الكرة الذهبية

الكرة الذهبية

جلست‭ ‬يارا‭ ‬حزينة‭ ‬تبكي‭ ‬لأن‭ ‬كرتها‭ ‬الذهبية‭ ‬ضاعت‭. ‬اقترب‭ ‬منها‭ ‬صديقها‭ ‬الأرنب‭ ‬وقال‭: ‬‮«‬حسناً‭, ‬سأذهب‭ ‬وأحضرها‮»‬‭. ‬وهنا‭ ‬جاء‭ ‬السنجاب‭ ‬وقال‭ ‬له‭: ‬‮«‬كيف‭ ‬ستذهب‭ ‬وتحضرها‭? ‬ألا‭ ‬تعرف‭ ‬أن‭ ‬الثعالب‭ ‬والذئاب‭ ‬تتجول‭ ‬في‭ ‬الوادي‭? ‬ربما‭ ‬تأكلك‭, ‬إنها‭ ‬حيوانات‭ ‬خطيرة‭ ‬تحب‭ ‬لحوم‭ ‬الأرانب‮»‬‭. ‬يضحك‭ ‬الأرنب‭ ‬ويقول‭ ‬له‭: ‬‮«‬أنا‭ ‬أرنب‭ ‬شجاع‭, ‬سوف‭ ‬أريك‮»‬‭. ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬يتخذ‭ ‬قراره‭ ‬بالنزول‭, ‬تقول‭ ‬له‭ ‬يارا‭: ‬‮«‬انتظر‭,‬‭ ‬عندي‭ ‬فكرة‭ ‬رائعة‭, ‬عندي‭ ‬كرة‭ ‬فضية‭, ‬سوف‭ ‬أرميها‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬ذهبت‭ ‬إليه‭ ‬الكرة‭ ‬الذهبية‭, ‬وسننظر‭ ‬جيداً‭ ‬لعلنا‭ ‬نجد‭ ‬المسار‭ ‬الذي‭ ‬اتخذته‮»‬‭. ‬

وهكذا‭ ‬رمت‭ ‬يارا‭ ‬الكرة‭ ‬الفضية‭. ‬قال‭ ‬السنجاب‭: ‬‮«‬ماذا‭ ‬حصل‭? ‬أين‭ ‬ذهبت‭ ‬الكرة‭ ‬الفضية‭?‬‮»‬‭. ‬قالت‭ ‬يمامة‭: ‬‮«‬الأشجار‭ ‬كثيفة‭ ‬جداً‭, ‬والكرة‭ ‬سريعة‭, ‬لم‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬رؤيتها‮»‬‭. ‬قال‭ ‬الأرنب‭: ‬‮«‬هذا‭ ‬مؤسف‭, ‬سأقفز‭ ‬للبحث‭ ‬عنها‮»‬‭, ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬يتأهّب‭ ‬الأرنب‭, ‬قال‭ ‬القنفذ‭: ‬‮«‬انتظر‭, ‬أقترح‭ ‬أن‭ ‬ترمي‭ ‬يارا‭ ‬كرة‭ ‬عادية‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭, ‬وبإمكانك‭ ‬أن‭ ‬تقفز‭ ‬وراءها‮»‬‭. ‬

ذهبت‭ ‬يارا‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭, ‬وأحضرت‭ ‬معها‭ ‬كرة‭ ‬ملونة‭ ‬رائعة‭, ‬ثم‭ ‬ألقت‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬أسفل‭, ‬وقفز‭ ‬الأرنب‭ ‬بشجاعة‭ ‬إلى‭ ‬الوادي‭, ‬الكرة‭ ‬تتدحرج‭, ‬وهو‭ ‬يقفز‭, ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬اصطدمت‭ ‬الكرة‭ ‬بصخرة‭ ‬فطارت‭ ‬عالياً‭, ‬ثم‭ ‬اختفت‭.‬

قال‭ ‬القنفذ‭: ‬‮«‬لا‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الكرات‭, ‬سأنزل‭ ‬بنفسي‭ ‬وأرى‭ ‬ماذا‭ ‬حصل‭, ‬سأتكوّر‭, ‬وأدافع‭ ‬عن‭ ‬نفسي‭ ‬بأشواكي‭ ‬الحادة‭ ‬إن‭ ‬لزم‭ ‬الأمر‮»‬‭. ‬استحسن‭ ‬الجميع‭ ‬فكرة‭ ‬القنفذ‭, ‬وودّعوه‭ ‬على‭ ‬حافة‭ ‬الطريق‭ ‬وهو‭ ‬يلقي‭ ‬بنفسه‭ ‬إلى‭ ‬أسفل‭ ‬الوادي‭. ‬

