كوكب الزهرة

كوكب  الزهرة

وقف داني عند باب الشرفة المطلة على البحر يراقب جدته وهي تسقي الأزهار. رآها تتنقل من زهرة إلى أخرى وتداعبها وتغني لها بينما ينطلق صوت الموسيقا الهادئ من المذياع. اقترب منها وهمس في أذنها لئلا يزعج أزهارها الجميلة: صباح الخير يا سيدة الورود، هنيئًا لها هذا الاهتمام صباحًا ومساءً.
عانقته مبتسمةً وقالت: تعرف كم أحب الأزهار، إنها بحاجة إلى الحنان والحب كالإنسان تمامًا.
قال: كما كنت تغنين لي وتدندنين عندما كنت صغيرًا. انظري لقد صرت أطول منك.
ضحكت وقالت: حتى لو صرت أطول مني ستبقى طفلي المدلل.
اقترب من زهرة بيضاء ولمسها بلطف وقال: انظري إلى لونها الأبيض، ما أشبهه بلون كوكب «الزهرة»!
قالت باستغراب: «الزهرة» أم «الزهرة» يا داني؟
رفع رأسه بفخر وأجاب جواب العارف: «الزهرة» يا جدتي، «الزهرة».
قالت: أعرف أنك متأكد من الاسم، لأنني واثقة أنك عندما بحثت عن معلومات عن هذا الكوكب رجعت إلى المعجم وتأكدت من اسمه.
أن كوكب «الزهرة» هو ثاني كواكب المجموعة الشمسية من حيث المسافة بينه وبين الشمس.
قال: نعم، وعطارد هو الأول في قربه إلى الشمس والأصغر حجمًا، ثم يأتي «الزهرة» ثم الأرض التي نعيش عليها.  
قالت: المجموعة الشمسية هي الشمس والكواكب المحيطة بها.
قال: وتتكون من ثمانية أو تسعة كواكب، أما التاسع وهو (بلوتو) فقد سحب اتحاد الفلكيين العالمي اعترافه به ككوكب.
سألت: وما هو ترتيب هذه الكواكب الثمانية من حيث قربها من الشمس؟
قال: عطارد، «الزهرة»، الأرض، المريخ، المشتري، زحل، أورانوس، نبتون.
سألت: وما هو السر في أن «الزهرة» أكثر الكواكب سطوعًا؟ 
قال: يعود ذلك لسببين: قربها من الأرض، وكونها مكسوةً بسحب عاكسة للضوء إلى حد بعيد.
جلست الجدّة على الأريكة في الشرفة بعد أن أحضرت العصير والفطائر التي يحبها.
عاد داني بعد قليل حاملًا معه المعجم وأوراقًا بيضاء وأقلامًا ملونة وبدأ يرسم ويكمل الشرح:
انظري يا جدتي، كوكب «الزهرة» يدور في مداره حول الشمس ويبعد عنها نحو 108 مليون كيلومتر، بينما تدور الأرض في مدارها خارج مدار الزهرة على بعد 150 مليون كيلومتر من الشمس.
قالت: لهذا يرى في الناحية نفسها التي تكون بها الشمس.
قال: أحسنت... يمكننا رؤيته من على سطح الأرض فقط قبل الشروق أو بعد المغيب بوقت قصير.
قالت بسرعة: لذلك كانوا يطلقون عليه تسمية (نجم الصبح) أو (نجم المساء).
قال: أجل، وعند ظهوره في هذه الفترة يكون أسطع جسم مضيء في السماء.
سألت: وماذا عن ظاهرة العبور؟
قال: تنطبق ظاهرة العبور على كوكبين اثنين فقط هما عطارد و«الزهرة»، وذلك حين يمر كل منهما بين الشمس والأرض ويتوسطهما.
قالت: أذكر أنني شاهدت عبور «الزهرة» عام 2010 وكنت صغيرًا.
قال: بل 2012، وقبلها كان عبور عام 2004 م... صمت قليلًا ثم قال: أتمنى أن يحصل العبور لنراه معًا.
قالت: سيكون العبور الأجمل. أنت تعلم أن للزهرة أسماء عدة، فهو (عشتار) عند البابليين، و(فينوس) عند الإغريق وهو اسم إلهة الحب عندهم.
قال: وكوكب «الزهرة» مهم جدًا لدى حضارة المايا الذين أنشؤوا رزنامةً دينية تعتمد على حركة هذا الكوكب.
قالت: بما أنك أحضرت المعجم تعال لنقرأ المعاني المختلفة المشتقة من (ز هـ ر).
قال مبتسمًا: إنها هوايتنا المشتركة والمفضلة.
قالت: سأبدأ أنا وإن أخطأت تصحح لي من المعجم. «الزهرة»: الحسن والبياض.
قال: وفي المعجم: البياض النيّر، وهو أحسن البياض.
قطفت «زهرةً» جميلةً وقدمتها له وسألته: ما هو التفسير المعجمي لهذه «الزهرة»؟
قال: «الزهرة»: هي ما يخرج من ورد أو نحوه من البرعم، وجمع البرعم: البراعم. 
قالت: وجمع الزهر: الأزهار والأزهر والزهور.
قال وهو ينظر بطرف عينه إلى المعجم: و«الزهرة»: الوطر والحاجة، لهذا يقولون: قضيت منه زهرتي؛ أي: وطَري وحاجتي.
قالت: أحسنت يا «زهرة» دنياي.
قال بسرعة: «زهرة» الدنيا و«زهرتها»: حسنها وبهجتها وكثرة خيرها.
ضمّته وقالت: وأنت بالنسبة إلي يا داني بهجة دنياي وحسنها.