حصن المغامرات... فورد بويارد أشهر حصن في العالم

أصدقائي، سأعرّفكم بتاريخ أشهر حصن في العالم، إنّه حصن الرّمال أو ما يسمّى بـ فورد بويّارد بفرنسا (Fort Boyard)، هذا الحصن الّذي اشتهر بلعبة جمع المفاتيح الّتي تبثّ على القناة الفرنسية الثّانية.
وضع تصميم مشروع الحصن في عهد لويس الرّابع عشر سنة 1668م، بمساعدة الفارس والمهندس العبقريّ سيباستيان روبون (Sebastian Robon)، ثمّ بدأ بناءه تحت حكم نابليون بونابّارت سنة 1804م، لينتهي البناء سنة 1857م، وذلك حتّى يتمّ صدّ هجمات الجيوش الإنجليزية الّتي كانت تحاول السّيطرة على منطقة في فرنسا تدعى روش فورد (Rochefort).
وتظهر عبقرية البناء ، من خلال صمود الحصن قرابة القرنين، فما هو السّر وراء ذلك؟
هنا يظهر الذّكاء في البناء، فالمهندسون الفرنسيون شيّدوا الحصن فوق كرسيّ رمليّ وسط البحر على شكل بيضوي، بحيث يأتي الحصن فوق هذا الكرسيّ الرّمليّ فلا تلطمه المياه، ليبقى الحصن بعيداً عن رطوبة المياه، لذلك يسمىّ حصن الرّمال، وهو يأخذ شكل باخرة، وقد زوّد الحصن ببرج مراقبة يسمّى عند الفرنسيين بمنارة فيجي (Tour de Vigie). ويبلغ ارتفاع الحصن 150 متر، وهو مكوّنٌ من طابقين.
هذا باختصار يا أحبّائي جزءٌ بسيطٌ من تاريخ بناء هذا الحصن العجيب، لكن من أين أتته هذه الشّهرة العالمية؟
في سنة 1990م اقترح الإعلامي الفرنسي جاك أنطوّان وصديقه جون بيير ميتريسي أن تتحوّل ممرّات وبيوت هذا الحصن التّاريخي إلى مسرح للألعاب المشوّقة تحمل شعار النّمر كرمز لقوّة هذا الحصن، ويحضره مشاهير العالم ليجتازوها ويصلوا إلى كنز تحوّل قيمته للجمعيات الخيرية في جميع أنحاء العالم.
أمّا متتبّعو مغامرات هذا الحصن فيتبادر لذهنهم ألف سؤال، كيف استطاع الفرنسيون تأسيس هاته الألعاب بهذه الدّقة المتناهية؟ الفضل يعود للمهندسين والخبراء في تشييد هذه الألعاب، الّذين تطوّعوا وسهروا الأيّام واللّيالي ليخرجوا المشروع الخيري للوجود، أمّا الأفاعي والعقارب والصّراصير والفئران الّتي توظّف في الألعاب، فداخل الحصن، سُخّر لتربيتها وإزالة سمومها أفضل الخبراء في البيطرة الفرنسية حتّى لا تؤذي أحداً.
المغامرة تحكي يا صغاري، عن رجل شيخ يدعى الأب فوراس (Père Foras) (رجلٌ مسنٌّ بلحية بيضاء) الّذي يملك كنزاً، ويبحث عن مكان ليخبّئه فيه، فلم يجد سوى هذا الحصن الرّملي ليودعه فيه، ولكي يؤمّنه أكثر سيستدعي لجانبه معلّمِي فنون قتال تقودهم الأميرة الحمراء (Rouge)، وقاضية تعاقب من يقفل عليه أيّ باب من أبواب الألعاب، وتدعى الأميرة البيضاء (Blanche)، وزُوّدت كلّ لعبة بمفتاح، والوصول إليه يتطلّب من المشارِك أن يجتاز عقبة لعبة يقترحها الأب فوراس عبر مرساله (Passe Muraille)، مخترِق الأسوار، وقد تكون هذه العقبة إمّا بالاعتماد على القوّة العضلية كالسيف العملاق إكسكاليبور (Excalibur)، أو عدم الخوف كإزاحة الأفاعي والعقارب والعناكب، أو الشّجاعة كالسّباحة والألعاب التي في السّماء، وبعد كسب المفاتيح تسلّم للرّجل القصير الثّاني (Passe par tous) مخترِق كلّ العقبات، وبعدها يتنافس المتسابقون ليتوصّلوا لكلمة سرّ، بعد تخطّيهم مغامرات أخرى أصعب تمكّنهم من فتح قفص الكنز الّذي يحرسه نمورٌ شرسةٌ، تٌروّضهم مروضة النّمور فيليندرا (اسمها الحقيقي مونيك أنجيون Monique Angeon) الّتي لها قدرةٌ كبيرةٌ على إخافة النّمور، فتخرجهم وتدخلهم للأقفاص الحديدية بسهولة، فتنزل عليهم قطعٌ نقدية يحاولون جمعها في سطل في وقت محدّد، فيزن مختصٌّ عدد القطع ليعطي عدد النّقود المحصّل عليها، وهذه النّقود تذهب للجمعيات الخيرية. والحصن حالياً يُعرف بمشاركة مغامراته جميع مشاهير العالم من كلّ الدول بالقارّات الخمس، وتعدّ لبنان أولّ دولة عربية تشارك بمشاهيرها في مغامرات الحصن سنة 2002و2003، وبعدها الجزائر سنة 2007، والمغرب سنة 2015م. وذلك بهدف جمع التّبرّعات لجمعياتهم الخيرية، أمّا فرنسا صاحبة المشروع فلم تستثنِ حتّى الأطفال من المشاركة في مغامرات الحصن ليساعدوا أطفال اليونيسف (منظّمة الأمم المتّحدة للطّفولة.