متحف الفايكينغ بالنّرويج حكاية أشهر وأقدم قراصنة العالم

أصدقائي الأعزّاء، من دون شكّ فإنكم تحبّون القصص التي يكون أبطالها قراصنة، لأنّها في الغالب تكون شائقة، خصوصًا إذا كان هؤلاء القراصنة يبحثون عن كنز قديم قابع في أعماق البحار والمحيطات، لذلك سأرحل بكم لمتحف يحكي عن قراصنة حقيقيين، اشتهروا في العالم بأسره، ونُسجت حولهم القصص المصوّرة، والأفلام العالمية، والمسلسلات الكارتونية، أشهرها المسلسل الكرتوني فيكي الفايكينغ الصّغير، بقبّعته الحديدية المنمّقة بقرني ثور على جانبيها. إنّها حضارة قراصنة الفايكينغ VIKING، بمنطقة إسكندنافيا بأوربّا، فهيّا بنا نكتشف المتحف وما فيه من تُحف نادرة تحكي عن حضارة هؤلاء القراصنة.
في البداية، فإن كلمة فايكينغ باللّغة النّوردية تعني قراصنة بحر الشّمال، الذين نشؤوا في الفترة الممتدّة ما بين 793م و1066م، واتّخذوا الجزء الشّمالي من المحيط الأطلسيّ مقرًّا لتأسيس حضارتهم. ورغم أنّ الفايكينغ كانوا قراصنة بحر شرسين، لكنّ كلًا من النرويج والسويد والدانمارك تعتبر فترة حكمهم جزءًا مهمًا من تاريخها، ويستحقّ التّوثيق.
والفايكينغ، كما تحكي كتب التّاريخ، عُرفوا بقوّتهم وقدراتهم الجسدية على تحمّل البرد القارس جدًا، فهم كانوا يشنون هجماتهم عبر الملاحة البحرية، وفي فترة حكمهم لم تستطع الشّعوب صدّهم، فسيطروا على آيسلندا وبريطانيا، وأمريكا الشّمالية والمناطق الإسكندنافية، وبعض الجزر في أوربا، وعلى جزء كبير جدًا من المحيط الأطلسي، الشيء الذي جعلهم أغنياء جدًا.
ظلّت مسألة وصول الفايكينغ إلى أمريكا أمرًا مشكوكًا فيه، حتى قادت العالمة آن ستين إنغستاد النرويجية وزوجها هيلج إنكستاد فريقًا دوليًا لأمريكا، وبعد البحث في منازل أثرية قديمة بين 1961م و1968م تمكن الفريق من العثور على دبّوس من البرونز كان الفايكينغ يستخدمونه لسدّ ستراتهم الصّوفية، ووجدوا أكثر من 1000 قطعة أثرية، أثبتت قَطعًا استيطان الفايكينغ بأمريكا، لذلك ستجدون تمثالين لهذين الزّوجين بمدخل المتحف تمّ نحتهما سنة 2001م.
المتحف مبنى هرميّ جميل جدًا، يقع في جزيرة بايكدوي التي تبعد بعض الكيلومترات عن عاصمة النّرويج أوسلو، وقد تمّ فتحه في وجه الزّوار سنة 1926م. يضمّ المتحف السفن التي عثر عليها علماء الآثار والبحار في المناطق الّتي استقرّ بها الفايكينغ، والمتجوّل بالمتحف سيلاحظ أن سفن الفايكينع تتميّز بطولها ومقدماتها الحادّة والممتدة، كما تحمل صورة وحش أسطوري كان الفايكينغ يعتقدون بوجوده بالبحر الشّمالي، لذلك كانوا ينحتون صورته على سفنهم لتفادي شرّه، ولقد ذكرت كتب تاريخ الفايكينغ أن هذا الوحش قد هاجم الفايكينغ مرة ليلًا فكبّدهم خسائر كبيرة، ولكن يا أحبّتي تبقى مجرّد قصّة خرافية لا أساس لها من الصّحة.
متحف النرويج ليس الوحيد الذي يحمل تُحف الفايكينغ، بل يوجد متحف للفايكينغ بالسويد وبالدانمارك، بحكم أن الفايكينغ اتّخذوا من المنطقة الإسكندنافية عاصمةً لحضارتهم.
المتحف يضم سفنًا وقوارب عدّة صنعها الفايكينغ للملاحة البحرية، من بينها أشهر ثلاث سفن استخدموها في قرصنتهم وصيدهم البحري، وهي في حالة جيدة، وهي: سفينة تونا، وسفينة أوسيبيرغ، وسفينة يوكستاد، وهي سفن تحمل نقوشًا عبارة عن تخريم، إما بشكل طولي، أو بشكل شبكي جميل، والواقف أمامها يطرح أسئلة عدة، من مثل: كيف استطاعوا بأدوات بدائية أن ينحتوا هذه النقوش الجميلة.
كما يحوي المتحف إلى جانب هذه السفن، عربات تجرها الدّواب، كانت تستخدم لحمل البضائع أو لنقل النّاس من منطقة لأخرى، كما استطاع علماء الآثار أن يعثروا على أدوات أخرى تُعرض بالمتحف استخرجوها من مدافنهم بمنطقة بورا بالنّرويج، تثبت التقدم الكبير لحضارة الفايكينغ. فقد كان الفايكينغ عندما يموت أحد أفرادهم، يضعونه في سفينة برفقة ممتلكاته ويدفنونه في الأرض برفقة السّفينة. ومن بين هذه الممتلكات التي وجدوها، مشط ودروع حديدية حربية، ورماح وسكاكين حادّة جدًا، وسيوف، وبِذَل حربية، وأوسمة كان قائد الفايكينغ يمنحها للعساكر المتفوّقين في مهامهم.
الجميل في المتحف، أن الزائر بإمكانه أن يلبس زيّ الفايكينغ الحقيقي، ويصعد سفينةً حقيقيةً، ويأخذ صورةً، وكأنّه قرصان فايكينغ حقيقي!.