العلماء الصغار يجرون تجاربهم في الفضاء!

العلماء الصغار  يجرون تجاربهم في الفضاء!

يحلم‭ ‬كثير‭ ‬منا‭ ‬أن‭ ‬يصير‭ ‬رائد‭ ‬فضاء‭ ‬عندما‭ ‬يكبر،‭ ‬وذلك‭ ‬ليسافر‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬مستكشفاً‭ ‬الكون‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬نجوم‭ ‬وكواكب‭ ‬وأقمار‭. ‬لكن‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬فإن‭ ‬مهنة‭ ‬رائد‭ ‬الفضاء‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬مجرد‭ ‬ركوب‭ ‬صاروخ‭ ‬أو‭ ‬مكوك‭ ‬فضائي‭ ‬والسفر‭ ‬في‭ ‬الفضاء،‭ ‬حيث‭ ‬يعتبر‭ ‬رائد‭ ‬الفضاء‭ ‬عالماً‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬خاص‭ ‬يمكنه‭ ‬القيام‭ ‬بعديد‭ ‬من‭ ‬المهام‭ ‬العلمية‭ ‬والتجارب‭ ‬المختلفة‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬سطح‭ ‬الأرض‭. ‬وهذا‭ ‬الجزء‭ ‬الأخير‭ ‬تحديداً‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬للصغار‭ ‬الذين‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬أن‭ ‬يشاركوا‭ ‬فيه،‭ ‬ليصبح‭ ‬لدينا‭ ‬علماء‭ ‬صغار‭ ‬يجرون‭ ‬تجاربهم‭ ‬العلمية‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭!‬

في‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬انطلق‭ ‬صاروخ‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬الفضاء‭ ‬حاملاً‭ ‬معه‭ ‬أشياء‭ ‬فريدة‭ ‬للغاية‭ ‬تميز‭ ‬تلك‭ ‬الرحلة‭ ‬الفضائية‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬رحلة‭ ‬أخرى،‭ ‬حيث‭ ‬حمل‭ ‬هذا‭ ‬الصاروخ‭ ‬على‭ ‬متنه‭ ‬تجارب‭ ‬علمية‭ ‬قام‭ ‬بتصميمها‭ ‬طلاب‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬بالمدرسة،‭ ‬وذلك‭ ‬ليتم‭ ‬تنفيذها‭ ‬بواسطة‭ ‬رواد‭ ‬فضاء‭ ‬كبار‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭. ‬إن‭ ‬تلك‭ ‬التجارب‭ ‬العلمية‭ ‬التي‭ ‬صنعها‭ ‬هؤلاء‭ ‬العلماء‭ ‬الصغار،‭ ‬والتي‭ ‬سيتم‭ ‬إجراؤها‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬سطح‭ ‬الأرض،‭ ‬ستكشف‭ ‬لنا‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬تأثير‭ ‬انعدام‭ ‬الجاذبية‭ ‬على‭ ‬الأشياء‭ ‬المختلفة‭.‬

وكما‭ ‬نعلم‭ ‬جميعا‭ ‬فإنه‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬تنعدم‭ ‬الجاذبية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭. ‬لذلك‭ ‬نرى‭ ‬رواد‭ ‬الفضاء‭ ‬خلال‭ ‬رحلاتهم‭ ‬الفضائية‭ ‬يطيرون‭ ‬ويسبحون‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يجذبهم‭ ‬شيء‭ ‬إلى‭ ‬أسفل‭. ‬وذلك‭ ‬لأنه‭ ‬أثناء‭ ‬السفر‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬نبتعد‭ ‬عن‭ ‬كوكب‭ ‬الأرض،‭ ‬وبالتالي‭ ‬نبتعد‭ ‬عن‭ ‬جاذبية‭ ‬الكوكب،‭ ‬وهي‭ ‬القوى‭ ‬التي‭ ‬تجذب‭ ‬الأشياء‭ ‬إلى‭ ‬أسفل‭ ‬وتجعلها‭ ‬مرتبطة‭ ‬بسطح‭ ‬الأرض‭. ‬لكن‭ ‬السؤال‭ ‬هو‭: ‬هل‭ ‬ستختلف‭ ‬الظواهر‭ ‬العلمية‭ ‬التي‭ ‬نعرفها‭ ‬على‭ ‬كوكب‭ ‬الأرض‭ ‬عند‭ ‬انعدام‭ ‬الجاذبية‭ ‬في‭ ‬الفضاء؟‭ ‬وهل‭ ‬ستتصرف‭ ‬الأجسام‭ ‬والمواد‭ ‬وحتى‭ ‬الكائنات‭ ‬الحية‭ ‬بشكل‭ ‬مختلف‭ ‬في‭ ‬الفضاء؟‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬ستجيب‭ ‬عنه‭ ‬التجارب‭ ‬التي‭ ‬وضعها‭ ‬العلماء‭ ‬الصغار‭ ‬وستتم‭ ‬تجربتها‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭.‬

 

تجارب‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬‮«‬محطة‭ ‬الفضاء‭ ‬الدولية‮»‬

