«حياتي مع فاغنر»

كتاب حياتي مع فاغنر والصادر باللغة الألمانية عام 2012، قام على تأليفه كريستيان ثيلمان، وهو كتاب يحاكي مسيرة ريتشارد فاغنر في الكتابة والتأليف الموسيقي كأحد أبرز قادة الفرق الموسيقية والأوبرالية العالمية. مع ثيلمان، ساهمت في إخراج الكتاب إلى النور شخصيتان بارزتان في الكتابة والترجمة، فجاء نتاج هذا العمل المشترك وثيقة يعتبرها النقاد مرجعًا موسيقيًا مهمًا للمبتدئين والمحترفين والموسيقين. 

 

يتضمن الكتاب تأثر ثيلمان بالموسيقار العالمي فاغنر المساهم في تشكيل حياته ومسيرته في الموسيقى وتنمية موهبته المهنية في قيادة فرق الأوركسترا، فكان قدوة ومثالًا احتذى ثيلمان به منذ طفولته. 
 يرى ثيلمان أن الكتاب عالم من السحر والساحرات، وحلبات رقص وموسيقى حالمة على المسارح وفي دور الأوبرا. ويضيف ثيلمان: أنا لست خبيرًا في موسيقى فاغنر، لكن شغفي في الموسيقى دعا فاغنر أن يكون مصدر إلهامي. 
كريستيان ثيلمان قائد أوركسترا دويتشه أوبرا، وأوركسترا ميونيخ الموسيقية، هو المدير الفني لمهرجان سالزبورع، وهو ضيف منتظم في أوركسترا فيينا وبرلين. وتلقى تعيينًا فخريًا في الأكاديمية الملكية للموسيقى في لندن، وحاصل على جائزة ريتشارد فاغنر في عام 2015.

توثيق أعمال فاغنر
يؤرخ الكتاب مشاركة ثيلمان الشخصية والمهنية مع الملحن فاغنر وأعماله مستذكرًا جولاته الموسيقية حول العالم من برلين إلى بايرويت عبر البندقية وهامبورغ وشيكاغو؛ هذا من الناحية الشخصية، لكن على صعيد آخر يوثق جزء من الكتاب أعمال فاغنر الكاملة وأهم الإنجازات التي قدمها في الموسقى، وتاريخ انتشار الموسيقى والأوركسترا والسمفونيات والمؤلفات الأوبرالية بالمدرسة الفاغنرية. 
يتتبع ثيلمان رحلته حول العالم مع فاغنر من برلين إلى مسرح بايرويت في ولاية بفاريا إحدى الولايات الاتحادية الألمانية، حيث قام فاغنر على تصميم وبناء المسرح للمهرجان السنوي بايرويت، المسمى على اسم المدينة، وبقي هذا المهرجان تقليدًا سنويًا يؤمه محبو فاغنر من كل العالم لحضور موسيقاه، حيث تحتفل المدينة بمهرجانات فاغنرية دون انقطاع منذ افتتاح المسرح في العام 1872، إلا من مرة واحدة حيث توقفت فعالية المهرجان في العام 2020 بسبب جائحة كورونا. 
خلال رحلته الموسيقية حول العالم يجمع ثيلمان خبرته ويكشف عن تجاربه العديدة كقائد أوركسترا، مسلطًا الضوء على التقارب العميق للموسيقى بينهما خلال مسيرته المميزة في قيادة بعض أرقى فرق الأوركسترا في العالم، حيث اكتسب كريستيان ثيلمان المولود في برلين عام 1959 شهرة كمترجم حديث وناقل لأعمال فاغنر الموسيقية.  

الكاتبة الداعمة لفكرة الكتاب 
استعان ثيلمان في تحرير وصياغة الكتاب بالإعلامية الألمانية والمؤلفة الموسيقية كريستين ليمكه ماتوي أستاذة الموسيقى الكلاسيكية والأوبرا في الجامعات الألمانية.
درست ماتوي الأدب الألماني والفلسفة وتاريخ الموسيقى الألمانية في ألمانيا، وعملت فيما بعد في دور السينما والأوبرا في ألمانيا والنمسا وسويسرا. كما أنها كاتبة للموسيقى الكلاسيكية لهيئات الإذاعة ولكبرى الصحف والمجلات الأوربية. ذاع صيتها عندما عملت كمحررة موسيقية في مجلة دير شبيغل في برلين. وماتوي عضو فعال في أكثر من محفل موسيقى عالمي، وقامت بإخراج أوبرا «عائدة للوطن»، كما كتبت سيناريو فيلم «امرأة واحدة أوبرا».

