أبنائي الأعزاء
لا شك في أن أغلبكم اليوم أصبح على دراية بالكثير من المواد الأدبية والعلمية التي تتضمنها المناهج الدراسية، وقد حصَّلتم منها ربما ربع المنهج لهذا العام الدراسي الجديد. ولعلكم أدركتم أن هذا التحصيل في جوهره هو فعل قراءة. فالتعليم الذي يحصله الفرد منا، والذي نحصل بسببه على المعرفة ثم يتكون به وعينا، يبدأ وينتهي بالقراءة.
ومن الجمل التي شاعت قديماً عن هوايات البشر حين يسألون عن هواياتهم أن يقولوا القراءة والمطالعة، وهذه مسألة غريبة، لأن القراءة في الحقيقة ليست هواية، بل فعل ضروري جداً لكل إنسان، وليست القراءة مثل لعب كرة القدم مثلاً أو ممارسة الرياضة، رغم أهمية الرياضة أيضاً. بل هي الوسيلة التي يكوّن بها الشخص شخصيته ويعرف بها كل شيء بما فيها الرياضة. فمن يرغب اليوم في تعلُّم الموسيقى فلابد أولاً أن يقرأ شيئاً عن الموسيقى قبل أن يتعلم مهارة العزف، ومن يرد أن يتعلم لعب الكرة فسوف يقرأ عن تاريخ هذه الرياضة وأشهر لاعبيها، ولو أراد تعلُّم لغة جديدة فسوف يبحث عن كتب تعلِّمه هذه اللغة، وهكذا.
القراءة إذن وسيلة حياة، وليست ترفاً أو فعلاً للتسلية، نمارسها في أوقات الفراغ. ولذلك فبالإضافة إلى كتب المدرسة، لابد أن يكون لدى كل منكم قائمة أخرى من الكتب يمكنه أن يحصل عليها من مكتبة المدرسة أو المكتبات العامة، أو يشتريها من المكتبات المختصة.
فكل ما نتعلمه اليوم هو وسائل لفهم العالم، ولكن لابد أن نستكمل نحن هذا الفهم بجهد آخر نبذله بالقراءة التي ستفتح لنا أبواباً قد لا تخطر لنا على بال، فالكتب المدرسية على أهميتها تتعلق فقط بعدد من المعارف التي يتقرر لكم أن تدرسوها.
وهناك قصص كارتون لطيفة تعرفون بها عن ثقافات العالم، ورحلات قام بها مشهورون يمكن أن تتعرفوا منها على دول وشعوب وثقافات أخرى، ويمكن أن تقرأوا كتباً مبسطة في علوم الفضاء لتكتشفوا كم هو متسع هذا الفضاء الكبير الذي نعد جزءاً منه.
ولا تنسوا - أبنائي الأعزاء - أن أول ما أمر به الله - سبحانه - رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - هو فعل القراءة: اقرأ.