خدعة زهور المارجاريتا

خدعة زهور المارجاريتا

في‭ ‬حديقة‭ ‬كبيرة،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬غصن‭ ‬مليء‭ ‬بالورود‭ ‬الجميلة‭ ‬الرائعة‭ ‬التي‭ ‬قاربت‭ ‬على‭ ‬التفتح،‭ ‬وبجانبها‭ ‬كانت‭ ‬تعيش‭ ‬بعض‭ ‬زهور‭ ‬المارجاريتا‭ ‬الصغيرة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الورود‭ ‬الجميلة‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬الحقد‭ ‬الخفي،‭ ‬وكان‭ ‬ظل‭ ‬الشجرة‭ ‬الكبيرة‭ ‬يحمي‭ ‬الورود‭ ‬وزهور‭ ‬المارجاريتا‭ ‬من‭ ‬أشعة‭ ‬الشمس‭ ‬القوية‭.‬

بدأت‭ ‬زهور‭ ‬المارجاريتا‭ ‬في‭ ‬التهامس‭: ‬‮«‬يا‭ ‬ليت‭ ‬الشمس‭ ‬تحرق‭ ‬هذه‭ ‬البراعم‭ ‬الصغيرة‭ ‬ذات‭ ‬الألوان‭ ‬الرائعة‭ ‬التي‭ ‬تجذب‭ ‬عيون‭ ‬الناس‭ ‬عندما‭ ‬يمرون‭ ‬بالحديقة‭ ‬فلا‭ ‬ينتبهون‭ ‬لنا،‭ ‬لأننا‭ ‬صغار‭ ‬جدا‭ ‬ولوننا‭ ‬أبيض‭ ‬فقط،‭ ‬بينما‭ ‬ينظرون‭ ‬إلى‭ ‬الورود‭ ‬بإعجاب‭ ‬ويلمسونها‭ ‬برقة‭ ‬بالغة‮»‬‭.‬

فجأة‭ ‬صاحت‭ ‬إحدى‭ ‬زهور‭ ‬المارجاريتا‭ ‬الماكرة‭ ‬وكأنها‭ ‬قد‭ ‬وجدت‭ ‬الحل‭: ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نقنع‭ ‬الورود‭ ‬أن‭ ‬تمد‭ ‬سيقانها‭ ‬لتخرج‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬ظل‭ ‬الشجرة،‭ ‬وبذلك‭ ‬تحرقها‭ ‬شمس‭ ‬الصيف‭ ‬الحارقة‭.‬

سألت‭ ‬زهرة‭ ‬أخرى‭: ‬‮«‬وكيف‭ ‬نقنعها؟‮»‬‭ ‬فردت‭ ‬الزهرة‭ ‬الأولى‭: ‬‮«‬نقول‭ ‬لها‭ ‬إن‭ ‬الشمس‭ ‬سوف‭ ‬تمنحها‭ ‬لونا‭ ‬أكثر‭ ‬جمالاً‮»‬‭.‬

أخذت‭ ‬زهور‭ ‬المارجاريتا‭ ‬وقتا‭ ‬طويلا‭ ‬حتى‭ ‬تقنع‭ ‬الورود‭ ‬بأن‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬أشعة‭ ‬الشمس‭ ‬مباشرة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الكذبة‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة،‭ ‬فلقد‭ ‬بدأت‭ ‬البراعم‭ ‬تتفتح‭ ‬وأصبحت‭ ‬سيقانها‭ ‬أقوى‭ ‬وألوانها‭ ‬أكثر‭ ‬إشراقاً‭ ‬وحيوية‭. ‬ولم‭ ‬تعرف‭ ‬الحديقة‭ ‬وردا‭ ‬بمثل‭ ‬جمالها‭ ‬من‭ ‬قبل‭.‬

مر‭ ‬البستاني،‭ ‬وفرح‭ ‬بالنمو‭ ‬السريع‭ ‬للورود‭ ‬وبجمالها‭ ‬الباهر،‭ ‬وسقاها‭ ‬بماء‭ ‬غزير‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تحرقها‭ ‬الشمس‭ ‬وهتف‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬يا‭ ‬للروعة‭! ‬ماء‭ ‬كثير،‭ ‬كثير‭ ‬جدا‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬يحميك‭ ‬هذا‭ ‬الماء‭ ‬من‭ ‬الجفاف‮»‬‭.‬

وبعدها‭ ‬نظر‭ ‬البستاني‭ ‬لزهور‭ ‬المارجاريتا‭ ‬وقال‭: ‬أما‭ ‬أنتِ‭ ‬فماء‭ ‬قليل،‭ ‬فأنتِ‭ ‬تحتمين‭ ‬بالظل،‭ ‬ولديك‭ ‬ما‭ ‬يكفيك،‭ ‬كم‭ ‬أنتِ‭ ‬صغيرة‭ ‬وحساسة؟‭.‬

