الملابس
قديمًا قديمًا في أزمنة سحيقة، وقف الإنسان البدائي يرتعد من البرد، وهو يراقب الثعلب والقط والدب، وغيرها من الحيوانات ذات الفراء تستمتع بالدفء، اصطاد الإنسان البدائي الحيوانات والتحف بفرائها وجلودها، فشعر بالدفء والحيوية، وعندما ذهب للشرب من النهر رأى انعكاس صورته على الماء، وشعر أن هذا الغطاء الجديد أعطاه مظهرًا مميزًا بين أبناء قبيلته، وهكذا عرف الإنسان الملابس.
ظهرت الملابس في العصر الحجري القديم, منذ أكثر من مائة وخمسين ألف سنة, وكانت الملابس في البداية مصنوعة من أوراق الأشجار الكبيرة, والريش والعظام, وفراء وجلود الحيوانات, ومع الوقت ازدادت أهمية الملابس, فأصبحت طريقة لوقاية الجسم من الجروح والخدوش, ولدغ الحشرات.
تطور النسيج
في أواخر العصر الحجري القديم, تمكن الإنسان من استخلاص الخيوط من ألياف النباتات, مثل سَعَف النخيل وأوراق البردي والكتان, واستخدمها في صناعة الملابس. في جورجيا عُثر داخل كهف على قطعة ملونة من الكتّان, والتي تعود إلى حوالي 36 ألف عام, وفي أحد كهوف المكسيك كان أول اكتشاف للقطن حيث وجد العلماء بعضًا من بقايا لوز القطن, وقطعًا من الملابس القطنية التي تعود إلى سبعة آلاف عام. وبعدها عُرف في مصر الصوف والكتان, وفي الصين ظهر الحرير مع انتشار تربية ديدان القز, وحتى الحديد تم استخدامه في صناعة ملابس ودروع المحاربين القدماء.
الملابس والألوان
ارتبطت الملابس بالألوان حتى أنها كانت ترمز لطبقة أو حالة اجتماعية أو فئة عمرية وغيرها من التصنيفات, وكثير من البلدان كان لكل طبقة ومهنة أزياؤها المميزة لها, ونلاحظ هذا في الأزياء الرومانية والإغريقية والمصرية القديمة, وكذلك في الصين, التي لم يكن مسموحا فيها لأي شخص أن يرتدي اللون الأصفر سوى الحاكم, وفي اليابان كان لون الكيمونو وعدد طبقاته يرمز إلى الطبقة التي ينتمي إليها صاحبه.
باريس عاصمة الموضة
وخلال القرن التاسع عشر, ظهرت العلامات التجارية للملابس, على يد المصمم الإنجليزي المقيم في فرنسا «تشارلز وورث» عام 1858, وفي القرن العشرين, تطوّر عالم تصميم الأزياء, فظهرت أوّل مجلّة خاصّة بالأزياء في فرنسا عام 1912, على يد المصمم الفرنسي «لوسيان فوغل», ثم انتشرت دور تصميم الأزياء, وظهرت باريس في هذه الفترة باعتبارها عاصمة للموضة ولازالت.
الملابس العربية
احتفظت الملابس العربية بسمتها وأصالتها حفاظًا على الهوية العربية, كما كان تصميمها مناسبًا للظروف المناخية للمنطقة ومتوافقًا مع العادات والتقاليد العربية. فمثلاً تعد «الغترة» وباختلاف ألوانها ونقشاتها جزء لا يتجزأ من لباس الرجل وذلك لتحمي رأسه من شدة حرارة الشمس, كما يعد «الشروال» وهو سروال قطني فضفاض يرتديه الرجال في معظم بلاد الشام أحد أهم الملابس الرجالية التي تعين الرجل على الحركة والعمل بخفة وراحة. أما بالنسبة للنساء فتنتشر «العباءة» والتي كانت قديمًا قطعة قماش تلف سائر جسد المرأة, من القطع التراثية المنتشرة في معظم الدول العربية باختلاف لونها وحجمها. وكل تلك الأزياء لازالت تلبس وتحرص الأسر العربية على تعريف أبنائها بها.