شبونجل لم يعد كسولاً

شبونجل  لم يعد كسولاً

كان‭ ‬شبونجل‭ ‬كلباً‭ ‬ظريفاً‭ ‬ينتمي‭ ‬لفصيلة‭ ‬الروت‭ ‬وايلر،‭ ‬الذي‭ ‬يمتاز‭ ‬بلونه‭ ‬الأسود‭ ‬اللامع‭ ‬مع‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬اللون‭ ‬المشمشي‭ ‬الداكن‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المناطق‭ ‬من‭ ‬جسده،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬نوعية‭ ‬الكلاب‭ ‬قليلة‭ ‬النباح،‭ ‬لكنها‭ ‬ذكيّة‭ ‬وسريعة‭ ‬الجري‭ ‬وشرسة‭ ‬حين‭ ‬يتم‭ ‬تدريبها‭ ‬بغرض‭ ‬الحراسة‭.‬

شبونجل‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬ظُرفهِ‭ ‬ولطفهِ‭ ‬إلا‭ ‬إنه‭ ‬كان‭ ‬كسولاً‭ ‬بعض‭ ‬الشيء،‭ ‬ممّا‭ ‬كان‭ ‬يضايق‭ ‬صاحبه‭ ‬أنيق‭. ‬وهي‭ ‬صفة‭ ‬اشتهر‭ ‬بها‭ ‬صاحب‭ ‬شبونجل‭ ‬لاهتمامه‭ ‬بنظافته‭ ‬الشخصية،‭ ‬وملابسه‭ ‬النظيفة‭ ‬دائماً‭ ‬والمتناسقة‭ ‬الألوان،‭ ‬وتصرفاته‭ ‬الرقيقة‭ ‬السليمة‭ ‬تجاه‭ ‬من‭ ‬حوله،‭ ‬فلا‭ ‬هو‭ ‬بالعنيف‭ ‬معهم‭ ‬ولا‭ ‬بالكسول‭ ‬ولا‭ ‬بالمهمل‭. ‬كما‭ ‬كان‭ ‬صوته‭ ‬هادئاً،‭ ‬وينتقي‭ ‬ألفاظه‭ ‬وكلماته‭ ‬فلا‭ ‬ينطق‭ ‬إلا‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬جميل‭ ‬وطيب،‭ ‬ويصمت‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬الكلام،‭ ‬لذا‭ ‬أحبه‭ ‬كلّ‭ ‬زملائه‭ ‬وأصدقائه‭ ‬وكذلك‭ ‬مُعلّموه‭ ‬بالمدرسة‭. ‬

أحضر‭ ‬أنيق‭ ‬شبونجل‭ ‬لحديقة‭ ‬منزله‭ ‬وعمره‭ ‬شهران‭ ‬فقط،‭ ‬وأطلق‭ ‬عليه‭ ‬هذا‭ ‬الاسم‭ ‬الغريب‭ ‬ليكون‭ ‬مميّزاً‭ ‬بين‭ ‬أسماء‭ ‬كلاب‭ ‬أصدقائه‭. ‬أحبّه‭ ‬أنيق‭ ‬جداً،‭ ‬وكذلك‭ ‬تعلّق‭ ‬شبونجل‭ ‬به‭ ‬وأحبّه‭ ‬أكثر،‭ ‬فالكلاب‭ ‬تمتاز‭ ‬بالوفاء‭ ‬والمحبة‭ ‬لأصحابها‭ ‬بجانب‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬الدفاع‭ ‬عنهم‭ ‬وقت‭ ‬الحاجة‭ ‬لذلك‭.‬

حاول‭ ‬أنيق‭ ‬أن‭ ‬يدرّب‭ ‬شبونجل‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬المهارات‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يتدلّل‭ ‬وينام‭ ‬كثيرا‭. ‬انتظر‭ ‬أنيق‭ ‬أن‭ ‬يكبر‭ ‬شبونجل‭ ‬قليلا‭ ‬فيتعلّم‭ ‬كيف‭ ‬يلتقط‭ ‬الكرة‭ ‬ويعيدها‭ ‬له،‭ ‬أو‭ ‬يخرجان‭ ‬معاً‭ ‬للتنزّه‭ ‬فى‭ ‬وقت‭ ‬الفراغ،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬ينبح‭ ‬على‭ ‬الغرباء‭ ‬محاولاً‭ ‬إبعادهم‭ ‬عن‭ ‬المنزل‭. ‬ومرّ‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬أخرى،‭ ‬وكبر‭ ‬شبونجل‭ ‬وصار‭ ‬عمره‭ ‬خمسة‭ ‬أشهر‭ ‬ولم‭ ‬يتعلّم‭ ‬سوى‭ ‬بعض‭ ‬المهارات‭ ‬البسيطة‭.‬

بعد‭ ‬مرور‭ ‬شهر‭ ‬آخر،‭ ‬حضر‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬ضيوف،‭ ‬وقاموا‭ ‬بدق‭ ‬الباب‭ ‬بقوّة‭ ‬مما‭ ‬أثار‭ ‬خوف‭ ‬أنيق،‭ ‬وكان‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬وحده‭ ‬بالمنزل‭ ‬حيث‭ ‬خرج‭ ‬والداه‭ ‬لشراء‭ ‬ما‭ ‬يلزمهم‭ ‬من‭ ‬الخارج‭. ‬فخرج‭ ‬أنيق‭ ‬بحرص‭ ‬ليرى‭ ‬من‭ ‬الطارق؟‭ ‬فوجد‭ ‬شبونجل‭ ‬نائماً‭ ‬ولا‭ ‬يعبأ‭ ‬بشيء‭! ‬قام‭ ‬أنيق‭ ‬بزجره‭ ‬وإيقاظه‭ ‬وهو‭ ‬يعنّفه‭ ‬بالكلام‭ ‬قائلا‭ ‬فى‭ ‬حدة‭: ‬قم‭ ‬يا‭ ‬كسول‭ ‬يا‭ ‬عديم‭ ‬الفائدة‭! ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬تنبح‭ ‬عند‭ ‬وجود‭ ‬غرباء‭ ‬بالخارج‭ ‬لتنبّهني؟‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬تستيقظ‭ ‬من‭ ‬نومك‭ ‬لترى‭ ‬من‭ ‬القادم؟‭ ‬

