«قضايا اللغة العربية المعاصرة» في مؤتمر مجمع اللغة العربية التاسع والسبعين

  ‬تحت‭ ‬هذا‭ ‬العنوان‭: ‬‮«‬قضايا‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬المعاصرة‮»‬‭ ‬انعقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬مجمع‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬القاهرة،‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬التاسعة‭ ‬والسبعين،‭ ‬وهو‭ ‬أطول‭ ‬المؤتمرات‭ ‬انعقادًا‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬وربما‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬لأنه‭ ‬يستمر‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬أسبوعين،‭ ‬طبقًا‭ ‬لقانون‭ ‬المجمع‭ ‬ذاته‭. ‬وقد‭ ‬روعي‭ ‬في‭ ‬عنوان‭ ‬مؤتمر‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬واسع‭ ‬الإطار،‭ ‬مترامي‭ ‬الآفاق،‭ ‬ملبِّيًا‭ ‬لاحتياجات‭ ‬الباحثين‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬المجامع‭ ‬العربية‭ ‬والأعضاء‭ ‬المراسلين‭ ‬الذين‭ ‬يريدون‭ ‬أن‭ ‬يترك‭ ‬لهم‭ ‬اختيار‭ ‬المجال‭ ‬الذي‭ ‬يتناوله‭ ‬كل‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تقييد‭. ‬من‭ ‬هنا‭ ‬فقد‭ ‬جاءت‭ ‬الأبحاث‭ - ‬في‭ ‬مجموعها‭ - ‬متنوعة،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬متكاملة،‭ ‬يعكف‭ ‬كل‭ ‬منها‭ ‬على‭  ‬زاوية‭ ‬من‭ ‬الزوايا‭ ‬أو‭ ‬قضية‭ ‬من‭ ‬القضايا،‭ ‬وبقدر‭ ‬ما‭ ‬تعددت‭ ‬الرؤى‭ ‬ومناهج‭ ‬التناول‭ ‬كان‭ ‬الحصاد‭ ‬وفيرًا‭ ‬ومثمرًا‭.‬

لمحة‭ ‬تاريخية‭:‬

نصّ‭ ‬المرسوم‭ ‬الملكي‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ ‬الثالث‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬ديسمبر‭ ‬عام‭ ‬1932‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬مجمع‭ ‬لغوي‭ ‬أهم‭ ‬أهدافه‭ ‬بذل‭ ‬الجهود‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬وجعلها‭ ‬وافية‭ ‬بمطالب‭ ‬العلوم‭ ‬والفنون‭ ‬ومستحدثات‭ ‬الحضارة‭ ‬المعاصرة،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬معجم‭ ‬تاريخي‭ ‬لغوي،‭ ‬والعناية‭ ‬بدراسة‭ ‬اللهجات‭ ‬العربية‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬البلاد‭ ‬العربية،‭ ‬وإصدار‭ ‬مجلة‭ ‬تنشر‭ ‬بحوثًا‭ ‬لغوية‭ ‬والعناية‭ ‬بتحقيق‭ ‬بعض‭ ‬نفائس‭ ‬التراث‭ ‬العربي‭ ‬التي‭ ‬يراها‭ ‬ضرورية‭ ‬لأعماله‭ ‬ودراساته‭ ‬اللغوية‭ ‬ولوضع‭ ‬المعاجم‭. ‬

    ‬كما‭ ‬نص‭ ‬المرسوم‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتكون‭ ‬المجمع‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬عضوًا‭ ‬عاملاً‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬العلماء‭ ‬المعروفين‭ ‬بتعمقهم‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬أو‭ ‬ببحوثهم‭ ‬في‭ ‬فقهها‭ ‬ولهجاتها،‭ ‬دون‭ ‬تقيد‭ ‬بالجنسية‭. ‬وبهذا‭ ‬اصطبغ‭ ‬مجمع‭ ‬القاهرة‭ - ‬عند‭ ‬إنشائه‭ - ‬بصفة‭ ‬عالمية‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الأكاديمية‭ ‬الفرنسية،‭ ‬فضم‭ ‬أعضاء‭ ‬مصريين‭ ‬وغير‭ ‬مصريين،‭ ‬من‭ ‬أشقائهم‭ ‬العرب‭ ‬ومن‭ ‬المستعربين،‭ ‬وأجاز‭ ‬المرسوم‭ ‬اختيار‭ ‬أعضاء‭ ‬فخريين‭ ‬ومراسلين‭. ‬وانعقدت‭ ‬أول‭ ‬جلسة‭ ‬لأعضاء‭ ‬المجمع‭ ‬في‭ ‬الثلاثـــين‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬سنة‭ ‬1934،‭ ‬مستهلّين‭ ‬دورتهم‭ ‬المجــــمعية‭ ‬الأولى،‭ ‬وكان‭ ‬أول‭ ‬عشرين‭ ‬عضوًا‭ ‬وردت‭ ‬أسماؤهم‭ ‬في‭ ‬المرسوم‭ ‬الملكي‭ ‬بتعيينهم‭ ‬في‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬سنة‭ ‬1933‭ ‬هم‭: ‬محمد‭ ‬توفيق‭ ‬رفعت‭ ‬باشا‭ (‬أول‭ ‬رئيس‭ ‬للمجمع‭)‬،‭ ‬حاييم‭ ‬ناحوم‭ ‬أفندي،‭ ‬الشيخ‭ ‬حسين‭ ‬والي،‭ ‬الدكتور‭ ‬فارس‭ ‬نمر‭ ‬باشا،‭ ‬الدكتور‭ ‬منصور‭ ‬فهمي‭ ‬باشا‭ (‬عميد‭ ‬كلية‭ ‬الآداب‭ ‬بالجامعة‭ ‬المصرية‭ ‬الذي‭ ‬اختــــير‭ ‬أمينًا‭ ‬عامًّا‭ ‬للمجمع‭)‬،‭ ‬الشيـــخ‭ ‬إبراهيم‭ ‬حمروش‭ (‬شيخ‭ ‬كلية‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬بالجامع‭ ‬الأزهر‭ ‬وشيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بعد‭)‬،‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬الخضر‭ ‬حسين‭ (‬الأستاذ‭ ‬بكلية‭ ‬أصول‭ ‬الدين‭ ‬بالجامع‭ ‬الأزهر‭ ‬وشيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بعد‭)‬،‭ ‬وأحمد‭ ‬العوامري‭ ‬بك‭ (‬مفتش‭ ‬أول‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬بوزارة‭ ‬المعارف‭ ‬العمومية‭)‬،‭ ‬علي‭ ‬الجارم‭ ‬أفندي‭ (‬مفتش‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬بوزارة‭ ‬المعارف‭ ‬العمومية‭)‬،‭ ‬الشيخ‭ ‬أحمد‭ ‬علي‭ ‬الإسكندري‭ (‬أستاذ‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬بوزارة‭ ‬المعارف‭ ‬العمومية‭ ‬وبدار‭ ‬العلوم‭)‬،‭ ‬الأستاذ‭ ‬الدكتور‭ ‬أ‭.‬فيشر‭ (‬بجامعة‭ ‬ليبزج‭)‬،‭ ‬الأستاذ‭ ‬نللينو‭ (‬بجامعة‭ ‬روما‭)‬،‭ ‬الأستاذ‭ ‬ماسينيون‭ (‬بجامعة‭ ‬فرنسا‭)‬،‭ ‬الأستاذ‭ ‬فنسنك‭ (‬بجامعة‭ ‬ليدن‭) ‬محمد‭ ‬كرد‭ ‬علي‭ ‬بك،‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالقادر‭ ‬المغربي،‭ ‬الأب‭ ‬أنستاس‭ ‬ماري‭ ‬الكرملي،‭ ‬عيسى‭ ‬إسكندر‭ ‬المعلوف‭ ‬أفندي،‭ ‬والسيد‭ ‬حسن‭ ‬عبدالوهاب‭ ‬أفندي‭.‬

وفي‭ ‬العام‭ ‬1940‭ ‬ضُمَّ‭ ‬إلى‭ ‬المجمع‭ ‬عشرة‭ ‬أعضاء‭ ‬هم‭: ‬محمد‭ ‬حسين‭ ‬هيكل‭ ‬باشا،‭ ‬والشيخ‭ ‬مصطفى‭ ‬عبدالرازق‭ ‬بك،‭ ‬والدكتور‭ ‬علي‭ ‬إبراهيم‭ ‬باشا،‭ ‬والشيخ‭ ‬محمد‭ ‬مصطفى‭ ‬المراغي،‭ ‬وعبدالعزيز‭ ‬فهمي‭ ‬باشا،‭ ‬وأحمد‭ ‬لطفي‭ ‬السيد‭ ‬باشا‭ (‬ثاني‭ ‬رئيس‭ ‬للمجمع‭) ‬وعبدالقادر‭ ‬حمزة‭ ‬باشا،‭ ‬والأستاذ‭ ‬عباس‭ ‬محمود‭ ‬العقاد،‭ ‬وطه‭ ‬حسين‭ ‬بك،‭ ‬والأستاذ‭ ‬أحمد‭ ‬أمين‭ ‬بك‭. ‬

ويبلغ‭ ‬أعضاء‭ ‬مؤتمر‭ ‬المجمع‭ ‬العاملون‭ ‬الآن‭ ‬أربعين‭ ‬عضوًا‭ ‬مصريًّا‭ ‬وعشرين‭ ‬عضوًا‭ ‬غير‭ ‬مصري‭.‬

وفي‭ ‬مناسبة‭ ‬مـــــرور‭ ‬خمســــة‭ ‬وسبعين‭ ‬عامًا‭ ‬على‭ ‬صدور‭ ‬مرسوم‭ ‬إنشاء‭ ‬المجمع‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1932‭ ‬أقام‭ ‬المجمع‭ ‬احتفالية‭ ‬كبرى‭ ‬بهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬بمنزلة‭ ‬العيد‭ ‬الماسي‭ ‬للمجمع‭.‬

