أبنائي الأعزاء

أبنائي الأعزاء

يحكى أنه كان هناك تلميذ يقضي ما يقارب ساعة وأربعين دقيقة كل يوم ليصل إلى مدرسته، فهو يخرج قبل الساعة السابعة صباحًا ويعود متعبًا بعد السادسة مساء، أي لم يكن لديه وقت فراغ ليمارس نشاطًا أو هواية للترفيه عن نفسه، هذا بالإضافة إلى أنه كان ضئيل الحجم وخجولًا، فلم يفلح بتكوين صداقات كباقي أقرانه، ولكنه ذات يوم أصر على تغيير نفسه للأفضل وأن يصبح أكثر ثقة بنفسه وأكثر صلابة، فتعلم الملاكمة ومارسها، وتعلم أيضًا تسلق الجبال واستلهم ذلك بعد أن ذهب في رحلة مدرسية إلى جبل روابيهو، حيث افتتن بضخامته وكبره، وشعر بأن تسلقه وبلوغ قمته سيمكنه من بلوغ كل أهدافه، فأحب الجبال وأبدع بالتسلق. وفي العشرين من عمره استطاع أن يصل إلى قمة جبل أوليفييه في نيوزيلندا.     
إنه إدموند هيلاري المستكشف النيوزلندي وأول شخص يصل إلى قمة جبل إفرست، متحديًا الارتفاع الشاهق والضغط المنخفض والبرودة الشديدة. إن بلوغ إدموند قمة إفرست جاء بعد محاولتين فاشلتين فقد على إثريهما رفقاءه بالرحلة، والكثير من الجهد والوقت والمال. وكان نجاحه بالمرة الثالثة قائمًا على الإصرار والعزيمة والثقة بالنفس والذي عكسته مقولته لجبل إفرست بعد هزيمته الثانية: "لقد ربحت أنت هذه المرة، أنت كبير بقدر ما ستكون، ولكنني أنا الأكبر باستمرار". 
إن شخصية إدموند متسلق الجبال ما هي إلا نتاج طفولة تحدت الوقت بالعمل والحركة، والضعف بالقوة والرياضة، إنه استغل ظروفه وعيوبه ليولد من جديد بشخصية لا تحبط بالهزيمة وإن أتت من جبل. إننا نستذكر إدموند مع اليوم العالمي للجبال والذي يوافق 11 ديسمبر من كل عام، بهدف التوعية بأهمية الجبال للأرض والمخاطر التي تتعرض لها، وبهدف التمعن بصلابتها عبر قرون.
أبنائي الأعزاء، في باب موهبتي الجميلة لهذا العدد، سنتعرف على موهبة العزف الموسيقي، والتي تعد أحد أقدم الفنون التي عرفها الإنسان، ووجهًا من أوجه الثقافة البشرية ووسيلة تعبير عن الأفكار والمشاعر، وسنتعرف أيضًا على أسماء بارزة أبدعت في العزف الموسيقي وتأليف سيمفونيات خالدة وألحانًا عذبة لا تنسى.