حكاية حوت
لا تحتاج حيتان الباليني إلى عيدان القطن لتنظيف الأذن، فالمياه تغلق قناة الأذن، التي تتميز بتشريح مميز، بحيث يتراكم عبر الوقت الشمع في ما يسميه الباحثون سدادة الأذن. في السابق، أحصى الباحثون طبقات الشمع، مثل عد حلقات الشجرة، لتساعدهم على تحديد عمر الحوت، لكن فريقًا من جامعة بايلور في تكساس اكتشف حديثا أن المادة الشمعية تحتوي على معلومات أكثر. ولأن تقلبات أو تأرجحات الهرمونات والتعرض للمواد الكيميائية موثقة في شمع الأذن، فهي يمكن أن تمدهم بمعلومات من أرشيف كرونولوجي (علم قياس الزمن) عن حياة حوت بعد موته. وفي حين أن عينات المثانة يمكن أن تعطي معلومة عن التعرض للمواد الكيميائية، يمكن أن يكشف شمع الأذن عن وقت حدوث هذا؛ هذه التفاصيل لم تكن متوافرة قبل الآن. تحتوي المتاحف على ملايين سدادات الأذن من مجموعة حوت الباليني، التي تشمل 14 نوعًا. ويستخدم فريق بايلور واحدة من حوت أزرق ذكر لمعرفة متى كان بلوغه، وما المواد الملوثة التي مرت عبرها أمه خلال فترة رضاعته؟ ومتى قابلت مبيدات فطرية وزئبق؟ يخطط الباحثون إلى أن يحاولوا الإجابة عن أسئلة، مثل كم حملاً مرت به الأنثى وما إذا كان ضجيج السفن العابرة له تأثير جسدي (علم وظائف أعضاء الكائن الحي) من عدمه؟
هل يشعر الإنسان السمين بالدفء أكثر من الرفيع؟
مع بداية ماراثون السباحة السنوي في قناة روتنست بأستراليا، يدهن عادة المشاركون أجسادهم بدهن (شحم) حيواني لعزلها عن برودة المياه التي تصل إلى 70 درجة فهرنهايتية (تعادل 21 درجة). لكن دهن أجسادهم يساعد كذلك على إبقائها دافئة، مثل طبقة إضافية من الملابس تحت الجلد. وجد العلماء أن السبَّاحين الذين يتميزون بمؤشر كتلة جسد أعلى أقل تعرضا لخطر الإصابة بانخفاض درجة حرارة الجسد عن معدلها الطبيعي.
وقد ظهر التأثير مع علاج المرضى المصابين بأزمة قلبية، حيث يتم علاجهم بتخفيض درجة حرارة الجسد (انخفاض حرارة الجسم العلاجية أو الوقائية) لتفادي إصابة المخ بالتلف والالتهاب. أظهرت الدراسات أن المرضى السمان تحتاج أجسادهم إلى وقت أطول في خفض درجة حرارتها مقارنة بنظرائهم النحّاف. يبدو أن الدهن الإضافي يعزل مركز الجسد.
يمكن أن يشعر الأشخاص السمان بالبرودة أكثر من هؤلاء ذوي الوزن المتوسط. وذلك لأن المخ يدمج إشارتين - الحرارة داخل الجسد وحرارة الجلد- لكي يحدد الوقت الذي يقبض فيه الأوعية الدموية فتثير الرعشة (التي تولِّد الحرارة). وبما أن الدهن تحت الجلد يحبس الحرارة، يميل مركز جسد الشخص السمين إلى أن يظل دافئا بينما يكون جلده باردا.
كما أن هناك العديد من العناصر الأخرى تحدد الدرجة التي نشعر بالبرد عندها. فالناس الأصغر حجما الذين يتميزون بمساحة سطح (الجسد) أكبر مقارنة بالحجم الكلي لأجسادهم يفقدون الحرارة سريعا، (يقال إن المرأة تشعر بالبرودة أسرع من الرجل، وإن الحجم المتوسط للجسد يلعب دورا في هذا). كما يوفر الجسد الذكوري بعض الحماية من انخفاض درجة حرارة الجسد جزئيا، لأن نسيج العضلة يولِّد كثيرا من الحرارة.