أَرْضاً‭ ‬وَدِمَــاءً‭ ‬إنَّنَا‭ ‬نَنْشُد‭ ‬حُبَّــكِ‭ ‬أيَّتُهَــــــــا‭ ‬الأُمُّ‭ ‬الخِصبَـــــةُ‭ ‬يَا‭ ‬أُمَّ‭ ‬الخُــــبزِ‭ ‬وَالإِنْســــــان‭ ‬بَلْ‭ ‬يَا‭ ‬أُمَّ‭ ‬كُلِّ‭ ‬الخُبزِ‭ ‬وَكُلِّ‭ ‬النَّاس.

 

اتَّجَهَت‭ ‬السَّيِدَّةُ‭ ‬فَاطِمَة‭ ‬لِغُرْفَة‭ ‬ابْنَتِهَا‭ ‬فَوَجَدتْهَا‭ ‬مُنْهَمكَةً‭ ‬فِي‭ ‬حِفْظِ‭ ‬تِلكَ‭ ‬القَصِيدَة‭ ‬فَقَالَت‭ ‬لَهَا‭: ‬مَا‭ ‬الَّذِي‭ ‬جَعَلَكِ‭ ‬تتمرّنين‭ ‬عَلىَ‭ ‬هَذِهِ‭ ‬القَصِيدَة‭ ‬الشِّعْرِيَّة‭ ‬الجَمِيلَةَ‭?! ‬لاَبُدَّ‭ ‬أَنَّ‭ ‬أُسْتاذَ‭ ‬اللُّغَةِ‭ ‬العَرَبِيَّةِ‭ ‬كَلَّفكُم‭ ‬بِحِفْظِهَا‭.‬

رَدَّت‭ ‬عَلَيْهَا‭ ‬صَفَاء‭: ‬إنَِّها‭ ‬التًّرْجَمةُ‭ ‬العَرَبِيَّةُ‭ ‬لِلْقَصِيدَة‭ ‬الشِعْرِيَّة‭ ‬‮«‬أُغْنِيةُ‭ ‬الأَرْضِ‮»‬‭ ‬للشَّاعِرِ‭ ‬بَابْلُو‭ ‬نِيرُودَا‭ (‬شَاعِرٌ‭ ‬تْشِيلِي‭) ‬وَعَلَيَّ‭ ‬حِفْظُهَا‭... ‬لأَنَّ‭ ‬نَادِي‭ ‬البيْئة‭ ‬كَلفَّنِي‭ ‬بِإِلْقَائِهَا‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬الأرض‭ ‬العالمي‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬المُؤْتَمَرِ‭ ‬العَالَمِي‭ ‬لِلْمَنَاخِ‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬عقد‭ ‬في‭ ‬مراكش‭ ‬نوفمبر‭ ‬2016‭.‬

رَدَّت‭ ‬أُمُّهَا‭ ‬مندهشة‭: ‬مُؤْتَمَر‭ ‬المَنَاخِ‭ ‬بِمُراكُش‭!!‬

فَقَالَت‭ ‬صَفَاء‭: ‬نَعَم‭ ‬يَا‭ ‬أُمِّي‭... ‬لَقَد‭ ‬احتضنت‭ ‬المَغْربِ‭ ‬قِمَّةَ‭ ‬المَنَاخِ‭ ‬فِي‭ ‬دَوْرتِهَا‭ ‬الثَّانِيَةِ‭ ‬وَالعِشْرينَ‭, ‬وحْضُرهَا‭ ‬أَكْثر‭ ‬مِن‭ ‬أَربَعِينَ‭ ‬رَئِيس‭ ‬دَوْلَة‭, ‬ونحو‭ ‬سِتِّينَ‭ ‬رَئِيسَ‭ ‬حُكُومَة‭ ‬مِن‭ ‬مُخْتَلف‭ ‬القَارات‭.‬

فَقَالَت‭ ‬الأُمُّ‭ ‬لِصَفَاء‭: ‬كُلُ‭ ‬هذه‭ ‬الشَّخْصيَات‭ ‬تركت‭ ‬بُلْدَانَهُا‭ ‬فَقَط‭ ‬لِدِرَاسَة‭ ‬مَنَاخ‭ ‬الكُرةِ‭ ‬الأَرْضِيَةِ‭؟!...‬

رَدَّت‭ ‬صَفَاء‭: ‬لاَ‭ ‬تَسْتَهِينِي‭ ‬بِالمَوضُوعِ‭ ‬يَا‭ ‬أُمِّي‭... ‬فَالأَرضُ‭ ‬وَصَلَت‭ ‬إلى‭ ‬حَالَةِ‭ ‬مَرضٍ‭ ‬حَرِجَةٍ‭ ‬وَخَطِيرَةٍ‭, ‬وَتَحتَاجُ‭ ‬تَدَخُّلاً‭ ‬عاجلاً‭ ‬مِن‭ ‬الإِنْسَانِ‭ ‬ليُنْقذَهَا‭, ‬لأِنَّهُ‭ ‬كَانَ‭ ‬سَبَباً‭ ‬فِي‭ ‬تَدهْوُرهَا‭... ‬وَإِن‭ ‬لَمْ‭ ‬يَجِد‭ ‬الإِنسانُ‭ ‬حَلاًّ‭ ‬سَرِيعاً‭ ‬فسَيَتِمُّ‭ ‬القَضَاء‭ ‬عَلىَ‭ ‬أَيِّ‭ ‬بَذْرَةِ‭ ‬حَيَاةٍ‭ ‬عَلىَ‭ ‬وَجْهِ‭ ‬الأَرضِ‭.‬