أما‭ ‬مؤتمر‭ ‬المجمع،‭ ‬فيكون‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬المجمع‭ ‬المصريين‭ ‬وغير‭ ‬المصريين،‭ ‬ويدعى‭ ‬إليه‭ ‬الأعضاء‭ ‬المراسلون‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬والمستعربين،‭ ‬الذين‭ ‬يختارون‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬بلاد‭ ‬العالم‭. ‬وينعقد‭ ‬المؤتمر‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬وينظر‭ ‬في‭ ‬جلساته‭ ‬ما‭ ‬أقره‭ ‬المجلس‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬لجان‭ ‬المجمع،‭ ‬كما‭ ‬يناقش‭ ‬ما‭ ‬أنجزه‭ ‬الأعضاء‭ ‬من‭ ‬بحوث‭ ‬ودراسات،‭ ‬كما‭ ‬تعقد‭ ‬جلسات‭ ‬علنية‭ ‬يلقي‭ ‬فيها‭ ‬بعض‭ ‬أعضائه‭ ‬محاضرات‭ ‬عامة‭. ‬وكثيرًا‭ ‬ما‭ ‬اتصلت‭ ‬هذه‭ ‬البحوث‭  ‬والدراسات‭ ‬والمحاضرات‭ ‬بقضايا‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬مثل‭ ‬تيسير‭ ‬النحو،‭ ‬وتيسير‭ ‬الكتابة‭ ‬العربية،‭ ‬ولغة‭ ‬العلم،‭ ‬والمصطلح‭ ‬العلمي‭ ‬العربي،‭ ‬ولغة‭ ‬الإعلام،‭ ‬والفصحى‭ ‬والعامية،‭ ‬وتراثنا‭ ‬العربي،‭ ‬وقضايا‭ ‬التعريب‭ ‬والترجمة‭ ‬وتوحيد‭ ‬المصطلح‭. ‬وينهي‭ ‬المؤتمر‭ ‬جلساته‭ ‬بإصدار‭ ‬قرارات‭ ‬وتوصيات‭ ‬تبلَّغ‭ ‬إلى‭ ‬الوزارات‭ ‬المعنية‭: ‬التعليم‭ ‬والثقافة‭ ‬والإعلام‭ ‬وإلى‭ ‬الهيئات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬المتصلة‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬مثل‭ ‬المجامع‭ ‬اللغوية‭ ‬والجامعات‭ ‬ومؤسسات‭ ‬المجمع‭ ‬المدني‭.‬

 

مؤتمر‭ ‬هذا‭ ‬العام‭:‬

انعقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬جديدة‭ ‬مواتية،‭ ‬حملت‭ ‬إلى‭ ‬المجامع‭ ‬بشائر‭ ‬انطلاقة‭ ‬مجمعية‭ ‬كبرى‭.‬

أولها‭: ‬اعتبار‭ ‬المجمع‭ ‬هيئة‭ ‬مستقلة،‭ ‬لها‭ ‬استقلالها‭ ‬المالي‭ ‬والإداري،‭ ‬ضمن‭ ‬الهيئات‭ ‬المماثلة‭ ‬المستقلة‭ ‬التي‭ ‬نصّ‭ ‬عليها‭ ‬الدستور‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يعطي‭ ‬للمجمع‭ ‬حرية‭ ‬أوسع‭ ‬في‭ ‬الحركة،‭ ‬واستــــقلالية‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭. ‬

ثانيها‭: ‬فوز‭ ‬المجمع‭ ‬بجائزة‭ ‬الملك‭ ‬فيصل‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬نشر‭ ‬المعاجم‭ ‬اللغوية،‭ ‬وهي‭ ‬جائزة‭ ‬تتيح‭ ‬للمجمع‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الانطلاق‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬فيه‭ ‬المجمع‭ ‬بدور‭ ‬تأسيسي‭ ‬منذ‭ ‬عكف‭ ‬على‭ ‬إنجاز‭ ‬االمعجم‭ ‬الكبيرب‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬منه‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬تسعة‭ ‬مجلدات‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬حرف‭ ‬االزايب،‭ ‬وأعلن‭ ‬المجمع‭ ‬خلال‭ ‬مؤتمره‭ ‬لهذا‭ ‬العام‭ ‬عن‭ ‬عزمه‭ ‬على‭ ‬إنجاز‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬أجزاء‭ ‬المعجم‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭. ‬

وفي‭ ‬مجال‭ ‬إنجاز‭ ‬المعاجم،‭ ‬هناك‭ ‬االمعجم‭ ‬الوسيطب‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬أهم‭ ‬معجم‭ ‬لغوي‭ ‬يستخدمه‭ ‬العرب‭ ‬منذ‭ ‬صدرت‭ ‬طبعته‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1960،‭ ‬ويعكف‭ ‬المجمع‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬لجنة‭ ‬علمية‭ ‬مختصة‭ ‬على‭ ‬تحديثه‭ ‬ليصدر‭ ‬قريبًا‭ ‬في‭ ‬طبعة‭ ‬جديدة‭ ‬محدثة‭ ‬ومزيدة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أضيف‭ ‬إليها‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬منجزات‭ ‬المجمع‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الألفاظ‭ ‬والمصطلحات‭ ‬عبر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمسين‭ ‬عامًا‭. ‬هذا‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المعجم‭ ‬االوجيزب‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬وزارة‭ ‬التعليم‭ ‬بطبعه‭ ‬وتوزيعه‭ ‬على‭ ‬طلاب‭ ‬المدارس،‭ ‬ومعجم‭ ‬األفاظ‭ ‬القرآن‭ ‬الكريمب‭ ‬والمعاجم‭ ‬العلمية‭ ‬المتخصصة‭ ‬التي‭ ‬تضمّ‭ ‬كمًّا‭ ‬هائلاً‭ ‬من‭ ‬المصطلحات‭ ‬العلمية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬التخصصات،‭ ‬وهى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬معجمًا‭ ‬من‭ ‬بينها‭: ‬معجم‭ ‬الجيولوجيا،‭ ‬ومعجم‭ ‬الفيزيقا‭ ‬النووية،‭ ‬ومعجم‭ ‬الحاسبات،‭ ‬ومعجم‭ ‬المصطلحات‭ ‬الطبية،‭ ‬ومعجم‭ ‬الكيمياء‭ ‬والصيدلة،‭ ‬ومعجم‭ ‬البيولوجيا‭ ‬في‭ ‬علوم‭ ‬الأحياء‭ ‬والزراعة،‭ ‬ومعجم‭ ‬النفط،‭ ‬ومعجم‭ ‬الرياضيات،‭ ‬ومعجم‭ ‬التاريخ‭ ‬والآثار،‭ ‬والمعجم‭ ‬الفلسفي،‭ ‬ومعجم‭ ‬مصطلح‭ ‬الحديث‭ ‬النبوي،‭ ‬ومعجم‭ ‬أصول‭ ‬الفقه‭.‬

ثالثها‭: ‬انضمام‭ ‬ستة‭ ‬من‭ ‬أعلام‭ ‬اللغة‭ ‬والفكر‭ ‬والعلم‭ ‬إلى‭ ‬كتيبة‭ ‬المجمعيين،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لملء‭ ‬المقاعد‭ ‬الشاغرة‭ - ‬التي‭ ‬رحل‭ ‬أصحابها‭ ‬عبر‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ - ‬وكان‭ ‬انتخاب‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأعضاء‭ ‬الستة‭ ‬الجدد‭ ‬بمنزلة‭ ‬شحن‭ ‬لطاقة‭ ‬المجمع‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬الانطلاق‭ ‬بأقصى‭ ‬طاقاته‭.‬

رابعها‭: ‬اختيار‭ ‬المجمع‭ - ‬في‭ ‬مستهل‭ ‬هذه‭ ‬الدورة‭ - ‬لعدد‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬الأعضاء‭ ‬المراسلين،‭ ‬الذين‭ ‬هم‭ ‬بمنزلة‭ ‬سفراء‭ ‬مجمعيين‭ ‬في‭ ‬بلادهم،‭ ‬لإطلاع‭ ‬المجمع‭ ‬على‭ ‬أحوال‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬فيها،‭ ‬وما‭ ‬تموج‭ ‬به‭ ‬مجتمعاتها‭ ‬من‭ ‬قضايا‭ ‬ومشكلات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬اللغة‭ ‬تعليمًا‭ ‬وانتشارًا‭ ‬واستخدامًا،‭ ‬وموافاة‭ ‬المجمع‭ ‬بالأبحاث‭ ‬والدراسات‭ ‬الخاصة‭ ‬بهذا‭ ‬المجال‭. ‬

وقد‭ ‬اختار‭ ‬المجمع‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأعضاء‭ ‬المراسلين‭ ‬الجدد‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالله‭ ‬المهنا‭ ‬عن‭ ‬الكويت،‭ ‬الذي‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬ببحث‭ ‬عنوانه‭ ‬االلغة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الدرس‭ ‬الجامعي‭: ‬قضايا‭ ‬وإشكالات‭ -‬جامعة‭ ‬الكويت‭ ‬أنموذجًاب‭  ‬والدكتور‭ ‬محمد‭ ‬عبدالرحيم‭ ‬كافود‭ ‬عن‭ ‬قطر‭ ‬الذي‭ ‬شارك‭ ‬ببحث‭ ‬عنوانه‭: ‬االــــتعريب‭ ‬ضـــــرورة‭ ‬لـــــغة‭ ‬أم‭ ‬حاجة‭ ‬قومية؟ب،‭ ‬والدكتور‭ ‬وليد‭ ‬خالص‭ ‬عن‭ ‬العراق‭ ‬وكان‭ ‬عنوان‭ ‬بحثه‭: ‬اأم‭ ‬المشكلات‭: ‬العربية‭ ‬وأهلها‭ ‬في‭ ‬واقعنا‭ ‬الحاضرب،‭ ‬والدكتور‭ ‬عودة‭ ‬خليل‭ ‬عودة‭ ‬عن‭ ‬الأردن،‭ ‬وقد‭ ‬شارك‭ ‬ببــــحث‭ ‬عنوانه‭: ‬اأثر‭ ‬تعليم‭ ‬اللغة‭ ‬الأجنبية‭ ‬فـــي‭ ‬تعلم‭ ‬اللغة‭ ‬الأم‭ (‬العربية‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الابتدائية‭ ‬الأولى‭)‬ب،‭ ‬والدكتور‭ ‬جوسيبى‭ ‬سكاتولين‭ ‬عن‭ ‬إيطاليا‭ ‬وقد‭ ‬شارك‭ ‬بحث‭ ‬عنوانه‭: ‬اترجمات‭ ‬شعر‭ ‬ابن‭ ‬الفارض‭ ‬الصوفي‭ ‬في‭ ‬الغربب،‭ ‬والدكتور‭ ‬محمد‭ ‬عبدالحليم‭ ‬عن‭ ‬إنجلترا،‭  ‬وكان‭ ‬عنوان‭ ‬بحثه‭: ‬الغة‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬في‭ ‬إفادتها‭ ‬الفنية‭ ‬من‭ ‬لغة‭ ‬القرآنب،‭ ‬والدكتور‭ ‬حسن‭ ‬بشير‭ ‬صديق‭ ‬عن‭ ‬السودان،‭ ‬وكان‭ ‬موضوع‭ ‬بحثه‭: ‬اشهادة‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬الدولية‭: ‬قضية‭ ‬الساعة‭ ‬في‭ ‬سباق‭ ‬اللغات‭ ‬الدوليب‭.‬

