زيارة الجدة
عاش دبدوب وكلوب في منزلين متجاورين, وكان قبالة كل منزل حديقة كبيرة زاخرة بالشجر المثمر والنباتات الخضراء... أما تربة الحديقة فكانت تكسوها الحشائش والورد على شتى صنوفها وأنواعها... وكان فوفو يسكن في منزل مجاور لمنزليهما, وكان مغروراً متكبراً معتداً بقوته وضخامة جسمه... فإذا ما أراد أن يشرب الماء من النهر أو يستحم, يمشي عابراً الحديقتين فيدوس بإقدامه العريضة والثقيلة ما يصادفه من الأعشاب والورد المزهر, كما كان يكسر الأغصان ويرميها أرضاً قائلاً:
- مَن يستطيع منعي أو إيقافي? لا أحد... لا أحد... أنا قوي!
احتار كلوب ودبدوب... ماذا يفعلان له?! مرة تخاصما معه وأخرى تشاجرا وعلا صوت صياحهما وعراكهما حتى ملأ أرجاء الغابة كلها... وفي إحدى المرات وصلت حدة عراكهما إلى تبادل الضربات واللكمات معه... لكن كل ذلك لم يجد نفعاً مع فوفو! ولم يوقفه عند حده, بل زاده عنفاً وشراسة وراح يخرب أكثر فأكثر الحديقتين.
ذات يوم فوجئ فوفو بوجود جدته أمامه, وكانت قد جاءت من الغابة البعيدة لزيارته مصادفة, رأته يعبث بحديقتي جاريه, وهنا حاول فوفو أن يهرب لكنها أمسكت به, قائلة له:
- ما أصغر عقلك! أأنت مغتر بقوتك? لكن الأمور لا تؤخذ بالقوة وضخامة الجسم... وإنما العاقل ومن كان واثقاً بقوته ينبغي ألا يحمله ذلك على جلب العداوة لنفسه والآخرين... الزرع جميل, ساعد جاريك في إنمائه, في سقيه مثلاً.
ثم سكتت جدة فوفو واستدارت ومضت وحيدة راجعةً إلى منزلها, فصاح فوفو قائلاً:
- جدتي... ارجعي... أرجوكِ.
- جدتي أنا مشتاق لكِ.
- جدتي سأفعل كل ما طلبته مني.
فقالت الجدة:
- بل افعله مقتنعاً وفكِّر بالأمر, لأن هذا هو الحق, وأيضاً حق جاريك عليك.
فقال فوفو متوسلاً إلى جدته:
- أعدك يا جدتي... لقد شعرت بخطئي.
أحس فوفو بضيق شديد في صدره, وكان يأمل في شفقة وعطف جدته, وانتظر قليلاً ليسمع قرارها... فرقَّ قلب الجدة على حفيدها وعادت واحتضنته, ثم قالت له:
- هيّا معاً لنعتني بالحديقتين.
ملاحظة: فوفو هو فيل