ثياب الشتاء

ثياب الشتاء

مروان ورُقيّة يحبّان فصل الشتاء جدًا، وينتظران قدومه بفارغ الصبر؛ لأنهما اشتاقا كثيرًا لارتداء ملابسهما الشتوية الجميلة، وكانا كلّما طلبا من أمّهما أن تخرج لهما ثياب الشتاء، ترفض وتقول: لا تستعجلا، انتظرا حتى يأتي الشتاء بأجوائه الباردة وأمطاره.

 ذات يوم كان مروان ورُقيّة يلعبان في غرفتهما، فسمعا صوت السماء وهي ترعد وتمطر في الخارج، وقد أحسّا بالبرودة، فما كان منهما إلا الجري إلى أمهما، وإبلاغها بقدوم الشتاء وحاجتهما إلى الملابس الصوفية الدافئة. 
لبّت الأم طلبهما، وبسرعة فتحت الدولاب الذي تخزّن به الملابس الشتوية، وبدأت تُخرج الثياب الثقيلة، وبدأت بثياب ابنها مروان، وكانت المفاجأة، فكلّما أخرجت الأم قطعة ثياب ارتداها مروان على الفور، وانطلقت ضحكات رُقيّة وأمّه عليه، فالملابس التي ارتداها كانت ضيّقة جدًا وقصيرة عليه!!
بدت الحيرة على وجهه، ولكنها اختفت حين بدأت الأم بإخراج ملابس رُقيّة، التي لبست الثياب على عجل، وكانت هي الأخرى تتلقّى ضحكات مروان وأمّهما، وذلك لأن ثيابها أيضًا بدت ضيّقة وقصيرة عليها. 
بدا الغضب والحزن على وجه مروان ورُقيّة؛ لأنهما لن يستطيعا ارتداء ثيابهما الشتوية الدافئة والمحبّبة لديهما بعد الآن! مروان ورُقيّة شعرا بالغضب العارم حين شاهدا أمّهما وهي تخرج ثيابها الشتوية وترتديها دون أن تقصر عليها أو تضيق. 
 سأل مروان أمّه: أمّي لماذا قصرت ثيابنا وضاقت علينا بينما ملابسك ماتزال مناسبة عليك؟
ضحكت الأم وقالت: عزيزَيّ، الثياب لم تقصر ولم تضيق، بل أنتما كبرتما ولم تعد هذه الملابس مناسبة لكما!!
فسألتها رقيّة: وماذا عن ملابسك أنت؟ ألم تكبري أيضًا؟
جاوبتها الأمّ وهي باسمة: أنا أيضًا كبرت وازداد عمري، ولكن طولي ثابت وذلك لأنني تجاوزت مرحلة النمو، أما أنتما فماتزالان صغيرين وجسدكما سيطول ويكبر، إنكما في مرحلة النمو.
طلبت الأم من مروان ورُقَيّة أن يفرحا لأنهما سنة بعد سنة سيكبران ويشبّان، وستشتري لهما ثيابًا شتوية جديدة تتناسب مع جسديهما بدلًا من ثياب الشتاء القصيرة. 
وبفطنة سألت رُقيّة أمّها: أمّي ثيابنا الشتوية كثيرة، ماذا سنفعل بها؟! 
أجابتها الأم: عزيزتي، الثياب الجيّدة سنقوم بغسلها وكيّها، ثم نرسلها للمحتاجين إليها ممّن نعرفهم، والذين هم أصغر منكما، لأن ثيابهم الشتوية، أيضًا، ضاقت عليهم وقصرت، وقد لا يستطيعون شراء ثياب جديدة.
وأثناء ذلك كان مروان يقلّب ثياب الشتاء البالية، فمسك واحدة منها وسأل والدته: أمّي، ماذا سنفعل بهذه؟
بسرعة أجابت رُقيّة: سأصنع منها ثيابًا جديدة لدُميتي. 
ضحكت الأم وقالت: لا تقلق بشأنها، فسنعيد تدويرها إلى أشياء نحتاجها في المنزل.