الأحجار الكريمة
تسعى المرأة منذ فجر التاريخ نحو الجمال، فتراها في العصور القديمة تبتكر كل السبل في تحقيق الكمال من الحُلي ومستحضرات التجميل المبتكرة، وتتزين بكل ما هو غالٍ ونفيس من أجل تحقيق المظهر الحسن. والجمال ليس حكرًا على النساء فقط وإنما للرجل كذلك نصيب فيه، إذ يلبس الرجل الخواتم المصنوعة من الفضة والمرصعة بالأحجار الكريمة أيضًا.
المعادن الثمينة هي كل المعادن ذات القيمة المادية العالية منها الأحجار الكريمة أو شبه الكريمة، ومنها الفضة والذهب كذلك، وكل حَجر له قيمته الخاصة وثمنه في يومنا هذا على حسب توافره أو ندرته ومصدره. فشكّلت الأحجار قيمة مادية ومعنوية أيضًا في نفوس كل مَن يقتنيها وارتبطت بالطاقة وجلب الحظ وكل ما هو خارق للطبيعة، في يومنا الحالي أصبحت هناك دورات تعليمية خاصة عن الأحجار وعلاقتها بالأبراج السماوية وأثرها في طاقة الإنسان.
هذه الاعتقادات ليست وليدة العصر الحالي، إنما هي منذ القدم، أي منذ نحو 330 سنة قبل الميلاد وتحديدًا خلال زمن الحضارة الفرعونية، حيث استخدمت هذه الأحجار لعلاج الأمراض المستعصية، والحماية من العدو وجلب الحظ للتغلب عليه في أرض المعركة وغيرها الكثير من المعتقدات.
والأحجار الكريمة عبارة عن قطع كريستالية أشبه بالرخام تصقل لاستخدامها في الزينة والحلي، وفي الأصل هي عبارة عن أحجار أو حصى تكونت في قشرة الأرض وبعضها يتكون في باطن الأرض كاللؤلؤ. ويتم التعرف على حقيقة كون الحجر أصليًا من خلال تراكيب كيميائية معقدة. وهناك بعض الخصائص الأخرى التي تمنح الحجر قيمته، وسنستعرض أهم تلك الخصائص مع أشهر أنواع الأحجار.
أندر الأحجار وأهم ما ترمز إليه:
الزفير: رمز للحكمة والصدق والثقة، وهو الحجر المعروف بأنه ذو لون أزرق صريح ويعتبر الأكثر شهرة بين العوائل المالكة تحديدًا عندما قدمه الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا للأميرة ديانا في خطبتها عام1981م، والذي ترتديه الآن دوقة كامبريدج، وهو ذو الـ 12 قيراطًا، ويمتاز بأنه حجر باهظ الثمن واستثمار جيد على المدى الطويل. وللزفير تاريخ ديني طويل بأغلب الحضارات خاصة في الحضارتين اليونانية والفارسية، وقد تم ذكر الزفير في النصوص التوراتية، حيث تمت الإشارة إليه على أن عرش الله مرصّع بهذا الحجر الأزرق الثمين.
اليشم: يرجع أصل التسمية إلى الإسبانية، وتعني الترجمة الدقيقة له «حجر من أجل الألم في جانب الجسم»، حيث ترجع هذه التسمية الغربية إلى شعوب المايا والأزنك لأنهم كانوا يضعونه على جوانبهم، معتقدين بقدرته العجيبة في علاج علل الجسد. بينما يسمونه في الحضارات الصينية القديمة باسم (يو) ويعني «السماوية» أو «الإمبراطورية» إذ تم اكتشاف حجر اليشم في بعض جدران المقابر الملكية الصينية.
يمتاز هذا الحجر بشعبية كبيرة في الصين إلى يومنا هذا، إذ صُنعت العديد من التماثيل والآلهة منه، فمؤخرًا تمت صناعة تمثال بوذا من اليشم وبجودة عالية جدًا، إذ تعادل قيمة الحجر قيمة الذهب هناك.
