المعطف البردان
أحياناً أتمنى أن أكون أيّ شيءٍ آخر, لأعود وألامس قلوبَ البشر, وتفاصيل حياتهم اليومية.
شَردَت الفتاةُ بكلامِ المعطفِ الثّمين لبرهة, ثمّ قالت: «أنا في الصفِّ السّابع, أذهب إلى المدرسة كلّ يوم بصحبةِ صديقاتي, هنّ يرتدين أجمل َ المعاطفِ وأثمنها, أمّا أنا فأحاول الإمساك بيد صديقةٍ ما تشعرُ بالدفء, لأستمدّ شيئاً من حرارتها, فمعطفي رقيق, ولا أملك معطفاً آخر. آه... لو أنّ عندي معطفاً سميكاً!».
استأنفت «زينة» حديثها: «أنا هنا اليوم لأساعد الخالة «أم زياد» في أعمالها المنزلية, أنا أسكن بالقربِ منكم».
حزِنَ معطفُ الفراء متأثّراً بكلامِ «زينة» وقال: «آه... يا ليتني معطفك, لأصاحبك كلَّ يومٍ إلى المدرسة, أمنَحُكِ الدفء, وأستمتعُ بملامسة المطرِ والثلج...».
وسطَ هذا الحوار, سمِعت زينة فجأة صوتاً قويّاً, وكأنَّ شيئاً ما سَقَط على الأرض, نَظَرت إلى المعطف, فوجدته سقط أرضاً, وكأنّه مغشى عليه...!
ماذا تفعلين يا زينة?! صَرخَت العجوزُ «أم زياد».
لا شيء يا خالة, إنّه معطفُ الفراء, سقط أرضاً, بينما كنتُ أمسحُ الخزانة, ربما من ثقلِه.
قالت «أم زياد» بتجهُّم: «ربّما حرّكتِه من مكانِه, أعطِني يدَكِ لأعيدهُ إلى مكانه, إنّه معطف ثمين».
شَرعت العجوز بحمله من جديد, لكنّه أثقَلَ جسَدَها ولم ينهض.
عاودت المحاولة ثانيةً, لكنّه ازداد ثقلاً... فقالت مستغربةً: ما بك?!
ردّ المعطفُ عليها, قائلاً: «لا أريد!».
نظَرت محدّقةً بالفتاةِ, وقالت: ماذا تقولينَ يا زينة?!
قالت زينة: لستُ أنا من يقول يا خالة, إنّه المعطف!.
ردّدها المعطفُ ثانيةً: «نَعَم يا أم زياد», لا أريدُ النهوض!».
فَتحت أم زياد فمها مستغربةً, وقالت: «ولماذا?! وهل لكَ فمٌ وتتكلّم?!».
أجابَ المعطف: «الخزانة مغلقة, ولا يكترثُ بي أحد, ها أنا أموتُ من شدّةِ المللِ والبرد, ولا أريد أن أبقى على هذه الحال, فإما أن تتركيني وشأني, وإما أن تخرجيني من هذه الخزانة الباردة والمُظلمة, لأكون من جديد معطفاً مفيداً».
قالت العجوز: «وكيف سأُخرجك وأنا لا أفارقُ المنزل?!».
ردّ عليها مبتسماً: «ببساطة, ستمنحيني لمن هو بحاجةٍ لي».
فقالت له متهكّمةً: «ومن سيحتاجك في هذه الأيام?! صحيحُ أنّك ثمين, لكنّ شكلك قديم!».
ابتسم المعطفُ بثقةٍ وقال: «كُ