أما‭ ‬خامسها‭: ‬فتمثل‭ ‬في‭ ‬المحاضرة‭ ‬القيمة‭ ‬التي‭ ‬شارك‭ ‬بها‭ ‬الدكتور‭ ‬حمد‭ ‬الكواري‭ ‬وزير‭ ‬الثقافة‭ ‬والفنون‭ ‬والتراث‭ ‬في‭ ‬قطر،‭ ‬مشاركًا‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬المجمع،‭ ‬ومتحدثًا‭ ‬عن‭ ‬وضع‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬كله،‭ ‬وحيرة‭ ‬الأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬والنشء‭ ‬الجديد‭ ‬بين‭ ‬لغة‭ ‬الأم‭ ‬ولغة‭ ‬المربية‭ - ‬المتعددة‭ ‬الجنسيات‭ ‬واللغات‭  -‬،‭ ‬ومراعاة‭ ‬الآباء‭ ‬والأمهات‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬لمتطلبات‭ ‬السوق‭ ‬التي‭ ‬سيعمل‭ ‬بها‭ ‬أولادهم،‭ ‬وأهمها‭ ‬إتقان‭ ‬اللغات‭ ‬الأجنبية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬والإسراع‭ ‬إلى‭ ‬الالتحاق‭ ‬بفروع‭ ‬الجامعات‭ ‬الأجنبية‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تتعدد‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬أقطار‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭. ‬كما‭ ‬تناول‭ ‬السياسة‭ ‬التي‭ ‬تتبناها‭ ‬وزارته‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬بوصفه‭ ‬متخرجًا‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬دار‭ ‬العلوم‭ ‬بجامعة‭ ‬القاهرة،‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬المجمع‭ ‬الآن‭ ‬كانوا‭ ‬أساتذته‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬طلب‭ ‬العلم،‭ ‬وبعض‭ ‬الأعضاء‭ ‬الآن‭ ‬هم‭ ‬زملاؤه‭ ‬ورفاقه‭ ‬في‭ ‬الدراسة‭. ‬وقد‭ ‬امتلأت‭ ‬محاضرته‭ - ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الجانب‭ ‬العلمي‭ ‬والطابع‭ ‬الفكري‭ ‬لها‭ - ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الجوانب‭ ‬الإنسانية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬ذكريات‭ ‬التعلم‭ ‬وسنوات‭ ‬الشباب‭ ‬ورفقة‭ ‬الأيام‭ ‬التي‭ ‬تقضّت‭. ‬

وقد‭ ‬أطلقت‭ ‬المحاضرة‭ ‬دعوة‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬المؤتمر،‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬استضافة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬رموز‭ ‬العمل‭ ‬الثقافي‭ ‬والإعلامي‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬مؤتمرات‭ ‬المجمع،‭ ‬حتى‭ ‬يتم‭ ‬التفاعل‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭: ‬المجامع‭ ‬اللغـــــوية‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬والمسئولين‭ ‬عن‭ ‬الثقافة‭ ‬والإعلام‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬وتكوين‭ ‬وجهات‭ ‬نظر‭ ‬مشتركة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬ازدهارها‭.‬

 

جولة‭ ‬بين‭ ‬الأبحاث‭ ‬والدراسات‭ ‬في‭ ‬المؤتمر‭:‬

يثير‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬الحاج‭ ‬صالح‭ (‬رئيس‭ ‬المجمع‭ ‬الجزائري‭ ‬للغة‭ ‬العربية‭ ‬وعضو‭ ‬مجمع‭ ‬القاهرة‭) ‬في‭ ‬بحثه‭ ‬إلى‭ ‬المؤتمر،‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬تخليط‭ ‬بين‭ ‬ميدانين‭ ‬مختلفين‭ ‬تمامًا،‭ ‬هما‭ ‬الميدان‭ ‬العلمي‭ ‬النظري‭ ‬والبحوث‭ ‬المتعلقة‭ ‬به،‭ ‬والميدان‭ ‬التطبيقي‭ ‬الذي‭ ‬يخص‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتصل‭ ‬بعلم‭ ‬النحو‭. ‬فالأول‭ ‬يشمل‭ ‬الدراسة‭ ‬العلمية‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬يحيط‭ ‬بالإنسان‭ ‬والإنسان‭ ‬نفسه‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اللغة‭ ‬كظاهرة‭ ‬ونظام‭ ‬أدلة،‭ ‬ولا‭ ‬ينكر‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬معاند‭.‬

وأما‭ ‬الثاني‭ ‬فيدخل‭ ‬فيه‭ ‬تعليم‭ ‬اللغة‭ ‬واكتساب‭ ‬المهارة‭ ‬في‭ ‬استعمالها،‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬سُمِّي‭ ‬قديمًا‭ ‬بالنحو‭ ‬التعليمي‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬النحو‭ ‬العلمي‭. ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬الكتب‭ ‬النحوية‭ ‬العربية‭ ‬القديمة‭ ‬مثل‭ ‬كتاب‭ ‬سيبويه‭ ‬وشروحه‭ ‬وكتب‭ ‬أبي‭ ‬علي‭ ‬الفارسي‭ ‬وتلميذه‭ ‬ابن‭ ‬جني‭ ‬وغيرها‭ ‬غير‭ ‬صالحة‭ ‬في‭ ‬ذاتها‭ ‬لاكتساب‭ ‬الملكة‭ ‬اللغوية،‭ ‬لأن‭ ‬مضمونها‭ ‬علمي‭ ‬ونظري‭ ‬بحت،‭ ‬فيسأل‭ ‬حينئذٍ‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬قيمة‭ ‬البحث‭ ‬النظري‭: ‬فلماذا‭ ‬ألِّفت‭ ‬ولأي‭ ‬غرض‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينتفع‭ ‬به‭ ‬المتعلمون؟‭ ‬فالإجابة‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬الغاية‭ ‬الأولى‭ ‬والأساسية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يقصدها‭ ‬الواضعون‭ ‬للنحو‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لغير‭ ‬المتقنين‭ ‬للعربية‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬وغيرهم‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأصول‭ ‬اللغوية‭ ‬والضوابط‭ ‬النحوية،‭ ‬يرجعون‭ ‬إليها‭ ‬لا‭ ‬كطريقة‭ ‬لاكتساب‭ ‬الملكة،‭ ‬بل‭ ‬كمرجع‭ ‬من‭ ‬الضوابط،‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬أن‭ ‬جمع‭ ‬وألِّف‭ ‬من‭ ‬ذي‭ ‬قبل‭ - ‬فكان‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬جدًّا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬للعربية‭ ‬مدونة‭ ‬من‭ ‬القواعد‭ ‬المحررة‭ ‬تستخرج‭ ‬من‭ ‬كلام‭ ‬العرب،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬كان‭ ‬اهتمامهم‭ ‬بتدوين‭ ‬شامل‭ ‬لكلامهم‭. ‬ويستشهد‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬الحاج‭ ‬صالح‭ ‬بكلام‭ ‬ابن‭ ‬خلدون‭ ‬حيث‭ ‬يقول‭: ‬ااعلم‭ ‬أن‭ ‬اللغات‭ ‬كلها‭ ‬ملكات‭ ‬شبيهة‭ ‬بالصناعة،‭ ‬والملكات‭ ‬لا‭ ‬تحصل‭ ‬إلا‭ ‬بتكرار‭ ‬الأفعال‭. ‬

إن‭ ‬ملكة‭ ‬هذا‭ ‬اللسان‭ ‬غير‭ ‬صناعة‭ ‬العربية‭ ‬ومستغنية‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬التعليم،‭ ‬والسبب‭ ‬أن‭ ‬صناعة‭ ‬العربية‭ ‬إنما‭ ‬هي‭ ‬معرفة‭ ‬هذه‭ ‬الملكة‭ ‬ومقاييسها‭ ‬خاصة‭. ‬فهو‭ ‬علم‭ ‬بكيفية‭ ‬لا‭ ‬نفس‭ ‬كيفية‭. ‬فليست‭ ‬نفس‭ ‬الملكة‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬بمنزلة‭ ‬من‭ ‬يعرف‭ ‬صناعة‭ ‬من‭ ‬الصنائع‭ ‬علمًا‭ ‬ولا‭ ‬يحكمها‭ ‬عملاًب‭. ‬ويختتم‭ ‬الباحث‭ ‬موضوعه‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬عنوانه‭: ‬االنحو‭ ‬العلمي‭ ‬والنحو‭ ‬التعليمي‭ ‬وضرورة‭ ‬التمـــييز‭ ‬بينهماب‭ ‬بقوله‭: ‬الجدير‭ ‬بالملاحظة‭ ‬في‭ ‬كلام‭ ‬ابن‭ ‬خلدون‭ ‬أنه‭ ‬جعل‭ ‬النحو‭ ‬والبلاغة‭ ‬شيئيْن‭: ‬في‭ ‬كونهما‭ ‬قوانين‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬العلمية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬وملكة‭ ‬تكتسب‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬المعرفة‭ ‬المشعور‭ ‬بها‭ ‬لهذه‭ ‬القوانين‭.‬

