مهنّد يستفيد من الدرس

مهنّد  يستفيد من الدرس

لم‭ ‬أكن‭ ‬أنوي‭ ‬أن‭ ‬أحكي‭ ‬هذه‭ ‬الحكاية‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬صباح‭ ‬اليوم،‭ ‬فأنا‭ ‬لا‭ ‬أحب‭ ‬أن‭ ‬أذكر‭ ‬شيئًا‭ ‬سلبيًا‭ ‬عن‭ ‬زملائي‭ ‬وأصدقائي‭. ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬تردّد‭ ‬طويل‭ ‬رأيت‭ ‬أن‭ ‬أسردها،‭ ‬لعلّ‭ ‬بقيّة‭ ‬أصدقائي‭ ‬وكل‭ ‬مَن‭ ‬يقرأ‭ ‬هذه‭ ‬اليوميات‭ ‬يستفيدون‭ ‬منها‭.‬

كنّا‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬الخميس،‭ ‬وعندما‭ ‬دقّ‭ ‬جرس‭ ‬الفسحة‭ ‬وانطلقنا‭ ‬إلى‭ ‬الفناء‭ ‬اجتمعنا‭ ‬كعادتنا،‭ ‬أنا‭ ‬وأصدقائي‭ ‬المقرّبون،‭ ‬نضع‭ ‬الخطط‭ ‬لِقضاء‭ ‬الإجازة‭ ‬الأسبوعية‭. ‬ولكننا‭ ‬لاحظنا‭ ‬غياب‭ ‬مهنّد‭ ‬عن‭ ‬تجمّعنا،‭ ‬ورحنا‭ ‬نبحث‭ ‬عنه‭ ‬حتى‭ ‬وجدناه‭ ‬يجلس‭ ‬وحيدًا‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬أركان‭ ‬الفناء‭. ‬رحنا‭ ‬نسأله‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬غيابه‭ ‬عن‭ ‬اجتماعنا،‭ ‬ولكنه‭ ‬رفض‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬أن‭ ‬يتكلّم،‭ ‬وبعد‭ ‬إلحاح‭ ‬قال‭:‬

‭- ‬كل‭ ‬خططكم‭ ‬وأنشطتكم‭ ‬مملّة‭! ‬ولأن‭ ‬ذكائي‭ ‬يفوق‭ ‬ذكاءكم،‭ ‬ووقتي‭ ‬ثمين‭ ‬فلن‭ ‬أضيّعه‭ ‬معكم‭. ‬

‭- ‬حزنتُ‭ ‬جدًا‭ ‬لِما‭ ‬قاله‭ ‬مهنّد،‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬المعتاد‭ ‬من‭ ‬مهنّد‭ ‬أن‭ ‬يمتدح‭ ‬نفسه‭ ‬ويتعالى‭ ‬على‭ ‬أصدقائه‭. ‬

‭- ‬قال‭ ‬خالد‭:  ‬ولكن‭ ‬يا‭ ‬مهنّد،‭ ‬الإنسان‭ ‬الذكي‭ ‬لا‭ ‬يستغني‭ ‬أبدًا‭ ‬عن‭ ‬الأصدقاء،‭ ‬فالحياة‭ ‬بدون‭ ‬أصدقاء‭ ‬ليست‭ ‬حياة‭.‬

‭- ‬وقال‭ ‬بسّام‭:  ‬على‭ ‬راحتك‭ ‬يا‭ ‬مهنّد،‭ ‬لا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نضغط‭ ‬عليك‭. ‬ألن‭ ‬تقابلنا‭ ‬في‭ ‬النادي‭ ‬غدًا‭ ‬ككل‭ ‬يوم‭ ‬جمعة؟

‭- ‬قال‭ ‬مهنّد‭:  ‬لا‭ ‬أظن‭.‬

بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الفسحة،‭ ‬في‭ ‬حصّة‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬طلب‭ ‬منّا‭ ‬المعلّم‭ ‬أن‭ ‬نقسّم‭ ‬أنفسنا‭ ‬إلى‭ ‬مجموعات‭ ‬صغيرة،‭ ‬وأن‭ ‬تقوم‭ ‬كل‭ ‬مجموعة‭ ‬بإعداد‭ ‬موضوع‭ ‬إنشاء،‭ ‬ويلقيه‭ ‬واحد‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬بقيّة‭ ‬الفصل‭.‬

كانت‭ ‬مجموعتنا‭ ‬تضمّ‭ ‬خالدًا‭ ‬وبسّامًا‭ ‬وأنا،‭ ‬كنا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬ينضمّ‭ ‬مهنّد‭ ‬إلينا،‭ ‬كالعادة،‭ ‬ولكننا‭ ‬لم‭ ‬نحب‭ ‬أن‭ ‬نضايقه‭.‬

في‭ ‬نهاية‭ ‬اليوم،‭ ‬فُوجئت‭ ‬بمهنّد‭ ‬يقترب‭ ‬منّي،‭ ‬وقال‭ ‬لي‭ ‬وعلامات‭ ‬الندم‭ ‬والخجل‭ ‬على‭ ‬وجهه‭:  ‬كل‭ ‬الأولاد‭ ‬انضمّوا‭ ‬إلى‭ ‬مجموعات،‭ ‬وبقيت‭ ‬أنا‭ ‬وحيدًا‭! ‬لقد‭ ‬افتقدتكم‭ ‬كثيرًا،‭ ‬وتمنّيت‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬معكم‭.‬

‭ ‬خالد‭ ‬على‭ ‬حق،‭ ‬الحياة‭ ‬بدون‭ ‬أصدقاء‭ ‬ليست‭ ‬حياة‭!. ‬

رسمتها‭: ‬نهى‭ ‬الدخان‭ ‬