حكايات إينـاس ... حكايتي في حديقة الحيوانات

حكايات إينـاس ... حكايتي في حديقة الحيوانات

حلَّ المساء بحديقة الحيوانات وأنا جالسة على حافّة حوض السمك، وبالي مشغول، حتى إني لم أسمع صفّارة الحارس تعلن عن حلول وقت إغلاق الحديقة.
- اقترب الحارس منّي، وسألني: ماذا تنتظرين هنا أيتها البنت؟!
- أجبته: إنني أنتظرهما، لقد ذهبا ليحضرا لي عودًا طويلًا.
- لم يفهم الحارس كلامي، لأنه سألني مرةً ثانيةً: هما! من يكونان؟ ولماذا تريدين عودًا طويلًا؟!
- أجبته وأنا أشير إلى مكان بعيد في الحوض: لأزيل ذلك الكيس البلاستيكي من الماء، هناك، أتراه؟ إنه يزعج الأسماك، ويلوّث الماء، ويفسد صفاء الحوض وجماله! 
- نظر الحارس إلى حيث أشرت، وحين أبصر الكيس، التفت إليّ وهو يبتسم: معك الحق، ما كان ينبغي لِمَن رمى الكيس في الحوض أن يفعل ذلك! عودي الآن يا صغيرتي إلى بيتك، سأتكفّل أنا بالكيس.
- رفعت صوتي دون أن أشعر: لا يمكن لي أن أذهب يا سيّدي! إنني أنتظرهما!
- سألني الحارس: أبوك وأمك؟!
- أجبته: كلا! فتىً وفتاة شاهداني أحاول إخراج الكيس من الحوض، فقالا لي: انتظرينا هنا، سنأتي لك بعود طويل!. 
- عندئذ، قال لي الحارس: ربما انشغلا بشيء آخر ونسِياك يا صغيرتي، فاتركي أمر الكيس لي لأن هذا عملي، وعودي إلى بيتك. لي أبناء صغار، وأعرف أن الآباء يقلقون كثيرًا إذا حلّ الظلام وأطفالهم بعيدون عن البيت.
- قلت في نفسي: هذا صحيح، لكن الحارس لا يريد أن يفهم أنه لا يمكن لي مغادرة الحوض حتى يعود الفتى والفتاة، بالعود أو بدونه. لقد قالا لي انتظرينا هنا!.
- شرحت هذا للحارس، وأضفت قائلةً: ماذا يظنّان بي إذا عادا ولم يجداني؟!
صمتَ الحارس ولم يقلْ شيئًا. أطرق برأسه يفكر، ثم انحنى عليّ، فقبّل رأسي، وقال لي بلطف:
أنا أنتظر مكانك، لأنني لا أغادر الحديقة إلا بعد خروج جميع الزوّار منها! وعندما يعود الفتى والفتاة أخبرهما أنك مضيت إلى أهلك كي لا يقلقوا عليك!
- هذه المرّة، اقتنعت بكلام الحارس، فقلت له: إذن، لا تتحرّك من هنا حتى يرجعا، وقدّم لهما اعتذاري!
- ركضتُ مسافةً قصيرةً، ثم اِلتفَتُّ إليه، وصحتُ بأعلى صوتي: ولا تنسَ الكيس يا سيّدي!