اَلْفِلِبِّين لِقاءٌ مَعَ التِّنِّين!
ذاتَ صَباحٍ باكِرٍ، رَأيْتُ صَديقي أحْمَدَ مُتَأبِّطاً (تَحْتَ إبْطِهِ) قارِباً مَطَّاطِياًّ، وهُوَ يَقْفِزُ ويَجْري بِسُرْعةِ الأَرْنَبِ، كَأَنَّ أمْراً ما يَشْغَلُ بالَهُ، إنْ لَمْ يُحَقِّقْهُ، سَيَضيعُ مِنْهُ، فَاعْتَرَضْتُ طَريقَهُ، وأوْقَفْتُهُ، ثُمَّ سَألْتُهُ: ألاَ قُلْ لي، يا صَديقي: ما لَكَ تَقْفِزُ وتَجْري على غَيْرِ عادَتِكَ؟!... إلى أيْنَ أنْتَ ذاهِبٌ؟!
أجابَني على عَجَلٍ (بِسُرْعةٍ) دونَ أنْ يَلْتَفِتَ إلَيَّ: يا لَلْعَجَبِ!... ألاَ تَراني أتَأبَّطُ قارِبي؟!
تَنَبَّهْتُ لِسُؤالِهِ، فَقُلْتُ لَهُ: حَقاًّ!... يالي مِنْ أبْلَهَ (غافِلٍ)!... تَسيرُ نَحْوَ الْبَحْرِ!... لَكِنْ، ماذا سَتَفْعَلُ فيه، والْفَصْلُ شِتاءٌ، والشَّاطِئُ خالٍ مِنَ السَّبَّاحينَ والْمُصْطافينَ؟!
اِبْتَسَمَ قائلاً: سَأتَوَجَّهُ إلى جَزيرَةِ بورْكايْ بِدَوْلَةِ الْفِلِبِّينْ لأُشارِكَ في مُسابَقةِ التَّجْذيفِ الَّتي تُجْرى فيها كُلَّ سَنَةٍ بِمُناسَبةِ الْمِهْرَجانِ الْعالَمي لِقَوارِبِ التِّنِّينِ!
اِنْفَجَرْتُ ضاحِكاً: يا لَكَ مِنْ حالِمٍ!..النَّاسُ يَحْلُمونَ في الليْلِ، عِنْدَما يَنامونَ، وأنْتَ تَحْلُمُ في النَّهارِ عِنْدَما تَسْتَيْقِظُ!
اِنْصَرَفَ مِنْ أمامي (تَرَكَني) وهُوَ يُرَدِّدُ بِصَوْتٍ هادِئٍ: غَداً، سَتَرى بِعَيْنَيْكَ، وتَسْمَعُ بِأُذُنَيْكَ، مَنْ مِنَّا الْحالِمُ، أنا أو أنْتَ!
بَقيتُ مُتَسَمِّراً في مَكاني، أتَتَبَّعُهُ بِنَظَري مِنْ بَعيدٍ، إلى أنْ وَصَلَ إلى الشَّاطِئَ، فَوَضَعَ الْقارِبَ على الرَّمْلِ، وأخَذَ يَنْفُخُ في جُعْبَتِهِ، الْمَرَّةَ تِلْوَ الأُخْرى، حَتَّى اسْتَوى، فَدَفَعَهُ تجاهَ الْبَحْرِ، ثُمَّ رَكِبَهُ وانْطَلَقَ يُجَذِّفُ بِالْمِجْذافَيْنِ، مَرَّةً إلى الأَمامِ، ومَرَّةً إلى الْوَراءِ، إلى أنْ غابَ عَنْ عَيْنَيَّ..!
