إكزوبيري الطيّار والأمير الصغير المغوار

إكزوبيري الطيّار  والأمير الصغير المغوار

أصدقائي، يوافق يوم 29 من يونيو يومًا عالميًا للاحتفال بالأمير الصغير، وهو ليس شخصًا إنما عملاً أدبيًا للأطفال، كتبه شاعر وصحفي وطيّار فرنسي يُدعى أنطوان دو سان إكزوبيري! وكان هذا اليوم تحديدًا لأنه يعود ليوم ميلاد إكزوبيري، وهدف القائمون على تنظيمه وإقراره إلى التذكير بالقِيَم الإنسانية والعِبَر في الوقت الذي كثرت فيه الصراعات والحروب، وتأثّر به الصغار والكبار. ويحتفي محبّو الأمير الصغير بهذا اليوم عن طريق تقديم أنشطة متنوّعة للأطفال في العديد من دوَل العالم، وأهمها قراءة القصة ومناقشتها معهم. تعالوا لنتعرّف أكثر على القصة والكاتب. 
الأمير الصغير في العالَم الكبير
في عام 1943م، وفي الولايات المتّحدة الأمريكية أُصدِرت القصة، ثم بعد ذلك في فرنسا سنة 1946 بعد انقضاء الحرب العالمية الثانية. انتشرت في أوروبا وحظيت بشعبية كبيرة في وسط أدب الطفل، وتناقلها الأطفال الصغار على مدى أجيال متتالية، لذلك تُرجمت إلى 500 لغة رسمية، وبيع منها خمسة عشر مليون نسخة في فرنسا وحدها منذ أن تمّ نشرها، وما تزال إلى الآن تباع منها خمسة ملايين نسخة كل سنة حول العالم. وتُحفَظ المخطوطة الأصلية للقصة في مكتبة ومتحف مورغان بنيويورك.
ملخّص القصة وملامح الأمير
تحكي القصة عن أمير صغير يقطن كوكبًا لا يزيد حجمُه عن حجمِه إلا قليلاً، ولمّا كان بحاجة إلى صديق غادر كوكبه وتجوّل بين الكواكب، وزار ستّة كواكب في كل واحد منها يعيش شخص واحد ذو أفق ضيّق ومحدود، إلى أن وصل إلى الأرض ليعثر على طيّار تقطّعت به السبُل وسط الصحراء، عندئذ سيطلب منه الأمير أن يرسم له خروفًا!  بعدها سيلتقي بالثعلب الذي سيعلّمه قيَم الصداقة والاتحاد. إن الأمير شخص حالم، يحب زهرته التي تركها على كوكبه، كما يحب غروب الشمس الذي صادفه في أحد الأيام أربعًا وأربعين مرّة! كما أنه لا يتوقّف عن طرح الأسئلة على الكبار.
لم يكتفِ الكاتب أنطوان بكتابة القصة فقط، بل اهتمّ أيضًا برسم ملامح الأمير وعالمه الساحر بنفسه ليضعهما بين صفحات روايته، بعد أن كان ليقوم بذلك صديقه الرسّام برنارد لأموت، لكن إكزوبيري ارتأى أن طريقه رسمه واقعية جدًا بشكل لا تتناسب مع قصته الطفولية.
الكاتب الذي قصّ حياته
وُلد أنطوان إكزوبيري في عائلة أرستقراطية، ولكن بعد فقده لوالده أصبح معيلاً لها. بعد الدراسة الثانوية حاول الالتحاق بالأكاديمية البحرية الأمريكية لكنه فشل، فالتَحق بمدرسة الفنون الجميلة لكنه لم يكملها. وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى أدّى خدمته العسكرية كجندي، وهناك تعلّم الطيران فانتقل إلى القوّات الجوّية الفرنسية. في بداية عمله نجا من حادثة تحطّم طائرة كان يقودها، وخلال سنوات وظيفته قام برحلات جوّية للبحث عن الطيّارين المفقودين. وفي عام 1944، وأثناء قيامه بمهمّة استطلاعية جوّية خاصة بوطنه تعرّض لحادث، وسقطت طائرته، وفُقِد! ويُقال بأنه عُثر عليه عام 1988 في الساحل الفرنسي!
ويبدو أن كل ما فعله إكزوبيري تضمّنته أعماله الأدبية، ففي أوّل رواية كتبها (الطيار) عام 1926، تناول فيها قصّة طيّار مُبتدئ يفقد حياته بتحطّم طائرته. وفي قصة (الأمير الصغير) يمتهن بطلها الطيران مثله، ويحلّق في السماء متنقّلاً بين الأمكنة والناس. كما وظّف كاتبنا ما تعلّمه في مدرسة الفنون، ورسم أحداث القصة بالشكل الذي ظنّ أنه يتوافق مع رؤية الأطفال، حتى إنه صوّر البطل بملامح أخيه الأشقر الصغير، والذي كان مريضًا ومات بعمر صغير. ويبدو أن كاتبنا أحبّ الطيران كثيرًا، كما أحبّ الكتابة وتميّز بها. ومن أقواله الجميلة: (كلُّ الكبار كانوا أطفالًا في يوم من الأيام، لكن القليل منهم مَن يتذكّر!).