تلفّت‭ ‬حوله‭, ‬ويا‭ ‬للعجب‭! ‬ها‭ ‬هي‭ ‬ذي‭ ‬الكرة‭ ‬الملونة‭, ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬بها‭? ‬لقد‭ ‬تمزقت‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬تشبه‭ ‬الكرة‭ ‬في‭ ‬شيء‭. ‬اقترب‭ ‬القنفذ‭ ‬من‭ ‬بقايا‭ ‬الكرة‭, ‬وغرزها‭ ‬في‭ ‬أشواكه‭ ‬الحادة‭ ‬استعداداً‭ ‬للعودة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬أتى‭. ‬

رسم‭: ‬محمد‭ ‬حجي

وفي‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬أطلّ‭ ‬الخُلد‭ ‬برأسه‭ ‬من‭ ‬إحدى‭ ‬الفتحات‭ ‬بين‭ ‬التراب‭ ‬والأعشاب‭: ‬‮«‬مرحبا‭ ‬أيها‭ ‬القنفذ‭, ‬كأنك‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬شيء‭!‬‮»‬‭ ‬فقال‭ ‬القنفذ‭: ‬‮«‬أجل‭, ‬كما‭ ‬ترى‭, ‬عثرتُ‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الكرة‭ ‬المسكينة‭, ‬وكنت‭ ‬أبحث‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬عن‭ ‬كرتَي‭ ‬يارا‭ ‬الذهبية‭ ‬والفضية‮»‬‭. ‬

قال‭ ‬الخُلد‭: ‬‮«‬لم‭ ‬أسمع‭ ‬عن‭ ‬الكرتين‭ ‬الذهبية‭ ‬والفضية‭, ‬أما‭ ‬هذه‭ ‬الكرة‭ ‬الملونة‭ ‬فقد‭ ‬تسبّبَت‭ ‬لنا‭ ‬بالمتاعب‭, ‬وأزعجت‭ ‬أمثالي‭ ‬من‭ ‬الحيوانات‭ ‬الهادئة‭, ‬فقد‭ ‬بقيت‭ ‬تتدحرج‭ ‬إلى‭ ‬الأسفل‭, ‬حيث‭ ‬أصابت‭ ‬رأس‭ ‬صديقي‭ ‬الدب‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يستحم‭ ‬في‭ ‬النهر‭, ‬فأمسكها‭ ‬غاضباً‭ ‬ورمى‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬أتت‭, ‬إلى‭ ‬هنا‭!‬‮»‬‭. ‬

كان‭ ‬الجميع‭ ‬أمام‭ ‬حقيقة‭ ‬صعبة‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬تدحرجت‭ ‬الكرة‭ ‬الملونة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الوادي‭, ‬إلى‭ ‬النهر‭, ‬ومن‭ ‬المصادفات‭ ‬أن‭ ‬الدب‭ ‬أعادها‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬أتت‮»‬‭. ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الكرة‭ ‬الذهبية‭ ‬والكرة‭ ‬الفضية‭ ‬قفزتا‭ ‬من‭ ‬فوق‭ ‬النهر‭, ‬وصارتا‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الأخرى‭. ‬

قال‭ ‬الأرنب‭ ‬مرتعداً‭: ‬‮«‬الضفة‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬النهر‭, ‬يا‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬مخيف‭! ‬إنه‭ ‬مليء‭ ‬بالثعالب‭ ‬والذئاب‭ ‬والحيوانات‭ ‬الشريرة‮»‬‭.‬

صاح‭ ‬السنجاب‭: ‬‮«‬سأذهب‭ ‬بنفسي‭ ‬وأكتشف‭ ‬الأمر‮»‬‭. ‬لم‭ ‬أسمع‭ ‬أن‭ ‬ثعلباً‭ ‬أو‭ ‬ذئباً‭ ‬افترس‭ ‬سنجاباً‭, ‬أظن‭ ‬أن‭ ‬طعمي‭ ‬ليس‭ ‬لذيذاً‭.‬

