كَوْكَبٌ لا انْتِظَارَ فِيْهِ!

كَوْكَبٌ لا انْتِظَارَ فِيْهِ!

‭ ‬يا‭ ‬إِلهَي‭! ‬مَتَى‭ ‬يَطْلعُ‭ ‬الصَّبَاحُ؟‭ ‬كم‭ ‬أَنَا‭ ‬مُشْتَاقٌ‭ ‬لِرُؤْيَةِ‭ ‬جَدِّي،‭ ‬جَدَّتِي،‭ ‬أَصْدِقَائِي‭.. ‬حَتَّى‭ ‬الخِرَاف‭ ‬وأَسْرَاب‭ ‬الحَمَامِ‭.. ‬ما‭ ‬أَجْمَلَكِ‭ ‬يا‭ ‬قَرْيَتي‭!‬

الوَقْتُ‭ ‬يَمْشِي‭ ‬بِبُطْءٍ،‭ ‬والشَّمْسُ‭ ‬قَارَبَتْ‭ ‬على‭ ‬المغِيْبِ،‭ ‬ما‭ ‬زلْتُ‭ ‬أَلْعَبُ‭ ‬بطَائِرَتِي‭ ‬أَمَامَ‭ ‬مَنْزِلِي،‭ ‬أضعها‭ ‬على‭ ‬الأَرْضِ‭ ‬إلى‭ ‬الأمَامِ‭.. ‬إلى‭ ‬الوَرَاءِ‭.. ‬إلى‭ ‬الأمَامِ‭..‬

‭ ‬بِصَراحَة،ٍ‭ ‬لا‭ ‬أَسْتَطِيْعُ‭ ‬الدِّرَاسَةَ،‭ ‬أَنتظرُ‭ ‬مَوعدَ‭ ‬السَّفَرِ‭ ‬بفَارِغِ‭ ‬الصَّبْرِ،‭ ‬حَتَّى‭ ‬بعدَ‭ ‬أَنْ‭ ‬نَصِلَ،‭ ‬سَأَنْتَظرُ‭ ‬النِّعَاجَ‭ ‬حَتَّى‭ ‬تَلِد،‭ ‬فأنَا‭ ‬أُحبُّ‭ ‬اللعِبَ‭ ‬مَعَ‭ ‬حِمْلانِها،‭ ‬وهَذا‭ ‬يَحْتَاجُ‭ ‬لِوَقْتٍ‭ ‬طَوِيْلٍ‭.. ‬سَأَنْتَظِرُ‭.. ‬سَأَنْتَظِرُ‭.. ‬لا‭ ‬بُدَّ‭ ‬من‭ ‬حَلٍّ‭.‬

‭ ‬‭ ‬

رَكِبْتُ‭ ‬الطَّبَقَ‭ ‬الفَضَائِيَّ،‭ ‬وانْطَلَقْتُ‭ ‬بسُرْعَةٍ‭ ‬مُذْهِلَةٍ،‭ ‬أَنَا‭ ‬مُسَافِرٌ‭ ‬إِلى‭ ‬كَوْكَبٍ‭ ‬لا‭ ‬اِنْتِظَارَ‭ ‬فِيْهِ‭.‬

دَخَلْتُ‭ ‬أحدَ‭ ‬الكَواكِبِ‭ ‬الجَمِيْلَة،‭ ‬أَوْقَفْتُ‭ ‬طَبَقِي‭ ‬في‭ ‬مَدِيْنَةٍ‭ ‬غَرِيْبَةٍ،‭ ‬تَبْدُو‭ ‬مُتَحَرِّكَةً‭ ‬مُتَبَدِّلةً‭ ‬بِشَكْلٍ‭ ‬لافِتٍ‭.‬

لاحَظْتُ‭ ‬أَنَّ‭ ‬الطِّفْلَ‭ ‬يَكْبرُ‭ ‬بِسُرْعَةٍ،‭ ‬فقَدْ‭ ‬أَصْبَحَ‭ ‬شَابَاً،‭ ‬لَحَظَاتٌ‭ ‬مَرَّتْ‭ ‬فصَارَ‭ ‬كَهْلاً،‭ ‬لَيْسَ‭ ‬هو‭ ‬فَقط،‭ ‬بل‭ ‬كُلُّ‭ ‬مَنْ‭ ‬أَمرُّ‭ ‬بِهم،‭ ‬يَكْبَرون‭ ‬بِسُرْعَةٍ‭ ‬ويَهْرَمُون‭.‬

رحْتُ‭ ‬أَصِيْحُ‭: ‬يا‭ ‬نَاسُ،‭ ‬أَيْنَ‭ ‬أَنَا؟‭ ‬ما‭ ‬إِنْ‭ ‬يَقِفْ‭ ‬أَيُّ‭ ‬أَحَدٍ‭ ‬ليجِيْبَني،‭ ‬حَتَّى‭ ‬تَخْرُجَ‭ ‬الكَلِمَاتُ‭ ‬منهُ‭ ‬بِسُرْعَةٍ،‭ ‬فلا‭ ‬أَفْهَمُ‭ ‬شَيْئَاً‭.‬

ما‭ ‬هذا؟‭! ‬النَّبَاتَاتُ‭ ‬تَنْمُو‭ ‬بِسُرْعَةٍ‭ ‬غَرِيْبَةٍ‭! ‬والأَشْجَارُ‭ ‬أَيْضَاً‭ ‬تُزْهِرُ،‭ ‬فَتُثْمِرُ،‭ ‬فتَيْبَسُ،‭ ‬فتَنْمُو‭ ‬من‭ ‬جَدِيْدٍ‭. ‬أَيُّ‭ ‬كَوكبٍ‭ ‬هذا؟‭! ‬