وبَعْدَ أيَّامٍ قَليلَةٍ عادَ إلى أرْضِ الْوَطَنِ فَاسْتَقْبَلَهُ أقْرِباؤُهُ وأصْدِقاؤُهُ في حَفْلٍ بَهيجٍ لأنَّهُ فازَ بِالْمَرْتَبَةِ الأولى في مُسابَقةِ التَّجْذيفِ، ولَمْ يَسَعْني في تِلْكَ اللَّحْظةِ إلا أنْ أعْتَذِرَ لَهُ، لأَنَّني سَخِرْتُ مِنْ مُشارَكَتِهِ في الْمِهْرَجانِ، وكانَ عَلَيَّ أنْ أُشَجِّعَهُ. فَقالَ لي باسِماً: لا عَلَيْكَ، صَديقي!. حينَ فارَقْتُكَ في ذَلِكَ الْيَوْمِ الشِّتائي سِرْتُ بقارِبي مَسافاتٍ طَويلةً إلى أنْ شاهَدْتُ جُزُراً تُكَوِّنُ الْفِلِبِّينَ، عَدَدُها حَوالَيْ سَبْعَةِ آلافٍ ومائَةٍ وسَبْعَةٍ، تَزيدُ وتَنْقُصُ بِفِعْلِ الْمَدِّ والْجَزْرِ فَوَجَدْتُني تائِهاً بَيْنَها لا أدْري أياًّ مِنْها أقْصِدُ؟... هَذِهِ أو تِلْكَ؟... وفي النِّهايةِ ظَهَرَتْ لي مَدينَةٌ عَظيمةٌ، يَعُدُّونَها مِنْ بَيْنِ أكْبَرِ عَشْرِ مُدُنٍ في الْعالَمِ، نَزَلْتُ بِها فَأَخْبَروني بِأنَّها الْعاصِمةُ، وتُسَمَّى بِالْعَرَبِيَّةِ (مانيلا) أيْ (أمانُ اللَّهِ) ويَرى الْبَعْضُ أنَّ اسْمَها مِنْ شُجَيْرَةٍ (نيلادْ) تَنْبُتُ بِضِفَّةِ نَهْرِ (باسيجْ) الَّذي تَقَعُ عَلَيْهِ مانيلا، لَكِنَّ الاِسْمَ الأوَّلَ أصَحُّ، وهِيَ نَفْسُها تَتَكَوَّنُ مِنْ مُدُنٍ، أكْبَرُها (كايْزونْ سيتي)!
وكَمْ أعْجَبَتْني هَذِهِ الْمَدينَةُ بِحَدائِقِها، ومِساحاتِها الْخَضْراءِ، وأشْجارِها الْمُتَنَوِّعَةِ، كَالنَّخيلِ الطَّويلِ والسَّنْطِ (شَجَرٌ كَبيرٌ، عِطْرِيٌّ أصْفَرُ) والْخَيْزُرانِ (قَصَبٌ وأعْوادٌ لَيِّنَةٌ)... وبِحَيَواناتِها، كَالْجَواميسِ والْخُيولِ والْماعِزِ والطُّيورِ... وبِعِماراتِها الشَّاهِقةِ، وشَوارِعِها الْفَسيحةِ، ومَتاحِفِها ومَعابِدِها ومَدارِسِها...!
