الزرقاوات المحيط أزرق والسماء زرقاء
يبدو اللون الأزرق في الطبيعة منتشرًا بكل سهولة، وبلا مشقّة، فتجده أينما يمّمتَ وجهك، بينما هو، في الحقيقة، أحد أصعب الألوان التي تنتجها الأصباغ في الطبيعة. وتتحصّل الحيوانات عليه من خلال تكوينات مجهرية تكمن تحت جلودها، أو في ريشها، أو قشورها، أو أصدافها، ومنها ما يصير أزرق اللون عند تناوله أطعمة معينة. حتى النباتات، يندر الأزرق بينها، ويوجد أقل من 10% من أنواع النباتات المزهرة في العالم أزهار زرقاء.
ويتبختر طائر اسمه (الأطيش أزرق القدمين) بزرقة قدميه، ويبدو كأنه يلبس حذاءين لامعين يشعرانه بالتميّز بين أقرانه. وهو ينتج اللون الأزرق من الأصباغ الموجودة في الأسماك التي يأكلها في موطنه الأصلي، سواحل المحيط الهادي في أمريكا الوسطى والجنوبية. وقد أكّدت الدراسات أن ذكور الأطيش الذين يتناولون الأسماك الطازجة بانتظام يتمتّعون بأقدام زرقاء زاهية، بالإضافة إلى أنظمة مناعية أقوى.
أما نجم البحر الأزرق، فقد اكتسب زرقته من أصباغ شائعة، هي الكاروتينات، المسؤولة عن إنتاج ألوان كثيرة، والتي تنتج اللون الأزرق عند اتّحادها مع البروتين. والجدير بالذكر أن اللون الأزرق في حالة الاستاكوزا ينتج من مثل هذا الاتّحاد، وعند طهيها، يتحوّل لونها إلى الأحمر، بسبب انهيار الاتّحاد بين مركب الكاروتين والبروتين.
وللطائر الأسترالي شبيه النعامة، المسمّى (إيمو) بَيض أزرق اللون. والمعروف أن ألوان قشر بيض الطيور تتشكّل بواسطة اثنين من مجموعة مركّبات كيمائية اسمها (تترابيرولز)، أحدهما أخضر مزرَقّ، والآخر بنّي، وتترسّب هذه المركّبات في قشر البيض أثناء تكوينه في قناة البيض عند الطائر.
ولا يجعلنا لون الببغاء الأزرق نصدّق أن ريشه أزرق اللون، حقًا، فالمسألة ليست أكثر من خداع ضوئي، فريش الطيور ممتلئ بصبغ الميلانين الأسود، واللون الذي يصل لأعيننا هو نتيجة الطريقة التي يتفاعل بها الضوء مع كل من الميلانين ومكوّنات هيكلية مجهرية داخل الريش تعكس اللون الأزرق، لأن طوله الموجي أقصر من الألوان الأخرى التي تمتصّها حبيبات الميلانين.
وينتشر على نطاق واسع في نيوزيلندا فطر يُقال له (السماوي)، يغطّي اللون الأزرق كامل جسمه، عدا بقع حمراء في منطقة تكوين جراثيمه. ويعتقد العلماء أن أصباغ الأزولين الموجودة في الفطر هي المسؤولة عن زرقته، وإن كانوا غير متيقّنين من الكيفية التي ينشأ بها هذا اللون القوي. ولفرادته، أصبح الفطر الأزرق السماوي مكوّنًا فولكولوريًا نيوزيلنديًا، كما طبعت صورته على ورقة نقدية.
وانظر إلى هذه الضفادع الثعبانية الشبيهة بالديدان، بينما هي في الواقع برمائيات بلا أرجل، وتقضي معظم حياتها تحت الأرض، ولديها أجساد مهيأة خصّيصًا للاختباء تحت التربة، حيث تقضي معظم حياتها في الظلام، ومع ذلك فقد تمكّنت من اكتساب ألوان قوية زاهية، من بينها الأزرق، ولا يعرف العلماء حتى الآن ضرورة هذه الألوان بالنسبة لها، ويرون أنها قد تكون بمثابة تحذير للحيوانات المفترسة المحتمَلة.
وتفترش عشبة الجريْس الأزرق البريطانية مساحات كبيرة من أرض الغابات، ويقدّر عددها بالملايين، منتهزة فرصة تعرّضها لِضوء الشمس، وقبل أن تبدأ أوراق أشجار الغابة في التساقط، فتمنع عنها الضوء. وقد اكتشف العلماء أن حبوب لقاح هذه العشبة الزرقاء ليست بريطانية الأصل، وإنما هي قادمة من الخارج، فالجريس الأزرق البريطاني له حبوب لقاح بيضاء كريمية.