لقد‭ ‬شَعَرْتُ‭ ‬بِالجُّوْعِ،‭ ‬تَبْدُو‭ ‬المَطَاعِمُ‭ ‬مُذْهِلَةً‭ ‬في‭ ‬نَظَافتِها،‭ ‬ولكِنْ،كَيْفَ‭ ‬أَسْتَطِيْعُ‭ ‬الحُصُوْلَ‭ ‬على‭ ‬شَطِيْرَةٍ،‭ ‬أَو‭ ‬حَتى‭ ‬لُقْمَة‭ ‬وَاحِدَة؟‭! ‬لا،‭ ‬ما‭ ‬عدْتُ‭ ‬أُطِيْقُ‭ ‬غَرَائِبَ‭ ‬هَذَا‭ ‬الكَوكبِ‭.‬

على‭ ‬ما‭ ‬يَبْدُو،‭ ‬المشْكِلَةُ‭ ‬بِالضَّوْءِ،‭ ‬كَيْفَ‭ ‬لم‭ ‬أَنْتَبِهْ،‭ ‬إنَّ‭ ‬للكَوْكَبِ‭ ‬ثَلاثَ‭ ‬شُمُوْسٍ،‭ ‬فالضَّوْءُ‭ ‬هو‭ ‬السَّبَبُ‭ ‬في‭ ‬تَسْرِيْعِ‭ ‬الزَّمَنِ؟‭! ‬

حَسَنٌ،‭ ‬ليْسَ‭ ‬من‭ ‬حَلٍّ‭ ‬سِوى‭ ‬انْطِفَاء‭ ‬الشُّمُوْسِ،‭ ‬فالزَّمَنُ‭ ‬يَسِيْرُ‭ ‬بِشَكْلٍ‭ ‬غَيْرِ‭ ‬عَادِيٍّ،‭ ‬عِنْدَهَا‭ ‬سَيَتَغَيَّرُ‭ ‬كُلُّ‭ ‬شَيْءٍ‭.‬

لَحَظَاتٌ‭ ‬مَرَّتْ‭ ‬أَطْوَلُ‭ ‬من‭ ‬سَابِقَاتِهَا،‭ ‬بَدَأَتِ‭ ‬الشُّمُوْسُ‭ ‬بِالانْطِفَاءِ،‭ ‬إلا‭ ‬شَمْسٌ‭ ‬وَاحِدَةٌ،‭ ‬حَافَظَتْ‭ ‬على‭ ‬حَجْمِهَا‭.‬

الآنَ،‭ ‬عرفْتُ‭ ‬أينَ‭ ‬أنا،‭ ‬إنني‭ ‬على‭ ‬كَوكَبِ‭ ‬الأَرْضِ،‭ ‬الأشْجَارُ‭ ‬مَا‭ ‬زَالَتْ‭ ‬مُثْمِرَةً،‭ ‬والأَزاهِيرُ‭ ‬مُتَفَتِّحَة،‭ ‬والنِّعَاجُ‭ ‬لم‭ ‬تَلِدْ‭ ‬بَعْد‭. ‬

آهٍ،‭ ‬نِعَاجَ‭ ‬جَدَّتي‭! ‬انْتَظِرْنَ،‭ ‬لا‭ ‬تَلِدْنَ‭ ‬بِسُرْعَةٍ،‭ ‬أُرِيْدُ‭ ‬أَنْ‭ ‬أَعِيْشَ‭ ‬لَحَظَاتِ‭ ‬الانْتظَارِ،‭ ‬لأًرَى‭ ‬وِلادَةَ‭ ‬حِمْلانكنّ‭ ‬اللطِيْفَةِ،‭ ‬وأَنْتَ‭ ‬أَيُّها‭ ‬الصَّبَاحُ‭ ‬لا‭ ‬تَسْتَعْجِلِ‭ ‬الطُّلُوْعَ،‭ ‬أُحبُّ‭ ‬لحَظَاتِ‭ ‬انْتِظَارِ‭ ‬مَوْعِدِ‭ ‬السَّفَرِ‭.‬

يا‭ ‬الله‭! ‬هَذَا‭ ‬بَيْتُنَا‭! ‬أَنا‭ ‬أمَامَ‭ ‬المنزلِ،‭ ‬يَدِي‭ ‬ما‭ ‬زَالَتْ‭ ‬تَضْغَطُ‭ ‬بِتراخٍ‭ ‬عَلَى‭ ‬الطَّائِرَةِ،‭ ‬وأَنَا‭ ‬أدفعُهَا‭ ‬فَوقَ‭ ‬الأرْضِ‭ ‬إلى‭ ‬الأمَامِ،‭ ‬إلى‭ ‬الوَراءِ‭...‬إلى‭ ‬الأمَامِ‭...‬

تَنَبَّهْتُ‭ ‬من‭ ‬شُرُوْدِي،‭ ‬أَبِي‭ ‬يُنَادِيْنِي‭: ‬تَعَالَ‭ ‬ـ‭ ‬يا‭ ‬نوَّارُ‭ ‬ـ‭  ‬لَقَدْ‭ ‬حَلَّ‭ ‬المَسَاءُ‭ ‬لِتَنَمْ،‭ ‬أَنَسِيْتَ؟‭ ‬غَدَاً‭ ‬سَنُسَافِرُ‭ ‬إِلى‭ ‬القَرْيَةِ‭.‬

رسوم‭: ‬أنوار‭ ‬الحطاب