وبَيْنَما أنا أسيرُ في شَوارِعِها، إذا بي أجِدُ نَفْسي في حَديقةٍ مائِيَّةٍ، سَقْفُها زُجاجِيٌّ سَميكٌ تَسْبَحُ فيهِ الأسْماكُ والْحيتانُ الْعِمْلاقةُ والسلاحِفُ، فَانْطَلَقْتُ أجْري مَعَ الأطْفالِ، نُحَرِّكُ جَميعاً أيْدِيَنا، كَأنَّنا نَسْبَحُ مَعَها، ثُمَّ خَرَجْتُ مِنَ الْحَديقةِ فَقابَلَتْني مَدينَةُ الْمَلاهي، تَحْتَوي على سَيَّاراتٍ وقَوارِبَ وخُيولٍ وسُفُنِ الْقَراصِنَةِ يَرْكَبُها الأطْفالُ مِثْلي، ويَتَجَوَّلونَ بِها في مَمَرَّاتٍ مُلْتَوِيَّةٍ، وأحْياناً، يَتَصادَمونَ بِها دونَ أنْ تُحْدِثَ فيهِمْ إصاباتٍ، بَلْ تَجْعَلُهُمْ يَغْرَقونَ في الضَّحِكِ، وأحْياناً أُخْرى يَجِدونَ أنْفُسَهُمْ بَيْنَ تَماثيلِ الثَّلْجِ، أوْ في مُوَاجَهَةِ الدَّناصيرِ، أوْ داخِلَ بُيوتٍ مَسْكونَةٍ بِالأشْباحِ، وما هِيَ كَذَلِكَ، والدُّودِ الأفْعُوانِي (الطَّويلِ الْمُلْتَوي)!
ولَنْ تُصَدِّقَني إذا قُلْتُ لَكَ إنَّني زُرْتُ حَديقةَ الْحَيَواناتِ فَشاهَدْتُ التَّماسيحَ والأُسودَ والنُّمورَ والْفِيَلَةَ والْقُرودَ والطُّيورَ الْمُتَنَوِّعَةَ، وخَروفاً صَغيراً واحِداً!... فَاسْتَغْرَبْتُ مِنْ ذَلِكَ وسَألْتُ الْحارِسَ فَأجابَني بِأنَّهُ الْخَروفُ الْوَحيدُ في الْفِلِبِّينِ، لأنَّها بِلادٌ جَبَلِيَّةٌ، والْخِرْفانُ تَرْعى في السُّهولِ، فَكَما نَنْبَهِرُ (نَنْدَهِشُ) نَحْنُ بالأسَدِ والدُّبِّ، مَثَلاً، يَنْبَهِرونَ هُمْ بِالْخَروفِ، وهُناكَ شاهَدْتُ أصْغَرَ قِرْدٍ في الْعالَمِ كُلِّهِ!
ولَمَّا أرَدْتُ أنْ أُصَلِّيَ قَصَدْتُ أكْبَرَ مَسْجِدٍ في مانيلا، يُسَمَّى (الْجامِعُ الذَّهَبِيُّ) لأَنَّ قُبَّتَهُ مَصْبوغَةٌ بِاللَّوْنِ الأَصْفَرِ، ويوجَدُ في حَيِّ «كويابو»، الَّذي يَسْكُنُهُ الْفِلِبِّينِيُّونَ الْمُسْلِمونَ... ومِنْهُ تَوَجَّهْتُ إلى قَلْعَةِ «سانْتياغو» الَّتي كانَتْ مِنْ قَبْلُ قَصْراً كَبيراً للأَميـرِ «راجا سُلَيْمانَ» آخِرِ حاكِمٍ لِمانيلا، فَالْعُمْرانُ الْفِلِبِّيني يَجْمَعُ بَيْنَ الْفَنَّيْنِ الإسْلامي والإسْباني!
لَقَدْ كِدْتُ أنْسى أنَّني جِئْتُ إلى الْفِلِبِّينِ لأُشارِكَ في مُسابَقةِ التَّجْذيفِ، لا لِلتَّجَوُّلِ، وقد سَحَرَتْني بِناياتُها وآثارُها وحَدائِقُها ومَتاحِفُها بِجَمالِها وهَنْدَسَتِها، وفَجْأةً تَذَكَّرْتُ مَوْعِدَ الْمُسابَقةِ فَأَسْرَعْتُ إلى الْبَحْرِ، وأَلْقَيْتُ بِقارِبي في مائِهِ، ثُمَّ سِرْتُ بِهِ جَنوباً حَوالَيْ ثَلاثِمائَةٍ وخَمْسَةَ عَشَرَ كيلومِتْراً، إلى أنْ وَصَلْتُ إلى جَزيرَةَ الأَحْلامِ الْجَميلةِ «بوراكايْ» السَّابِعَةِ عالَمِياًّ، لأَنَّ رِمالَ شاطِئِها نَظيفَةٌ وناعِمَةٌ، وماءَ بَحْرِها نَقِيٌّ، يُمْكِنُكَ أنْ تَرى عُمْقَهُ مِنْ عَشْرَةِ أمْتارٍ فَأكْثَرَ لِصَفائِهِ، ويَصِفونَهُ بِـ«الْفَيْروزي» أيْ يُشْبِهُ حَجَراً كَريـماً لَوْنُهُ بَيْنَ الزُّرْقةِ والْخُضْرَةِ!