وينقلنا‭ ‬الدكتور‭ ‬محمود‭ ‬الربيعي‭ - ‬عضو‭ ‬المجمع‭ - ‬في‭ ‬محاضرته‭ ‬بعنوان‭: ‬اأصحاب‭ ‬الأساليب‭ ‬في‭ ‬العربية‭ ‬الحديثة‭: ‬مصطفى‭ ‬عبدالرازق‭ ‬نموذجًاب‭ ‬إلى‭ ‬الوصف‭ ‬الذي‭ ‬أطلقه‭ ‬طه‭ ‬حسين‭ ‬على‭ ‬أسلوب‭ ‬مصطفى‭ ‬عبدالرازق،‭ ‬وهو‭ ‬أنه‭ ‬اأسمحُ‭ ‬كلام‭ ‬كتبه‭ ‬كاتب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬الحديثب‭ ‬وكيف‭ ‬أنه‭ ‬وصف‭ - ‬على‭ ‬اتساع‭ ‬معناه‭- ‬دقيق‭. ‬فالقارئ‭ ‬إذا‭ ‬تغلغل‭ ‬في‭ ‬نثر‭ ‬مصطفى‭ ‬عبدالرازق،‭ ‬وعاش‭ ‬في‭ ‬عالمه‭ ‬وجد‭ ‬نفسه‭ ‬محوطًا‭ ‬بهذا‭ ‬الجو‭ ‬السمح‭ - ‬على‭ ‬اتساع‭ ‬معنى‭ ‬الكلمة‭ - ‬الذي‭ ‬يلفّك‭ ‬بألفاظه،‭ ‬وجُمله،‭ ‬وتراكيبه،‭ ‬ودلالاته،‭ ‬وصوره،‭ ‬ورموزه،‭ ‬ولوحاته،‭ ‬وأساليبه،‭ ‬وبساطته،‭ ‬وعمقه،‭ ‬وإشاراته‭ ‬القريبة‭ ‬والبعيدة،‭ ‬وحُنوِّه‭ ‬البالغ‭ ‬على‭ ‬المخلوقات،‭ ‬واستيعابه‭ ‬الشفيف‭ ‬لتراث‭ ‬الأمة‭ ‬بكل‭ ‬عناصره،‭ ‬وتشربه‭ ‬الحضاري‭ ‬لحركة‭ ‬العالم‭ ‬ماديًّا‭ ‬ومعنويًّا،‭ ‬وعشقه‭ ‬للجديد،‭ ‬وولعه‭ ‬بالإصلاح،‭ ‬ونبذه‭ ‬للخرافة،‭ ‬وعطفه‭ ‬على‭ ‬بني‭ ‬البشر‭ ‬البسطاء‭ ‬والمحرومين،‭ ‬ونبضه‭ ‬بالحيوية‭ ‬المفرطة‭ ‬التي‭ ‬تطالعك‭ ‬في‭ ‬السطور،‭ ‬وتخايلك‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬السطور،‭ ‬وفي‭ ‬ما‭ ‬وراء‭ ‬السطور‭. ‬ثم‭ ‬يشير‭ ‬الباحث‭ ‬إلى‭ ‬الصيغة‭ ‬الأدبية‭ ‬التي‭ ‬ابتكرها‭ ‬مصطفى‭ ‬عبدالرازق‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬تقارع‭ ‬ما‭ ‬ابتكره‭ ‬بديع‭ ‬الزمان‭ ‬من‭ ‬فن‭ ‬االمقامةب‭ ‬سمّاها‭ ‬مذكرات‭ ‬الشيخ‭ ‬الفزاري،‭ ‬قدم‭ ‬لنا‭ ‬فيها‭ ‬نموذجًا‭ ‬بشريًّا‭ ‬في‭ ‬منتهى‭ ‬الحيوية،‭ ‬لا‭ ‬تشك‭ ‬لحظة‭ ‬في‭ ‬أنه‭ ‬نموذج‭ ‬مصطفى‭ ‬عبدالرازق‭ ‬نفسه،‭ ‬وإن‭ ‬أسرف‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬إقناعنا‭ ‬بأنه‭ ‬زميل‭ ‬دراسة‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬الغربة،‭ ‬أودع‭ ‬عنده‭ ‬كراسة‭ ‬مذكراته‭ ‬وهو‭ ‬يجود‭ ‬بأنفاسه،‭ ‬وأوصاه‭ ‬أن‭ ‬يصون‭ ‬سرّها‭ ‬سنين‭ ‬ثلاثة،‭ ‬ثم‭ ‬ينشر‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬قطعًا‭ ‬وضع‭ ‬عليها‭ ‬علامات‭ ‬بخطه‭. ‬ولكننا‭ ‬نعرف‭ ‬أنه‭ ‬مصطفى‭ ‬عبدالرازق‭ ‬ذاته،‭ ‬فالروح‭ ‬هي‭ ‬الروح،‭ ‬والانتماء‭ ‬الأزهري‭ ‬الصعيدي‭ ‬هو‭ ‬الانتماء‭ ‬الأزهري‭ ‬الصعيدي،‭ ‬والفكر‭ ‬النيّر‭ ‬هو‭ ‬الفكر‭ ‬النيرّ،‭ ‬والأسلوب‭ ‬المترقرق‭ ‬السلس‭ ‬االسمحب‭ ‬هو‭ ‬الأسلوب‭ ‬المترقرق‭ ‬السمح‭.‬

ويؤكد‭ ‬الدكتور‭ ‬الربيعي‭ ‬أن‭ ‬أسلوب‭ ‬مصطفى‭ ‬عبدالرازق‭ ‬القصصي‭ ‬لا‭ ‬يدانيه‭ ‬سوى‭ ‬أسلوبه‭ ‬الوصفي،‭ ‬ولا‭ ‬يتردد‭ ‬في‭ ‬القول‭ ‬بأنه‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الأساليب‭ ‬الذين‭ ‬لهم‭ ‬على‭ ‬تطور‭ ‬النثر‭ ‬العربي‭ ‬الحديث‭ ‬اليد‭ ‬الطولى‭. ‬فلغته‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬عناصرها‭ ‬الأساسية‭ - ‬مفردات‭ ‬وجملاً‭ ‬وفقرات‭ ‬وأُطرًا‭ ‬عامة‭ - ‬فصيحة‭ ‬لا‭ ‬تشوبُها‭ ‬لُكْنة،‭ ‬ورائقة‭ ‬لا‭ ‬يشوبها‭ ‬كدر،‭ ‬وسلسة‭ ‬لا‭ ‬يشوبها‭ ‬عائق،‭ ‬ومن‭ ‬حيث‭ ‬تقنيتها‭ ‬الفنية‭ ‬حفية‭ ‬بالتفاصيل،‭ ‬حافلة‭ ‬بالصور‭ ‬الكاشفة،‭ ‬مشبعة‭ ‬بالشاعرية،‭ ‬شغوفة‭ ‬بالتراث‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مثقلة‭ ‬به‭. ‬ينهي‭ ‬الدكتور‭ ‬الربيعي‭ ‬وقفته‭ ‬مع‭ ‬مصطفى‭ ‬عبدالرازق‭ ‬نموذجًا‭ ‬لأصحاب‭ ‬الأساليب‭ ‬في‭ ‬العربية‭ ‬الحديثة‭ ‬بلون‭ ‬من‭ ‬الوخز‭ ‬الرفيق‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬المشتغلين‭ ‬بالدراسات‭ ‬الأدبية‭ ‬الحديثة‭ ‬حين‭ ‬يقول‭: ‬ايزداد‭ ‬عجبي‭ ‬كلما‭ ‬توغلت‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬نثر‭ ‬مصطفى‭ ‬عبدالرازق‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الدارسين‭ - ‬وهم‭ ‬يؤرخون‭ ‬لتطور‭ ‬الأساليب‭ ‬النثرية‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬العربي‭ ‬الحديث‭ - ‬ذكروا‭ ‬الجميع،‭ ‬من‭ ‬المويلحي،‭ ‬إلى‭ ‬المنفلوطي،‭ ‬إلى‭ ‬محمد‭ ‬عبده،‭ ‬إلى‭ ‬قاسم‭ ‬أمين،‭ ‬إلى‭ ‬الشدياق،‭ ‬إلى‭ ‬طه‭ ‬حسين،‭ ‬إلى‭ ‬الرافعي،‭ ‬إلى‭ ‬العقاد،‭ ‬إلى‭ ‬المازني،‭ ‬إلى‭ ‬أحمد‭ ‬أمين‭ ‬وسلامة‭ ‬موسى،‭ ‬والشوام،‭ ‬والرواد‭ ‬من‭ ‬كتاب‭ ‬بلاد‭ ‬الرافدين،‭ ‬ونسوا‭ - ‬أو‭ ‬كادوا‭ ‬ينسون‭ - ‬مصطفى‭ ‬عبدالرازق،‭ ‬لكنني‭ ‬أعود‭ ‬فأتذكر‭ ‬قولة‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ - ‬تلميذ‭ ‬مصطفى‭ ‬عبدالرازق‭ ‬وأحد‭ ‬أصحاب‭ ‬الأساليب‭ ‬الكبار‭ ‬في‭ ‬العربية‭ ‬الحديثة‭ - ‬اإن‭ ‬آفة‭ ‬حارتنا‭ ‬النسيانب‭.‬

