من أمثال العرب

      من  أمثال العرب

كأن‭ ‬على‭ ‬رؤوسهم‭ ‬الطير

 

لو‭ ‬أن‭ ‬جماعة‭ ‬كانوا‭ ‬ينصتون‭ ‬إلى‭ ‬خطيب‭ ‬راعهم‭ ‬بيانه‭ ‬وسحرهم‭ ‬لفظه،‭ ‬فلا‭ ‬يتحرك‭ ‬منهم‭ ‬أحد‭ ‬ولا‭ ‬يتحول،‭ ‬أو‭ ‬كانوا‭ ‬يستمعون‭ ‬إلى‭ ‬مغنٍّ‭ ‬رخيم‭ ‬الصوت‭ ‬قد‭ ‬أثر‭ ‬فيهم‭ ‬جمال‭ ‬صوته‭ ‬وحسن‭ ‬أنغامه‭ ‬أو‭ ‬كانوا‭ ‬يفكرون‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬اقتضاهم‭ ‬إطالة‭ ‬التفكير‭ ‬والتدبر،‭ ‬أو‭ ‬وقع‭ ‬عليهم‭ ‬خبر‭ ‬مفاجئ‭ ‬فوجموا‭ ‬له‭ ‬وجلسوا‭ ‬صامتين‭ ‬مأخوذين،‭ ‬أو‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬حادث‭ ‬لا‭ ‬يدرون‭ ‬ما‭ ‬يكون،‭ ‬أو‭ ‬ألقي‭ ‬عليهم‭ ‬سؤال‭ ‬حاروا‭ ‬في‭ ‬جوابه‭ ‬أو‭ ‬وقفوا‭ ‬ينتظرون‭ ‬الإشارة‭ ‬بالبدء،‭ ‬لقيل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬وأمثاله‭: ‬‮«‬كأن‭ ‬على‭ ‬رؤوسهم‭ ‬الطير‮»‬‭.. ‬لأن‭ ‬الطير‭ ‬لا‭ ‬تسقط‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬شيء‭ ‬ساكن،‭ ‬فهم‭ ‬في‭ ‬هدوئهم‭ ‬وعدم‭ ‬حركتهم‭ ‬كأن‭ ‬الطير‭ ‬واقفة‭ ‬على‭ ‬رؤوسهم،‭ ‬ويحاذرون‭ ‬أن‭ ‬يتحركوا‭ ‬فتطير‭.. ‬وهكذا‭ ‬يقال‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬هدوء‭ ‬وسكون‭. ‬ومما‭ ‬وصف‭ ‬به‭ ‬مجلس‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬إذا‭ ‬تكلم‭ ‬أطرق‭ ‬جلساؤه‭ ‬كأنما‭ ‬على‭ ‬رؤوسهم‭ ‬الطير‭.‬

 

قد‭ ‬حَمِيَ‭ ‬الوطيس

قيل‭: ‬الوطيس‭ ‬شيء‭ ‬يتخذ‭ ‬مثل‭ ‬التنور‭ ‬يخبز‭ ‬فيه،‭ ‬وبه‭ ‬يشبه‭ ‬حر‭ ‬الحروب،‭ ‬وقد‭ ‬عبر‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬حين‭ ‬اشتباك‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزوة‭ ‬حنين،‭ ‬فقال‭: ‬‮«‬الآن‭ ‬حمي‭ ‬الوطيس‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬اشتدت‭ ‬الحرب‭ ‬والتحم‭ ‬الفريقان‭ ‬وتطاحن‭ ‬الجيشان‭.‬

وقيل‭: ‬الوطيس‭ ‬حجارة‭ ‬مدورة‭ ‬اذا‭ ‬حميت‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬يطأ‭ ‬عليها،‭ ‬فإذا‭ ‬اشتد‭ ‬أمر‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬مثلوه‭ ‬بها‭ ‬فقالوا‭: ‬‮«‬قد‭ ‬حمي‭ ‬الوطيس‮»‬‭.‬