نَزَلْتُ مِنْ قارِبي فَأَحاطَ بي الْمُنَظِّمونَ بَاسِمينَ، وقَدَّموا لي باقةً مِنَ الزُّهورِ الْمُلَوَّنَةِ الْفائِحَةِ بِطيبِها الزَّكِيِّ!
قالَ حَكَمُ الْمُسابَقةِ وهُوَ يُعانِقُني: يَجِبُ أنْ تَعْلَمَ يا بُنَيَّ أنَّ عَدَدَ الْمُشارِكينَ تِسْعُمِائَةِ رِياضِيٍّ جاءوا مِنْ كُلِّ أنْحاءِ الْعالَمِ، وأنْتَ أصْغَرُهُمْ!... وما عَلَيْكَ كَيْ تَتَفَوَّقَ عَلَيْهِمْ إلا أنْ تَتَدَرَّبَ يَوْمِياًّ على التَّجْذيفِ ولا تَتَكاسَلْ أوْ تَفْشَلْ، فَالْفَوْزُ لا يُحَقِّقُهُ إلا الْعامِلونَ الصَّابِرونَ!
عَمِلْتُ بِنَصيحَتِهِ فَكُنْتُ صَباحَ كُلِّ يَوْمٍ أنْهَضُ مِنْ نَوْمي فَأَقْصِدُ الْبَحْرَ بِقارِبي لأَقْضِيَ ساعَتَيْنِ في التَّدْريبِ، إلى أنْ بَقِيَ يَوْمٌ واحِدٌ على إجْراءِ الْمُسابَقَةِ، ذَهَبْتُ فيهِ إلى الْبَحْرِ كَعادَتي فَفاجَأَني بِهَيَجانِهِ فَظَنَنْتُ أنَّ أمْواجَهُ الْعالِيةَ سَتَحْمِلُني وتَأْخُذُني مَعَها، لِتَحْرِمَني مِنَ الْمُسابَقةِ! غَيْرَ أنَّها هَدَأَتْ بَعْدَ حينٍ، وأطَلَّ مِنْها التِّنِّينُ ضاحِكاً: أهْلاً وسَهْلاً بالرِّياضي العربي الصَّغيرِ!.. لَقَدْ تَتَبَّعْتُ بِعَيْنَيَّ تَدْريباتِكَ مُنْذُ أنْ نَزَلْتَ بِجَزيرَتي فَسَرَّني نَشاطُكَ وصَبْرُكَ وسُلوكُكَ الْحَسَنُ!
قُلْتُ لَهُ وقَلْبي يَفيضُ سُروراً: شُكْراً على كَلِمَتِكَ الطَّيِّبةِ، وأرْجو أنْ أَحْتَلَّ الرُّتْبَةَ الأولى في هَذِهِ الْمُسابَقة إنْ كُنْتُ أسْتَحِقُّها!
قالَ التِّنِّينُ بِثِقةٍ: ولِمَ لا تَسْتَحِقُّها فَتَفوزَ بِجائزَتِها؟!.. ألا يَقولُ الْمَثَلُ: «مَنْ جَدَّ وَجَدَ، ومَنْ زَرَعَ حَصَدَ؟!».
