قلعة جبل أمركو بين العراقة والإهمال

قلعة جبل أمركو بين العراقة والإهمال

أمركو‭ ‬هي‭ ‬قلعة‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬مرتفع‭ ‬جبلي،‭ ‬ومشرفة‭ ‬على‭ ‬واد‭ ‬ورغة‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬إقليم‭ ‬تاونات‭ ‬المغربي‭.‬

تقع‭ ‬هذه‭ ‬القلعة‭ ‬الأثرية‭ ‬غير‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬ضريح‭ ‬مولاي‭ ‬بوشتى‭ ‬الخمار،‭ ‬وهو‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬الأولياء‭ ‬الصالحين‭.‬

تلتصق‭ ‬جدران‭ ‬هذه‭ ‬القلعة‭ ‬الأثرية‭ ‬بجوانب‭ ‬الجبل‭ ‬المرتفع،‭ ‬وهي‭ ‬ذات‭ ‬شكل‭ ‬متعدد‭ ‬الأضلع،‭ ‬وتشتمل‭ ‬على‭ ‬اثني‭ ‬عشر‭ ‬برجاً‭ ‬دائرياً،‭ ‬ويوجد‭ ‬فيها‭ ‬خمسة‭ ‬أبواب،‭ ‬ويبلغ‭ ‬طولها‭ ‬225‭ ‬متراً‭ ‬وعرضها‭ ‬62‭ ‬متراً‭.‬

وما‭ ‬زالت‭ ‬هذه‭ ‬القلعة‭ ‬تحتفظ‭ ‬بذاكرة‭ ‬حقبة‭ ‬تاريخية‭ ‬تجسدها‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬بنايات،‭ ‬منها‭ ‬بناية‭ ‬خصصت‭ ‬لسكن‭ ‬قائد‭ ‬الحامية،‭ ‬وتحتوي‭ ‬على‭ ‬مخازن‭ ‬تحت‭ ‬الأرض‭ ‬للمواد‭ ‬الغذائية‭ ‬والماء،‭ ‬تستهوي‭ ‬الزوار‭ ‬للاطلاع‭ ‬على‭ ‬طرق‭ ‬تقليدية‭ ‬في‭ ‬التخزين‭.‬

وكان‭ ‬يوجد‭ ‬فيها‭ ‬عدة‭ ‬بنايات‭ ‬أخرى،‭ ‬اختفت‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬الزمن‭ ‬بفعل‭ ‬التغيّرات‭ ‬المناخية‭.‬

وتعود‭ ‬هذه‭ ‬القلعة‭ ‬القديمة‭ ‬إلى‭ ‬فترة‭ ‬حكم‭ ‬المرابطين‭ ‬للمغرب،‭ ‬وهي‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬التحصينات‭ ‬التي‭ ‬بناها‭ ‬المرابطون‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1056‭ ‬و1147،‭ ‬والهدف‭ ‬وراء‭ ‬بنائها‭ ‬وتشييدها‭ ‬هو‭ ‬ضرورة‭ ‬مواجهة‭ ‬القوى‭ ‬المعارضة،‭ ‬وأبرزها‭ ‬القوة‭ ‬الموحدية،‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1141‭ ‬و1142‭ ‬كانت‭ ‬حينها‭ ‬أمركو‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬خط‭ ‬الدفاع‭ ‬الذي‭ ‬استعمله‭ ‬المرابطون‭ ‬لمواجهة‭ ‬هجوم‭ ‬الموحدين،‭ ‬وأيضاً‭ ‬في‭ ‬عامي‭ ‬1145‭-‬1146،‭ ‬حيث‭ ‬فر‭ ‬إليها‭ ‬المرابطون‭ ‬للاحتماء،‭ ‬بعد‭ ‬سيطرة‭ ‬عبدالمومن‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬فاس‭.‬

لكن‭ ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تزخر‭ ‬به‭ ‬هذه‭ ‬القلعة‭ ‬من‭ ‬محطات‭ ‬تاريخية‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬المغربي،‭ ‬وقدمها‭ ‬وجمالية‭ ‬مناظرها‭ ‬المعمارية‭ ‬القديمة،‭ ‬فإنها‭ ‬لا‭ ‬تلقى‭ ‬الاهتمام‭ ‬الكافي‭ ‬الذي‭ ‬تستحقه‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التعريف‭ ‬والذكر‭ ‬المفصّل‭ ‬في‭ ‬المصادر‭ ‬التاريخية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬الناس‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬غنى‭ ‬تاريخها،‭ ‬ولا‭ ‬يعلمون‭ ‬حتى‭ ‬بوجودها،‭ ‬ويصعب‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬أراد‭ ‬زيارتها‭ ‬من‭ ‬السياح‭ ‬الوصول‭ ‬إليها،‭ ‬لأنها‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬معزولة،‭ ‬والطريق‭ ‬المؤدية‭ ‬إليها‭ ‬غير‭ ‬معبّدة،‭ ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬تحمّل‭ ‬الزائر‭ ‬العناء‭ ‬ووصل،‭ ‬فسينهك‭ ‬بصعود‭ ‬الجبل‭ ‬الشاهق،‭ ‬وأيضا‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬فنادق‭ ‬لإيواء‭ ‬الزوار‭. ‬

والمشكلة‭ ‬الكبيرة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القلعة‭ ‬الأثرية‭ ‬مهددة‭ ‬بالانهيار،‭ ‬لأن‭ ‬هياكلها‭ ‬ذات‭ ‬الهندسة‭ ‬العتيقة‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬الطين،‭ ‬ولن‭ ‬تصمد‭ ‬كثيراً،‭ ‬وتتداعى‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الزمن‭ ‬بفعل‭ ‬الأمطار‭.‬

وقد‭ ‬حذرت‭ ‬جمعيات‭ ‬محلية‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬مصيرها،‭ ‬مؤكدة‭ ‬وجوب‭ ‬التدخل‭ ‬العاجل‭ ‬لصيانتها‭ ‬وإنقاذها‭ ‬من‭ ‬الانهيار،‭ ‬واستغلال‭ ‬فضائها‭ ‬الأثري‭ ‬وتوظيفه‭ ‬للنهوض‭ ‬بالسياحة‭ ‬الإقليمية‭ ‬والوطنية،‭ ‬مشددة‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬التعريف‭ ‬بقيمتها‭ ‬التاريخية،‭ ‬خاصة‭ ‬أنها‭ ‬ترتب‭ ‬ضمن‭ ‬التراث‭ ‬العالمي،‭ ‬مما‭ ‬يجعلها‭ ‬ذات‭ ‬رمزية‭ ‬يستحيل‭ ‬إنكارها‭.‬

رضا‭ ‬الأبيض‭ - ‬المغرب