فَسَأَلت‭ ‬الأُمُّ‭ ‬ابْنَتهَا‭: ‬وَمَا‭ ‬الَّذِي‭ ‬أَصَابَ‭ ‬الأَرضَ‭. ‬لتُصْبِحَ‭ ‬حَالَتُهَا‭ ‬مُزْرِيَةً‭ ‬بِهذَا‭ ‬الشَّكْلِ‭?! ‬إذ‭ ‬يَبدُو‭ ‬لِي‭ ‬المَنَاخُ‭ ‬جَيِّداً‭.‬

رَدَّت‭ ‬عَليهَا‭ ‬صَفَاء‭ ‬بِحُزْنٍ‭: ‬لَقَد‭ ‬أُصِيبَت‭ ‬أَرضُنَا‭ ‬المِسكِينَة‭ ‬بِالاِحْتِبَاس‭ ‬الحَرَارِي‭, ‬وهو‭ ‬ارْتِفاعُ‭ ‬مُتَوَسِّطِ‭ ‬حَرارَةِ‭ ‬الأَرْضِ‭, ‬وَذلِكَ‭ ‬بِسَبَبِ‭ ‬كَثرَةِ‭ ‬المَصَانِعِ‭ ‬الَّتِي‭ ‬تُفْرِزُ‭ ‬غاز‭ ‬ثنائي‭ ‬أُكْسِيد‭ ‬الكَرْبُون‭ ‬وَغَازَ‭ ‬المِيثَان‭, ‬وَهذَا‭ ‬مِن‭ ‬شَأْنِهِ‭ ‬أَنْ‭ ‬يُهَدِّدَ‭ ‬الأَرضَ‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬بِالجَفَافِ‭ ‬مِثلَ‭ ‬المَغْرِبِ‭, ‬فَقَد‭ ‬كَانَ‭ ‬مَنَاخُهَا‭ ‬مُعْتَدلاً‭, ‬فَأَصبَحَت‭ ‬تَطْغَى‭ ‬عَليْهِ‭ ‬الأَيَّام‭ ‬السَّاخِنَة‭ ‬أَكثَرُ‭ ‬مِن‭ ‬الأَيَّامِ‭ ‬المُمْطِرَةِ‭, ‬بَل‭ ‬الأَكْثَر‭ ‬مِن‭ ‬ذَلكَ‭, ‬إن‭ ‬العُلَماء‭ ‬َصنَّفُوا‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬مِن‭ ‬أَكثَر‭ ‬الأعوام‭ ‬سُخُونَةً‭ ‬عَلىَ‭ ‬مَرِّ‭ ‬التَّارِيخِ‭. 

فَقَالَت‭ ‬الأُمُّ‭ ‬مَذْعُورَةً‭: ‬يَا‭ ‬إِلَهِي‭!... ‬إِنَّ‭ ‬الأَمْرَ‭ ‬خَطِيرٌ‭ ‬حَقاً‭! ‬فَالأَرضُ‭ ‬عِندَمَا‭ ‬سَتَجِفُّ‭ ‬سَتُصْبِحُ‭ ‬مِثلَ‭ ‬الصَّحْراءِ‭, ‬وَرُبَّمَا‭ ‬تَذُوبُ‭ ‬ثُلُوجُ‭ ‬القُطْبِ‭ ‬الشَّمَالِي‭ ‬فَيَرتَفِعُ‭ ‬مُسْتَوى‭ ‬مِيَاه‭ ‬البَحْر‭ ‬فَيَغْرَق‭ ‬الكُلُّ‭!‬

فَسَألَت‭ ‬الأُمُّ‭ ‬صَفَاء‭: ‬ومَا‭ ‬الإِجْرَاءات‭ ‬التِّي‭  ‬اتَّخَذتْهَا‭ ‬هَذِهِ‭ ‬الدُّوَلُ‭ ‬لِلْحَدِّ‭ ‬مِن‭ ‬هَذَا‭ ‬الاِحْتِبَاسِ‭ ‬الحَرَارِي‭؟

