أَربعُ حركاتٍ للسيمفونية الرَّعَويَّة

■ الحركة الأولى

كُنّا تركْنا خلفنا
في ذلك الصباحِ ما حواهُ بيتنا
من الدموعِ والدماءِ والجواربِ القديمة
وهرّةً تموء دائماً كأنها الزمانْ
تحدّنا من الشمالِ غابة النخيلْ
من الجنوب صخرة على جَبَلْ
في الغرب طائر على سنامِ شجرةْ
والشرقُ دائماً على الذهولْ
***
أحارُ ما الذي فعلْتِ كي يظلَّ جسمُكِ الجميلُ حاملاً بهاءَهُ
ويانعاً كأنّهُ الربيع في تقلّب الفصولْ؟
سترتِ أم كَشَفْتِ ما نراهْ؟
على تخوم نهدِكِ الصغيرِ يصبح الرذاذ زَغَبا
وبقعةٌ داكنةٌ تطفو على القميصِ
كي تحيل النقطة السوداء فضةً وذهباً
مشت وراءك الأغنامُ
والمزارعون تركوا أبقارهم تجرّهم إلى الحقولْ
وما الذي تقوله ضفادع الأنهار حينما مررتِ قربها؟
كأنها على الضفاف شربت عيونها من الشَغَفْ

■ الحركة الثانية

طلبتُ أن تؤخّروا
مجيء ذلك النهارْ
أن تمنعوا مكيدةً تُحاكُ لي
في غيهبِ الأنهارْ
فقد علا صوت المنادي قائلاً:
يا أيُّها النيامُ لا تناموا
أريد أن أسألكم
عن الذي قتلني
سألتُ صاحبي وكان هادئاً
من ذا الذي قَتَلَهُ؟
فقال لي: في البدء كان الحبُ
أجبتهُ: في البدء كان الخوفْ
فنام ملءَ جفنِهِ وقال: لا عليكَ
أنتَ في حمى المحبوب

■ الحركة الثالثة

نمشي كأننا نسير في العَدَمْ
يدُ الصخورِ جرّحتْ أقدامنا
وكان نسر كلما ندورُ دار فوقنا
محلّقاً كأنه الغرابْ
وحينما سألت صاحبي:
يا عالماً بهذه الطريقِ
إنّ العين لا ترى
فهل هي الطريق دوننا
أم السرابْ؟
أجاب لا
وكان قصده نَعَمْ
لكنّ جفنه ينامُ حتى رأدة الضحى

 
■ الحركة الرابعة

الفجرُ ساكباً عليكِ نوره يَئنُّ
والطيور حينما تؤوب تنحني
على جبينكِ القريب يا حبيبتي
أمدّ كفّي نحو شعركِ الطويل
كي أسرّح المياهَ والرياحْ
وبعدها إلى الوصولِ
حيث لا وصولْ
...
يا عالِم الأسرارْ
أقوم راقصاً
وحولي الأشجارُ حيث تنحني
وحولي الحَمامُ والآرامُ
واللقالقُ العجيبة
والفهدُ
والنمورْ
وكلّها تدير وجهها الغريبَ
نحو الشرق ■