نجمة في أعماق البحار

نجمة  في أعماق البحار

كانت هناك سمكة اسمها السمكة الطائرة، تعيش في أعالي البحر، لها أجنحة مثل الطيور، تسبح وتطير، وتحب السفر والاستكشاف. 
تقول السمكة الطائرة لنفسها: بمزيد من الجهد سأتحوّل إلى صاروخ، وبمزيد من التدريبات سأخترق الفضاء. سأنجح يومًا في اصطياد نجمة من نجوم السماء العالية، سأجلبها إلى أعماق المحيط المظلمة، حينئذ سيتبدّد الظلام في أعماق المحيط، ويحلّ النور والسلام. 

 

أأووف، ينبغي أن أتوقّف عن الأحلام الآن، وأهرب من سفينة الصيّاد القادمة تجاهي. حسنًا! لن تتمكّني منّي أيتها السفينة وأيها البشريّ العنيد، فأنا أسير بسرعة 70 كيلومتر في الساعة، و سوف أُريكم قفزتي الجهنمية «هوووب...»، وأيضًا قفزة صاروخية أكبر «هللالاهوب». يمكنني الآن أن أضحك فقد نجحت بامتياز واختفى الصياد، وعدتُ إلى أعماق البحار لِأتناول الطعام، فطُول الانطلاق أصابني بالجوع.
- المحارة: ما الذي يضحكك أيتها السمكة المجنّحة؟
- السمكة الطائرة: تفوّقت على سفينة عجيبة وصيّاد غريب، ونجوت من الموت، ألا يستحق ذلك الضحك؟!
- المحارة: نعم، لكن الإنسان يخترع أشياء أقوى وأسرع باستمرار، لذا عليك الاستعداد الدائم للخطر المتكرّر.
- السمكة الطائرة: سينتهي الخطر، وتنتهي عداوة الإنسان.
- ضحكت المحارة: هل ستتحوّلين إلى سمكة دولفين؟
- السمكة الطائرة: سوف أصل إلى السماء البعيدة، وأجلب نجمة إلى أعماق البحر.
- ضحكت المحارة، وقالت: هذا لم يحدث من قبل، وكيف يمكن أن يحدث؟
- السمكة الطائرة: لا، بل، سيحدث بمزيد من التدريب والعمل.
- المحارة: وما علاقة اصطياد نجمة بانتهاء عدواة الإنسان لنا؟
- السمكة الطائرة: بعد اصطياد النجمة، سأصنع حفلة وأدعو البشر والكائنات البحرية، وحين ينزل البشر بغوّاصاتهم ويرون جمال الأعماق ستختفي عداوتهم، ويمتنعون عن إيذائنا، وسيستمتعون معنا بجمال الأعماق.
- المحارة: لكن، ماذا عن الكائنات المفترسة في أعماق المحيط؟ ألم تفكّري؟ قد تؤذي الإنسان وتؤذيك، وتفسد السلام.
- السمكة الطائرة: لا، ستتغيّر بعد تبديدنا للظلام ولن تصير مفترسة، سينتهي التوحّش، صدّقيني.
فجأة، استأذنت السمكة صديقتها المحارة، وذهبت سريعًا إلى سطح البحر لتتدرّب وتحاول اصطياد النجمة، تطير لأعلى ثم تسقط «دووووم». تحاول مجدّدًا بكل قوّتها وتسقط «دديييووو». و بعد تفكير، ذهبت السمكة لتتدرّب في منطقة الشعاب المرجانية، لكونها أصعب وستزيد من قوّتها، وظلّت تتدرّب في النهار المضيء من أجل الفوز بنجوم الليل الساحر. وبعد تدريبات كثيرة، بدأت السمكة تطير كالصاروخ، وبرغم التعب والإرهاق إلا أنها نجحت وقفزت كالصاروخ إلى السماء العالية «ززززموووم»، وفُوجئت بجسدها يلمع فجأة بشكل غريب، وأنها تشعر بدفء خاصّ. واستمرّت تقفز لأعلى، ففوجئت بنفسها فوق إحدى النجوم، فأمسكت السمكة بالنجمة، وجعلت نفسها تحيط بجناحَيها أحد أطرافها الصخرية وتجذبها بكل قوة، لكن النجمة ثقيلة وكبيرة جدًا، فانفجرت النجمة من الضحك بشكل عجيب، وقالت: ماذا بك أيتها السمكة؟! 
- السمكة: أرغب بأن آخذك إلى أعماق البحار لأضيئها.
- النجمة: أنا أكبر منك بملايين المرّات، لا تستطيعين أن تأخذيني.
- حزنت السمكة، وقالت: إذن، أرجوك أيتها النجمة تعالي معي.
- النجمة: إن ذهبت هناك لن أضيء، أنا لا أضيء إلا في وطني السماء.
- السمكة وهي حزينة: كيف تقولين ذلك؟ إنك تفسدين حلم حياتي.
- النجمة: هذه مشكلتك أنك بنيتِ حلمك على شيء لا تعلمينه.
- السمكة: أرجوك، حاولي وانزلي معي، أرجوك، وإلا ماذا سنفعل في قاع البحار؟!
- النجمة: وماذا لديكم هنالك؟
- السمكة: صراع كبير، وحروب، ودماء، وتلوّث، ومشكلات ضخمة. وعندما تنزلين ستنتهي المشكلات ويحلّ السلام.
- النجمة: هنا سعادتي أنا وتعاستك أنت، لو نزلت معك سأموت، لكن، يمكنني معاونتك، ليصير لديكم ضوء النجمة داخل أعمال البحار.
- السمكة: كيف ذلك؟
- النجمة: حين تجدين مَن يحبونك، وتعيشون وتعملون معًا، تستطيعون صناعة الضوء، وستظهر الكائنات المضيئة، والدنيا ستتغيّر كثيرًا.
شكرت السمكة النجمة، وانطلقت تبحث عمّن يحبونها، وحينها انتشر ضوء النجوم في أعماق البحار، وبُنِيَ معبر إلى أعماق المحيط، فامتنع البشر عن إيذاء الكائنات البحرية وتلويث البحر. 
وعرفانًا بِدَور السمكة الطائرة قامت الكائنات البحرية بإقامة تمثال لها، وكتبت أسفله «السمكة الطائرة التي أوصلت الضوء والسلام لِأعماق المحيط».