أريد أن أكون شاعراً

أريد أن أكون شاعراً

عامر‭ ‬يحب‭ ‬الشعر‭ ‬كثيراً‭ ‬ويحفظه‭ ‬عن‭ ‬ظهر‭ ‬قلب‭ ‬من‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬لقراءته‭.‬

وكان‭ ‬يتمنى‭ ‬لو‭ ‬يستطيع‭ ‬تأليفه‭, ‬وفي‭ ‬مرة‭ ‬وعد‭ ‬معلّمته‭ ‬بقصيدة‭ ‬سيكتبها‭ ‬من‭ ‬أجلها‭.‬

لكنّ‭ ‬عامر‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭, ‬والمعلمة‭ ‬بقيت‭ ‬منتظرة‭.‬

في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬سألته‭ ‬المعلّمة‭: ‬أين‭ ‬القصيدة‭ ‬التي‭ ‬وعدتني‭ ‬بكتابتها‭؟

خجل‭ ‬عامر‭ ‬كثيراً‭ ‬وأطرق‭ ‬رأسه‭ ‬فقالت‭ ‬المعلّمة‭: ‬لا‭ ‬عليك‭, ‬ربما‭ ‬الإلهام‭ ‬لم‭ ‬يأتك‭ ‬بعد‭.‬

الإلهام‭؟! ‬قال‭ ‬عامر‭ ‬بدهشة‭. ‬

نعم‭, ‬الإلهام‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يزورك‭ ‬لكي‭ ‬تستطيع‭ ‬الكتابة‭.‬

ابتسم‭ ‬عامر‭ ‬وقال‭: ‬سأنتظره‭.‬

وحين‭ ‬اجتمع‭ ‬بأصدقائه‭ ‬سألهم‭ ‬أين‭ ‬يسكن‭ ‬الإلهام‭ ‬كي‭ ‬يدعوه‭ ‬إلى‭ ‬زيارته‭؟

‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أحد‭ ‬يعلم‭ ‬بوجوده‭ ‬أصلاً‭.‬

‭ ‬أحد‭ ‬الصبية‭ ‬الأكبر‭ ‬منهم‭ ‬بسنتين‭ ‬سمعه‭, ‬فقال‭ ‬له‭: ‬الإلهام‭ ‬يزور‭ ‬من‭ ‬يوفر‭ ‬له‭ ‬الجو‭ ‬المناسب‭, ‬قال‭ ‬ذلك‭ ‬وابتعد‭.‬

حين‭ ‬عاد‭ ‬عامر‭ ‬إلى‭ ‬المنزل‭ ‬طلب‭ ‬من‭ ‬أمه‭ ‬تجهيز‭ ‬الشاي‭ ‬فربما‭ ‬اليوم‭ ‬زارهم‭ ‬الإلهام‭, ‬لم‭ ‬تفهم‭ ‬أمه‭ ‬قصده‭ ‬لكنها‭ ‬ابتسمت‭.‬

انتظر‭ ‬وانتظر‭ ‬وانتظر‭, ‬لم‭ ‬ينم‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الليلة‭ ‬وهو‭ ‬يضع‭ ‬أكواب‭ ‬الشاي‭ ‬على‭ ‬المنضدة‭ ‬بانتظار‭ ‬الإلهام‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يأت‭.‬

في‭ ‬الصباح‭ ‬وفي‭ ‬طريقه‭ ‬للمدرسة‭ ‬صادف‭ ‬أصدقاءه‭ ‬وسألوه‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬الإلهام‭ ‬أتى‭ ‬لزيارته‭؟!‬

فرد‭ ‬بحزن‭ ‬شديد‭: ‬لا‭.‬

قال‭ ‬أحد‭ ‬الأصدقاء‭: ‬عندي‭ ‬فكرة‭!‬

ما‭ ‬هي‭؟!‬

ربما‭ ‬الإلهام‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحي‭ ‬يسكن‭ ‬شاعر‭.‬

وما‭ ‬العمل‭؟!‬

نكتب‭ ‬على‭ ‬لافتة‭ ‬كبيرة‭ ‬هنا‭ ‬يسكن‭ ‬شاعر‭ ‬ونرسم‭ ‬سهاماً‭ ‬يستدل‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬بيتك‭, ‬ما‭ ‬رأيك‭؟

فكرة‭ ‬حلوة‭.‬

أعجب‭ ‬الأصدقاء‭ ‬جميعاً‭ ‬بها‭ ‬وبعد‭ ‬المدرسة‭ ‬بدأوا‭ ‬بتنفيذها‭.‬

جلس‭ ‬عامر‭ ‬ينتظر‭ ‬الإلهام‭... ‬وفجأة‭ ‬قُرع‭ ‬جرس‭ ‬المنزل‭ ‬فأسرع‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭.‬

