الغدد الدرقية مصدر نشاطنا وحيوِيتنا
عَادَت سُمَيَّة إِلىَ البَيتِ مُتَأَخِّرةً كَثِيراً مِنَ الثَّانَويَةِ، فَوجَدَت أبَويْهَا قَلقَينِ جِدًّا عَليهَا فَسَألاَهَا قَائِليْن: لِمَاذَا كُلُّ هَذا التَّأَخُّر عَن الَبيتِ يا بُنَيتِي؟
أَجَابتْهُمَا: إنَّ النَّادِي الصِّحِّي بِالثَّانَويةِ قَد اسْتَدعَى دُكتُوراً مُخْتَصًّا فِي عِلاجِ أمْراضِ الغُدَدِ الدَّرقِيَةِ، ليُوَضِّح للتَّلاميذِ أهَمِّيَة هِذهِ الغُدَدْ وَذلكَ بِمناسَبةِ اليَومِ العَالَمِي للغُدَّةِ الدَّرقِيَّة الَّذِي يُصادفُ 25مَايُّو منْ كُلِّ سَنةٍ، وَلقَد كُنْتُ غَيرَ مُبالِيةٍ للْمَوضُوعٍ، لأَنِّي أَظُنُّ أنَّ هَاتهِ الغُدَد لَيسَ لَهَا دَورٌ مُهِمٌّ فِي الجِسمِ، لَكنْ صَديقَتِي فَاطِمَة أَصَرَّت عَلَى أنْ نَحضرَ لبِدايَةِ النَّدوةِ وَبعدَ ذَلكَ نَنْسَحِب.
وَتَابَعت كَلاَمَهَا: لَكنْ عِندمَا بَدأتُ أنُصتُ للدُّكْتُور اكتَشَفَت أنَّ هَذَا العُضْو مُهِمٌّ جِداًّ للجِسْمِ، بَل لَولاهُ لَمَا اسْتطعنَا القِيامَ بِأَيِّ عَملٍ بِنشَاطٍ وَحَيوِيَّةٍ.
ردَّ الأَبُ: وَااااااااااوْ...! لَقَد شَوَّقْتِينَا لنَعرفَ أَهَمِّيَةَ هَذَا العُضْو...! هَيَّا احكي لَنَا!!...
فَقَالَت سُمَيَّة: الغُدَّة الدَّرقِيَّة هِيَ عُضْوٌ بُنِيّ يَميلُ إلَى الأَحْمَرِ، تَقعُ فِي العُنُقِ أَمَامَ القَصبةِ الهَوائِيَّةِ وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالفَراشَةِ الَّتِي يَرتَديهَا نَادلُو المَقَاهِي ليُزَيِّنُوا بِها عُنُقَ القَمِيصِ، وَهِيَ غُدَّةٌ صَمَّاء تُطْلِقُ إفْرَازَاتِهَا مُبَاشَرةً فِي الدَّمِ دُونَ الحَاجَةِ لنَقلهِ عَبرَ أيِّ قَناةٍ أو عِرقٍ أوْ شُرْيَان.
فَسَألَ الأَبُ مُنْدَهِشاً: وَلمَاذَا ذَلكَ؟!
رَدَّت سُمَيَّة: لأَنَّ هَذهِ الغُدَّة تُفرزُ هُرمُوناً، عَبرَ خَلايَا كيسية، يُدْعَى التَّايْرُوويدْ، وَهُوَ المَسؤولُ عَن مَدِّ الجِسم بِالطَّاقَةِ، واخْتصَاراً لِلوَقتِ وَحَتَّى يَظَلَّ الجِسمُ مُحَافِظاً عَلىَ حَيويتِهِ وَلاَ يَتوَقَّفَ عَن نَشاطِهِ، تَمُدُّنَا هذهِ الغُدَّة مُباشَرةً بِمَا نَحتاجُه منَ طَاقَةٍ.
وَتَابَعت شَرحَهَا: وَهُرمُونْ التَّايْرُوِويدْ، يَنقسِمُ لهُرْمُونَيْنِ هُمَا: ثَالثُ يُودْ الثِّيرُونِينْ والَّذِي يُرمزُ لَهُ بِـ T3 وَثْيْوُرُوكْسِينْ وَيُرمَزُ لَهُ بِـ T4 وَهذَينِ الهُرمُونَينِ تُراقِبُهُمَا الغُدَّة النُّخَاميةُ بِالمُخِّ بِواسطَةِ هُرمُونْ TSH حَتَّى لاَ يَزيدَا أوْ يَنقُصَا مِن إفْرَازَاتِهِمَا.
فَسَأل الأَبُ سُمَيَّة: وَمَاذَا إنْ نَقصَت أوْ زادت هَذهِ الهُرمُونَات؟
أَجَابَتهُ: فَإنَّ هَذا الأَمرُ يُصبحُ خَطِيراً، حَيثُ يُمكنُ لِمنْ لَهُ اضْطِرابَاتٌ فِي الغُدَّةِ الدَّرقِيَةِ، أنْ تَرتَفعَ عَددُ دَقَّاتُ قَلبِهَ وَيرتَفعَ مُسْتَوَى كُولِسْتِرُولِهِ فِي الدَّمِ، وَيحِسَّ بِالكسلِ وَالخُمُولِ، وَيصابَ بِضعْفٍ بِالعَضلاتِ بِسبَبِ النَّقصِ فِي الكَالْسيُومْ، كَمَا يُمكِنُ أنْ يُصَابَ المَريضُ بجحوظ العَيْنَينِ.
فَقالَتِ الأُمُّ لاِبْنَتِهَا: يَا سُبحَانَ اللهِ! أهَذَا العُضُو الصَّغيرُ يَقُومُ بِهذَا الدَّورِ الكَبِيرِ، فَقَد صَدقَ مَن قَالَ يَجعلُ سِرَّهُ فِي أصْغَرِ خَلقِهِ.
وَتَابَعَت كَلامَهَا بِسُؤَال: وَهَل وَضَّحَ لَكُم الطَّبيبُ كَيفَ يُمكِنُنَا الحِفَاظ عَلىَ هَذَا العُضْو؟
أَجَابَت: لِكَي نُحَافِظَ عَلىَ هَذَا العُضوِ، يَجبُ عَدمُ الإِكثَارِ منْ أَكْلِ المِلحِ، وإنْ أضَفْنَا المِلحَ نُضيفُ مِلعَقَةً صَغيرَةً جِدًّا وَتكونُ مُزَوَّدةً بِاليُودْ. وَنغْسلَ الخُضَرَ وَالفَواكِهَ جَيِّدًا، ونُكثِرَ مِن الرِّيَاضَةِ حَتَى يَتَعَرَّقَ الجِسمَ فَيطردَ الأَمْلاَحَ الزَّائدَةَ فِي الجِسمِ.