أيدي آمنة

أيدي آمنة

ذات ليلة هادئة والسماء صافية مليئة بالنجوم المتلألئة، وضي القمر، الذي يشع نوره على أرجاء المدينة، يقف حنكور على شجرة الزيتون بالقرب من أحد الأكواخ، تحديدًا على شجرة آمنة، ومعه عصفورة باكية تلتفت هنا وهناك خائفة. فطرق حنكور نافذة آمنة... "طق طق طق".
نظرت آمنة من نافذة كوخها، قائلة: أهلًا بك يا طائر السلام، يبدو لي أنك رحال ولستَ من هذه البلاد... من أنت؟
ابتعدت عصفورة الشمس قليلًا مختبأة بين الأغصان. ..
فقال الطائر: أنا حنكور، ضيفكم، هاجرت هذا الموسم وأتيتكم من بلد الإنسانية، بلد الأمن والأمان، لأستقر بالقرب منكِ هناك على شجرة الزيتون التي يسكنها العديد من العصافير، وتعرفت على عصفورة الشمس، فلديها شيء ثمين... ولكن هيا أعطينا الأمان أولاً ...
قالت آمنة: مرحباً بكم في دار السلام، اسمي آمنة أيها الطائر الوطني، إنك غني عن التعريف، لا داعي للقلق، أنتما الآن في دياري وفي أيدي آمنة.
قالت عصفورة الشمس: إنني رمز الوطن، صامدة له حتى الأزل، باحثة عن الأمل رغم كل المحن، سأظل أحمي ماستي منهم للأبد.
آمنة: مِن مَن يا ترى تحمين ماستك؟
عصفورة الشمس: من ذلك الصياد الجاحد.
فكرت آمنة قليلًا ثم قالت: بالطبع سنعطيكما الأمان في الحال أنا وصديقي فزاع، وأعلم جيداً أنك يا حنكور جئت موطننا لنشر السلام..
ونادت بصوت عالٍ: فزاااع فزاااع... أين أنت؟
فزاع: شبيك لبيك فزاع المفكر بين يديك... هل من مشكلة ما يا آمنة؟
آمنة: أجل، أعرفك على حنكور وعصفورة الشمس، إنهما في مأزق كبير، وهناك صياد شرير يلاحقهما، ونحتاج أن نحميهما هما وباقي العصافير، ومن لي غيرك من بعد الله يا فزاع؟
أخذ فزاع يفكر وهو ينظر من نافذة الكوخ قائلًا: فكر يا عقلي، فكر فكر، هيا بتأنٍ... لقد وجدتها هي كبيرة الشأن عظيمة في عطائها، سوف نختبئ جميعاً تحت ظلالها، ودروعنا أغصانها ...
حنكور باستغراب قائلاً: من تقصد يا فزاع؟
فزاع: بالطبع شجرة الزيتون... بالقرب من مسكننا، هيا بنا.
اختبأوا جميعًا وانتشروا على أغصانها، رغم عددهم الكبير تحتويهم الشجرة وتحميهم تحت ظلالها، فلم يتمكن أحد من رؤيتهم، وأثناء ذلك اشتدت عليهم الرياح فتمايلت الأغصان بقوة أسقطتهم جميعاً فكسر غصن من أغصانها الكبيرة ...
قالت عصفورة الشمس: يا إلهي ماذا فعلنا بك لقد كُسر غصنك، يجب علينا جبره الآن...
فزاع: نحتاج إلى بعض الحبال.
طار حنكور جالباً بعض الحبال بمنقاره، وأحضرها في الحال، فأسعفها الجميع بربط الغصن وجبره بالحبال لتعليقه بباقي الأغصان حتى يلتئم جرحها ...
قالت الشجرة: حقًا أنتم أبطال، فرغم هذا الطقس لم تستسلموا للرياح، ولولا مساعدتكم لفقدت غصني واهتزت جذوري الصامدة لا محال.
فجأة هبت عليهم عاصفة رملية، انتشر الجميع مختبئين لتنفيذ خطة فزاع استعدادًا للهجوم، فشاهد حنكور من مكانه الصياد الشرير ومن يتبعه فأعطاهم الإنذار (مغرداً) ۔ فشدوا أغصانها كالنبال باتجاه الصياد، وبدأت حبات الزيتون تهطل عليهم كالأمطار بقوة هنا وهناك مع الرياح.
الصياد الشرير: آآه، آآه، لقد أصيبت عيناي... من أين أتت كل حبات الزيتون؟ عليك اللعنة.
الجميع: أنت اللعين، هيا اترك هذا المكان وابتعد إنها شجرة مباركة وشاء الرحمن أنك تهاجمنا في موسم قطف زيتونها.
فروا الأشرار هاربين بلمح البصر...
قالت آمنة: اللهم برداً وسلاماً على موطني...
جذورك نخوة وعزة ومن زيتونك الأخضر نتغذى يا من غرست فينا روح المحبة .فحلقت عصفورة الشمس بكل شموخ بجناحيها إلى السماء ويتبعها باقي العصافير، مغردةً: أنا هنا مهما طال الغروب
                                       حتمًا سيأتي يوم الانتصار
                                         تشرق فيه شمس النهار
                                        ويعود الأمل من جديد
                                      وتعود البهجةَ برسم الابتسامة