فإذا‭ ‬اشتدت‭ ‬المنافسة‭ ‬بين‭ ‬متنافسين،‭ ‬أو‭ ‬احتدم‭ ‬الجدل‭ ‬بين‭ ‬متجادلين،‭ ‬أو‭ ‬اشتد‭ ‬اللعب‭ ‬وحمي‭ ‬اللاعبون،‭ ‬أو‭ ‬ثارت‭ ‬فتنة‭ ‬فشمر‭ ‬الحاكم‭ ‬لإخمادها‭ ‬والضرب‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬العابثين،‭ ‬أو‭ ‬عني‭ ‬امرؤ‭ ‬بأمره‭ ‬وشمر‭ ‬له،‭ ‬أو‭ ‬نهض‭ ‬أولو‭ ‬الأمر‭ ‬يعمرون‭ ‬ويصلحون،‭ ‬وينقذون‭ ‬الشعب،‭ ‬ويرفعون‭ ‬من‭ ‬حاله‭. ‬أو‭ ‬أخذ‭ ‬الأعداء‭ ‬يتراشقون‭ ‬بالتهم‭. ‬فحينذاك‭ ‬يقال‭: ‬‮«‬قد‭ ‬حمي‭ ‬الوطيس‮»‬‭.. ‬وهكذا‭ ‬يقال‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أمر‭ ‬اشتد‭. ‬وقد‭ ‬يقال‭ ‬تفكهاً‭ ‬للمدعوين‭ ‬إذا‭ ‬انهمكوا‭ ‬في‭ ‬الطعام‭ ‬وتنافسوا‭ ‬في‭ ‬التهامه‭.‬

لا‭ ‬شيء

تنازع‭ ‬شخصان‭ ‬وذهبا‭ ‬إلى‭ ‬القاضي،‭ ‬فقال‭ ‬المدعي‭: ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬يحمل‭ ‬حملاً‭ ‬ثقيلاً،‭ ‬فوقع‭ ‬من‭ ‬فوق‭ ‬عاتقه،‭ ‬فطلب‭ ‬إليّ‭ ‬أن‭ ‬أعاونه‭ ‬فسألته‭ ‬عما‭ ‬يدفعه‭ ‬لي‭ ‬من‭ ‬أجر‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬فقال‭: ‬لا‭ ‬شيء‭.. ‬فرضيت‭ ‬بها‭ ‬وحملته‭ ‬حمله،‭ ‬وأنا‭ ‬الآن‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬يدفع‭ ‬لي‭ ‬الـ‭ ‬‮«‬لا‭ ‬شيء‮»‬،‭ ‬فقال‭ ‬القاضي‭: ‬دعواك‭ ‬صحيحة‭ ‬يا‭ ‬بني،‭ ‬اقترب‭ ‬مني‭ ‬وارفع‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب،‭ ‬فرفع‭ ‬المدعي‭ ‬الكتاب،‭ ‬فقال‭ ‬له‭ ‬القاضي‭: ‬ماذا‭ ‬وجدت‭ ‬تحته‭...‬؟‭ ‬قال‭: ‬لا‭ ‬شيء،‭ ‬فقال‭ ‬له‭ ‬القاضي‭: ‬فخذها‭ ‬وانصرف‭!‬

 

السراج

انطفأ‭ ‬السراج‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الليالي‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬رجل،‭ ‬فقالت‭ ‬له‭ ‬زوجته‭: ‬هات‭ ‬الكبريت‭ ‬إلى‭ ‬جانبك‭ ‬الأيمن،‭ ‬فقال‭ ‬لها‭ ‬الرجل‭: ‬يا‭ ‬امرأة،‭ ‬هل‭ ‬أنت‭ ‬عاقلة؟،‭ ‬كيف‭ ‬أعرف‭ ‬يميني‭ ‬من‭ ‬شمالي‭ ‬في‭ ‬ظلام‭ ‬الليل؟‭!‬