‭ ‬ويا‭ ‬لسعادته‭ ‬حين‭ ‬وجد‭ ‬رجلاً‭ ‬لا‭ ‬يعرفه‭ ‬يقف‭ ‬على‭ ‬الباب‭, ‬ويسأل‭: ‬هل‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬منزل‭ ‬الشاعر‭ ‬عامر‭؟

نعم‭, ‬قال‭ ‬بفخر‭: ‬معك‭ ‬الشاعر‭ ‬عامر‭.‬

إذن‭ ‬لو‭ ‬سمحت‭ ‬اذهب‭ ‬وانزع‭ ‬تلك‭ ‬اللافتة‭ ‬غير‭ ‬المرخصة‭ ‬إنها‭ ‬تسيء‭ ‬لشكل‭ ‬الشارع‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬الأسهم‭.‬

ماذا‭? ‬أنت‭ ‬لست‭ ‬الإلهام‭? ‬يا‭ ‬لتعاستي‭!‬

أنا‭ ‬موظف‭ ‬حكومي‭ ‬وأنفذ‭ ‬واجبي‭ ‬فقط‭.‬

وهذه‭ ‬الخطة‭ ‬أيضاً‭ ‬فشلت‭, ‬قال‭ ‬عامر‭ ‬لأصدقائه‭. ‬

لكن‭ ‬صديقه‭ ‬قال‭ ‬له‭: ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬لم‭ ‬يزل‭ ‬لدينا‭ ‬الخطة‭ ‬الأخيرة‭, ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكتب‭ ‬قصيدتك‭.‬

أشكرك‭, ‬ما‭ ‬هي‭ ‬فكرتك‭؟

يجب‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬طبيعة‭ ‬شخصية‭ ‬الإلهام‭ ‬لنعرف‭ ‬أين‭ ‬ممكن‭ ‬أن‭ ‬يسكن‭.‬

نعم‭, ‬فكرة‭ ‬جيدة‭, ‬لكن‭ ‬كيف‭?‬

نسأل‭ ‬المعلّمة‭.‬

اتفقنا‭.‬

وفي‭ ‬نهاية‭ ‬درس‭ ‬المعلّمة‭ ‬لطيفة‭ ‬سأل‭ ‬عامر‭: ‬معلّمتي‭, ‬أرجو‭ ‬أن‭ ‬تخبرينا‭ ‬أين‭ ‬يسكن‭ ‬الإلهام‭ ‬كي‭ ‬أدعوه‭ ‬لزيارتي‭؟‬

ابتسمت‭ ‬المعلّمة‭, ‬وقالت‭: ‬الإلهام‭ ‬ليس‭ ‬شخصاً‭.‬

دُهش‭ ‬الجميع‭ ‬وقالوا‭: ‬ليس‭ ‬شخصاً‭?‬‭! ‬إذن‭ ‬ما‭ ‬هو‭؟!‬

قالت‭ ‬المعلّمة‭ ‬لطيفة‭: ‬إنّه‭ ‬شيء‭ ‬يأتي‭ ‬إلى‭ ‬عقل‭ ‬الشاعر‭ ‬فيفكر‭ ‬به‭ ‬ويصيغه‭ ‬بكلمات‭ ‬جميلة‭, ‬إنه‭ ‬الفكرة‭ ‬التي‭ ‬تخطر‭ ‬في‭ ‬البال‭.‬

ابتسم‭ ‬عامر‭, ‬وقال‭: ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬أنني‭ ‬إن‭ ‬فكرت‭ ‬بالزهور‭ ‬فيمكن‭ ‬أن‭ ‬أكتب‭ ‬كلمات‭ ‬تشبهها‭؟!‬

ضحكت‭ ‬المعلمة‭ ‬وقالت‭: ‬تماماً‭, ‬فإن‭ ‬كانت‭ ‬كلماتك‭ ‬بجمال‭ ‬الزهر‭ ‬أصبحت‭ ‬شاعراً‭, ‬فلتحاول‭.‬

نعم‭, ‬سأحاول‭ ‬أن‭ ‬أفكر‭ ‬بالنجوم‭ ‬وأكتب‭ ‬كلمات‭ ‬مضيئة‭ ‬مثلها‭.‬

يا‭ ‬الله‭ ‬ما‭ ‬أجمل‭ ‬كلماتك‭ ‬يا‭ ‬عامر‭! ‬أعتقد‭ ‬أنك‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬شاعر‭ ‬المدرسة‭.‬

صفق‭ ‬الجميع‭ ‬فخورين‭ ‬بعامر‭ ‬الذي‭ ‬شكر‭  ‬أصدقاءه‭ ‬لأنهم‭ ‬حاولوا‭ ‬معه‭ ‬اكتشاف‭ ‬الإلهام‭.‬