كَوْكَبٌ لا انْتِظَارَ فِيْهِ!
يا إِلهَي! مَتَى يَطْلعُ الصَّبَاحُ؟ كم أَنَا مُشْتَاقٌ لِرُؤْيَةِ جَدِّي، جَدَّتِي، أَصْدِقَائِي.. حَتَّى الخِرَاف وأَسْرَاب الحَمَامِ.. ما أَجْمَلَكِ يا قَرْيَتي!
الوَقْتُ يَمْشِي بِبُطْءٍ، والشَّمْسُ قَارَبَتْ على المغِيْبِ، ما زلْتُ أَلْعَبُ بطَائِرَتِي أَمَامَ مَنْزِلِي، أضعها على الأَرْضِ إلى الأمَامِ.. إلى الوَرَاءِ.. إلى الأمَامِ..
بِصَراحَة،ٍ لا أَسْتَطِيْعُ الدِّرَاسَةَ، أَنتظرُ مَوعدَ السَّفَرِ بفَارِغِ الصَّبْرِ، حَتَّى بعدَ أَنْ نَصِلَ، سَأَنْتَظرُ النِّعَاجَ حَتَّى تَلِد، فأنَا أُحبُّ اللعِبَ مَعَ حِمْلانِها، وهَذا يَحْتَاجُ لِوَقْتٍ طَوِيْلٍ.. سَأَنْتَظِرُ.. سَأَنْتَظِرُ.. لا بُدَّ من حَلٍّ.
❈ ❈ ❈
رَكِبْتُ الطَّبَقَ الفَضَائِيَّ، وانْطَلَقْتُ بسُرْعَةٍ مُذْهِلَةٍ، أَنَا مُسَافِرٌ إِلى كَوْكَبٍ لا اِنْتِظَارَ فِيْهِ.
دَخَلْتُ أحدَ الكَواكِبِ الجَمِيْلَة، أَوْقَفْتُ طَبَقِي في مَدِيْنَةٍ غَرِيْبَةٍ، تَبْدُو مُتَحَرِّكَةً مُتَبَدِّلةً بِشَكْلٍ لافِتٍ.
لاحَظْتُ أَنَّ الطِّفْلَ يَكْبرُ بِسُرْعَةٍ، فقَدْ أَصْبَحَ شَابَاً، لَحَظَاتٌ مَرَّتْ فصَارَ كَهْلاً، لَيْسَ هو فَقط، بل كُلُّ مَنْ أَمرُّ بِهم، يَكْبَرون بِسُرْعَةٍ ويَهْرَمُون.
رحْتُ أَصِيْحُ: يا نَاسُ، أَيْنَ أَنَا؟ ما إِنْ يَقِفْ أَيُّ أَحَدٍ ليجِيْبَني، حَتَّى تَخْرُجَ الكَلِمَاتُ منهُ بِسُرْعَةٍ، فلا أَفْهَمُ شَيْئَاً.
ما هذا؟! النَّبَاتَاتُ تَنْمُو بِسُرْعَةٍ غَرِيْبَةٍ! والأَشْجَارُ أَيْضَاً تُزْهِرُ، فَتُثْمِرُ، فتَيْبَسُ، فتَنْمُو من جَدِيْدٍ. أَيُّ كَوكبٍ هذا؟!
لقد شَعَرْتُ بِالجُّوْعِ، تَبْدُو المَطَاعِمُ مُذْهِلَةً في نَظَافتِها، ولكِنْ،كَيْفَ أَسْتَطِيْعُ الحُصُوْلَ على شَطِيْرَةٍ، أَو حَتى لُقْمَة وَاحِدَة؟! لا، ما عدْتُ أُطِيْقُ غَرَائِبَ هَذَا الكَوكبِ.
على ما يَبْدُو، المشْكِلَةُ بِالضَّوْءِ، كَيْفَ لم أَنْتَبِهْ، إنَّ للكَوْكَبِ ثَلاثَ شُمُوْسٍ، فالضَّوْءُ هو السَّبَبُ في تَسْرِيْعِ الزَّمَنِ؟!
حَسَنٌ، ليْسَ من حَلٍّ سِوى انْطِفَاء الشُّمُوْسِ، فالزَّمَنُ يَسِيْرُ بِشَكْلٍ غَيْرِ عَادِيٍّ، عِنْدَهَا سَيَتَغَيَّرُ كُلُّ شَيْءٍ.
لَحَظَاتٌ مَرَّتْ أَطْوَلُ من سَابِقَاتِهَا، بَدَأَتِ الشُّمُوْسُ بِالانْطِفَاءِ، إلا شَمْسٌ وَاحِدَةٌ، حَافَظَتْ على حَجْمِهَا.
الآنَ، عرفْتُ أينَ أنا، إنني على كَوكَبِ الأَرْضِ، الأشْجَارُ مَا زَالَتْ مُثْمِرَةً، والأَزاهِيرُ مُتَفَتِّحَة، والنِّعَاجُ لم تَلِدْ بَعْد.
آهٍ، نِعَاجَ جَدَّتي! انْتَظِرْنَ، لا تَلِدْنَ بِسُرْعَةٍ، أُرِيْدُ أَنْ أَعِيْشَ لَحَظَاتِ الانْتظَارِ، لأًرَى وِلادَةَ حِمْلانكنّ اللطِيْفَةِ، وأَنْتَ أَيُّها الصَّبَاحُ لا تَسْتَعْجِلِ الطُّلُوْعَ، أُحبُّ لحَظَاتِ انْتِظَارِ مَوْعِدِ السَّفَرِ.
يا الله! هَذَا بَيْتُنَا! أَنا أمَامَ المنزلِ، يَدِي ما زَالَتْ تَضْغَطُ بِتراخٍ عَلَى الطَّائِرَةِ، وأَنَا أدفعُهَا فَوقَ الأرْضِ إلى الأمَامِ، إلى الوَراءِ...إلى الأمَامِ...
تَنَبَّهْتُ من شُرُوْدِي، أَبِي يُنَادِيْنِي: تَعَالَ ـ يا نوَّارُ ـ لَقَدْ حَلَّ المَسَاءُ لِتَنَمْ، أَنَسِيْتَ؟ غَدَاً سَنُسَافِرُ إِلى القَرْيَةِ.
رسوم: أنوار الحطاب