عرق السواحل: يمتاز بكثرة تواجده وسهولة الحصول على بعض أنواعه، فعلى سبيل المثال عرق السواحل البحري لا يمتاز بأي قيمة جمالية لتشابه شكله مع الأصداف البحرية ولا يشكّل أي قيمة مادية، لكن ارتبطت قيمته بأعمال السحر والشعوذة. وهناك نوع آخر من عرق السواحل هو النوع الحيواني، وهو يستخرج من حيوان القنفذ البري تحديدًا والذي يشكل استخراجه صعوبة لمروره بعدة مراحل شديدة الدقة. ويستخدم في أعمال الروحانيات والأساطير بغرض الشفاء من الأمراض المستعصية وتسخير الجان والعفاريت وجلب الرزق عن طريق التمائم. ويشتهر حجر عرق السواحل في البلدان العربية خاصة في بلاد الشام وشبه الجزيرة العربية.
ما يجب مراعاته في الأحجار الكريمة:
-1 كثافة اللون: عند اقتناء الحجر الكريم علينا التركيز على اللون وكثافته، فالعلاقة بين لون وكثافة الحجر تتناسب طرديًا مع سعره، فكلما ازدادت قتامة لون الحجر ازداد سعره. من جهة أخرى، يمكن مع مرور الوقت أن يتحول شكل الحجر من لون باهت إلى لون فاتح نوعًا ما.
- داكن: تشبع معتدل إلى قوي مع درجة لون داكنة جدًا.
- عميق: تشبع معتدل إلى قوي مع درجة لون داكنة متوسطة إلى داكنة.
- زاهي: تشبع زاهي مع درجة لون متوسطة إلى متوسطة داكنة. يعتبر أفضل مزيج من الدرجة اللونية والتشبع.
- كثيف: تشبع معتدل مع درجة لون فاتحة متوسطة.
- متوسط الكثافة: تشبع معتدل مع درجة لون فاتحة.
- فاتح: تشبع رمادي أو بني قليلًا مع درجة فاتحة.
- فاتح جدًا: تشبع رمادي مع درجة فاتحة للغاية.
-2 القيراط: يتم تحديد وزن الحجر الكريم بواسطة القيراط، إذ يساوي القيراط الواحد ما يعادل 0.2 جرام. فكلما زاد وزن الحجر أصبح أكثر قيمةً وندرة.
على سبيل المثال، هناك بعض الأحجار ذات قيراط مرتفع 10.0 قراريط مثلًا، وهو بذلك يزداد مائة مرة عما إذا كان وزن القيراط متوسط 1.0 مثلًا وهذا ما يزيد من ندرته أيضًا.
-3 النقاء: إن شوائب الأحجار الكريمة ضرورية، فهي تحدد وتعطي قيمة ومعرفة عن جودة وأصالة الحجر الكريم، على عكس الألماس تمامًا، فشوائب الألماس تعد عيبًا في جودته.
وهناك 3 مستويات للنقاء:
- نظيف من منظور العين المجردة: أي إن الشوائب غير مرئية بالعين المجردة؟
- شوائب مرئية: تشير إلى أن الشوائب يمكن رؤيتها قليلًا بالعين المجردة.
- يتضمن شوائب: تشير إلى أن الشوائب يمكن رؤيتها تمامًا بالعين المجردة.
الظريف في الأمر، أن الشوائب في الأحجار الكريمة مشابهة جدًا لمفهوم «الوحمة» لدى البشر فهي تعطي جانبًا جماليًا مميزًا للحجر الكريم.
-4 المعالجة: يتم استخراج معظم الأحجار الكريمة دون أن تنهِي الطبيعة عملها على أكمل وجه، فيقوم الإنسان بعد استخراجها بمعالجتها بانتظام لتحسين جودة النقاء أو اللون، وهي ممارسة مقبولة في عالم الأحجار ولا تؤثر سلبًا على قيمة الحجر نفسه، إذ إن الأحجار ذات الجودة العالية لا تحتاج إلى معالجة وهذا ما يعطيها قيمة أكبر.
وأخيرًا، نصل إلى التكلفة، حيث إن العناصر التي تم ذكرها هي التي تُحدد تكلفة الحجر الكريم من خلال اللون والنقاء، الأصل والمعالجة، الوزن والقيراط، مع وضع اعتبار لندرة الحجر، حيث إن هذا ما يحدد قيمة الحجر نفسه بالمرتبة الأولى ■