الكلبة لايكا

الكلبة  لايكا

  ‬في‭ ‬موسكو‭ ‬وبالقرب‭ ‬من‭ ‬إحدى‭ ‬المنشآت‭ ‬العسكرية‭ ‬صنعت‭ ‬روسيا‭ ‬نصباً‭ ‬تذكارياً‭ ‬يصوّر‭ ‬كلباً‭ ‬يقف‭ ‬على‭ ‬صاروخ،‭ ‬أقيم‭ ‬هذا‭ ‬النصب‭ ‬التذكاري‭ ‬للكلبة‭ ‬‭(‬لايكا‭) ‬التي‭ ‬قدمّت‭ ‬حياتها‭ ‬ثمناً‭ ‬لتمهيد‭ ‬طريق‭ ‬الفضاء‭ ‬أمام‭ ‬الإنسان،‭ ‬فهي‭ ‬أول‭ ‬كائن‭ ‬حي‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬الفضاء‭.‬

  ‬قام‭ ‬المهندسون‭ ‬الروس‭ ‬ببناء‭ ‬الكبسولة‭ ‬الفضائية‭ ‬التي‭ ‬أقلّت‭ ‬‮«‬لايكا‮»‬‭ ‬خلال‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬أول‭ ‬قمر‭ ‬إصطناعي‭ (‬سبوتنيك‭ ‬1‭) ‬في‭ ‬المدار‭ ‬الأرضي‭ ‬عام‭ ‬1957‭.‬

  ‬استخدم‭ ‬برنامج‭ ‬الفضاء‭ - ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬السابق‭ - ‬الكلاب‭ ‬الضالة‭ ‬لاكتشاف‭ ‬تأثير‭ ‬الرحلات‭ ‬الطويلة‭ ‬الفضائية‭ ‬على‭ ‬الكائنات‭ ‬الحية،‭ ‬ومدى‭ ‬تحملها‭ ‬لأجواء‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭ ‬المجهول‭.‬

  ‬ذكر‭ ‬د‭. ‬فلايمير‭ ‬يازدوفسكي،‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬الذي‭ ‬تناول‭ ‬تسلسل‭ ‬طب‭ ‬الفضاء‭ ‬الروسي،‭ ‬أن‭ ‬اختيار‭ ‬‮«‬لايكا‮»‬‭ ‬تم‭ ‬لأسباب‭ ‬عدة،‭ ‬فقال‭: ‬‮«‬كانت‭ ‬جميلة‭ ‬ووديعة‮»‬‭. ‬وأوضح‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬هادئة‭ ‬لا‭ ‬تتشاجر‭ ‬مع‭ ‬الكلاب‭ ‬الأخرى،‭ ‬ويُعتقد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الكلاب‭ ‬الضالة‭ ‬له‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬التأقلم‭ ‬السريع‭ ‬مع‭ ‬الظروف‭ ‬القاسية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬حجمها‭ ‬الضئيل‭ ‬الملائم‭ ‬لحجم‭ ‬الكبسولة‭ ‬الفضائية‭ ‬الصغيرة‭ ‬حينذاك‭. ‬

  ‬أعلن‭ ‬الأطباء‭ ‬أن‭ ‬ضغط‭ ‬الدم‭ ‬ودقات‭ ‬قلب‭ ‬‮«‬لايكا‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تسارعت‭ ‬أثناء‭ ‬إطلاق‭ ‬الكبسولة،‭ ‬أصبحت‭ ‬منتظمة‭ ‬عقب‭ ‬وصولها‭ ‬مدار‭ ‬الأرض،‭ ‬لتعلن‭ ‬روسيا‭ ‬نجاح‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬يفترض‭ ‬أنها‭ ‬استمرت‭ ‬من‭ ‬سبعة‭ ‬إلى‭ ‬عشرة‭ ‬أيام،‭ ‬و‭ ‬لكن‭ ‬كشف‭ ‬مسؤولون‭ ‬عن‭ ‬برنامج‭ ‬الرحلة،‭ ‬بعد‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬لايكا‮»‬‭ ‬ماتت‭ ‬بعد‭ ‬بضع‭ ‬ساعات‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المدار‭ ‬الأرضي،‭ ‬ورغم‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬استعادة‭ ‬الكلبة‭ ‬‮«‬لايكا‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬الأرض‭  ‬فإن‭ ‬التجربة‭ ‬وفّرت‭ ‬معلومات‭ ‬أتاحت‭ ‬إرسال‭ ‬كلاب‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬الفضاء‭ ‬وإعادتها‭ ‬سالمة‭ ‬للأرض‭ ‬حتى‭ ‬أطلقت‭ ‬روسيا‭ ‬أول‭ ‬رحلة‭ ‬بشرية‭ ‬إلى‭ ‬الفضاء‭  ‬على‭ ‬متنها‭ ‬الرائد‭ ‬يوري‭ ‬غاغارين‭ ‬عام‭ ‬1961‭.‬

  ‬قامت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بإرسال‭ ‬القرد‭ ‬هام‭ ‬عام‭ ‬1961‭ ‬ليكون‭ ‬أول‭ ‬كائن‭ ‬حي‭ ‬يرسل‭ ‬للفضاء‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬لتتولد‭ ‬منافسة‭ ‬شديدة‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬والاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬لاكتشاف‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭ ‬ثم‭ ‬توالت‭ ‬تجارب‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬كتجربة‭ ‬فرنسا‭ ‬التي‭ ‬أرسلت‭ ‬أول‭ ‬قط‭ ‬للفضاء،‭ ‬وكان‭ ‬اسمه‭ ‬فيليكس،‭ ‬وأرسلت‭ ‬اليابان‭ ‬عام‭ ‬2012‭ ‬سفينة‭ ‬HTV‭ - ‬3‭ ‬اليابانية،‭ ‬وكان‭ ‬بها‭ ‬حوض‭ ‬مليء‭ ‬بالأسماك‭ ‬تسمى‭ ‬‮«‬الميداكا‮»‬،‭ ‬وبالطبع‭ ‬أجرى‭ ‬الباحثون‭ ‬تجارب‭ ‬مختلفة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأسماك،‭ ‬نظراً‭ ‬لسهولة‭ ‬اختبارها،‭ ‬ولشفافية‭ ‬جلدها‭ ‬الفائقة،‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬سمح‭ ‬لهم‭ ‬بمراقبة‭ ‬أعضائها‭ ‬بكل‭ ‬يسر،‭ ‬وهكذا‭ ‬توالت‭ ‬التجارب‭ ‬لإرسال‭ ‬الحيوانات‭ ‬إلى‭ ‬الفضاء،‭ ‬ولكن‭ ‬تبقى‭ ‬الكلبة‭ ‬لايكا‭  ‬هي‭ ‬صاحبة‭ ‬السبق‭.‬