في‭ ‬أولى‭ ‬إطلالاته‭ ‬على‭ ‬مؤتمر‭ ‬المجمع،‭ ‬يتحدث‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالله‭ ‬المهنا‭ - ‬عضو‭ ‬المجمع‭ ‬المراسل‭ ‬من‭ ‬الكويت‭ - ‬عن‭ ‬االلغة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الدرس‭ ‬الجامعي‭.. ‬قضايا‭ ‬وإشكالات،‭ ‬جامعة‭ ‬الكويت‭ ‬أنموذجاًب‭ ‬مقررًا‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬مارس‭ ‬العملية‭ ‬التعليمية‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬يدرك‭ ‬يقينًا‭ ‬أن‭ ‬طلاب‭ ‬الجامعة‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬مستوياتهم‭ ‬العلمية‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬مشكلات‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬نطقًا‭ ‬وكتابةً‭ ‬وتعبيرًا،‭ ‬ولا‭ ‬يستثني‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬حتى‭ ‬أولئك‭ ‬الطلاب‭ ‬الذين‭ ‬ارتضوا‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬تخصصًا‭ ‬لهم،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يشير‭ ‬بصورة‭ ‬واضحة‭ ‬إلى‭ ‬حجم‭ ‬المشكلة‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬الجامعة،‭ ‬وهي‭ ‬ليست‭ ‬وليدة‭ ‬اليوم،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬حاضرة‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬نشأة‭ ‬الجامعة،‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬ستينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬حتى‭ ‬اليوم،‭ ‬مع‭ ‬تفاوت‭ ‬نسبة‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬وحدّتها‭ ‬بين‭ ‬فترة‭ ‬وأخرى‭. ‬

وعندما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬المقررين‭ ‬الإلزاميين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬أولهما‭ ‬يعنى‭ ‬بقضايا‭ ‬النحو‭ ‬والصرف،‭ ‬والثاني‭ ‬يعنى‭ ‬بفنون‭ ‬الأدب‭ ‬العربي‭ ‬قديمه‭ ‬وحديثه،‭ ‬فإنه‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬العسير‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬هذان‭ ‬المقرران‭ ‬دورهما‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬ثقافة‭ ‬لغوية‭ ‬متجانسة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬كفايتهما‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬قصير‭ ‬لتحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬الهدف‭ ‬مع‭ ‬تزايد‭ ‬أعداد‭ ‬الطلاب‭ ‬عامًا‭ ‬بعد‭ ‬آخر،‭ ‬ومعاناة‭ ‬الطلاب‭ ‬في‭ ‬بدء‭ ‬حياتهم‭ ‬الجامعية‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬التأسيس‭ ‬اللغوي،‭ ‬الذي‭ ‬يعود‭ ‬في‭ ‬جذوره‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الجامعة،‭ ‬والشعور‭ ‬الطاغي‭ ‬لديهم‭ ‬بصعوبة‭ ‬تعلم‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬الفصيحة‭ ‬نحوًا‭ ‬وصرفًا‭ ‬وإحساسهم‭ ‬بالاغتراب‭ ‬اللغوي‭ ‬عند‭ ‬حديثهم‭ ‬باللغة‭ ‬الفصيحة‭ ‬عن‭ ‬زملائهم،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬موضع‭ ‬نقدهم‭ ‬وسخريتهم،‭ ‬ونفور‭ ‬كثير‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬التخصص‭ ‬في‭ ‬دراسات‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬وما‭ ‬يسود‭ ‬كثيرًا‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬ضحالة‭ ‬ثقافية،‭ ‬وعدم‭ ‬قدرتهم‭ ‬على‭ ‬تحليل‭ ‬النصوص‭ ‬وتفكيك‭ ‬أبنيتها‭ ‬اللغوية‭ ‬لمعرفة‭ ‬مواقعها‭ ‬الإعرابية‭ ‬والدلالية‭.‬ولا‭ ‬يفوت‭ ‬الدكتور‭ ‬المهنا‭ ‬أن‭ ‬يشير‭ ‬في‭ ‬ختام‭ ‬محاضرته‭ ‬أمام‭ ‬مؤتمر‭ ‬المجمع‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المقترحات‭ ‬أهمها‭ ‬تشريع‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تكفل‭ ‬سلامة‭ ‬الاستخدام‭ ‬اللغوي‭ ‬الصحيح‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬والجامعات‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬المختلفة،‭ ‬واتباع‭ ‬كل‭ ‬الوسائل‭ ‬والأدوات‭ ‬الممكنة‭ ‬في‭ ‬تعليم‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬تعليمًا‭ ‬وظيفيًّا‭ ‬في‭ ‬رياض‭ ‬الأطفال‭ ‬ومراحل‭ ‬التعليم‭ ‬المختلفة،‭ ‬واستخدام‭ ‬وسائل‭ ‬الاتصال‭ ‬اللغوية‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬تدريس‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬تمكِّن‭ ‬الطالب‭ ‬من‭ ‬اكتساب‭ ‬المهارات‭ ‬اللغوية‭ ‬بصورة‭ ‬سليمة‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الأساليب‭ ‬القديمة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬التلقين‭ ‬والحفظ،‭ ‬وإنشاء‭ ‬مراكز‭ ‬لغوية‭ ‬تعنى‭ ‬بتطوير‭ ‬أساليب‭ ‬تعليم‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬وإجراء‭ ‬البحوث‭ ‬وتقديم‭ ‬الحلول‭ ‬والمقترحات‭.‬

ولم‭ ‬يخْلُ‭ ‬المؤتمر‭ ‬من‭ ‬أبحاث‭ ‬ودراسات‭ ‬تتناول‭ ‬القضايا‭ ‬والموضوعات‭ ‬التي‭ ‬عكفت‭ ‬المجامع‭ ‬العربية‭ ‬عليها‭ ‬طويلاً،‭ ‬ولا‭ ‬تكاد‭ ‬تخلو‭ ‬دورة‭ ‬مجمعية‭ ‬من‭ ‬تناولها‭ ‬وتقليبها‭ ‬على‭ ‬وجوهها‭ ‬المختلفة‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬تجيء‭ ‬محاضرة‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬عبدالرحيم‭ ‬كافود‭ - ‬عضو‭ ‬المجمع‭ ‬المراسل‭ ‬عن‭ ‬قطر‭ - ‬عن‭ ‬التعريب،‭ ‬متسائلاً‭ ‬هل‭ ‬هو‭ ‬ضرورة‭ ‬لغوية‭ ‬أم‭ ‬حاجة‭ ‬قومية؟‭ ‬ومختتمًا‭ ‬كلامه‭ ‬بأن‭ ‬قضية‭ ‬التعريب‭ ‬والنهوض‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬قضية‭ ‬الأمن‭ ‬الثقافي،‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الأمن‭ ‬القومي،‭ ‬وهو‭ ‬الهاجس‭ ‬الذي‭ ‬يثير‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القلق‭ ‬والتحدي‭ ‬لواقع‭ ‬الأمة‭ ‬ومستقبلها‭. ‬فإذا‭ ‬ارتقينا‭ ‬بقضية‭ ‬التعريب‭ ‬واللغة‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الهاجس‭ ‬الأمني‭ ‬القومي،‭ ‬لابُد‭ ‬أن‭ ‬تتغير‭ ‬النظرة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬عند‭ ‬مختلف‭ ‬المستويات،‭ ‬وتصبح‭ ‬همًّا‭ ‬مشتركًا‭ ‬لدى‭ ‬الجميع،‭ ‬أعني‭ ‬بها‭ ‬قضية‭ ‬التعريب‭ ‬العام‭ ‬والشامل،‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬عند‭ ‬التعليم‭ ‬العالي،‭ ‬بل‭ ‬تتعداه‭ ‬إلى‭ ‬المؤسسات‭ ‬البحثية‭ ‬والإعلامية‭ ‬والثقافية‭. ‬لقد‭ ‬رفض‭ ‬العرب‭ ‬سابقًا‭ ‬االتتريك‭ ‬والفرنسةب،‭ ‬وناضلوا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬لغتهم‭ ‬وهويتهم،‭ ‬واليوم‭ ‬يلهثون‭ ‬لتغريب‭ ‬مؤسســـــاتهم‭ ‬وتعليمهم‭. ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬ينكر‭ ‬تعلم‭ ‬اللغات‭ ‬الأخرى‭ ‬وإتقانها‭ ‬والإفـــــادة‭ ‬منهـــــا،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬لغته‭ ‬وثقافته‭ ‬وهويّته‭.‬

وفي‭ ‬رأي‭ ‬الدكتور‭ ‬وليد‭ ‬خالص‭ - ‬عضو‭ ‬المجمع‭ ‬المراسل‭ ‬عن‭ ‬العراق‭ - ‬في‭ ‬بحثه‭ ‬عن‭ ‬اأم‭ ‬المشكلات‭..‬‭ ‬العربية‭ ‬وأهلها‭ ‬في‭ ‬واقعنا‭ ‬الحاضرب‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬استقصاء‭ ‬واسع‭ ‬وتأمل‭ ‬عميق‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬االعربيةب‭ ‬اليوم،‭ ‬وما‭ ‬تواجهه‭ ‬من‭ ‬مشكلات،‭ ‬وما‭ ‬يحيق‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬أخطار،‭ ‬فإن‭ ‬اللبَّ‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬كله،‭ ‬والفصَّ‭ ‬منه،‭ ‬هو‭ ‬أهل‭ ‬هذه‭ ‬اللغة‭ ‬التي‭ ‬نالت‭ ‬على‭ ‬أيديهم‭ ‬من‭ ‬الظلم‭ ‬والتنقّص،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تنله‭ ‬لغة‭ ‬من‭ ‬اللغات‭ ‬على‭ ‬سموّ‭ ‬مكانتها،‭ ‬وسعة‭ ‬بحرها،‭ ‬وعمق‭ ‬غورها،‭ ‬وتنوّع‭ ‬أفانينها‭. ‬وهو‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬علاقة‭ ‬العربية‭ ‬بأهلها‭ ‬أمّ‭ ‬المشكلات،‭ ‬لأنها‭ ‬المنبع‭ ‬والمصبّ‭ ‬معًا،‭ ‬والافتتاح‭ ‬والمنتهى‭ ‬معًا،‭ ‬والبدء‭ ‬والختام‭ ‬معًا،‭ ‬فمنهم‭ ‬تنبع‭ ‬المشكلات،‭ ‬وعندهم‭ ‬تصبّ‭ ‬بحسبان‭ ‬مسئوليتهم‭ ‬الكاملة‭ ‬عنها،‭ ‬ومنهم‭ ‬يفتتح‭ ‬الاهتمام‭ ‬بها،‭ ‬وعندهم‭ ‬ينتهي‭ ‬إهمالها‭ ‬وإقصاؤها‭ ‬من‭ ‬التداول‭ ‬والحياة‭. ‬ومنهم‭ ‬تبدأ‭ ‬الحلول،‭ ‬إن‭ ‬أرادوا،‭ ‬وعندهم‭ ‬يختتم‭ ‬تطبيق‭ ‬تلك‭ ‬الحلول‭ ‬ووضعها‭ ‬موضع‭ ‬العمل‭ ‬والتنفيذ‭.‬

