لماذا نخاف من الدواء؟!

لماذا نخاف من الدواء؟!

أصدقائي، إن كنتم مثلي عندما كنت صغيرًا، تخافون من تناول الدواء وأحيانًا تبكون، فإن ذلك شائع حتى بين الكبار، فقد يشعرون بخوف غير مبرّر من الأدوية التي ستساعدهم على الشفاء، ويميلون إلى الشكّ بها. وعلم النفس يصنّف هذه الحالة كنوع من أنواع الرُّهاب المحدّد.
رُهاب الأدوية (Pharmacophobia) كلمة من مقطعين: فوبيا، وتعني الرُّهاب، بينما فارماكو تعني الدواء. ويقصد بالمصطلح: الخوف من الأدوية أو الخوف من الإدمان على الأدوية، التي تتضمّن وجود محفّزات محدّدة تؤدّي إلى حدوث نوبات ذعر، والتي غالبًا ما تتطوّر أثناء الطفولة.
في البداية تجد الشخص الذي يشعر برُهاب الأدوية لا يرغب بزيارة الطبيب، وبخاصّة الأطفال، إذ يكون الألم الذي شعر به من ألم الحقنة شعورًا عالقًا في الذاكرة. أو مرارة مذاق الدواء، فأغلب الأدوية مرّة المذاق وطعمها غير مُستساغ، ومهما حاولَت الشركات أن تنتج بدائل مقبولة للأطفال والفئات العمرية الأخرى تبقى غالبية أدوية الأطفال غير ُمستساغة لديهم، وتصحّ معها المقولة: لابدّ من الشوك عندما تقطف الورد. 
الخوف لا مبرّر له من الناحية العلمية، فالأدوية خضعت لتجارب ثبتت فيها مأمونيتها، وكذلك الإجراءات الطبّية متّفَق عليها من الجهات الصحّية. لذا فالخوف والرهاب غير مبرّرَين، فالأمر لا يتعدّى الشعور النفسي حيال الدواء، تعزّزه تجارب سابقة سلبية.
ونحن نخاف من تناول الدواء عادة عندما نظنّ أنه غير آمن، وسيلحق الضرر بأجسادنا، وعندما نبحث عن النشرة الدوائية الُملحَقة بالدواء لقراءة التأثيرات السلبية له، والتي غالبًا ما تعدّ نادرة الحدوث، وتذكرها الشركات من باب العلم، ولحماية نفسها من التبعية القانونية، وقد لا نُصاب بها، ولكننا نظلّ نترقّبها حين نأخذ الدواء!!
وفي حقيقة الأمر، فإن الخوف من تناول الدواء هو السبب في إطالة مدّة المرض وتأخر حالة الشفاء وتدهور الصحّة، وعليه فإن الالتزام بأخذ الأدوية بالجرعة المناسبة والوقت المحدّد هو السبب الرئيسي في تحسّن الصحّة والتشافي السريع. 
إن الآباء والأمهات أحيانًا هم مَن يُصابون برُهاب الأدوية، فيشعرون بالخوف من الدواء الموصوف لأبنائهم، وذلك لحرصهم على صحّة الأطفال. ونشاهد أحيانًا الأم أو الأب يتردّدان ويشعران بالقلق بشأن إعطاء الأدوية لأطفالهما، خشية أن يكون هناك ضرر منها أكثر من نفعها.
وقد يتسبّب رُهاب الدواء في ردود فعل سلبية وانتكاسة من ناحية المريض تجاه الأدوية. وذلك حين لا يلتزم المريض بجرعات الدواء، ويقوم الطبيب بتعديل الجرعات حسب المعلومات التي قدّمها المريض عن عدم تحسّن صحّته، وتحدث في بعض المواقف الأخطاء الطبّية، وسببها المريض، كأن يتمّ وصف أدوية أحيانًا بجرعات زائدة، أو بتعارضات مع أدوية أخرى، أو بشعوره ببعض الآثار الجانبية للأدوية.
ويشمل رُهاب الأدوية الخوف من الحُقَن، أو الخوف من زيارة الطبيب، أو الخوف من أن يصبح مدمنًا على الأدوية، إلى جانب الخوف من الأدوية نفسها. 
يحدث رُهاب الأدوية نتيجة مجموعة من العوامل الداخلية (كالوراثة والجينات)، أو من المرور بتجارب صادمة في أعمار مبكّرة، وفي حالات معيّنة يكون له علاقة بوجود خلل بالوظائف الداخلية للجسم، كعدم الاتزان في كيمياء الدماغ. وأخطر شيء عندما يكون له علاقة بالتربية من خلال تخويف الطفل منه، وبالتالي يكبر الطفل بمخاوف مشابهة من الأدوية والرعاية الطبية.