كان‭ ‬السنجاب‭ ‬سريعاً‭ ‬جداً‭ ‬وهو‭ ‬يتنقّل‭ ‬بين‭ ‬الأشجار‭ ‬في‭ ‬الوادي‭, ‬واستمتع‭ ‬كثيراً‭ ‬وهو‭ ‬يتعلّق‭ ‬بالأغصان‭. ‬وعند‭ ‬النهر‭, ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬إمكان‭ ‬السنجاب‭ ‬القفز‭, ‬بسبب‭ ‬خلوّ‭ ‬المكان‭ ‬من‭ ‬الأشجار‭, ‬لذلك‭ ‬اختار‭ ‬أضيق‭ ‬مسافة‭ ‬بين‭ ‬الضفتين‭, ‬وقفز‭ ‬من‭ ‬صخرة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭, ‬وهو‭ ‬ينتبه‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬ينزلق‭ ‬إلى‭ ‬الماء‭, ‬ووصل‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬الضفة‭ ‬الأخرى‭. ‬شعر‭ ‬السنجاب‭ ‬بالخوف‭, ‬فهذه‭ ‬هي‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬يدوس‭ ‬فيها‭ ‬هذا‭ ‬المكان‭ ‬الغريب‭. ‬حتى‭ ‬الأشجار‭ ‬تبدو‭ ‬قاسية‭ ‬والجو‭ ‬يبدو‭ ‬خانقاً‭. ‬

تسلّق‭ ‬السنجاب‭ ‬إحدى‭ ‬الأشجار‭, ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬خفافيش‭ ‬نائمة‭ ‬وهي‭ ‬متعلّقة‭ ‬ببعض‭ ‬الأغصان‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭. ‬‮«‬خفافيش‭! ‬لا‭ ‬أرتاح‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الكائنات‭, ‬إنها‭ ‬تشبه‭ ‬الفئران‭ ‬ولكنها‭ ‬تطير‭ ‬في‭ ‬الظلام‭. ‬تنام‭ ‬وهي‭ ‬مقلوبة‭, ‬رأسها‭ ‬إلى‭ ‬الأسفل‭, ‬وهي‭ ‬غريبة‭ ‬الطباع‭, ‬لا‭ ‬تحب‭ ‬الكلام‭ ‬مع‭ ‬بقية‭ ‬الحيوانات‮»‬‭. ‬الأشجار‭ ‬تزداد‭ ‬كثافة‭ ‬مع‭ ‬التوغّل‭ ‬في‭ ‬المكان‭, ‬ولكنْ‭, ‬يقع‭ ‬بصر‭ ‬السنجاب‭ ‬على‭ ‬فسحة‭ ‬من‭ ‬العشب‭ ‬اليابس‭ ‬بجوار‭ ‬مستنقع‭ ‬تفوح‭ ‬منه‭ ‬رائحة‭ ‬كريهة‭, ‬ويا‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬مفاجأة‭! ‬هناك‭ ‬شيء‭ ‬يلمع‭ ‬بين‭ ‬الأغصان‭, ‬إنها‭ ‬الكرة‭ ‬الذهبية‭, ‬وبجانبها‭ ‬الكرة‭ ‬الفضية‭, ‬ويتنبّه‭ ‬السنجاب‭ ‬إلى‭ ‬سرب‭ ‬من‭ ‬الغربان‭ ‬يحوم‭ ‬في‭ ‬المكان‭.‬

‮«‬غربان‭! ‬كان‭ ‬عليّ‭ ‬أن‭ ‬أعرف‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬من‭ ‬الذي‭ ‬يقف‭ ‬وراء‭ ‬اختفاء‭ ‬الكرتين‭! ‬ولكن‭ ‬كيف‭ ‬تمكّن‭ ‬الغربان‭ ‬من‭ ‬نقل‭ ‬الكرتين‭ ‬إلى‭ ‬هنا‭?‬‮»‬‭.‬

ينظر‭ ‬السنجاب‭ ‬إلى‭ ‬الأسفل‭ ‬وخوفه‭ ‬يزداد‭ ‬من‭ ‬رهبة‭ ‬المكان‭: ‬‮«‬ماذا‭ ‬أرى‭? ‬غراب‭ ‬وثعلب‭ ‬وذئب‭, ‬و‭... ‬خفاّش‭? ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬هنالك‭ ‬شيئاً‭ ‬مهماً‮»‬‭, ‬لم‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬سماع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬قيل‭, ‬ولكن‭ ‬الذي‭ ‬حصّله‭ ‬كان‭ ‬كافياً‭, ‬ولاسيما‭ ‬أنه‭ ‬شاهد‭ ‬في‭ ‬الجوار‭ ‬بعض‭ ‬المقتنيات‭ ‬الثمينة‭ ‬المسروقة‭ ‬من‭ ‬القرية‭.‬