حلم‭ ‬لم‭ ‬يتحقق

حكي‭ ‬أن‭ ‬رجلاً‭ ‬فقيراً‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬سمن‭ ‬في‭ ‬جرة‭ ‬معلقة‭ ‬على‭ ‬سريره،‭ ‬ففكر‭ ‬يوما‭ ‬وهو‭ ‬مضطجع‭ ‬على‭ ‬السرير‭ ‬وبيده‭ ‬عكاز‭ ‬فقال‭: ‬أبيع‭ ‬الجرة‭ ‬بعشرة‭ ‬دراهم،‭ ‬وأشترى‭ ‬بها‭ ‬خمس‭ ‬عنزات،‭ ‬فأولدهن‭ ‬بكل‭ ‬سنة‭ ‬مرتين،‭ ‬فيبلغ‭ ‬النتاج‭ ‬في‭ ‬عشر‭ ‬سنين‭ ‬مائتين،‭ ‬فأبيعهن‭ ‬فأبتاع‭ ‬بكل‭ ‬عشر‭ ‬بقرة،‭ ‬ثم‭ ‬ينمو‭ ‬المال‭ ‬بيدي‭ ‬فأتزوج،‭ ‬ويولد‭ ‬لدي‭ ‬ولد،‭ ‬فإن‭ ‬عصاني‭ ‬ضربته‭ ‬بهذه‭ ‬العصا،‭ ‬وأشار‭ ‬بالعصا‭ ‬فأصاب‭ ‬الجرة‭ ‬فانكسرت‭ ‬وصب‭ ‬السمن‭ ‬على‭ ‬وجهه‭ ‬ورأسه‭!‬

 

زيارة‭ ‬المريض

دخل‭ ‬قوم‭ ‬على‭ ‬مريض‭ ‬فأطالوا،‭ ‬ثم‭ ‬قالوا‭ ‬عند‭ ‬انصرافهم‭: ‬أوصنا‭ ‬شيئاً،‭ ‬قال‭: ‬أوصيكم‭ ‬ألا‭ ‬تطيلوا‭ ‬الجلوس‭ ‬عند‭ ‬المريض‭ ‬إذا‭ ‬عدتموه‭.‬

 

قد‭ ‬ضل‭ ‬من‭ ‬كانت‭ ‬العميان‭ ‬تهديه

لقي‭ ‬بشار‭ ‬بن‭ ‬برد‭ - ‬وهو‭ ‬شاعر‭ ‬أعمى‭- ‬رجلاً‭ ‬غريباً‭ ‬يسأل‭ ‬عن‭ ‬منزل‭ ‬أحد‭ ‬سكان‭ ‬البصرة،‭ ‬فقال‭ ‬له‭ ‬بشار‭: ‬سر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الطريق‭ ‬فإن‭ ‬صاحبك‭ ‬ينزل‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأخير‭ ‬منه،‭ ‬فقال‭: ‬ألا‭ ‬ترشدني؟‭ ‬فقال‭ ‬بشار‭: ‬أتريد‭ ‬من‭ ‬الأعمى‭ ‬الإرشاد،‭ ‬قال‭: ‬إني‭ ‬أمسك‭ ‬بيدك‭ ‬وأنت‭ ‬تقودني،‭ ‬ففعل‭ ‬بشار‭ ‬ثم‭ ‬أنشد‭ ‬يقول‭:‬

أعمى‭ ‬يقود‭ ‬بصيراً‭ ‬لا‭ ‬أباً‭ ‬لكُمُ

قد‭ ‬ضل‭ ‬من‭ ‬كانت‭ ‬العميان‭ ‬تهديه

 

أشعب

كان‭ ‬أشعب‭ ‬يقص‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬الأمراء‭ ‬قصة‭ ‬بدأها‭ ‬بقوله‭: ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬رجل‭... ‬وفجأة‭ ‬أبصر‭ ‬المائدة‭ ‬قد‭ ‬حضرت،‭ ‬فعلم‭ ‬أن‭ ‬القصة‭ ‬ستلهيه‭ ‬عن‭ ‬الطعام‭ ‬فسكت‭! ‬فقال‭ ‬له‭ ‬الأمير‭: ‬وماذا‭ ‬يا‭ ‬أشعب؟‭ ‬قال‭: ‬ومات‭!‬

 

الحمار

حدث‭ ‬أن‭ ‬رجلاً‭ ‬سرق‭ ‬حماراً،‭ ‬ومضى‭ ‬لبيعه‭ ‬في‭ ‬السوق،‭ ‬فسرق‭ ‬منه،‭ ‬فسأله‭ ‬أحدهم‭: ‬بكم‭ ‬بعت‭ ‬الحمار؟‭ ‬فقال‭ ‬الرجل‭: ‬برأسماله‭!‬