ويتناول‭ ‬الدكتور‭ ‬نيقولا‭ ‬دوبريشان‭ - ‬عضو‭ ‬المجمع‭ ‬المراسل‭ ‬عن‭ ‬رومانيا،‭ ‬والمستعرب‭ ‬الذي‭ ‬يعنى‭ ‬بترجمة‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الآثار‭ ‬الأدبية‭ ‬العربية‭ - ‬وبخاصة‭ ‬روايات‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬إلى‭ ‬الرومانية‭- ‬يتناول‭ ‬قضية‭ ‬الازدواجية‭ ‬ومستقبل‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬فهو‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬الفصحى‭ ‬من‭ ‬جهة‭- ‬واللهجات‭ ‬العامية‭ ‬المحكية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭- ‬التي‭ ‬تستعمل‭ ‬جميعها‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬كافة‭  - ‬مظهريْن‭ ‬اثنين‭ ‬للغة‭ ‬واحدة،‭ ‬مع‭ ‬اختلافات‭ ‬وفوارق‭ ‬متباينة‭ - ‬في‭ ‬كل‭ ‬القطاعات،‭ ‬أي‭: ‬الصوتيات‭ ‬والصرف‭ ‬والنحو‭ ‬والمعجم،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الاختلافات‭ ‬الجوهرية‭ ‬بين‭ ‬اللغة‭ ‬الفصحى‭ ‬واللهجات‭ ‬العامية‭ ‬المحكية‭ ‬تتمثَّل‭ - ‬في‭ ‬رأي‭ ‬معظم‭ ‬الباحثين‭ - ‬في‭ ‬فقدان‭ ‬ونقص‭ ‬حركات‭ ‬الإعراب‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬اللهجات،‭ ‬مع‭ ‬استثــــناءات‭ ‬دقيقة‭.‬

ويتوقف‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬الضبيب‭ - ‬عضو‭ ‬المجمع‭ ‬من‭ ‬السعودية‭ - ‬عند‭ ‬قضية‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬المقروء،‭ ‬ويقلقه‭ ‬أن‭ ‬تصدر‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬صحف‭ ‬وجرائد‭ ‬بالعامية،‭ ‬وأن‭ ‬تؤلف‭ ‬كتب‭ ‬لتعليم‭ ‬العاميات‭ ‬للأطفال،‭ ‬فهو‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬انتشار‭ ‬العامية‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬المقالات‭ ‬أو‭ ‬الأخبار‭ ‬أو‭ ‬التقارير‭ - ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الصحفية‭ - ‬فيه‭ ‬ابتذال‭ ‬للغة،‭ ‬وقصور‭ ‬في‭ ‬التعبير،‭ ‬وإشاعة‭ ‬للسطحية،‭ ‬وترسيخ‭ ‬للهجات‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تحلّ‭ ‬في‭ ‬حديث‭ ‬المثقفين‭ ‬عند‭ ‬نقاش‭ ‬أي‭ ‬موضوع‭ ‬فكري‭.‬

ويضرب‭ ‬الدكتور‭ ‬الضبيب‭ ‬المثل‭ ‬بزعماء‭ ‬كثيرين‭ ‬تذكر‭ ‬لهم‭ ‬مواقف‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬أممهم‭ ‬إلى‭ ‬التقدم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اللغة‭ ‬الأم،‭ ‬من‭ ‬أشهرهم‭ ‬الزعيم‭ ‬الفيتنامي‭ ‬اهو‭ ‬شي‭ ‬منهب‭ ‬الذي‭ ‬فرض‭ ‬الفيتنامية‭ ‬بعد‭ ‬الاستقلال‭ ‬مباشرة،‭ ‬موصيًا‭ ‬قومه‭ ‬بأن‭ ‬يحافظوا‭ ‬على‭ ‬صفاء‭ ‬اللغة‭ ‬الفيتنامية،‭ ‬كما‭ ‬يحافظون‭ ‬على‭ ‬صفاء‭ ‬عيونهم،‭ ‬وانيريريب‭ ‬الذي‭ ‬دافع‭ ‬عن‭ ‬اللغة‭ ‬السواحيلية‭ ‬في‭ ‬تنزانيا،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬العلوم‭ ‬والطب‭ ‬تدرس‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬الفقير‭ ‬اقتصاديًّا‭. ‬

ومن‭ ‬الطريف‭ ‬أن‭ ‬يتناول‭ ‬بحثان‭ ‬من‭ ‬بحوث‭ ‬المؤتمر‭ ‬قضية‭ ‬واحدة‭ ‬شغلت‭ ‬الكثيرين‭ ‬وهي‭ ‬اقضية‭ ‬المصطلح‭ ‬بين‭ ‬المشرق‭ ‬والمغرب‭ ‬ثقافيًّا‭ ‬وعلميًّا‭ ‬ولغويًّاب‭ ‬كما‭ ‬سماها‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالهادي‭ ‬التازي‭ - ‬عضو‭ ‬المجمع‭ ‬عن‭ ‬المغرب‭-‬،‭ ‬اوالمصطلحات‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬النهضة‭ ‬العربية‭ ‬الحديثة‭ ‬بين‭ ‬المشرق‭ ‬والمغربب‭ ‬كما‭ ‬سماها‭ ‬الدكتور‭ ‬محمود‭ ‬فهمي‭ ‬حجازي‭ ‬عضو‭ ‬المجمع‭. ‬وكما‭ ‬تناول‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬صالح‭ ‬موضوع‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬النحو‭ ‬العلمي‭ ‬والنحو‭ ‬التعليمي‭ ‬وضرورة‭ ‬التمييز‭ ‬بينهما،‭ ‬فقد‭ ‬تناول‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬حماسة‭ ‬عبداللطيف‭ ‬عضو‭ ‬المجمع‭ ‬االعربية‭ ‬الفصيحة‭ ‬ودور‭ ‬النحو‭ ‬في‭ ‬تعلمهاب‭.‬

كذلك‭ ‬التفت‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬فتوح‭ ‬أحمد‭ ‬والدكتور‭ ‬محمد‭ ‬شفيع‭ ‬الدين‭ ‬السيد‭- ‬عضوي‭ ‬المجمع‭ - ‬إلى‭ ‬موضوع‭ ‬واحد‭ ‬هو‭ ‬لغة‭ ‬الحوار‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭ ‬الأدبية،‭ ‬تناوله‭ ‬الدكتور‭ ‬فتوح‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬لغة‭ ‬الحوار‭ ‬في‭ ‬السرديات‭ ‬اإطلالة‭ ‬على‭ ‬جدلية‭ ‬الحركة‭ ‬والسكون‭ ‬في‭ ‬نقد‭ ‬يحيى‭ ‬حقيب‭ ‬وتناوله‭ ‬الدكتور‭ ‬شفيع‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬‭ ‬الغة‭ ‬الحوار‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬القصصي‭ ‬والمسرحيب‭.‬

قبل‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الجولة‭ ‬في‭ ‬أبحاث‭ ‬المؤتمر،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬البحث‭ ‬المقدم‭ ‬من‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬عبدالحليم‭ - ‬عضو‭ ‬المجمع‭ ‬المراسل‭ ‬عن‭ ‬إنجلترا‭ - ‬عن‭ ‬الغة‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬في‭ ‬إفادتها‭ ‬من‭ ‬لغة‭ ‬القرآنب،‭ ‬وخلاصة‭ ‬رأيه‭ ‬أن‭ ‬محفوظ‭ ‬في‭ ‬إفادته‭ ‬الفنية‭ ‬من‭ ‬لغة‭ ‬القرآن‭ ‬يمثل‭ ‬ظاهرة‭ ‬فريدة‭ ‬بين‭ ‬كتاب‭ ‬جيله‭ ‬ومن‭ ‬جاء‭ ‬بعده‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر،‭ ‬حين‭ ‬يقدم‭ ‬للكتّاب‭ ‬أسوة‭ ‬حسنة،‭ ‬فهو‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أزهريًّا‭ ‬ولا‭ ‬درعميًّا‭ ‬ولا‭ ‬سلفيًّا‭ ‬ولا‭ ‬متديِّنًا‭ ‬بالمعنى‭ ‬الـــشائع،‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬ذكره‭ ‬عن‭ ‬حياته‭ ‬في‭ ‬شبابه‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬قرأ‭ ‬من‭ ‬فلسفات‭ ‬وآداب،‭ ‬فهو‭ ‬قد‭ ‬داوم‭ ‬على‭ ‬قراءة‭ ‬القرآن‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬حياته‭ ‬ليمتاح‭ ‬من‭ ‬لغــــة‭ ‬الــــقرآن‭ ‬وبلاغـــــته‭ ‬ما‭ ‬يغني‭ ‬به‭ ‬أدبه،‭ ‬وهو‭ ‬يقدم‭ ‬مثالاً‭ ‬بليغًا‭ ‬للتـــــواصل‭ ‬بين‭ ‬لغة‭ ‬العصر‭ ‬والتراث‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬أرفع‭ ‬طبقاته‭.‬