انسلّ‭ ‬السنجاب‭ ‬بخفة‭ ‬وسرعة‭, ‬عائداً‭ ‬بمشقّة‭ ‬إلى‭ ‬القرية‭, ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬الأصدقاء‭ ‬ينتظرونه‭, ‬بادرهم‭ ‬بالقول‭ ‬لاهثاً‭: ‬‮«‬عصابة‭ ‬من‭ ‬الغربان‭ ‬والثعالب‭ ‬والذئاب‭ ‬والخفافيش‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬سرقت‭ ‬الكرة‭ ‬الذهبية‭ ‬والكرة‭ ‬الفضية‭, ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬فقط‭, ‬بل‭ ‬إنهم‭ ‬وراء‭ ‬كل‭ ‬السرقات‭ ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬في‭ ‬القرية‮»‬‭. ‬

يقول‭ ‬الأرنب‭: ‬‮«‬الغربان‭ ‬تحب‭ ‬الأشياء‭ ‬اللامعة‭ ‬والثمينة‭, ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬السبب‭ ‬وراء‭ ‬سرقتها‭ ‬الكرتين‮»‬‭ ‬وقالت‭ ‬اليمامة‭: ‬‮«‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬السبب‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬قيام‭ ‬الغربان‭ ‬بسرقة‭ ‬الذهب‭ ‬والنقود‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬القرية‮»‬‭. ‬ثم‭ ‬قالت‭ ‬يارا‭: ‬‮«‬كان‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬أكثر‭ ‬حرصاً‭, ‬وألاّ‭ ‬نترك‭ ‬النوافذ‭ ‬مفتوحة‭ ‬في‭ ‬الصباح‭ ‬والغربان‭ ‬تحوم‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‮»‬‭. ‬

قال‭ ‬السنجاب‭: ‬‮«‬أتدرون‭? ‬الحل‭ ‬الوحيد‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نطلب‭ ‬المساعدة‭ ‬من‭ ‬البومة‮»‬‭. ‬قال‭ ‬الأرنب‭: ‬‮«‬البومة‭?! ‬وهل‭ ‬ستساعدنا‭ ‬حقاً‭? ‬أنسيتَ‭ ‬أننا‭ ‬اتهمْنا‭ ‬البوم‭ ‬بكل‭ ‬السرقات‭ ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬في‭ ‬القرية‭?‬‮»‬‭ ‬قال‭ ‬القنفذ‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬كنا‭ ‬مخطئين‭, ‬البوم‭ ‬هي‭ ‬الطيور‭ ‬الوحيدة‭ ‬هنا‭ ‬التي‭ ‬تنام‭ ‬في‭ ‬النهار‭ ‬وتستيقظ‭ ‬في‭ ‬الليل‭, ‬لذلك‭ ‬حسبنا‭ ‬أنها‭ ‬كائنات‭ ‬سيئة‭ ‬تمارس‭ ‬السرقة‮»‬‭. ‬قالت‭ ‬يارا‭: ‬‮«‬لعلّها‭ ‬كانت‭ ‬تحاول‭ ‬حراسة‭ ‬القرية‮»‬‭. ‬قال‭ ‬الأرنب‭: ‬‮«‬البومة‭ ‬تعيش‭ ‬الآن‭, ‬في‭ ‬مكان‭ ‬معزول‭ ‬عن‭ ‬القرية‭. ‬حتى‭ ‬أنني‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬هل‭ ‬لاتزال‭ ‬هناك‭ ‬أم‭ ‬ابتعدت‭ ‬إلى‭ ‬ديار‭ ‬أخرى‮»‬‭. ‬

قالت‭ ‬اليمامة‭: ‬‮«‬أذكر‭ ‬أن‭ ‬البومة‭ ‬طيبة‭ ‬القلب‭, ‬ولا‭ ‬أظن‭ ‬أنها‭ ‬ستبتعد‭ ‬كثيراً‭ ‬مع‭ ‬أصدقائها‭ ‬عن‭ ‬القرية‮»‬‭. ‬وقال‭ ‬السنجاب‭: ‬‮«‬هيّا‭ ‬بنا‭, ‬سنذهب‭ ‬ونعتذر‭ ‬من‭ ‬البومة‭, ‬ونطلب‭ ‬منها‭ ‬مساعدتنا‮»‬‭. ‬