الترجمة
قامت على ترجمة الكتاب من الألمانية إلى الإنجليزية الأكاديمية المترجمة متعددة اللغات البريطانية: أنثيا بيل 1936-2018،  هذه المترجمة التي كُنيت بعدة ألقاب، منها: سيدة الأدب والترجمة، وصديقة الأجيال الفتية، وعميدة المترجمين، وملكة الترجمة لأدب الطفل، حاصدة الجوائز عن أعمالها العلمية الخاصة بالترجمة والآداب.
خلال حياتها لحين وفاتها عن 82 عامًا ترجمت أكثر من 250 عملًا، منها الروايات والسير الذاتية ومذكرات المشاهير، كما ترجمت الموسوعة البريطانية انسيكلوبيديا وقاموس نيو غروف، وهو قاموس موسوعي مرجعي للموسيقى والموسيقيين. اشتهرت بيل بترجمتها للعديد من الأعمال الأدبية الخاصة بالطفل، من ضمنها القصص التراثية والكلاسيكية؛ والسلسلة الفرنسية من مغامرات كاريكاتير أستريكس والقلعة. كما ترجمت شرائط الكارتون المكتوبة باللغة الألمانية والفرنسية والدنماركية والروايات والأفلام والكتب المصورة. 
سميت مترجمة العظماء كونها قامت بترجمة كتب لعدة مؤلفين بما في ذلك السياسي مستشار جمهورية ألمانيا الاتحادية 1969-1974 ويلي براندت الحائز على جائزة نوبل للسلام 1971، كما ترجمت أعمال الكاتب والأكاديمي الألماني جورج سيبالد  1944-2001 الذي كان مرشحًا لجائزة نوبل للآداب 1971. كما ترجمت المذكرات الصادرة بالألمانية من مكتب هتلر بعنوان «حتى آخر لحظة»، والتي كتبتها مساعدته ترودل جونج 1942-2002 عن حياة هتلر، مذكرات حُولت لفيلم بنفس الاسم. وفي مقابلة صحفية سُئلت بيل عن عدد الترجمات التي ترجمتها خلال مسيرتها المهنية، فأجابت بأنها لا تعرف عددها. 

ريتشارد فاغنر 
مؤلف موسيقي وكاتب مسرحي، ولد في مدينة ليبزيع الألمانية عام 1813 وتوفي في مدينة البندقية الإيطالية عام 1883. فاغنر المثير اهتمامًا عالميًا نجم الموسيقى الكلاسيكية وأحد أهم أقطابها، وأسطورة من أساطيرها، مسيرته المهنية تميزت في إدارة بعض أرقى فرق الأوركسترا في العالم. 
هذا وقد قام فاغنر صاحب أوبرا الهولندي الطائر على تأريخ سيرته الذاتية عندما بلغ الخامسة والسبعين من عمره عندما شعر أن سنواته باتت معدودة، إذ أصر على تدوين سيرته بتفصيل بدل من تحريفها مستقبلًا؛ بتوقيع من ريتشارد فاغنر، وصدرت السيرة في أربعة مجلدات في الفترة ما بين 1870 حتى عام 1874. 

كتاب ريتشارد فاغنر
إبان حياته قام الدكتور فؤاد زكريا بتأليف عدة كتب في علم الموسيقى، منها كتاب ريتشارد فاغنر والصادر في يناير 1991.  
 فؤاد زكريا 1927-2010 أكاديمي مصري، عمل أستاذًا ورئيسًا لقسم الفلسفة في جامعة عين شمس وانتقل بعدها إلى الكويت، وعمل أستاذًا ورئيسًا لقسم الفلسفة بجامعة الكويت وعمل مستشارًا لشؤون الثقافة والعلوم الإنسانية في اليونسكو بالقاهرة، ومستشارًا لسلسلة عالم المعرفة التي تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الكويتي، ويعد من مؤسسيها. 
له العديد من المؤلفات، منها التفكير العلمي وآراء نقدية في مشكلات الفكر والثقافة والجوانب الفكرية في مختلف النظم الاجتماعية.
وفي الترجمة: المنطق وفلسفة العلوم لموي، والفلسفة الإنجليزية في مائة عام لمتس، ونشأة الفلسفة العلمية لريشنباخ وغيرها.
عن كتاب ريتشارد فاغنر يقول د.زكريا: في 23 مايو من عام 1963 احتفل العالم بذكرى مرور مائة وخمسين سنة على مولد فاغنر، ذلك الفنان الضخم الذي يلمع اسمه بين الأقطاب القلائل للفن الموسيقي، وكان هذا التاريخ باعثًا لي على أن أعود إلى تقليب صفحات هذا المخطوط الذي كتبته من سنوات، والذي كنت أنتظر الفرصة الملائمة لنشره، فوجدت فيها سجلًا ما زلت أعده طريفًا لحياة هذا الفنان، وشرحًا أؤمن بفائدته لأعمال فاغنر وفلسفته في الفن والحياة.
في هذا الكتاب تسجيل لحياة وأعمال وأفكار فنان تقلبت حياته بين البؤس والبذخ، وتفاوتت أفكاره بين الدعوة إلى الثورة الشعبية وبين التعصب القومي المقترن بأبغض النزعات العدوانية والتوسعية في الأمة الألمانية، وفي كل هذا التقلب والتغير، كانت أعماله الفنية - من وجهة النظر الموسيقية الخالصة - تقف شامخة لا تتأثر إلا بشخصية مبدعها الجبارة.
هذا وكان العالم قد احتفل في الثاني والعشرين من مايو عام 2013 بالذكرى الـ 200 على ميلاد فاغنر المبدع، ليس في الموسيقى وحسب بل كمؤلف للعديد من كتب النقد والتنظير الموسيقي والفلسفة والسياسة، ومن غير الممكن دراسة تاريخ الموسيقى الأوربية ومشاهير الألمان دون ذكره ■