كما‭ ‬تناول‭ ‬الدكتور‭ ‬صادق‭ ‬عبدالله‭ ‬أبوسليمان‭ - ‬عضو‭ ‬المجمع‭ ‬المراسل‭ ‬عن‭ ‬فلسطين‭- ‬موضوع‭ ‬الضبطية‭ ‬المصطلحية‭: ‬مفهومها‭ ‬ومقوماتها‭ ‬وأهدافها‭ ‬ومتطلبات‭ ‬الوضع‭ ‬المصطلحي‭ ‬المعاصر‭.‬

وتناول‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالحكيم‭ ‬راضي‭ - ‬عضو‭ ‬المجمع‭- ‬في‭ ‬بحثه‭ ‬بعنوان‭: ‬اسلعة‭ ‬العربية‭ ‬بين‭ ‬مُنتجٍ‭ ‬مُحبط‭ ‬ومستهلكٍ‭ ‬زاهدب‭ ‬الذي‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬خلاصته‭ ‬أن‭ ‬لغتنا‭ ‬أصبحت‭ ‬سلعة‭ ‬غير‭ ‬مطلوبة،‭ ‬ينتجها‭ ‬منتج‭ ‬مْحبَط‭ ‬ليقدمها‭ ‬إلى‭ ‬مستهلك‭ ‬زاهد‭ ‬فيها،‭ ‬وهي‭ ‬مهزلة‭ ‬يشارك‭ ‬فيها‭ ‬المجتمع‭ ‬ومؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬وإن‭ ‬بدا‭ - ‬خطأً‭ - ‬أن‭ ‬الذنب‭ ‬ذنب‭ ‬اللغة‭.‬

 

فكر‭ ‬لغوي‭ ‬جديد‭:‬

تكمن‭ ‬أهمية‭ ‬هذا‭ ‬المؤتمر‭ - ‬من‭ ‬مؤتمرات‭ ‬مجمع‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭- ‬في‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬فكر‭ ‬جديد‭ ‬ومختلف،‭ ‬نواجه‭ ‬به‭ ‬قضايا‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬ومشكلاتها‭. ‬يقوم‭ ‬هذا‭ ‬الفكر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬اللغة‭ ‬للحياة،‭ ‬وأن‭ ‬العربية‭ ‬المعاصرة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مستهدفة‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬التعليم،‭ ‬لأنها‭ ‬وعاء‭ ‬العصر،‭ ‬ولأن‭ ‬تعليمها‭ ‬وتعلّمها‭ ‬يؤديان‭ ‬إلى‭ ‬وحدة‭ ‬المعرفة‭ ‬والثقافة‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬اللغوي،‭ ‬حين‭ ‬يعتمد‭ ‬التعليم‭ ‬والتعلم‭ ‬سياسة‭ ‬االغمْر‭ ‬اللغويب‭ ‬أو‭ ‬االحمّام‭ ‬اللغويب‭ - ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬الفرنسيون‭ - ‬في‭ ‬كل‭ ‬المناهج‭ ‬والدروس‭ ‬المختلفة،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يهدم‭ ‬الآخرون‭ ‬ما‭ ‬يبنيه‭ ‬درس‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬الذي‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يتسع‭ ‬للأنشطة‭ ‬المدرسية‭ ‬والهوايات‭ ‬المختلفة‭ ‬المرتبطة‭ ‬باللغة،‭ ‬كالصحافة‭ ‬المدرسية‭ ‬والمسرح‭ ‬المدرسي‭ ‬والتمثيل‭ ‬والمناظرات‭ ‬وعروض‭ ‬القراءة‭ ‬ومسابقاتها‭ ‬وغيرها‭. ‬فبها‭ ‬يكتمل‭ ‬تعليم‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬وممارستها‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تمارس‭ ‬في‭ ‬الحياة‭.‬

    ‬والفكر‭ ‬اللغوي‭ ‬الجديد‭ ‬يدعونا‭ - ‬أيضًا‭ - ‬إلى‭ ‬الاهتمام‭ ‬بوسائل‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬الإعلام‭ ‬الجديد،‭ ‬وهي‭ ‬وسائل‭ ‬أتاحتها‭ ‬ثورة‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والتقنيات‭ ‬الجديدة‭ ‬والإلكترونية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬التقليدي‭ - ‬من‭ ‬صحافة‭ ‬وإذاعة‭ ‬وتلفزيون‭ ‬وفضائيات‭ -‬،‭ ‬هذه‭ ‬الوسائط‭ ‬الاتصالية‭ ‬الجديدة‭ ‬مثل‭ ‬اليوتيوب‭ ‬والتويتر‭ ‬والفيس‭ ‬بوك‭ ‬والآي‭ ‬باد‭ ‬والبلاك‭ ‬بيري‭ ‬وغيرها‭ ‬أصبحت‭ ‬واسعة‭ ‬الانتشار‭ ‬بين‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬شبابًا‭ ‬وناشئة،‭ ‬وهي‭ ‬تتيح‭ - ‬إذا‭ ‬أحسن‭ ‬استخدامها‭ ‬وتمّ‭ ‬ترشيده‭ - ‬إضافة‭ ‬بالغة‭ ‬الأهمية‭ ‬إلى‭ ‬تعليم‭ ‬اللغة‭ ‬الصحيحة،‭ ‬حين‭ ‬يَمْرن‭ ‬مستخدموها‭ ‬على‭ ‬تحرير‭ ‬الرسائل،‭ ‬وتجديدها،‭ ‬وضبطها‭ ‬لغويًّا،‭ ‬وتنمية‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الفهم،‭ ‬والتحصيل‭ ‬المعرفي،‭ ‬والتحليل‭ ‬والنقد،‭ ‬والجهر‭ ‬بما‭ ‬كان‭ - ‬قبلُ‭ - ‬مضمرًا‭ ‬في‭ ‬الصدور‭.‬

ذلك‭ ‬أن‭ ‬الوظيفة‭ ‬التواصلية‭ ‬للغة‭ ‬العربية‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬إتقان‭ ‬عمليات‭ ‬القراءة‭ ‬الصحيحة،‭ ‬والكتابة‭ ‬السليمة،‭ ‬والاستماع‭ ‬الواعي،‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬التحدث‭ ‬والمشاركة،‭ ‬والتذوق‭ ‬البلاغي‭ ‬والجمالي،‭ ‬واستيعاب‭ ‬عناصر‭ ‬اللغة‭ ‬المرئية،‭ ‬والإفادة‭ ‬من‭ ‬مخزون‭ ‬العامية‭ ‬لدى‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬السلم‭ ‬التعليمي‭ ‬للتدرج‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬تعلم‭ ‬اللغة‭ ‬الصحيحة،‭ ‬مع‭ ‬ضرورة‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالتعلم‭ ‬قدْر‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالتعليم،‭ ‬وتأكيد‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬المعلّم‭ ‬بوصفه‭ ‬محورًا‭ ‬أساسيًّا‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬التعليمية،‭ ‬حتى‭ ‬تصبح‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬المتُعلَّمة‭ - ‬بحق‭ - ‬لغة‭ ‬للحياة‭.‬

كما‭ ‬يطالب‭ ‬هذا‭ ‬الفكر‭ ‬الجديد‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬والاتصال‭ - ‬الجديدة‭ ‬والتقليدية‭ - ‬بتجنب‭ ‬اللهجات‭ ‬والعاميات‭ ‬المغرقة‭ ‬في‭ ‬الطابع‭ ‬المحلي،‭ ‬حرصًا‭ ‬على‭ ‬الارتفاع‭ ‬بالذوق‭ ‬اللغوي‭ ‬السليم،‭ ‬واقترابًا‭ ‬من‭ ‬أفق‭ ‬الفصحى‭ ‬الذي‭ ‬يلتقي‭ ‬من‭ ‬حوله‭ ‬كل‭ ‬العرب،‭ ‬ويثرونه‭ ‬بالمزيد‭ ‬من‭ ‬مكتسبات‭ ‬اللغة‭ ‬وذخيرتها‭ ‬الحية‭.‬

ويطالب‭ ‬هذا‭ ‬الفكر‭ - ‬أيضًا‭ - ‬بوضع‭ ‬برامج‭ ‬جديدة‭ ‬للتدريب‭ ‬اللغوي‭ ‬تشمل‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإعلامية‭ ‬ومراكز‭ ‬البحث‭ ‬اللغوي‭ ‬والكليات‭ ‬والمعاهد‭ ‬المتخصصة،‭ ‬لتدريب‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الإعلام‭ ‬المقروءة‭ ‬والمسموعة‭ ‬والمرئية‭ ‬والإلكترونية،‭ ‬تركّز‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬الأسلوب‭ ‬وعلم‭ ‬السؤال‭ ‬والحوار‭ ‬والدراسات‭ ‬الصوتية‭ ‬وشروط‭ ‬الإبانة‭ ‬والإفصاح‭ ‬في‭ ‬النطق‭ ‬والأداء،‭ ‬ودراسة‭ ‬الوصف‭ ‬والنبر‭ ‬والاستفهام‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬أساليب‭ ‬تغير‭ ‬الدلالة‭ ‬وتنويعها‭. ‬كما‭ ‬يناشد‭ ‬المجامع‭ ‬والمؤسسات‭ ‬اللغوية‭ ‬العربية‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إنجاز‭ ‬تخطيط‭ ‬اقتصادي‭ ‬أو‭ ‬اجتماعي‭ ‬أو‭ ‬تنموي‭- ‬تُراعى‭ ‬فيه‭ ‬شروط‭ ‬التنمية‭ ‬اللغوية‭ ‬الصحيحة،‭ ‬التي‭ ‬تزيد‭ ‬في‭ ‬حجم‭ ‬متن‭ ‬اللغة‭ ‬المعاصرة،‭ ‬وتوسّع‭ ‬من‭ ‬دوائر‭ ‬استخدامها،‭ ‬وتُيسر‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬الملتزمين‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المجالات‭.‬

