أبنائي الأعزّاء

أبنائي الأعزّاء

ها‭ ‬نحن‭ ‬نُقبل‭ ‬على‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬عامًا‭ ‬استثنائيًا‭ ‬مليئًا‭ ‬بالأحداث‭ ‬غير‭ ‬المتوقّعة‭ ‬والمفاجئة،‭ ‬والتي‭ ‬دفعتنا‭ ‬إلى‭ ‬العزلة‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الأهل‭ ‬والأصدقاء،‭ ‬والاكتفاء‭ ‬بأسرتنا‭ ‬الصغيرة‭ ‬المحيطة‭ ‬بنا،‭ ‬وقضاء‭ ‬الأعياد‭ ‬والمناسبات‭ ‬برفقتها،‭ ‬وخلَت‭ ‬الفصول‭ ‬الدراسية‭ ‬بالمدارس‭ ‬والجامعات‭ ‬من‭ ‬التلاميذ‭ ‬والطلاب‭ ‬الذين‭ ‬استكملوا‭ ‬تعليمهم‭ ‬عبر‭ ‬التطبيقات‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬كما‭ ‬تجنّب‭ ‬الناس،‭ ‬وبقدر‭ ‬استطاعتهم،‭ ‬المخالطة‭ ‬والملامسة،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬طريقة‭ ‬المصافحة‭ ‬لإلقاء‭ ‬التحية‭ ‬تغيّرت‭ ‬تمامًا،‭ ‬واقتصرت‭ ‬على‭ ‬الإشارة‭ ‬أو‭ ‬الإيماء‭ ‬بموافقة‭ ‬كل‭ ‬الأطراف‭. ‬

ووسط‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الأحداث‭ ‬العصيبة،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬سنة‭ ‬مليئة‭ ‬بالدروس‭ ‬القيّمة‭ ‬والمفيدة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬نكن‭ ‬سنتلقّاها‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬والجامعة،‭ ‬حيث‭ ‬استرجعنا‭ ‬أهمية‭ ‬وضرورة‭ ‬النظافة‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬أنفسنا‭ ‬وعلى‭ ‬الآخرين،‭ ‬واكتشفنا‭ ‬مهارات‭ ‬جديدة‭ ‬ظهرت‭ ‬وتطوّرت‭ ‬إثر‭ ‬بقائنا‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة،‭ ‬كالطبخ‭ ‬وإعادة‭ ‬تدوير‭ ‬الأشياء،‭ ‬وتواصلنا‭ ‬أكثر‭ ‬مع‭ ‬مَن‭ ‬هم‭ ‬حولنا،‭ ‬كالجيران‭ ‬وسكّان‭ ‬الحيّ،‭ ‬وشعرنا‭ ‬بأهمية‭ ‬العلاقات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬حين‭ ‬انقطعت‭ ‬اللقاءات‭ ‬مع‭ ‬مَن‭ ‬نحب‭. ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬البعض‭ ‬منا‭ ‬أدرك‭ ‬ضرورة‭ ‬ممارسة‭ ‬الرياضة‭ ‬والحركة،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬بأبسط‭ ‬صورها،‭ ‬كالمشي‭. ‬لقد‭ ‬استوعبنا‭ ‬أيضًا‭ ‬قيمة‭ ‬المال‭ ‬وضرورة‭ ‬الادّخار،‭ ‬وراجعنا‭ ‬نمط‭ ‬استهلاكنا‭ ‬اليومي،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬النقود‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الأطعمة‭.‬

أبنائي‭ ‬الأعزاء،‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نستعد‭ ‬لاستقبال‭ ‬العام‭ ‬الجديد‭ ‬2021،‭ ‬بقائمة‭ ‬أهداف‭ ‬جديدة،‭ ‬ولا‭ ‬مانع‭ ‬أن‭ ‬تتضمن‭ ‬أهداف‭ ‬2020‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تُنجز،‭ ‬فكتابة‭ ‬الأهداف‭ ‬وطرق‭ ‬تحقيقها‭ ‬اليوم‭ ‬يُعدّ‭ ‬تخطيطًا‭ ‬لما‭ ‬تودّ‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬الغد،‭ ‬وذلك‭ ‬أمر‭ ‬مهم‭ ‬جدًا‭ ‬لأنه‭ ‬يوضح‭ ‬رغباتنا،‭ ‬ويساعدنا‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬مستقبلنا،‭ ‬ويُسهِّل‭ ‬علينا‭ ‬تجاوز‭ ‬العقبات‭ ‬والعراقيل‭. ‬وأهم‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬التخطيط‭ ‬للمستقبل‭ ‬أن‭ ‬نضع‭ ‬خططًا‭ ‬بديلة‭ ‬تسهِّل‭ ‬علينا‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬هدف‭ ‬من‭ ‬الأهداف‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬استجدّت‭ ‬ظروف‭ ‬طارئة‭ ‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬إرادتنا‭. ‬

يقول‭ ‬هنري‭ ‬فورد‭ ‬مؤسس‭ ‬شركة‭ ‬فورد‭ ‬لصناعة‭ ‬السيارات‭: (‬كلما‭ ‬لاح‭ ‬النجاح‭ ‬نتيجة‭ ‬التخطيط‭ ‬الجيد‭ ‬والمثابرة‭ ‬المستمرة‭ ‬مقرونَين‭ ‬بالفرصة‭ ‬المواتية،‭ ‬اعتبر‭ ‬الناس‭ ‬ذلك‭ ‬حظًا‭). ‬خطِّطوا‭ ‬وثابِروا‭ ‬وانتهزوا‭ ‬الفرص‭ ‬لتكونوا‭ ‬أكثر‭ ‬الناس‭ ‬حظًا‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الجديد‭.‬