عندما أصبح الأرنب بطلاً

عندما أصبح الأرنب بطلاً

كان هناك أرنب يعيش في الغابة مع أمّه الحنون وأبيه العطوف اللذَين كانا يحبّانه كثيرًا، ويلبّيان كل طلباته، إلا أن الأرنب لم يكن سعيدًا، كان يتمنّى أن يكون مثل حيوانات الغابة القوية التي يهابها الجميع.
ذات مرّة كان الأرنب يجلس على أطراف الغابة مُتخيّلًا نفسه بطلًا أسطوريًا كالذين يقرأ عنهم في الحكايا، أمثال «الرجل الخارق» وغيره. وأخذ يسرح بخياله بعيدًا مُتخيّلًا نفسه بطل الغابة الخارق، والجميع ينادونه «الأرنب الخارق».
استفاق الأرنب من أحلامه على صوت رجلٍ غريب يجري في الغابة، ويستغيث، فسأله الأرنب عمّا به، فأجاب الرجل: إن الأسد يطاردني.
 صحب الأرنب الرجل إلى مكان لا يستطيع الأسد الوصول إليه، واختبأا فيه.
سأل الأرنب الرجل عن سبب مجيئه إلى غابتهم، فأجاب الرجل: أنا أعمل ساحرًا في السيرك المجاور لغابتكم، وبعد أن انتهيت من تقديم فقرتي الأولى، وحوّلت المنديل الأبيض إلى حمام أبيض جميل أخذ يرفرف فوق الجمهور وهم يصفقّون لي فرحين، بدأت في تقديم فقرتي الثانية، لكن يبدو أني أخطأت في شيءٍ ما أثناء تقديم اللعبة، فوجدت نفسي هنا على أطراف الغابة، والأسد يطاردني.
نظر الأرنب فرِحًا إلى الساحر، وقال: هل بإمكانك حقًا تحويل المناديل البيضاء إلى حمام يطير؟
أجاب الساحر بِثقة: وبإمكاني تحويل أيّ شيءٍ لشيءٍ آخر بعبقريّتي السحرية.
طلب الأرنب من الساحر أن يحوّله لحيوانٍ آخر، فنصحه الساحر أن يظل أرنبًا؛ لأنه يراه جميلًا جدًا، لكن الأرنب أصرَّ، فوافق الساحر، وسأله عمّا يريد أن يكون، فأجاب الأرنب: أريد أن يكون لي أنياب كبيرة مثل الأسد، وخرطوم طويل كالذي يملكه الفيل، ورقبة طويلة كالزرافة، وأجنحة مثل الطيور.
حقّق الساحر للأرنب طلبه، وسار الأرنب في الغابة فرِحًا مختالًا؛ ظنًا منه أن الجميع سيهابونه، لكنه وجدهم يسخرون من شكله، فلا الأُسُود اعتبرته أسدًا، ولا الأفيال رأته فيلًا، ولا الزرافات شعرت بأنه يشبهها، ولا الطيور اعتبرته واحدًا منهم.
 حزن الأرنب، فعاد إلى بيته مهمومًا حزينًا باحثًا عن أمّه الحنون وأبيه العطوف؛ ليخفّفا عنه أحزانه، لكن زاد حزنه حين تنكّر منه والداه، ولم يعرفاه، ورغم أنه ظل يذكّرهما بنفسه إلا أنهما لم يصدّقاه، واتّهماه بالكذب والتحايل، وقالا: أنت لست ابننا، فأنت لست أرنبًا.
خرج الأرنب من بيته حزينًا، وذهب مسرعًا إلى المكان الذي اختبأ فيه مع الساحر آملًا أن يجده ويعيده أرنبًا كما كان، ولما وصل المكان وجد الساحر يستقبله مبتسمًا، ويقول: كنت أعلم أنك ستأتي كي أعيدك أرنبًا جميلًا كما كنت.
 قال الأرنب: كيف عرفت؟ 
فأجاب الساحر: لِأن لكل المخلوقات جمالًا خاصًّا بها! 
ثم نصح الساحر الأرنب أن يبحث جيدًا عمّا يميّزه عن غيره، بدلًا من أن يبحث عن طريقة تجعله يشبه غيره.