ثُمَّ حَيَّاني بِرَأْسِهِ ووَدَّعَني وهُوَ يَغوصُ عَميقاً في الْبَحْرِ!
وفي اليوم التالي اصْطَفَّتِ الْقَوارِبُ عِنْدَ خَطِّ الْبِدايَةِ بِالشَّاطِئِ، مُقَدِّماتُها تُشْبِهُ رَأْسَ التِّنِّينِ، وبِدَلُ الْمُتَسابِقينَ على أشْكالِهِ وألْوانِهِ... إنَّها اللَّحْظَةُ الصَّعْبَةُ الَّتي يَخْفقُ فيها الْقَلْبُ خَفَقاناً قَوِياًّ وسَريعاً!..وعِنْدَما أعْلَنَ الْحَكَمُ عَنْ بَدْءِ الْمُسابَقةِ قَفَزْنا إلى الْقَوارِبِ وانْطَلَقْنا بِها نُجَذِّفُ، مَرَّةً إلى الأَمامِ، ومَرَّةً إلى الْخَلْفِ، وأصْواتُ الْحاضِرينَ تَعْلو بالْهُتافاتِ في الْهَواءِ، وكانَ عَلَيْنا أنْ نَقْطَعَ أرْبَعَةَ كيلومِتْراتٍ في وَقْتٍ قَصيرٍ، ذَهاباً وإياباً، ما بَيْنَ جَزيرَتَيْ «بوراكايْ» و«بانايْ»!
ورَغْمَ الأَمْواجِ الْقَوِيَّةِ ثَبَتُّ في تَجْذيفي، وصَبَرْتُ صَبْراً جَميلاً، في حين عادَ كَثيرٌ مِنَ الرِّياضِيِّينَ إلى نُقْطَةِ الْبِدايَةِ دونَ أنْ يُكْمِلوا الْمُسابَقَةَ، فَكانَتْ عَوْدَتُهُمْ فُرْصَةً لي بَذَلْتُ فيها كُلَّ جُهْدي لأَفوزَ بِالْجائزَةِ الْكُبْرى!
تَرَكْتُ الْفِلِبِّينَ وأنا أتَمَنَّى أنْ أزورَها ثانِيةً، لأنَّ أهْلَها لُطَفاءُ وكُرَماءُ، لا يُسْمَحُ لَكَ بِدُخولِ إداراتِها ومُؤَسَّساتِها بِاللِّباسِ الْقَصيرِ، أوْ بِالْبَدْلَةِ غَيْرِ النَّظيفَةِ والأَنيقَةِ، ومُتَعَلِّمونَ، إذْ تَبْلُغُ نِسْبَةُ الْقُرَّاءِ ثَلاثَةً وتِسْعينَ في المائة، يَكْتُبونَ ويَقْرَأونَ ويَنْطِقونَ بِلُغَتِهِمُ الْفِلِبِّينِيَّةِ وبِلغات أجْنَبِيَّةِ كَالإنْجَليزِيَّةِ، ومُؤَدَّبونَ ومُهَذَّبونَ يَحْتَرِمونَ الْكَبيرَ السِّنِّ، ولا يُسْمَحُ بِشَتْمِ الشُّيوخِ، أوْ بِالسُّخْرِيةِ مِنْهُمْ، ولَوْ بِالإشارَةِ!.. وفي الْوَقْتِ نَفْسِهِ يُحِبُّونَ الْغِناءَ والْفُكاهَةَ ويَحْتَفِلونَ بِالأعْيادِ الدِّينِيَّةِ والْوَطَنِيَّةِ، ويَرْبِطونَ الْعَلاقَةَ والصَّداقةَ بِسُهولَةٍ، ولا يُفَرِّقونَ بَيْنَ الْفِلِبِّينِي والأَجْنَبي، فَكِلاهُما سَواسِيةٌ...!