إن‭ ‬إرسال‭ ‬تلك‭ ‬التجارب‭ ‬إلى‭ ‬الفضاء‭ ‬يتأتى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬البرنامج‭ ‬الطلابي‭ ‬لتجارب‭ ‬الفضاء‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬انطلق‭ ‬عام‭ ‬2010‭ ‬بمبادرة‭ ‬من‭ ‬‮«‬المركز‭ ‬القومي‭ ‬لتعليم‭ ‬علوم‭ ‬الأرض‭ ‬والفضاء‮»‬،‭ ‬لكي‭ ‬يتيح‭ ‬لطلبة‭ ‬المدارس‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تصميم‭ ‬تجارب‭ ‬علمية‭ ‬مختلفة،‭ ‬لتتم‭ ‬تجربتها‭ ‬بالفضاء،‭ ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬انطلقت‭ ‬رحلات‭ ‬فضائية‭ ‬عدة،‭ ‬تحمل‭ ‬على‭ ‬متنها‭ ‬التجارب‭ ‬الفضائية‭ ‬للعلماء‭ ‬الصغار‭. ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬انطلقت‭ ‬الرحلة‭ ‬الفضائية‭ ‬التاسعة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج،‭ ‬حاملة‭ ‬18‭ ‬تجربة‭ ‬مختلفة‭ ‬تم‭ ‬اختيارها‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬حوالي‭ ‬1500‭ ‬تجربة‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬إعدادها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬6500‭ ‬طالب‭ ‬أمريكي،‭ ‬ليتم‭ ‬إجراء‭ ‬تلك‭ ‬التجارب‭ ‬الـ‭ ‬18‭ ‬في‭ ‬‮«‬محطة‭ ‬الفضاء‭ ‬الدولية‮»‬‭.‬

 

تجربة‭ ‬العالمات‭ ‬فرح‭ ‬وإسراء‭ ‬و‭ ‬ريجينا

من‭ ‬هذه‭ ‬التجارب‭ ‬التي‭ ‬نالت‭ ‬شرف‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬تجربة‭ ‬لثلاث‭ ‬فتيات‭ ‬عراقيات‭ ‬يعشن‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬حيث‭ ‬شارك‭ ‬فريق‭ ‬العالمات‭ ‬الصغيرات‭ ‬العراقيات‭ ‬فرح‭ ‬صباح،‭ ‬وإسراء‭ ‬الفاضلي،‭ ‬وريجينا‭ ‬الصباغ،‭ ‬في‭ ‬تصميم‭ ‬تجربة‭ ‬تدرس‭ ‬تأثير‭ ‬انعدام‭ ‬الجاذبية‭ ‬في‭ ‬تأثير‭ ‬أقراص‭ ‬اليود‭ ‬على‭ ‬نوع‭ ‬خاص‭ ‬من‭ ‬البكتيريا‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬الإيشيريشيا‭ ‬القولونية‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬وقع‭ ‬اختيار‭ ‬العالمات‭ ‬العربيات‭ ‬الصغيرات‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬البكتيريا‭ ‬لأنه‭ ‬يوجد‭ ‬دائما‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬الملوثة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬إذا‭ ‬وجد‭ ‬أن‭ ‬أقراص‭ ‬اليود‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬البكتيريا‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬انعدام‭ ‬الجاذبية‭ ‬بالفضاء،‭ ‬فسيتم‭ ‬استخدامها‭ ‬في‭ ‬تنقية‭ ‬المياه‭ ‬الملوثة‭ ‬بذاك‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬البكتيريا‭. ‬إن‭ ‬مهمة‭ ‬الفتيات‭ ‬العراقيات‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬سهلة‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬فهذا‭ ‬هو‭ ‬بحثهن‭ ‬العلمي‭ ‬الأول‭ ‬باللغة‭ ‬الإنجليزية،‭ ‬لذا‭ ‬فإنهن‭ ‬عملن‭ ‬على‭ ‬جمع‭ ‬خطوات‭ ‬تجربتهن‭ ‬بلغتهن‭ ‬العربية‭ ‬الأم،‭ ‬ثم‭ ‬ترجمة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬قمن‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬الإنجليزية‭ ‬لكي‭ ‬تتسنى‭ ‬لهن‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬البرنامج‭.‬

إن‭ ‬العلم‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مقتصراً‭ ‬على‭ ‬الكبار‭ ‬فقط،‭ ‬فهاهم‭ ‬طلاب‭ ‬المدارس‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬يشاركون‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬بشكل‭ ‬فعال،‭ ‬فيتعلمون‭ ‬ويفكرون‭ ‬ثم‭ ‬يبتكرون‭ ‬ويخترعون،‭ ‬ليستحقوا‭ ‬عن‭ ‬جدارة‭ ‬شرف‭ ‬الانتماء‭ ‬إلى‭ ‬العلم،‭ ‬وليحملوا‭ ‬لقب‭ ‬العلماء‭ ‬الصغار،‭ ‬وليثبتوا‭ ‬للعالم‭ ‬أجمع‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬لطموحهم‭ ‬وأحلامهم،‭ ‬وأنهم‭ ‬قادرون‭ ‬بقوة‭ ‬عقولهم‭ ‬على‭ ‬الذهاب‭ ‬لأبعد‭ ‬مكان،‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬خارج‭ ‬كوكبنا‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭.‬