ردَّت‭ ‬صَفَاء‭: ‬هُنَاكَ‭ ‬العَدِيد‭ ‬مِنَ‭ ‬الاِلْتِزَامَات‭, ‬فَالدُّولُ‭ ‬المُشَارِكةُ‭ ‬الْتَزَمَت‭  ‬بِالبَحْثِ‭ ‬عَن‭ ‬طَاقَاتٍ‭ ‬بَدِيلَةٍ‭ ‬تقلل‭ ‬من‭ ‬انبعاث‭ ‬المِيثَانْ‭ ‬وثنائي‭ ‬أُكْسِيد‭ ‬الكَربُون‭ ‬لِتَشْغِيلِ‭ ‬مَصَانِعِهَا‭ ‬مِثْلَ‭ ‬الطَّاقَةِ‭ ‬الشَّمْسِيَّةِ‭, ‬والمَغربُ‭ ‬أَنْشَأ‭ ‬أَكبَرَ‭ ‬مَحَطَّةٍ‭ ‬لِتَولِيدِ‭ ‬الطَّاقَةِ‭ ‬الشَّمْسِيَّةِ‭ ‬بِإفْرِيقْيَا‭, ‬أَمَّا‭ ‬الدُّوَلُ‭ ‬المُصَنِّعَةُ‭ ‬مِثْلَ‭ ‬فَرنْسَا‭ ‬وَإِيطَالْيَا‭ ‬وَأَلمَانْيَا‭, ‬فَقَد‭ ‬تَخَلَّت‭ ‬بِصِفَةٍ‭ ‬نِهَائِيَّةٍ‭ ‬عَن‭ ‬اسْتِعمَالِ‭ ‬الفَحْمِ‭ ‬الحَجَرِيِّ‭ ‬فِي‭ ‬مَصَانِعِهَا‭ ‬وَعَوَّضَتْهَا‭ ‬بِنِفَايَاتٍ‭ ‬مُدَوَّرَةٍ‭ ‬صَدِيقَةٍ‭ ‬لِلْبِيئَةِ‭.‬

فَقَاطَعَتْهَا‭ ‬أُمُّهَا‭: ‬فِكْرةٌ‭ ‬عَبْقرِيَّةٌ‭, ‬مِنْها‭ ‬نَتَخَلَّصُ‭ ‬مِن‭ ‬النِّفايَاتِ‭ ‬وَمِنهَا‭ ‬نَحْمِي‭ ‬أرْضَنَا‭!‬

وَتَابَعت‭ ‬صَفَاء‭ ‬كَلامَهَا‭: ‬وَلَيسَ‭ ‬هَذَا‭ ‬كُلُّ‭ ‬شيء‭, ‬فَالكُويتُ‭ ‬بِقِيَادَة‭ ‬أميرها‭ ‬صَاحِب‭ ‬السُّمُو‭ ‬الشَّيْخ‭ ‬صَبَاح‭ ‬الأَحْمَد‭ ‬الجَابِر‭ ‬الصُّبَاح‭, ‬كانت‭ ‬من‭ ‬أَهَمِّ‭  ‬المُشَارِكِينَ‭ ‬فِي‭ ‬قِمَّةِ‭ ‬المُنَاخِ‭ ‬بِمُراكُش‭,  ‬وكَانَت‭  ‬قَرَارَتُهَا‭ ‬شُجَاعَةٌ‭ ‬فِي‭ ‬التَّعَاملِ‭ ‬مَعَ‭ ‬التَّغَيُّرِ‭ ‬المُنَاخِي‭, ‬فَقَد‭ ‬قَررت‭ ‬عَلىَ‭ ‬لِسَان‭ ‬أَميرِهَا‭ ‬إِعادَة‭ ‬هَيكَلةِ‭ ‬صِنَاعَاتِهَا‭ ‬النِّفطِيَة‭ ‬بِكَامِلِهَا‭ ‬لِلحَدِّ‭ ‬مِن‭ ‬الانبعاثات‭, ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬سَتضُخُّ‭ ‬أَموالاً‭ ‬ضَخمَة‭ ‬لاِسْتِعمالِ‭ ‬الطَّاقَاتِ‭ ‬المُتَجَدِّدَة‭ ‬فِي‭ ‬صِنَاعَاتهَا‭ ‬النِّفْطِيَّة‭, ‬لِكيْ‭ ‬تُخَفِّضَ‭ ‬مِن‭ ‬انْبِعَاثِ‭ ‬الغَازَات‭ ‬المُسَبِّبَة‭ ‬لِلاحْتباسِ‭ ‬الحَرَارِي‭.‬

  ‬فَقَالَت‭ ‬الأُمُّ‭: ‬كَم‭ ‬هَذَا‭ ‬رَائِعٌ‭ ‬حَقاً‭!... ‬فَإذَا‭ ‬ضَحَّت‭ ‬كُلُ‭ ‬دَولَةٍ‭ ‬بِجُزءٍ‭ ‬مِن‭ ‬مُكْتَسبَاتِهَا‭ ‬مِن‭ ‬أجْلِ‭ ‬الأَرْضِ‭, ‬فمن‭ ‬المؤكد‭ ‬أننا‭ ‬يَوماً‭ ‬مَا‭ ‬سَنَنعَمُ‭ ‬بِكوكَبٍ‭ ‬أرْضِي‭ ‬خَالٍ‭ ‬مِنَ‭ ‬المَخَاطِر‭.