أبي الحبيب .. أشكرك

أبي الحبيب .. أشكرك

أشرقت‭ ‬شمس‭ ‬الصباح،‭ ‬وسمع‭ ‬أحمد‭ ‬النداء‭ ‬أو‭ ‬الصياح،‭ ‬فتح‭ ‬أحمد‭ ‬عينيه‭ ‬وركز‭ ‬على‭ ‬الصوت‭ ‬وعرف‭ ‬انه‭ ‬صياح‭ ‬ديك،‭ ‬مسح‭ ‬على‭ ‬عينيه‭ ‬وقال‭: ‬جاء‭ ‬الصباح،‭ ‬حي‭ ‬على‭ ‬الفلاح،‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬أول‭ ‬أيام‭ ‬الدراسة،‭ ‬يا‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬صباح‭ ‬جميل،‭ ‬أبعد‭ ‬أحمد‭ ‬الغطاء‭ ‬عنه‭ ‬ونهض‭ ‬وفتح‭ ‬باب‭ ‬الغرفة،‭ ‬رأى‭ ‬أباه‭ ‬يرتدي‭ ‬ثيابه،‭ ‬فقال‭ ‬له‭: ‬أبي،‭ ‬صباح‭ ‬الخير،‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬توقظوني‭ ‬معكم؟‭ ‬قال‭ ‬الأب‭: ‬كنت‭ ‬سأنتهي‭ ‬من‭ ‬لباسي‭ ‬وآتي‭ ‬إليك‭ ‬لكنك‭ ‬سبقتني،‭ ‬ايها‭ ‬الولد‭ ‬النشيط،‭ ‬هيا‭ ‬اذهب‭ ‬واغتسل‭ ‬وتجهز‭ ‬حتى‭ ‬آخذك‭ ‬معي‭ ‬يا‭ ‬ولدي‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة،‭ ‬وحتى‭ ‬نتناول‭ ‬الفطور‭ ‬معاً،‭ ‬أسرع‭ ‬أحمد‭ ‬وذهب‭ ‬كي‭ ‬يتجهز‭ ‬لأول‭ ‬يوم‭ ‬دراسي‭ ‬بكل‭ ‬همة‭ ‬ونشاط،‭ ‬فهذا‭ ‬طالب‭ ‬العلم‭ ‬اليوم،‭ ‬أستاذ‭ ‬الغد‭.‬

جلست‭ ‬الأسرة‭ ‬تتناول‭ ‬طعام‭ ‬الإفطار،‭ ‬راح‭ ‬أحمد‭ ‬يأكل‭ ‬طعامه‭ ‬مع‭ ‬والديه‭ ‬وإخوته،‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬نشاطه،‭ ‬فرح‭ ‬بذهابه‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة‭.‬

قال‭ ‬الوالد‭: ‬هيا‭ ‬يا‭ ‬أبنائي‭ ‬لنذهب،‭ ‬قام‭ ‬أحمد‭ ‬من‭ ‬فوره‭ ‬وأخذ‭ ‬حقيبته‭ ‬وفتح‭ ‬باب‭ ‬المنزل‭ ‬وخرج‭ ‬وانتظر‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬السيارة،‭ ‬فتح‭ ‬الوالد‭ ‬السيارة‭ ‬فصعد‭ ‬أحمد‭ ‬وإخوته،‭ ‬وفي‭ ‬الطريق‭ ‬كان‭ ‬أحمد‭ ‬ينظر‭ ‬حوله‭ ‬ويتأمل‭ ‬الأولاد‭ ‬الآخرين‭ ‬وقد‭ ‬استعدوا‭ ‬مثله،‭ ‬وعند‭ ‬توقف‭ ‬السيارة‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬المرور‭ ‬رأى‭ ‬ولداً‭ ‬يقول‭: ‬تريدون‭ ‬علبة‭ ‬‮«‬فاين»؟‭ ‬اشتر‭ ‬مني‭ ‬يا‭ ‬عم‭ ‬أرجوك‭! ‬فنظر‭ ‬أحمد‭ ‬إليه‭ ‬وقال‭ ‬في‭ ‬نفسه‭: ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬يذهب‭ ‬هذا‭ ‬الولد‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة‭. ‬ثم‭ ‬سأل‭ ‬والده‭: ‬لماذا‭ ‬يا‭ ‬أبي‭ ‬لم‭ ‬يذهب‭ ‬هذا‭ ‬الولد‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة؟‭ ‬قال‭ ‬الأب‭: ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬معيل،‭ ‬قال‭ ‬أحمد‭: ‬ومن‭ ‬هو‭ ‬المعيل؟‭ ‬قال‭ ‬الأب‭: ‬المعيل‭ ‬يا‭ ‬ولدي‭ ‬أي‭ ‬الذي‭ ‬يعطيه‭ ‬حاجته‭ ‬من‭ ‬المأكل‭ ‬والمشرب‭ ‬والملبس،‭ ‬قال‭ ‬أحمد‭: ‬أي‭ ‬إن‭ ‬الإنسان‭ ‬لابد‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬معيل؟‭ ‬قال‭ ‬الأب‭: ‬نعم‭ ‬يا‭ ‬ولدي،‭ ‬فأنا‭ ‬مثلاً‭ ‬أعيلك‭ ‬أنت‭ ‬وإخوتك،‭ ‬وأعطيكم‭ ‬ما‭ ‬تحتاجون‭ ‬إليه‭ ‬يا‭ ‬أعزائي،‭ ‬قال‭ ‬أحمد‭: ‬نعم‭ ‬فأنت‭ ‬تعطينا‭ ‬حتى‭ ‬الألعاب،‭ ‬قال‭ ‬الوالد‭ ‬بعد‭ ‬ضحكة‭: ‬نعم‭ ‬يا‭ ‬عزيزي‭. ‬وتخيل‭ ‬أحمد‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬يلبس‭ ‬ثياباً‭ ‬مهترئة‭ ‬ويقول‭: ‬من‭ ‬يريد‭ ‬منديلاً،‭ ‬ثم‭ ‬هز‭ ‬رأسه‭ ‬وقال‭: ‬لا‭ ‬لا‭. ‬سمع‭ ‬الأب‭ ‬أحمد‭ ‬وقال‭ ‬له‭: ‬ما‭ ‬بالك‭ ‬يا‭ ‬أحمد،‭ ‬قال‭ ‬أحمد‭: ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يا‭ ‬أبي،‭ ‬لا‭ ‬شيء‭. ‬ثم‭ ‬قال‭: ‬الحمد‭ ‬لله‭ ‬الذي‭ ‬رزقني‭ ‬أباً‭ ‬محباً‭ ‬يهتم‭ ‬لأمر‭ ‬أولاده‭ ‬ويعمل‭ ‬على‭ ‬إعالتهم،‭ ‬سأدرس‭ ‬جيداً‭ ‬حتى‭ ‬أكون‭ ‬أباً‭ ‬جيداً‭ ‬لأولادي،‭ ‬وحتى‭ ‬أحقق‭ ‬لهم‭ ‬جميع‭ ‬ما‭ ‬يتمنونه‭ ‬ويطلبونه‭.‬