فليرحل حرف الراء
إثر خروج مدرس اللغة العربية من الفصل بعدما شرح درساً عن كيفية كتابة حرف الراء في أول ووسط ونهاية الكلمات, وقف تلاميذ الفصل في تظاهرة كبيرة أمام السبورة وراحوا يهتفون وهم يحملون لافتات مكتوباً عليها «فليرحل حرف الراء».
نظر حرف الراء إليهم في دهشة واستغراب وقال لهم في حنان: كيف أرحل يا أصدقائي وأنا الذي آتي إليكم بالأشياء الجميلة فأنا أبدأ كلمة «ربيع» وأتوسط كلمة «حرية» وأكون في آخر كلمة «سرور»?!
فقال التلاميذ: حقاً ما تقوله يا حرف الراء, ونحن لا نريدك أن ترحل من مثل هذه الكلمات, فأنت جميل في مثل هذه المواضع, ولكننا نريدك أن ترحل من كلمة لا نحبها وتسكن في وسطها, وقد فرّقت بموضعك هذا بين حرفين نحبهما بجوار بعضهما, وبهما تصبح الأرض جنة ويسعد فيها الكبار والصغار, فقال حرف الراء بلهفة وحماس: أنا تحت أمركم يا أصدقائي, فأنا هنا لإسعادكم وما دام هذا الأمر سيسعدكم ويجعل الأرض جنة, فأنا مستعد لأن أرحل من بين هذين الحرفين اللذين تحبونهما بجوار بعضهما, ولكن ما هي هذه الكلمة التي تريدونني أن أرحل عنها?!
فقال التلاميذ في صوت واحد: نريدك أن ترحل من بين حرف الحاء والباء في الكلمة «حرب», فإذا رحلت عنها فسوف تصبح كلمة «حب», وهذه الكلمة نحبها جداً وهي التي تجعل الأرض جنة وتجعل البشر سعداء في هذه الحياة, ساعتها قال حرف الراء: احتراماً لرأيكم أيها الأصدقاء فسوف أرحل على الفور من بين هذين الحرفين, ولكن ليَ شرط لكي أرحل!
وقف التلاميذ في صمت لثوان عدة, ثم قالوا في صوت واحد: «وما هو هذا الشرط يا حرف الراء?!
فقال بهدوء وحكمة: إذا أردتموني أن أرحل من بين هذين الحرفين, فاجعلوا الحب بينكم كالماء والهواء, ولتكونوا سفراء للحب بين البشر, وعلّموا شعوب العالم أن ينسوا أطماعهم وأن يعيشوا ببراءة الأطفال, ساعتها لن أتوسط هذين الحرفين أبداً, ولن تجدوا هذه الكلمة في قاموسكم مرة أخرى... عندها صفّق التلاميذ عالياً لحرف الراء, ثم وضع بعضهم أيديهم في أيدي بعض, ووعدوا ألا يتوسط حرف الراء هذين الحرفين أبداً.