لم‭ ‬تفهم‭ ‬زهور‭ ‬المارجاريتا‭ ‬قول‭ ‬البستاني‭ ‬فلقد‭ ‬أعماها‭ ‬الحقد‭ ‬عن‭ ‬حبه‭ ‬لها‭ ‬وقررت‭ ‬زهور‭ ‬المارجاريتا‭ ‬أن‭ ‬تمد‭ ‬سيقانها‭ ‬خارج‭ ‬ظل‭ ‬الشجرة‭ ‬علها‭ ‬تصبح‭ ‬جميلة‭ ‬وذات‭ ‬ألوان‭ ‬بديعة‭ ‬مثلما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬الورود‭.‬

بدأت‭ ‬بالتمدد‭ ‬خارج‭ ‬الظل‭ ‬وأصبحت‭ ‬مباشرة‭ ‬تحت‭ ‬أشعة‭ ‬الشمس،‭ ‬وبدأت‭ ‬الشمس‭ ‬في‭ ‬لسع‭ ‬بتلاتها،‭ ‬فأخذت‭ ‬تتعرق‭ ‬وتذبل،‭ ‬حتى‭ ‬صارت‭ ‬جافة‭ ‬تماما،‭ ‬وصرخت‭: ‬‮«‬النجدة،‭ ‬إنني‭ ‬أحترق‮»‬‭.‬

ها‭ ‬قد‭ ‬جفت‭ ‬سيقان‭ ‬زهور‭ ‬المارجاريتا‭ ‬تماما،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬لديها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬العودة‭ ‬للظل‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬والجذور‭ ‬استنفدت‭ ‬كل‭ ‬مخزونها‭ ‬من‭ ‬المياه‭.‬

نظرت‭ ‬الورود‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬لزهور‭ ‬المارجاريتا‭ ‬بأسى‭ ‬كبير،‭ ‬وحاولت‭ ‬أن‭ ‬تمنحها‭ ‬بعض‭ ‬الظل،‭ ‬ولكن‭ ‬عدد‭ ‬زهور‭ ‬المارجاريتا‭ ‬كان‭ ‬كبيرا،‭ ‬فلم‭ ‬تستطع‭ ‬الورود‭ ‬حمايتها‭.‬

أخيرا‭ ‬توارت‭ ‬الشمس‭ ‬وراء‭ ‬غيمة،‭ ‬وبدأ‭ ‬المطر‭ ‬في‭ ‬النزول‭ ‬بشكل‭ ‬خافت،‭ ‬ولكن‭ ‬زهور‭ ‬المارجاريتا‭ ‬كانت‭ ‬شبه‭ ‬محترقة،‭ ‬وكانت‭ ‬تبكي‭ ‬من‭ ‬الخجل،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬غصن‭ ‬الورود‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬مواساة‭ ‬رفيقاته‭ ‬من‭ ‬زهور‭ ‬المارجاريتا‭. ‬

وعندما‭ ‬رأت‭ ‬زهور‭ ‬المارجاريتا‭ ‬تعاطف‭ ‬الورود‭ ‬معها‭ ‬اعترفت‭ ‬بحسدها‭ ‬القديم‭ ‬على‭ ‬الورود‭ ‬ورغبتها‭ ‬الشريرة‭ ‬في‭ ‬حرقها‭ ‬بأشعة‭ ‬الشمس،‭ ‬ربتت‭ ‬الورود‭ ‬على‭ ‬زهور‭ ‬المارجاريتا‭ ‬بتسامح‭ ‬واحتواء،‭ ‬وقالت‭ ‬لها‭: ‬‮«‬أتعرفين‭ ‬يا‭ ‬زهور‭ ‬المارجاريتا‭ ‬أنك‭ ‬تعيشين‭ ‬حياة‭ ‬أطول‭ ‬من‭ ‬حياتنا؟‭ ‬كل‭ ‬زهرة‭ ‬لها‭ ‬مزاياها‭ ‬وعيوبها،‭ ‬فضائلها‭ ‬ومساوئها‮»‬‭.‬

ابتسمت‭ ‬زهور‭ ‬المارجاريتا‭ ‬بخجل‭ ‬بينما‭ ‬كانت‭ ‬تذبل،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬علاج،‭ ‬لكنها‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬غادرت‭ ‬الحديقة‭ ‬وهي‭ ‬تبتسم‭.‬

رسوم‭: ‬فرح‭ ‬خليل