المعلم المرسل إلى العالم الفائز بجائزة حقوق الإنسان للعام 2023
في عام 2023 فاز المعلم خوليو بيريرا على جائزة حقوق الإنسان، وذلك نظيرًا لأعماله الجليلة التي قدمها لشعبه ومجتمعه، وخاصة تجاه الأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة والشعوب الأصلية. ينتمي بيريرا إلى شعوب غواراني، وهي مجموعة من الشعوب الأصلية ذات الصلة بالثقافة في أمريكا اللاتينية. والتي تعرف بتاريخها الحافل بالاستعمار والغزوات، ما جعل معظم سكانها يعودون في أصولهم إلى أعراق مختلطة، هذا إلى جانب أنها دول نامية وتعاني من العديد من المشكلات الاقتصادية.
٭ المعلم بيريرا سافر إلى جميع دول أمريكا اللاتينية، وشاهد ما يتعرض له الإنسان في الأرياف والأحياء المهمشة من جهل وأمية، وفقر وسوء تغذية، وأوبئة وأمراض ومشكلات اجتماعية، فتحرك بما يمتلكه لمساعدتهم ونشر التعليم والوعي من خلال تأسيسه للمدرسة المتجولة، والمكتبات المجتمعية، ليس لمحو أمية القراءة والكتابة، بل أيضًا محو الأمية في حقوق الإنسان وواجباته. فقد عمل في مناطق خطرة جدًا حيث معدلات الجريمة وأعمال العنف مرتفعة جدًا، لكنه لم يأبه لها فقد كان هدفه تثقيف المجتمعات المحلية وتغيير حالها إلى الأحسن، متبعًا نهج "كامينوس دي تيزا" علاجي وتربوي مصمم خصيصًا لمجتمعات الشعوب الأصلية والمستعمرات الريفية والأحياء المهمشة.
٭ المعلم بيريرا، عرف عنه اهتمامه بحقوق الطفل وذوي الإعاقة، ويفسر ذلك بقوله "سبب نشاطي هو العثور على أطفال أميين يأكلون ويعملون ويعيشون في القمامة، وأشخاص من ذوي الإعاقة لا يحصلون على فرص حقيقية للوصول إلى الحقوق والكرامة". وتأثر كثيرًا عندما تعرف على طفل معاق في السادسة من عمره في الشارع مصابًا بأمراض وطفيليات، دون رعاية صحية، وبلا هوية. الأمر الذي دفعه للعمل على تغيير وإصلاح السياسات العامة في عدد من الدول اللاتينية، ومنها توفير اللقاحات ووثائق الهوية وإيداع أكثر من 700 طفل في المؤسسات التعليمية والمهنية والإصلاحية، وخفض معدلات التسرب المدرسي والوفيات من الأطفال والرضع، والمساعدة في الحد من الأمراض المتوطنة، مثل حمى الضنك وداء القمل، وبفضل عمله أسهم في الكشف المبكر عن اضطرابات النمو العصبي، وكذلك خلق مساحات للاهتمام بمن هم في مرحلة الطفولة المبكرة، حتى إنه لقب بـ "المعلم المرسل إلى الأدغال".
٭ المعلم بيريرا، سعى أولًا إلى إظهار الحاجة للاعتراف بالناس، وفي كرامتهم الإنسانية، للوصول إلى الهوية والصحة والتعليم وذلك من خلال الحقوق المنصوص عليها دوليًا، والأطر التنظيمية والقانونية الوطنية والإقليمية. ولذلك قدرت جهوده وتكللت مساعيه بالتقدير، ففي الهند حصل على الجائزة العالمية للمعلمين، وفي إسبانيا الجائزة التعليمية الدولية، وكذلك الجائزة الأيبيرية الأمريكية للعمل التدريسي.
٭ المعلم بيريرا، يرى أن دفاعه عن حقوق الإنسان، أمر لا يتعلق بالآخر، ولا يتعلق بحقوق الإنسان كشيء مجرد، بل بالحقوق البسيطة التي تمنحنا الكرامة، وعلينا أن نعلم بأن "الدفاع عن حقوق الآخرين يعني الدفاع عن حقوق المرء، الحياة مليئة بالمنعطفات والتقلبات. ربما غدا يعطي الآخرون صوتًا لكفاحي، كما أعطيه أنا اليوم لأولئك الذين لا يملكونه".