الورديَّات الحياة باللون الوردي الفاخر!

الورديَّات الحياة باللون الوردي الفاخر!

نكُنُّ، نحن البشر، لِلَّون الوردي انطباعًا رومانسيًا، بينما هو في عالَم الطبيعة يمكن أن يكون رسالة تحذير، أو جزءًا من خطّة تمويه مُتقنة.
ومن أشهر ورديات عالَم الحيوان طائر الفلامنجو، أو النحام، الذي يدين بِلَونه الفاخر لِنظام غذائه المكوّن أساسًا من الروبيان (أو الجمبري) والطحالب الدقيقة، ولا سيما الدياتومات والطحالب الخضراء المزرقّة التي تحتوي على أصباغ تُسمّى الكاروتينات، وهي نفس الأصباغ التي تعطي الطماطم والجزر ألوانها الزاهية؛ فيأكل الروبيان الطحالب، وتأكل طيور الفلامنجو كليهما، فتتراكم كمّيات كبيرة من الكاروتينات فيها، ولا يلبث كبد الطائر أن يقوم بتفكيك الكاروتينات، فيسهل  امتصاص جزيئاتها في الدهون المترسّبة في ريش الطيور ومناقيرها وأرجلها.

 

الغذاء البحري وراء لونه الوردي!
ولا تحاول البحث عن لون وردي في أفراخ الفلامنجو، فهي تبدأ حياتها رمادية اللون، وتكتسب اللون الوردي تدريجيًا. تنتظم الأفراخ بنظام تغذية الآباء، وتمرّ بعمليات انسلاخ  فيكتسب ريشها الجديد اللون الوردي.
الجدير بالذكر أن البشر أيضًا يأكلون الأطعمة المحتوية على الكاروتينات؛ فإن أسرفوا في تناولها فقد يتسبّب ذلك في حالة مرضية تسمى كاروتينوديرما، أو اصطباغ الجلد بالوردي.
والسمندل المكسيكي، ويُعرفُ أيضًا بعفريت الماء، نوع من البرمائيات غريب الشأن، فالأفراد منه التي تعيش في البرّية لا تتحوّر فتتحوّل - ككثير من البرمائيات - من طَور لِطَور، كما يتحوّل أبو ذنيبة إلى ضفدعة مكتملة، مثلًا، فيظلّ محتفظًا بخياشيمه الوردية المميّزة التي تشبه الريش، ويعيش معظم الوقت يتنفس بها تحت الماء.
 لا يتحوّل السمندل المكسيكي إلى طَور متقدّم، ويظلّ طول عمره محتفظًا بخياشيمه الوردية.
وثمة مجموعة كبيرة من النباتات المُزهرة، يقالُ لها (كوبية) أو (قدحية)، منتشرة في آسيا والأمريكتين، أزهارها بيضاء في الأحوال الاعتيادية، لكن أنواعًا قليلة منها قادرة على اكتساب درجات متنوّعة من اللون الوردي، اعتمادًا على كيمياء التربة المنزرعة بها، فإن كانت قلوية جاءت أزهارها وردية، وإن كانت حمضية انتشرت بها أيونات الألومنيوم، وجاءت الأزهار زرقاء.

 أزهار نبات الكوبية أو القدحية، لا تكون وردية إلا في التربة القلوية.
وثمّة نوع من كائنات (العثّ) أو الفراشات، يحمل اسمًا مُركَّبًا مُستَغرَبًا، هو (فيلُ الفَرَاش الصقري)، وهو فَراش سريع الطيران، يستوطن إنجلترا، لا يُرى طائرًا إلا في الليل، ويستريح أثناء النهار فلا يرى كثير من الناس ألوانه الوردية. وقد دخل اسم (الفيل) في تسميتها لتميّزها بجسم سمين إلى حدٍّ ما.
 

فيل الفراش الصقري
والشائع بين الجنادب أنها بنّية أو خضراء، ولكن بعض أنواعها يشذُّ عن ذلك، لِسبب غير معلوم، ويتّخذ لونًا ورديًا، كما هو حال الجندب الوردي مستطيل الأجنحة.
 وتستفيد الجنادب الخضراء من لونها، إذ يعطيها القدرة على التشبّه بأوراق النباتات في الوسط الذي تعيش فيه، فتنجو من تربّص الأعداء بها، في حين يُسَهّل اللون الوردي اصطياد الجنادب الوردية.

 الجندب الوردي - لونه نقمة وليس نعمة
ويستوطن ببغاء جالا أستراليا وشمال نيوزيلندا، ويتوزّع اللون الوردي على عنقه وصدره وأجنحته السفلية، وتمتصّه من الضوء جزيئات صبغية داخل الريش، وليس من أصباغ كاروتينويد الممتصّة للضوء التي يوفّرها النظام الغذائي في أنواع أخرى عديدة من الطيور.

ببغاء جالا الوردي
ومن أغرب الورديات البحرية، سمكة فرس البحر القزم، التي تستوطن غرب المحيط الهادئ، حيث تعيش وتتغذّى على أنواع من الشعاب المرجانية تُسمّى بالجورجونية. وهو قزم لأن طوله عند اكتمال نموه يقلّ عن بوصة واحدة. ويستعير هذا الفرس البحري القزم لونه الوردي من المرجانيات التي نشأ بينها، ليساعده في التمويه والاختباء من المفترِسات.

فرس البحر القزم
أما  (فرس النبي)، الذي يُعرف أيضًا باسم السرعوف، وموطنه جنوب شرق آسيا وإندونيسيا، فإنه يَستخدم جسمه الأبيض مع درجات اللون الوردي والأصفر ليتنكّر في شكل زهرة لاجتذاب الحشرات الأخرى، وعندما يتجمّع عدد كافٍ منها ينقضّ عليها، ويلتهمها.