لقد‭ ‬ساعد‭ ‬الاستخدام‭ ‬السليم‭ ‬للغة‭ ‬العربية‭ ‬والنطق‭ ‬الصحيح‭ ‬لها‭ - ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬والاتصال‭ ‬العربية‭ - ‬على‭ ‬إبقاء‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬حية،‭ ‬ومنطوقة،‭ ‬ومسموعة،‭ ‬بصوتياتها‭ ‬وألوان‭ ‬أدائها‭ ‬وأطياف‭ ‬استخداماتها‭. ‬

فلنعمل‭ ‬على‭ ‬زيــــادة‭ ‬هذه‭ ‬المساحة‭ ‬من‭ ‬نــفاذ‭ ‬اللغة‭ ‬الحية‭ ‬الصحيــحة‭ ‬إلى‭ ‬الناس،‭ ‬يقلدونها‭ ‬ويتعلمون‭ ‬منها،‭ ‬ويــــقوّمون‭ ‬ألسنتهم‭ ‬وأقلامهــــم‭ ‬بحسْن‭ ‬الاستفادة‭ ‬ممـــن‭ ‬يمثـــلونها،‭ ‬وهـــو‭ ‬دور‭ ‬لا‭ ‬ينكر‭ ‬في‭ ‬الحفـــاظ‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬اللغة‭ ‬وإثـــرائها،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬نشرها،‭ ‬وتوســـيع‭ ‬دائرة‭ ‬استخدامها‭.‬

ولنتأمل‭ ‬قول‭ ‬شوقي‭: ‬

الله‭ ‬كرَم‭ ‬بالبيان‭ ‬عصابةً

في‭ ‬العالمين،‭ ‬عزيزة‭ ‬الميلادِ

والشعر‭ ‬في‭ ‬حيثُ‭ ‬النفوسُ‭ ‬تلذُّه

لا‭ ‬في‭ ‬الجديد‭ ‬ولا‭ ‬القديم‭ ‬العادي

حقُّ‭ ‬العشيرة‭ ‬في‭ ‬نبوغك‭ ‬أولٌ

فانظر،‭ ‬لعلّك‭ ‬بالعشيرة‭ ‬بادي

لم‭ ‬يكفهم‭ ‬شطْر‭ ‬النبوغ،‭ ‬فزدهمو

إن‭ ‬كنت‭ ‬بالشطرين‭ ‬غَيْرَ‭ ‬جوادِ

أو‭ ‬دع‭ ‬لسانك‭ ‬واللغات،‭ ‬فربّما

عُني‭ ‬الأصيلُ‭ ‬بمنطق‭ ‬الأجدادِ

إن‭ ‬الذي‭ ‬ملأ‭ ‬اللغات‭ ‬محاسنًا

جعل‭ ‬الجمال‭ ‬وسرّهُ‭ ‬في‭ ‬‮«‬الضّادِ‮»‬

قرارات‭ ‬المؤتمر‭ ‬وتوصياته‭:‬

‭< ‬اتخذ‭ ‬المؤتمر‭ ‬قرارات‭ ‬وتوصيات‭ ‬عدة،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬تفعيل‭ ‬وسائل‭ ‬الاتصال‭ ‬وتدعيمها‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬المجامع‭ ‬اللغوية‭ ‬العلمية‭ ‬العربية‭ ‬لمتابعة‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬فيها‭ ‬جميعها‭ ‬من‭ ‬أبحاث‭ ‬ودراسات‭ ‬وقرارات‭ ‬وتوصيات،‭ ‬كما‭ ‬يدعو‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ - ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تنشئ‭ ‬مجامعها‭ ‬اللغوية‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ - ‬إلى‭ ‬سرعة‭ ‬إنجاز‭ ‬هذه‭ ‬المجامع،‭ ‬تعزيزًا‭ ‬للرابطة‭ ‬المجمعية‭ ‬ومؤازرة‭ ‬للعمل‭ ‬المجمعي‭ ‬وعملاً‭ ‬على‭ ‬توسيع‭ ‬آفاقه‭ ‬ودعم‭ ‬إمكانياته‭.‬

‭< ‬ركّز‭ ‬المؤتمر‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬لهذا‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬قضية‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬التعليم،‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬المناهج‭ ‬وأساليب‭ ‬التعليم‭ ‬وتأهيل‭ ‬المعلمين‭ ‬وتدريبهم،‭ ‬واعتماد‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬المعاصرة‭ ‬مدخلاً‭ ‬لتعليم‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬التعليم،‭ ‬وقضية‭ ‬المصطلح‭ ‬بين‭ ‬المشرق‭ ‬العربي‭ ‬والمغرب‭ ‬العربي،‭ ‬وضرورة‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬قواعد‭ ‬الكتابة‭ ‬العربية،‭ ‬وموضوع‭ ‬الأرقام‭ ‬العربية،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬لاتزال‭ ‬محلّ‭ ‬خلاف‭.‬

‭< ‬كما‭ ‬تناول‭ ‬المؤتمر‭ ‬في‭ ‬أبحاثه‭ ‬لهذه‭ ‬الدورة‭  ‬قضية‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬وهو‭ ‬يطالب‭ ‬بتعزيز‭ ‬الجوانب‭ ‬الإيجـــابية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الـــلغة‭ ‬وتصــــويب‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬سلبيات‭ ‬الأداء‭ ‬التي‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬حدّة‭ ‬الاتــــهام‭ ‬لهذه‭ ‬الوســـــائل‭ ‬بنشر‭ ‬الأخطاء‭ ‬وزيادة‭ ‬الرقعــة‭ ‬المتاحة‭ ‬لاستــــخدام‭ ‬العاميات‭ ‬واللهجات‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬اللغة‭ ‬الصحيحة‭.‬

‭< ‬يثني‭ ‬المؤتمر‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬مجمع‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬تعزيز‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬إنجاز‭ ‬المعجم‭ ‬الكبير‭ - ‬الذي‭ ‬سيصبح‭ ‬عند‭ ‬صدوره‭ ‬أكبر‭ ‬معجم‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬العربية‭ - ‬فقد‭ ‬أصبحت‭ ‬لجنته‭ ‬العلمية‭ ‬الواحدة‭ ‬ثلاث‭ ‬لجان،‭ ‬تضم‭ ‬الأعضاء‭ ‬والخبراء‭ ‬والمحررين،‭ ‬عملاً‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬ما‭ ‬أعلنه‭ ‬المجمع‭ - ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الدورة‭ - ‬من‭ ‬ضرورة‭ ‬إنجاز‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬المعجم‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭.‬

‭< ‬يوصي‭ ‬المؤتمر‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬موضوع‭ ‬االتعريب‭ ‬في‭ ‬مراحل‭ ‬التعليم‭ ‬المختلفة‭ ‬بالوطن‭ ‬العربيب‭ ‬هو‭ ‬عنوان‭ ‬المؤتمر‭ ‬القادم‭ ‬للمجمع،‭ ‬بوصفه‭ ‬موضوعًا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬حسم‭ ‬النظر‭ ‬إليه‭ ‬بين‭ ‬المجامع‭ ‬اللغوية‭ ‬العلمية‭ ‬العربية‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭. ‬

‭< ‬كما‭ ‬يدعو‭ ‬المؤتمر‭ ‬جميع‭ ‬القادة‭ ‬العرب‭ ‬والمسئولين‭ ‬والممثلين‭ ‬للأقطار‭ ‬العربية‭ - ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية‭ ‬إلى‭ ‬تبنّي‭ ‬استخدام‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬الصحيحة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المؤتمرات‭ ‬والملتقيات،‭ ‬وبخاصة‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومنظماتها‭ ‬الدولية،‭ ‬لدعم‭ ‬استخدام‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬وترسيخها‭ ‬لغة‭ ‬أساسية‭ ‬بين‭ ‬اللغات‭ ‬المعتمدة‭ ‬فيها‭.‬

‭< ‬ويتبنى‭ ‬المؤتمر‭ ‬الدعوة‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬بها‭ ‬بعض‭ ‬المشاركين‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬ضــرورة‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬شهادة‭ ‬كفاية‭ ‬دولية‭ ‬يشترط‭ ‬الحصول‭ ‬عليها‭ ‬لمن‭ ‬يمارسون‭ ‬تعليم‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬وشهادة‭ ‬دولية‭ ‬للناطقين‭ ‬بغير‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬تعبيرًا‭ ‬عن‭ ‬إتقانهم‭ ‬وإجادتهم‭ ‬لتعلمها‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمرين‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬اتحاد‭ ‬المجامع‭ ‬اللغوية‭ ‬العلمية‭ ‬العربية‭ ‬ووزارات‭ ‬التعليم‭ ‬وأقسام‭ ‬الدراسات‭ ‬اللغوية‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬العربية‭.‬

‭< ‬وأخيرًا،‭ ‬يدعو‭ ‬المؤتمر‭ ‬إلى‭ ‬ترشيد‭ ‬استخدام‭ ‬الشباب‭ ‬والناشئة‭ ‬لوسائل‭ ‬الاتصال‭ ‬الجديدة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬وتشجيعهم‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬العربية‭ ‬الصحيحة‭ ‬في‭ ‬رسائلهم‭ ‬وتغريداتهم،‭ ‬بهدف‭ ‬تدريبهم‭ ‬على‭ ‬الكتابة‭ ‬الصحيحة‭ ‬والتعبير‭ ‬عما‭ ‬يريدون‭ ‬التعبير‭ ‬عنه‭ ‬بطريقة‭ ‬لا‭ ‬تجافي‭ ‬اللغة‭ ‬ولا‭ ‬تهبط‭ ‬إلى‭ ‬السوقية‭.‬

  ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الوسائل‭ - ‬في‭ ‬حالة‭ ‬ترشيد‭ ‬استخدامها‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ - ‬تفيد‭ ‬قطاعات‭ ‬عريضة‭ ‬من‭ ‬الناشئة‭ ‬في‭ ‬تعلم‭ ‬اللغة‭ ‬الصحيحة‭ ‬وإتقان‭ ‬كتابتها‭ ‬والتعبير‭ ‬بها‭ ‬عن‭ ‬مكنونات‭ ‬النفوس‭ ‬والعقول‭ .