نظر‭ ‬أنيق‭ ‬من‭ ‬الباب‭ ‬فوجد‭ ‬الضيوف‭ ‬هم‭ ‬أبناء‭ ‬عمّه،‭ ‬ففتح‭ ‬لهم‭ ‬باب‭ ‬الحديقة‭ ‬الأمامي‭ ‬ثم‭ ‬أدخلهم‭ ‬المنزل،‭ ‬وانتظر‭ ‬حتى‭ ‬انتهاء‭ ‬الزيارة‭ ‬ثم‭ ‬قرّر‭ ‬معاقبة‭ ‬شبونجل‭. ‬أمسك‭ ‬أنيق‭ ‬بعصا‭ ‬صغيرة‭ ‬مهدّداً‭ ‬فقط‭ ‬شبونجل‭ ‬بالضرب‭ ‬ليعلّمه‭ ‬الأدب‭ ‬ويخلّصه‭ ‬من‭ ‬كسله،‭ ‬لكن‭ ‬والد‭ ‬أنيق‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬حضر‭ ‬وأخذ‭ ‬يتابع‭ ‬ما‭ ‬يحدث،‭ ‬فأوقف‭ ‬ابنه‭ ‬عن‭ ‬تهديد‭ ‬شبونجل،‭ ‬وأخبره‭ ‬أن‭ ‬الكلاب‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تعليمها‭ ‬مهارات‭ ‬الطاعة‭ ‬والحراسة‭ ‬قبل‭ ‬بلوغها‭ ‬عمر‭ ‬سبعة‭ ‬أشهر‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬لأن‭ ‬الكلب‭ ‬فى‭ ‬الفترة‭ ‬الصغيرة‭ ‬من‭ ‬عمره‭ ‬يكون‭ ‬مثل‭ ‬الطفل‭ ‬الصغير‭ ‬جداً،‭ ‬والطفل‭ ‬الصغير‭ ‬جداً‭ ‬بحاجة‭ ‬فقط‭ ‬للحنان‭ ‬واللعب،‭ ‬وتعليمه‭ ‬مهارات‭ ‬بسيطة،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إدخاله‭ ‬المدرسة‭ ‬ليتعّلم‭ ‬كيف‭ ‬يقرأ‭ ‬ويكتب‭.‬

وبما‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬قد‭ ‬قرّر‭ ‬أن‭ ‬يقتني‭ ‬حيواناً‭ ‬أليفاً،‭ ‬وأن‭ ‬يقوم‭ ‬هو‭ ‬بتربيته،‭ ‬فعليه‭ ‬أن‭ ‬ينتظر‭ ‬حتى‭ ‬يكبر‭ ‬الحيوان‭ ‬ويصير‭ ‬فى‭ ‬عمر‭ ‬يسمح‭ ‬له‭ ‬بالتعلّم،‭ ‬وخاصّة‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬الكلاب‭ ‬لأنها‭ ‬بحاجة‭ ‬للحزم‭ ‬والشدّة‭ ‬فى‭ ‬التعليم‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬القطط‭.‬

وأنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يُحضر‭ ‬لشبونجل‭ ‬مدرّباً‭ ‬متخصصاً‭ ‬فى‭ ‬تدريب‭ ‬الكلاب،‭ ‬فهذا‭ ‬هو‭ ‬السن‭ ‬الأمثل‭ ‬للتعلم‭. ‬والمدرّب‭ ‬سوف‭ ‬يقوم‭ ‬بعمل‭ ‬اللازم‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬تدريبه‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬والطاعة‭ ‬وكذلك‭ ‬مهارات‭ ‬الحراسة‭. ‬

بالفعل‭ ‬قام‭ ‬أنيق‭ ‬بالاتصال‭ ‬بمدرّب‭ ‬خاص‭ ‬بتدريب‭ ‬الكلاب،‭ ‬والذي‭ ‬درّب‭ ‬شبونجل‭ ‬على‭ ‬الشراسة‭ ‬والطاعة‭ ‬والنظام‭ ‬واللعب‭ ‬والأكل،‭ ‬حتى‭ ‬صار‭ ‬كلباً‭ ‬قوياً‭ ‬ومُدرَّباً‭ ‬يُفتَخر‭ ‬به،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬كسولاً‭ ‬بل‭ ‬صار‭ ‬نشيطاً‭ ‬وذكياً،‭ ‬وأصبح‭ ‬أنيق‭ ‬يصحبه‭ ‬للتنزّه‭ ‬معه‭ ‬بالطريق‭ ‬في‭ ‬سعادة‭ ‬ودون‭ ‬قلق‭. ‬وصار‭ ‬شبونجل‭ ‬نموذجاً‭ ‬جميلاً‭ ‬لكلب‭ ‬الحراسة‭ ‬الذكي‭ ‬الأنيق‭ ‬فى‭ ‬تصرفاته‭ ‬والمناسب‭ ‬تماماً‭ ‬لصاحبه‭ ‬أنيق‭.‬

رسوم‭: ‬نهى‭ ‬الدخان