ومع‭ ‬الغروب‭, ‬كان‭ ‬الأصدقاء‭ ‬ومعهم‭ ‬يارا‭, ‬يتجهون‭ ‬إلى‭ ‬التلة‭, ‬وكم‭ ‬كانوا‭ ‬سعداء‭ ‬حين‭ ‬عثروا‭ ‬على‭ ‬البومة‭ ‬البيضاء‭ ‬وهي‭ ‬تستعد‭ ‬مع‭ ‬بقية‭ ‬البوم‭ ‬لاستقبال‭ ‬الليل‭. ‬استمعت‭ ‬البومة‭ ‬باهتمام‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬سرده‭ ‬عليها‭ ‬السنجاب‭ ‬وأصدقاؤه‭, ‬وقبلت‭ ‬اعتذارهم‭, ‬ووعدتهم‭ ‬بالمساعدة‭. ‬

قالت‭ ‬البومة‭: ‬‮«‬سنحتاج‭ ‬إلى‭ ‬شبكة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الخيوط‭ ‬نستخدمها‭ ‬كمصيدة‮»‬‭. ‬قال‭ ‬الأرنب‭: ‬‮«‬في‭ ‬الواقع‭ ‬لقد‭ ‬فكرتُ‭ ‬بهذا‭ ‬الأمر‭, ‬وجهّزتُ‭ ‬شبكة‭ ‬ممتازة‭ ‬من‭ ‬الخيوط‮»‬‭. ‬قالت‭ ‬البومة‭: ‬‮«‬رائع‭! ‬سأكون‭ ‬جاهزة‭ ‬مع‭ ‬باقي‭ ‬البوم‭ ‬خلال‭ ‬دقائق‮»‬‭. ‬

‭ ‬نزل‭ ‬الأصدقاء‭ ‬كلهم‭ ‬إلى‭ ‬الوادي‭, ‬التقى‭ ‬القنفذ‭ ‬بصديقه‭ ‬الجديد‭ ‬‮«‬الخلد‮»‬‭ ‬وهمس‭ ‬له‭ ‬ببضع‭ ‬كلمات‭, ‬فذهب‭ ‬الخلد‭ ‬للقاء‭ ‬صديقه‭ ‬الدب‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬خاص‭. ‬أما‭ ‬يارا‭ ‬واليمامات‭ ‬فبقيت‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬نقطة‭ ‬إلى‭ ‬القرية‭, ‬ذهب‭ ‬السنجاب‭ ‬والأرنب‭ ‬إلى‭ ‬ضفة‭ ‬النهر‭ ‬المقابلة‭ ‬لأرض‭ ‬الغربان‭, ‬أما‭ ‬البومة‭ ‬فقامت‭ ‬مع‭ ‬أصدقائها‭ ‬بالطيران‭ ‬فوق‭ ‬النهر‭ ‬باتجاه‭ ‬مخبأ‭ ‬الغربان‭. ‬

قام‭ ‬الأرنب‭ ‬والسنجاب‭ ‬بالصياح‭ ‬عالياً‭, ‬مما‭ ‬نبّه‭ ‬الخفافيش‭, ‬فتركت‭ ‬أرض‭ ‬الغربان‭, ‬وطارت‭ ‬كلها‭ ‬سرباً‭ ‬واحداً‭ ‬باتجاه‭ ‬الوادي‭, ‬وسرعان‭ ‬ما‭ ‬انضمت‭ ‬إليها‭ ‬الثعالب‭ ‬والذئاب‭. ‬توجّه‭ ‬الأرنب‭ ‬والسنجاب‭ ‬إلى‭ ‬عمق‭ ‬الوادي‭, ‬وفوقهما‭ ‬تطير‭ ‬الخفافيش‭, ‬أما‭ ‬الثعالب‭ ‬والذئاب‭ ‬فتوقفت‭ ‬ولزمت‭ ‬أماكنها‭ ‬رعباً‭ ‬من‭ ‬الدب‭ ‬الذي‭ ‬تظاهر‭ ‬بالاستياء‭ ‬من‭ ‬إزعاجه‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الليل‭. ‬وهكذا‭ ‬خلت‭ ‬الساحة‭ ‬للبوم‭, ‬فتمكن‭ ‬من‭ ‬إلقاء‭ ‬الشبكة‭ ‬على‭ ‬الغربان‭ ‬النائمة‭, ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭  ‬الهرب‭ ‬بسبب‭ ‬نومها‭ ‬الثقيل‭, ‬وقد‭ ‬استيقظت‭ ‬بعد‭ ‬فوات‭ ‬الأوان‭.‬

لقد‭ ‬نجحت‭ ‬الخطة‭, ‬ورجع‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬إلى‭ ‬مكانه‭. ‬