أبنائي الأعزّاء

أبنائي الأعزّاء

في شهر مارس عادةً ما ينقضي الربع الأول من السنة، وفيه يحدث الاعتدال الربيعي، وخلال أيّامه يتساوى الليل والنهار، معلنًا بدأ فصل الربيع، حيث الجوّ اللطيف والمناخ المعتدل نسبيًا في معظم دول العالم. وفي هذا الشهر أيضًا يستقبل العالَم الإسلامي شهر رمضان الفضيل، والذي يتطلّع إليه المسلمون بلهفة، آملين صومًا يسيرًا في ظلّ النسمات العليلة. 
إن صيام شهر رمضان الكريم يُفترض أن يسبقه نيّة الصوم، أي أن يعتزم الصائم، وقبل البدء بالصيام ومن قرارة نفسه- تجنّب كل ما يُبْطل صيامه من طعام وأقوال وأفعال. ولأننا جميعًا نعلم جيدًا أن الأكل في رمضان له مواقيت معيّنة، علينا أن نعيَ أيضًا بأن النيّة السيّئة- كالتي تدفع للغدر والاستغلال، والكلام الجارح كالسبّ والقذف، والسلوك القبيح كالسرقة والغش- أمور تبدو هيّنة، إلا أنها تجرح الصيام، وقد تبطله، بل إنها تقلّل أيضًا من قيمة الإنسان الذي ميّزه الله تعالى عن سائر المخلوقات بالعقل والحكمة والتعمير. 
وفي هذا العدد نتعرّف في باب راوية تروي على قصّة «ثلاثة لصوص» للأديب الروسي ليو تولستوي. ومنها نكتشف كيف يتآمر الإنسان على أخيه الإنسان، ويُلحق به الضرر والسوء، من جرّاء نيّة السرقة التي عزم عليها 3 لصوص، وتآمروا على تجريد رجل كان في طريقه لِبيع كل ما يملك لِسدّ حاجاته اليومية، دون أي مراعاة لما قد يعتريه من مشاعر ألم وحسرة جرّاء فعلتهم. وببساطة شديدة يمكن القول بأنهم مجرّد لصوص، ولن يكترثوا بمشاعر المسروقين! 
أبنائي الأعزّاء، إن قصّة ثلاثة لصوص تطلعنا على النوايا السيئة التي تقود صاحبها إلى أفعال قبيحة ومشينة، وتعرّفنا أيضًا على ضرورة التمييز بين حسن الظنّ بالآخرين والثقة العمياء بأقوالهم وأفعالهم. ومن الأمثال الروسية: (في مستنقع الأكاذيب لا تسبح سوى الأسماك الميتة)، فالكذب لا يدوم ولا ينتج عنه شيءٌ ذو فائدة.